مشعل خميس الخديم: عصر الاجتهـادات والتسلط والفـردية انتهى إلى غير رجعة

ينظر البعض إلى العمل الإداري في المؤسسات التربوية، على أنه طريق محفوف بالمخاطر نظراً لطبيعته، وما يُفرض عليه من تحديات شبه يومية، إذ ان ارتباطه بالميدان التربوي، وتعامله مع العديد من المسائل الشائكة، مثل: قرارات النقل، وحالات الغياب، والاستقالات، والشواغر، وغيرها من الإجراءات الإدارية، تتطلب حكمة وتمرساً وتواصلاً مستمراً مع علم الإدارة وفنونه الحديثة. إذ أصبح العمل الإداري الناجح، الضمان الأكبر لقوة واستقرار المنظومة التربوية برمتها.

من هنا كان اللقاء مع مشعل خميس الخديم رئيس قسم الإدارة التربوية في منطقة الفجيرة التعليمية:

بعد صدور الهيكل التنظيمي للمناطق، كيف ترون العمل في الإدارة التربوية، وخاصة في ما يتعلق بالموارد البشرية؟

الهيكل التنظيمي للمناطق، جاء منسجماً مع الهيكل التنظيمي للوزارة، فهو يتسم برؤية شاملة، ومحددة لمسؤوليات ومهام الموظفين في القسم، فلدينا ست وحدات، هي: نظم المعلومات، والمدارس التخصصية، والتربية الخاصة، والتوجيه ومتابعة المدارس الحكومية، وتقويم الامتحانات، والتدريب والتطوير المهني.

أما في ما يتعلق بالموارد البشرية، فنرى أن الاهتمام بالعنصر البشري، سوف يؤدي حتماً إلى تطور المفاهيم المتعلقة بإدارة الأفراد، من حيث دورها واختصاصها، وانتقالها من الدور التقليدي إلى دور متطور، يكون الفرد فيه، هو الدعامة الأساسية للأداء، وطبيعي أن نحرص على الاهتمام بالعنصر البشري، من حيث اختياره وتأهيله وتدريبه، إذ ان هذا كله يُعد من أولويات التطوير الإداري المعاصر.

الاتجاهات الحديثة في تطوير الإدارة التربوية تدعو إلى اللامركزية، وتفويض المزيد من الصلاحيات، هل لديكم الجرأة على تنفيذ هذا؟

أصبحت الإدارة التربوية الحديثة، علم له فلسفته وأصوله وقواعده، وأساليبه وممارساته، ولم تعد تعتمد على الخبرة وحدها، كما أن عصر الاجتهادات الشخصية، والتسلط والفردية في اتخاذ القرار انتهى إلى غير رجعة. ولا بد من الاعتماد في تطوير التعليم، على الديمقراطية وتبادل المشورة، وعلى العلاقات الإنسانية الإيجابية والعمل بروح الفريق.

ومن خلال الممارسة العملية والميدانية، حققت تجربة اللامركزية في الإدارة، نتائج مبهرة من حيث الجودة في الخدمات المقدمة، والاستخدام الأمثل للموارد، على أساس أن المشاركة في صنع القرار الناتج عن تفويض السلطة، تجعل المعنيين أكثر رضا، وأفضل كفاءة في استخدام الموارد البشرية. وهناك أيضاً ترسيخ مبدأ التقييم والمساءلة، وتفويض المهام إلى أصحاب الكفاءات العالية بطريقة متناسقة، وليس فقط عندما تزيد أعباء العمل عليهم، أو إذا تعرضوا لضغط زمني.

مقاومة التغيير أو رفضه، مشكلة رئيسية تعيق نجاح العمل، ما رأيكم؟

مقاومة التغيير من المشاكل والمعوقات الرئيسية التي تواجه عملية تطبيق إدارة الجودة الشاملة تحديداً، وهي حالة من الخوف تكون ربما لأسباب حقيقية وأخرى تخيلية، إذ قد يعتقد البعض أن التغيير يستهدفهم بشكل شخصي، ويتحول جل اهتمامهم إلى تأثير ذلك التغيير عليهم، ومن ثم يرفضونه، على الرغم من أنه في الغالب لصالحهم.

