كفيف تقوده بصيرته إلى الدكتوراه في الحقوق

ولد كفيفا نتيجة ضمور في العصب البصري وهو أحد العيوب الخلقية التي لايزال الطب الحديث عاجزا عن ايجاد حل لها على حد تعبيره، ولم يثنه فقدان بصره أن يتعلم ويتغلب على تحديات هذه الإعاقة، فإرادته القوية جعلته يحقق طموحه، ويحصل على شـــــهادة الدكتوراه في الحقوق من جامعة “اسكس”في بريطانيا .

الدكتور أحمد العمران باحث قانوني في ادارة رعاية وتأهيل المعاقين في وزارة الشؤون الاجتماعية يبدأ برواية قصته فيقول: أسرتي لم تعاملني من باب الشفقة والعطف بل كانوا يلومونني أكثر من غيري وقدموا لي كل الدعم ولم يشعروني يوما بأنني معاق وهذا الامر انعكس ايجابيا على مسيرة حياتي، والحقيقة فإن أسر المكفوفين غالبا ما يكون لديهم الحس الانساني عالياً.

ويتابع حديثه فيقول: إن المشكلة التي يواجهها المعاقون في جميع المجتمعات تكمن بعدم وجود أنشطة تخص هذه الفئة من المجتمع على مستوى الجمعيات لإذكاء الوعي العام بحقوق هذه الفئة التي تعتبر جزءا من المجتمع ويجب اشراكهم في مختلف نواحي الحياة ،في وقت تقتصر فيه الانشطة لدينا فقط على المناسبات الخاصة بالمعاقين مثل اسبوع الصم واليوم العالمي للعصا البيضاء وغيرها ،بينما تتركز الانشطة في المجتمع على التسلية والرياضة.

ويضيف أنا جزء من المجتمع لا يجب أن ينظر الناس إلى تجربتي بأنها معجزة أو شيء غير اعتيادي، فإذا اجتمعت قوة الارادة وحب العلم والبيئة والتهيئة المناسبة فلا عذر لأي شخص سوي أو معاق بأن يحقق طموحاته ويؤدي دوره في المجتمع.

ويشير إلى أن المفهوم الشمولي للاعاقة يتمثل في عملية الاتصال بين المعوقات الشخصية والمعوقات الاخرى التي يصنعها المجتمع وبالتالي فإن المجتمع إذا تعامل مع الاعاقة بمفهومها الشمولي فسيكون التركيز على إزالة المـــعوقات التي يخلقها المجتمع نفسه.

ويتابع في مراحل التعليم العام درست في بيئات مغلقة مع زملائي من ذوي الاعاقة البصرية وحينها لم أشعر بأي اختلاف إطلاقا كوننا كل من نفس الفئة ،بينما في المرحلة الجامعية اختلف الأمر فدرست بكالوريوس شريعة وحقوق في جامعة الامام محمد بن سعود في السعودية ثم درست ماجستير في الحقوق في المعهد العالي للقضاء التابع للجامعة ذاتها ،ثم التحقت بجامعة “اسكس” البريطانية وتخرجت فيها عام 2010 وحصلت على شهادة دكتوراه في الحقوق، وفي هذه المرحلة كانت البيئة مفتوحة وفيها تفاوت بين البيئات الثقافية من حيث نظرة المجتمع للمعاق بشكل عام.

ويضيف إن جامعاتنا العربية غير مهيأة فيما يخص المعاقين من حيث البيئة التعليمية والمناهج الدراسية وغيرها ،بينما في بريطانيا الوضع مختلف تماما فتشعر أن بصيرة الكفيف أقوى من بصر الاسوياء احيانا ،وهذا الامر بسط أمامي دراسة الدكتوراه التي كانت اسهل بكثير من دراسة البكالوريوس بالنسبة لي.

ويرى الدكتور أحمد أن دولة الامارات من أوائل الدول العربية التي سنت تشريعات خاصة بحقوق المعاقين وصادقت على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن ذوي الاحتياجات الخاصة، ودائما توجيهات القيادة الرشيدة في الامارات تعزز حقوق هذه الفئة والارتقاء بالمجتمع وتوفير حق التوظيف لها. ويضيف إنه مهما كانت التشريعات والسياسات في مختلف دول العالم فهناك الكثير من الممارسات لا يمكن أن تعالجها القوانين، على سبيل المثال على الرغم من أن حق العمل للمعاق كفلته التشريعات في الامارات إلا أن العديد من المؤسسات تنظر للمعاق نظرة سلبية .

فيما يخص العمل وخاصة مؤسسات القطاع الخاص ،وذلك بسبب أن قوانيننا وتشريعاتنا لا تضع جزاء على المؤسسات المخالفة بشأن توظيف المعاقين ،وهنا يبرز دور الاسرة والمسؤولية المجتمعية وأهمية وعي افراد المجتمع بأن المعاقين جزء من هذا المجتمع.البيان

Related posts