قرية وادي الســـدر

تأخذ لونها من لون سدرها

على بعد مسافة 70 كيلومتراً شمال غرب مدينة الفجيرة تقع منطقة وادي السدر على طريق مدينة مسافي مروراً بقرية الطيبة التي تشتهر بأشجار السدر ومزارع النخيل وبواديها الكبير الذي تتجمع فيه مياه الأمطار بالإضافة لوجود آبار المياه العذبة المتفجرة من باطن الأرض والتي يستخدمها الأهالي في ري المزروعات.

 

سعيد عبيد علي الصريدي 40 عاماً يقول تعتبر وادي السدر من ابرز المناطق الساحرة في الفجيرة وتتميز بأنها خضراء على مدار العام لوجود النخيل وأشجار السدر التي تغطي مزارع الوادي كما تتميز بعدم وجود الرطوبة والجفاف. وأضاف الصريدي عاش أهالي وادي السدر في الماضي حياة قاسية وصعبة وكانت العلاقات قائمة على المحبة والتعاون والبساطة لدى الجميع حيث اعتمد الأهالي في الماضي على زراعة النخيل وبعض الخضروات والفواكه بالإضافة الى المحاصيل الصيفية. كما اعتمدوا على جمع العسل من كهوف الجبال وكان عدد البيوت قديماً لا يتجاوز 20 بيتاً منها الشتوي المبني من الحجارة السوداء وسعف النخيل والطمي المطعم بالحصى، ومنها الصيفية المبنية من جديد وسعف النخيل والبيوت الصيفية التي يهتم بها الأهالي ويصرون على اقامتها في المزارع والمناطق المجاورة للجبال.

وحول تسمية المنطقة بهذا الاسم يقول: سميت وادي السدر بهذا الاسم لكثرة انتشار اشجار السدر في المنطقة فهذه الأشجار رائعة في التكوين والمنظر وذات جمال خلاب، ووجود الأشجار في المنطقة يعود الى زمن بعيد حيث كانت الحيوانات تأكل أوراقها ويتغذى النحل البري على ازهارها، كما كانت تستخدم أوراق شجرة السدر في الماضي لتقوية شعر النساء وتطويلة بالإضافة الى أنه كان ومازال يستخدم في علاج الأمراض وصناعة الجبيرة للكسور المختلفة.

يسكن وادي السدر في أجزائه الثلاث أكثر من مائة وخمسين أسرة جميعهم يشكلون أبناء قبيلة الصريدات ويبلغ عدد سكانها حوالي 1000 نسمة تقريباً منهم حوالي 150 طفلاً وطفلة في المدارس . البيوت بني أقدمها بعد قيام الاتحاد والأقل قدماً بين منذ 25 عاماً ولكنها لا تزال تحتفظ بحالاتها ربما لعدم وجود رطوبة وجفاف المناخ في هذه المنطقة على مدار السنة . ويتم الآن بناء مساكن جديدة بمكرمه من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظة الله وتم بناء مركز صحى في المنطقة وهو قيد العمل.

يقول علي محمد حميد وهو من أبناء القرية أن قريتهم اشتهرت على مدار الزمان بواديها الكبير الذي لم يكن يجف أبداً بسبب هطول الأمطار سنوياً، ولكن منذ عدة سنوات انقطع المطر فجف الوادي، ولكن لا تزال أشجار السدر قائمة ولا يزال هناك مياه حلوة في الآبار يشرب منها الناس والنخيل. ويقول علي أن جميع أهالي البلدة عملوا في الماضي في الزراعة، ولكن بعد قيام الاتحاد وإنشاء الدولة اتجه الناس إلى تعليم أبنائهم والبحث عن الوظيفة، ولذا فقد انتق معظم الشباب للعمل في المدن، وهو أمر طبيعي وسنة من سنن الحياة التي دائماً ما تتطور وتتغير، وقال أن أهل البلدة كانوا يزرعون فيما مضى النخيل وأشجار السدر ويستخرجون منه النبق الذي كان يباع في أسواق الفجيرة ودبي .

الحاج عبيد سعيد مسعود 50 عاماً يقول حياتنا في الماضي كانت صعبة حتى قيام دولة الاتحاد وخلال عام واحد بنيت المساكن الشعبية الحديثة القادرة على حماية الناس من الظروف الجوية المتقلبة التي كانت تصيب أهالي المنطقة قديماً بالفزع والخوف والقلق نظراً لطبيعة المكان الذي يقع اسفل سفوح الجبال العالية ولطبيعة البيوت القديمة غير الآمنة. وأضاف كانت معيشة الأهالي بسيطة قائمة على التعاون والمحبة والتراحم فيما بينهم، وكان الجميع يهتمون بالعمل والسعي وراء الرزق سواء بجمع محاصيل العسل من الكهوف الجبلية أو رعي الاغنام والابقار أو بجمع المحاصيل الزراعية المتنوعة. ويشير الى أن المرأة في الماضي كانت تعمل الى جانب الرجل حيث تجلب الماء من الآبار المتواجدة في المنطقة ومن الوادي وقت هطول الأمطار كما كانت تجني المحاصيل الزراعية والتمور من النخيل وتطعم وترعى الأغنام والابقار وتقوم على تربية ابنائها تربية صالحة مبنية على المبادئ والقيم الإسلامية وفقاً للعادات والتقاليد العربية الأصيلة.

