«المزافن».. من رؤوس الجبال إلى التلفزيون

بطولة جديدة تستدرج جمهور «السيف» إلى قلعة الفجيرة

احتاج المتحدثون في المؤتمر الصحافي، الذي استضافه «فندق هيلتون» بإمارة الفجيرة، إلى وقت طويل، كي يضعوا الحضور في ضوء فن تراثي قديم، تم استقطاب نحو 150 متسابقاً ليشكلوا متنافسي النسخة الأولى من بطولة تراثية جديدة تنظم خصوصاً لإحيائه، البطولة التي تستعد للانطلاق في 30 من أكتوبر الجاري، بعنوان «السيف»، تتعقب تفاصيل فن «المزافن» التراثي القديم، الذي يشكل أحد معالم الخصوصية في الموروث الإماراتي. مجموع جوائز البطولة مليون درهم، إذ سيصعد عبرها 32 متسابقاً يتنافسون على السيوف الذهبية والفضية والبرونزية، فضلاً عن المراكز الخمسة التالية من البطولة التي تبحث عن «الثمانية الكبار في فن المزافن الإماراتي»، الذين سيصعدون لمنصة التتويج في الليلة الختامية التي تستضيفها قلعة الفجيرة، في العاشر من ديسمبر المقبل

ملامح وفنيات

بحضور سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، كشفت اللجنة المنظمة، مساء أول من أمس، ملامح المسابقة وفنياتها وشروط الاشتراك في منافساتها، في حين بدا بالنسبة لكثير من القنوات الفضائية التي عزمت على نقل منافسات البطولة والجهات الإعلامية الراصدة للحدث، أن «فن اليولة» الإماراتي سيتعرض خلال الأعوام المقبلة لمنافسة فن تراثي جديد ذي فنيات مختلفة، وله علاقة قوية ايضاً بالإيقاع والموسيقى، والأهم هو الجو الحماسي الذي يرافق الفنيين، وفي حين يبقى سلاح اليولة المحاكي للبندقية التقليدية أهم أدوات ممارساتها، فإن السيف هو أداة الممارسة عند الزفين «وهو اللقب الذي يطلق على المتباري في المنافسة» في فن «المزافن»، الذي أشارت اللجنة المنظمة إلى انتشاره قديماً وتناقله موروثاً حياً بشكل أكبر بين القبائل المستقرة في رؤوس المناطق الجبلية. المؤتمر الصحافي الذي أداره الإعلامي المعروف عدنان حمد، تخللته استفسارات كثيرة حول أصول وعوامل المهارة في هذا الموروث الإماراتي، وسعى خلاله أعضاء اللجنة المنظمة إلى التعريف بهذا الفن الذي راهنوا على تفاعل المواطنين والمقيمين وأيضاً الزوار مع أجوائه التراثية، فضلاً عن السعي إلى انتشاره خليجياً، حسب إشارات نجاح موسمه الأول، لكن تقديم فقرات من هذا الفن في بهو الفندق كان بمثابة وضع الحضور بشكل عملي في جمالياته التي اتضح إلى حد بعيد اقترابها بالفعل من أجواء اليولة، وإن بدت المزافنة أكثر تميزاُ في ما يتعلق بمرونة الزفين الذي تكسبه أجواء المبارزة بالسيف صفات الإقدام والحماسة، مع ما يتطلب انسجامه مع الإيقاع الموسيقي المصاحب المستمد غالباً من الموروث الإماراتي الأصيل، وإن تجددت كلمات الأغاني لتعبر عن هوية المسابقة التي يرعاها سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة.

بثّ تلفزيوني

يحيل الشكل التنظيمي لبطولة «المزافن» أيضاً لبطولة فزاع لليولة التي ينقل تفاصيلها برنامج «الميدان» على «سما دبي»، إذ تم الكشف عن أن كل جولة من الجولات الأسبوعية للمسابقة ستشهد استضافة شاعر وفنان معروفين، بالإضافة إلى استقبال الرسائل النصية القصيرة للجمهور، من أجل تحديد هوية المتسابقين الأجدر بالاستمرار في المسابقة، وبنسبة 60٪ من إجمالي النقاط المؤثرة في قرارات استبعاد متسابقين اثنين في كل جولة، مقابل 40٪ فقط للجنة التحكيم، وهو الأمر الذي يؤكد وعي اللجنة المنظمة بالدور الكبير الذي يلعبه الجمهور في إنجاح هذا النوع من السباقات المعنية بالفنون التراثية، إذ ستقام المنافسات بشكل أسبوعي مساء كل جمعة، قبل أن تبث بشكل منسق بين عدد من القنوات الفضائية في اليوم التالي. وفي تصريح لـ«الإمارات اليوم»، قال رئيس لجنة التحكيم ومدير مكتب وزارة الثقافة في الفجيرة سلطان مليح، إن هناك قوانين محددة أصبحت جاهزة لتحتكم إليها اللجنة في آلية تصنيف المتسابقين، مشيراً إلى أن هناك 50 درجة في جعبة لجنة التحكيم جرى توزيعها على مختلف التفاصيل الفنية للمزافن، منها ما يتعلق بإحكام قبضة المتسابق على السيف مع احتفاظه بالمرونة، ومدى اعتزازه بذاته أثناء حركته بالسيف، والإقدام، والمهارة في الاستدارة بالسيف، والانسجام مع الإيقاع، ومرونة تداوله من يد إلى أخرى، وصيحة الشجاعة التي يلفت بها أنظار منافسه والجمهور، والابتعاد عن الهجوم العشوائي الذي يؤشر عليه تكرار ثلاث محاولات فاشلة على المنافس في وقت قصير للغاية، فضلاً عن الابتكار في الفنيات التي توقع أن تكون أحد محاور الإثارة في المسابقة الجديدة.

