الدرور روزنامة أهل الإمارات

اليماحي: التوقيت القديم أثبت كفاءته·· واختراعي رسم طريق الأجيال القادمة

أثبتت ''الروزنامة'' المحلية المسمى '' الدرور '' ، أو التقويم، والتي يعتمد عليها مجتمع الإمارات لمعرفة فصول السنة ومواسم الزراعة والحصاد والصيد والرعي قبل عهود بعيدة، وذلك من خلال الحسابات الفلكية، أنها فعالة لقراءة تقلبات المناخ والطقس وتتماشى مع الواقع اليومي... فذلك النظام الدقيق المستلهم من المتابعات المدارية للفلك والأجرام السماوية أو بواسطة ظهور نجم سهيل في السماء، وتغير برودة وحرارة البحر، وتلون الأعشاب في البراري والجبال، كل تلك المظاهر تشير إلى دخول فصول جديدة وانتهاء أخرى.

هذا ما أكده الباحث ناصر محمد اليماحي، من سكان الساحل الشرقي لإمارة الفجيرة، موضحا أن دولتنا تمتلك مميزات ومعدات وأنظمة وإشعار وفنون وكنوز ثقافية وحضارية وأدبية، وأنظمة تسيّر الحياة الاجتماعية دون إخلال أو إسراف أو مبالغة، وذلك من أجل تحقيق الهدف المنشود للحياة الاجتماعية التقليدية، لافتاً إلى أن تلك الكنوز تحتاج إلى من يغوص ويسبح، لتقديم كنوز أهالي الإمارات البيضاء وينقله للجيل القادم، وهذا يحتاج إلى باحثين وإعلاميين متخصصين يتولون عملية البحث والتنقيب.

وقال اليماحي عندما رأيت الآباء والأجداد يتناقلون ويعدون الأيام ويحسبون الأيام القادمة والماضية، بما يتماشى مع تغيرات المناخ اليومية بشكل مذهل وواقعي، دفعني هذا الأمر إلى أن أقوم بحصر تلك الأيام والتواريخ في روزنامة يفهمها الجيل القادم، وهذا الروزنامة تسمى ''الدرور''.

وأوضح اليماحي أن حساب الدرور يعتبر من الحسابات المهمة والضرورية لأصحاب الزراعة وأهالي البحر حيث تمثل أهمية بالغة في حياتهم اليومية بحثاً عن مصدر الرزق، وبه استطاع الأهالي الاستمرار في الزراعة وتحسن محاصيلهم والمحافظة على الثروة الزراعية، كما كانت الدرور عاملاً مساعداً للبحارة في خروجهم للصيد وتلمس الرزق بمعرفتهم لحسابات الدرور يستعدون لموسم الصيد وتكاثر الأسماك.

وحسابات الدورة حسبما قال اليماحي تختلف من منطقة لأخرى ومن دولة لأخرى فأهالي الخليج والجزيرة العربية معظمهم لديهم حسابات يعرفها وينظمها حسب ما توارثوه عن الأجداد ولم يعرف تاريخ بداية اعتماد أهالي المنطقة على هذه الحسابات ولا المنطقة أو السكان الذين نظموا هذه الحسابات.. ويشير كثير من الأهالي الذين حفظوا هذه الدورة إلى أنهم تناقلوها عن أجدادهم، وكانت مصدر افتخار لهم عندما يسألهم أحد عنها، ويجد الأهالي اليوم صعوبة في حفظ هذه الدورة ، خاصة بعد أن توفي الكثير من حفظتها، وبين الحين والآخر ينسى من يحفظ الدرور الحسابات الصحيحة نسبة لكثرة الانشغال وتطور الحياة العصرية في الوقت الحاضر.

ويرى اليماحي من خلال هذه الروزنامة أنه سجل جزءاً من تاريخ المنطقة، لاسيما أن تدوين وحفظ الدرور من شأنه أن يساهم في حفظ تاريخ المنطقة ليكون بمثابة المرشد للأجيال القادمة ولنلتمس ما وصل إلية الآباء والأجداد من فكر وتاريخ عريق ساهمت بشكل أو بآخر في التأقلم مع متطلبات الحياة في تلك الفترة من تاريخ المنطقة. فقال: ابتكر أهالي المنطقة في الماضي حسابات نظموها بطريقة معينة ووزعوها على أيام السنة لتساعدهم في الزراعة والغوص وأوقات الشتاء والصيف لمعرفة مواسم الحصاد والصيد والكثير من الأمور الأخرى التي تكفلت حسابات الدرور بها، ولا يزال الكثيرون من كبار السن في المنطقة يحفظون هذه الحسابات وطريقتها غير أن معظمهم قد أضاعوا الحسبة فهم لا يعلمون التاريخ بالتحديد.

خمس المساريق

وأشار إلى أن الدرور تم توزيعها على مدار سنة كاملة أي 365 يوماً بالتمام والكمال، وكل شهر مقسم لـ 30 يوماً والثلاثون مقسمة لثلاثة أجزاء منها العشرة الأولى ثم العشر الثانية وتسمى العشرين ثم العشرة الثالثة وتسمى الثلاثين وبالتالي يتم احتساب المجموعة الأولى ويتم حسابة كل ''در'' بعشرة أيام يتبعه الدخول بالدر الذي يليه، وتشمل ''العشر، العشرين، الثلاثين، الأربعين، الخمسين، الستين، السبعين، الثمانين، التسعين والمئة''، ونوه بأن سنة الدرور تبدأ من منتصف أغسطس وهكذا تتحرك.

ويتابع: بعد انتهاء حساب الأيام والأشهر، أكد اليماحي أن هذه المواقيت والأيام تتزامن معها تغيرات مناخية يستطيع المتابع لروزنامة ''الدرور'' معرفة الكثير عن أحوال الطقس القادمة والمقبلة، ومن خلال متابعتي الدقيقة لها والتي امتدت لسنوات عدة كانت تغيرات المناخ والطقس تتواكب مع الروزنامة وتوقعاتها، وعندما تقول الروزنامة إننا دخلنا في أيام الصيف فعلاً يكون ذلك حيث نشعر نحن سكان الساحل الشرقي بدفء مياه البحر وتغير مظاهر الأعشاب وتفتح الأزهار في الجبال والأدوية.

وفي النهاية قال اليماحي إن أهالي أبوظبي ودبي والشارقة لهم حسبة أخرى تعتمد فقط على حساب وتغيرات مناخ البحر ولكنها نفس حسبة الدرر، ولكن هناك فارق الأيام يلعب دوراً في اختلاف حساب أهالي الساحل الشرقي والغربي، ولكن الملاحظ الدقيق يكتشف أن حسبة أهالي الساحل الشرقي وسلطنة عمان تكون الأقرب للمناخ والطقس اليومي.

تشكر إدارة موقع قرية الطويين الأستاذ ناصر محمد حميد اليماحيعلى هذا اللقاء.

المصدر : جريدة الإتحاد _ ملحق دنيا  بتاريخ 21 مارس 2009 إعداد : علي الهنوري

© جميع الحقوق محفوظة لموقع قرية الطويين