ولعل قدرة الإدارة في التغلّب مبكّراً على هذا النوع من المقاومة، من خلال الحوار والمناقشة والإقناع، يساعد في إزالة الخوف من عملية التغيير، وعلى المؤسسة أن تتوقع وجود المقاومة وأن تحدد أسبابها، وأنسب الطرق للتغلب عليها. وأن تحرص على إشراك الموظفين في عملية صنع القرار بالنسبة للقضايا التي تؤثر على وظائفهم وأعمالهم.

ما أسباب استقالات بعض الهيئات التعليمية، وخاصة المعلمات، وكيف تتعاملون مع هذه الحالات؟

يُمثل هذا الموضوع، صداعاً مزمناً في رؤوس المناطق التعليمية، إذ لدى بعض الهيئات التعليمية أسباب خاصة تجبرهم على الاستقالة، مثل المرض، أو تعارض العمل مع الحياة الأسرية، وهو أمر طبيعي خاصة عند المعلمات، طالما تتم الاستقالة في المواعيد المحددة، وهناك استقالات تكون بهدف إيجاد فرص عمل بديلة، ذات دخل مادي يتناسب مع ظروف الحياة المعيشية المرتفعة.

وقد تضم قوائم المستقيلين أحياناً، معلمات عملن لعام دراسي واحد فقط، ثم يستقلن لأسباب تتعلق ببيئة العمل المدرسية، أو لأسباب خاصة، غير أننا نطالب الجميع بتحمل مسؤولياتهم، وأن يكون لديهم حس إنساني عالٍ بأهمية هذه المهنة، وما يترتب على مثل هذه الاستقالات المبكرة من إرباك للعمل ونتائج سلبية على الطلبة، ولا ينبغي أن يدير المعلم ظهره فجأة إلى مهنة التعليم، فيترك المدرسة وطلابه ويذهب.

انقطاع بعض المعلمات عن مدارسهن لأسباب مرضية أو سواها، يربك العمل ويعيق استكمال المنهج، فما رأيكم؟

تحرص الدولة، على الاهتمام بالتعليم، وتوفير البيئة التعليمية المتميزة، والمحفزة للطلبة في مختلف المناطق التعليمية، لذلك، فإن غياب، أو انقطاع بعض المعلمات عن مدارسهن، يُمثل مشكلة كبيرة لوزارة التربية والتعليم، إذ يصعب توفير البديل في الوقت المناسب وبالسرعة المطلوبة.

وباستثناء إجازة الأمومة ورعاية الطفل، اللتين يكون سبب استحقاقهما واضحاً وصريحاً ضمن قانون الموارد البشرية، يكون انقطاع بعض المعلمات غير منطقي. فإذا كان السبب لظروف صحية، لا بد أن تكون الشهادة المرضية معتمدة، فهناك لجنة طبية عليا في وزارة الصحة، هي التي من شأنها فقط أن تحدد المبررات الصحية، وليس كل من شعر بـ«وعكة»، يعتبر ذلك سبباً للانقطاع عن العمل. وهناك أيضاً، بعض المبررات لظروف خاصة، لكنها يجب أن تكون في أضيق الحدود ولأسباب قهرية.

يرى البعض أن هناك قرارات نقل للمعلمات غير مبررة، تنعكس عليهن سلباً، فيضطررن إلى الرفض أو الاحتجاج، ما رأيكم؟

كل قرارات النقل، تُدرس من أصحاب الاختصاص في المنطقة، وتمر بجميع مراحلها الرسمية قبل اعتمادها، ونحرص على أن تكون موضوعية ومنطقية، ولا تخرج عن الأنظمة المعمول بها في وزارة التربية، ولا يوجد ما يدعو إلى استنكار المعلمات ورفضهن لقرارات النقل.

فمثلا هناك قرار ينص على ضرورة اكتمال نصاب المعلمة بما لا يتجاوز 24 حصة أسبوعياً في الحلقة الأولى، و21 حصة في الحلقة الثانية، و18 لمرحلة التعليم الثانوي، وبعد اكتمال أنصبة المعلمات في كل مدرسة، يتم حصر الزائدات عن الحاجة، ثم النظر في طلبات التنقلات الداخلية والخارجية، بشرط أن تكون المدرسة التي ترغب المعلمة في الانتقال إليها، بحاجة إلى تخصصها أو لأسباب فنية مختلفة.البيان

Related posts