سلامة الجمهور

في ما يتعلق بمهارة رمي السيف إلى أعلى وإعادة تسلمه أوضح أن وجه المقارنة والتميز يتعلق بقوة الرمية ومدى ارتقائها بشكل رأسي، وهو ما أكد بصدده تقييد تحرك المتسابق فيه قبل تسلم السيف بخطوات محدودة للغاية، من أجل ضمان سلامة الجمهور المتابع للبطولة.

وشدد المتحدثون الرئيسون في المؤتمر الصحافي، الذي ضم كلاً من المسؤول عن مواقع إقامة تصفيات البطولة ومواعيدها مصبح عبيد، ومدير التسجيل بالبطولة أحمد حمدان، بالإضافة إلى سلطان مليح الذي قام بزيارات مكثفة، للوقوف على مزيد من التفاصيل الفنية للمزافن لدى القبائل المختلفة، والمتحدث الإعلامي للبطولة عدنان حمد، على أن أحد الأهداف الرئيسة التي انطلقت من أجلها «السيف»، هو ترجمة توجيهات سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة ، في بذل مزيد من الجهد، للحفاظ على هذا الفن الذي يمثل جانباً أصيلاً من الموروث الإماراتي، رغم محدودية انتشاره حالياً، لافتين إلى أن اللجنة ركزت دعواتها في هذه المرحلة على طلبة المدارس الذين تتجاوز أعمارهم 16 عاماً، لافتين إلى أن المشاركة مفتوحة للجنسيات كافة، بشرط الالتزام بالزي الوطني للمشاركين، وتجاوز الاختبارات الأولية التي تكشف عن مدى التمكن من المهارات الأولية للمزافن.

«سيف» الجسمي

كشفت اللجنة المنظمة لبطولة «المزافن»، التي تستضيف قلعة الفجيرة أولى نسخها، بدءاً من 30 أكتوبر الجاري، عن تسجيل الفنان حسين الجسمي أغنية خاصة بالبطولة بعنوان «السيف» سيتم توزيعها على اسطوانات مدمجة للحضور، فضلاً عن الاتجاه لطبع كتيب تعريفي بهذا الفن الإماراتي الأصيل، مشيرين إلى أنهم سيسعون إلى استخدام المفردات الأصلية التي رافقت انتشار هذا الفن بين القبائل الإماراتية التي احتفظت به فناً شديد المحلية، لم يتجاوز حدود الإمارات وصولاً إلى القبائل المنتشرة في دول مجلس التعاون الأخرى.

وحول مدى السعي إلى تحقيق نوع من الانتشار لهذا الفن خارج حدود الإمارات في نسخه السابقة، واستقطاب مشاركات خارجية خصوصا من أبناء دول مجلس التعاون أشار رئيس لجنة التحكيم سلطان مليح لـ«الإمارات اليوم»، أن «اهتمام القنوات الفضائية بتغطية البطولة يشكل أحد مؤشرات نشر المزافن في المرحلة المقبلة، لاسيما أن اللجنة المنظمة تقبل المتسابقين من مختلف الجنسيات بشرط التقيد بتقاليد هذا الفن، وفي مقدمتها الالتزام باللباس الوطني الإماراتي».

 

أخطاء مرفوضة

بعيداً عن المجال الرياضي ظهر المذيع الإماراتي المعروف عدنان حمد، منشداً في جماليات «السيف» بيت ابي تمام الشهير «السيف أصدق إنباء من الكتب

في حده الحد بين الجد واللعب»، مبشراً ببطولة السيف، لكن أحد الصحافيين أبى إلا أن يُعيده إلى أجواء منافسات كرة القدم التي اشتهر بالتعليق عليها، غامزاً بخفة ظل من قناة العلاقة بين محكمي البطولة الجديدة، والتحكيم في القارة الإفريقية الذي يتعرض الآن لانتقادات قوية بعد مباراة في كأس إفريقيا للأندية أبطال الدوري.

من جهة أخرى، حددت لجنة التحكيم أربعة أخطاء قاتلة يجب تجنب المتسابق لها أهمها سقوط الغترة التي تستوجب خصم 200 نقطة من المتسابق، في حين أن سقوط المتسابق نفسه لا يستدعي سوى خصم 100 نقطة فقط، وهي الدرجات نفسه التي تُخصم في حال استقبال المتسابق السيف من الخلف

المصدر : الامارات اليوم 24 اكتوبر 2010

Related posts