الحاج محمد حميد الصريدي 70 عاماً يقول: كان لنا في الماضي معيشتنا الخاصة ونعتز ونفتخر بعاداتها وتقاليدها حيث كان الكل يقدم العون والمساعدة لمن يحتاج  في منطقة وادي السدر أو خارجها، والأهالي يحرصون حتى وقتنا هذا على الالتزام بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة القائمة على التعاون والاخلاص والتراحم، ومازالت هذه العادات موجودة بين الأهالي والكل يعمل على غرس العادات والتقاليد الطيبة التي ترضي الله. ويشير الى أن أهم ما يميز أهالي منطقة وادي السدر التراحم كما أن جميعهم كرماء يحتفون يالغريب كما يتميزون بالشجاعة والطيبة المتوارثة من الأجداد. والسكان في وادي السدر يحبون الخضرة لذا فإن كل بيت تقريباً يزرع بداخل فنائه المزروعات التي تعطي الخضرة والظل، ولكن يبقى أن أهل هذا الوادي جميعهم كرماء يحتفون بالغريب وكعادة البدو من أهل الجبال يتميزون بالجرأة والشجاعة والصراحة والأهم من ذلك كله الكرم والطيبة .

راشد سالم الصريدي يقول: كان أهالي وادي السدر  خاصة المتواجدين بالقرب من الوادي قديماً  يهتمون بالزراعة خاصة زراعة اشجار النخيل والخضروات والفواكه مثل النبق والحمضيات وبعض أشجار المانجو بالإضافة لزراعة الدخن وحبوب البر والذرة، وكان الاعتماد على آبار المياه العذبة المتجمعة من مياه الوادي لديّ المزروعات. وأضاف أن حياة الأهالي في الماضي كانت قائمة على التعاون بين الجميع بالرغم من الظروف القاسية والصعبة التي كانت تواجه الجميع خصوصاً وقت هطول الأمطار حيث كانوا يعانون من الخوف والفزع من الرياح والسيول الشديدة وما تسببه من دمار لبعض البيوت، والمحاصيل التي كانت تتواجد في المنطقة في موسم الأمطار إلا أن حياة الماضي جميلة لأنها كانت متميزة بالبركة في كل جوانب الحياة ومتانة العلاقات الاجتماعية القائمة على المحبة بين جميع الناس. وحول غذاء الأهالي في الماضي يقول: الغذاء في الماضي كان بسيطاً حيث كان الأهالي يتغذون على “العيش” أي الأرز الذي كنا نشتريه بالروبية الهندية من أسواق الفجيرة ورأس الخيمة والشارقة كما كنا نعتمد على التمور ولبن الأبقار والماعز وكانت حياتنا بسيطة بعيدة عن التفاخر والتباهي وكان كل اعتمادنا كلّه على المحاصيل الزراعية ومنتجات الحيوانات المختلفة بالإضافة الى نحل عسل السدر الذي كان يكثر في جبال المنطقة.

أما مصبح فيقول: كانت الحياة في الماضي صعبة وقاسية، وجميلة في الوقت نفسه، ومن لم يعش في تلك الحقبة فقد الكثير من المعاني الطيبة. وكنا نعيش في بيوت قديمة مبنية من الحجارة والطمي وجريد النخيل حتى أعلنِ عن قيام الاتحاد فتغيرت الحياة على أرض منطقة وادي السدر وتغيرت أوضاع المعيشة من الحياة الضيقة القاسية الى حياة أكثر سعادة وطمأنينة بدل الخوف والفزع الذي كان يصاحب الأهالي في مواسم هطول الأمطار كما انتقل جميع الأهالي من العيش في بيوت قديمة الى العيش في بيوت شعبية حديثة ومجهزة بكافة الخدمات التي تجعل الاماراتي يعيش حياة سعيدة ومطمئنة. وخلال لقاءات مع شباب منطقة وادي السدر يقول عبيد علي عبيد الصريدي: أصبحت وادي السدر منطقة حيوية حيث شهدت تحولات كثيرة لم تكن متواجدة قبل قيام دولة الامارات، حيث بنيت المساكن الحديثة المتطورة المجهزة بكافة الخدمات التي توفر الراحة والأمان للجميع.

   

آخر تحديث: ابريل 2010 المصادر: موقع الطويين + مجلة بلدية الفجيرة + جريده الخليج

© جميع الحقوق محفوظة لموقع قرية الطويين  2002-2010