مريم الصفار أول سائقة إماراتية تقود مترو دبي بروح التحدي

الطويين : الاتحاد

استطاعت المرأة الإماراتية بفضل جدارتها وقدرتها على إثبات وجودها أن تقتحم العديد من ميادين العمل، وأصبح من المألوف رؤية فتاة تقود سيارة أجرة أو حافلة ركاب أو ميكانيكية تقوم بإصلاح السيارات، وغيرها من المهن التي كانت حكرا على الرجال فقط، وهذا الأمر انسحب على المواطنة مريم الصفار التي استغنت عن عالم المصارف والمال لتدخل إلى عالم آخر أكثر صعوبة وهو قيادة مترو دبي آلياً لتكون بذلك أول سائقة إماراتية للمترو في دبي بعد عام من التدريبات المكثفة.

بات عمل مريم الصفار أن تتحكم في عربات مترو دبي باحتراف بعد أن كانت تعمل في قطاع المصارف، وهي لم تكن تتوقع أن تتجه إلى مجال آخر أكثر صعوبة، لكن حبها للمنافسة والتميز جعلها من ضمن 100 مرشح للوظيفة للعمل كسائق قطار مترو في دبي، وبالفعل اجتازت العديد من الاختبارات ووقع الاختيار عليها لتصبح أول إماراتية تلتحق بهذه المهنة في سائر أقطار دول الخليج.

برنامج تدريبي

حول رحلة تنقلها في عدة أقسام حتى وصلت إلى مرحلة قيادة المترو آليا. تقول الصفار «منذ البداية كان هدفي قيادة المترو ولكن لم يكن الطريق محفوفا بالورود، بل تنقلت في أكثر من قسم بدءاً من قسم الأعمال الإدارية، حيث عملت في إدارة الموارد البشرية وتم تعيين 150 مواطناً في فترتها، وبعدها انتقلت للعمل في قسم التسويق وتميزت به كذلك، لكن القيادة كانت هدفي الأكبر، فانتقلت للعمل في خدمات القطارات وحصلت على وظيفة مساعد مدير خدمة القطارات. وعندها وجدت أن الفرصة قريبة جداً ولكن لم يتم ذلك إلا بعد الدخول في برنامج تدريبي مدته عام، وقضيت ثلاثة أشهر في الدراسة النظرية. وبتوفيق من الله نجحت في جميع الاختبارات بتفوق لأستكمل مسيرتي في التدريب العملي لقيادة المترو كمساعد مدير خدمات الركاب والتي تعد من الوظائف الإشرافية المهمة».

وبعد اجتيازها الاختبارات المطلوبة، تقول الصفار إن هناك ثلاث حالات تتم خلالها قيادة القطار يدوياً وليس آلياً، موضحة أن «قيادة القطار أثناء التدريب العملي المتواصل تكون «يدوياً»، وذلك تحسباً لأي أعطال، أو لمواجهة الحالات الطارئة، في حين أن ثاني هذه الحالات هي قيادة القطار إلى محطة الإيواء وورشة التصليح، ليخضع للتدقيق والصيانة، أما الثالثة فهي عند قيادة القطار لأغراض التنظيف وفتح الطريق، من خلال القيادة «يدوياً» في الثالثة فجراً، ويرافق ذلك المسح الدقيق للمسارات قبل البدء بتشغيل قطارات نقل الركاب آلياً وتوجيهها نحو المحطات، مع التدقيق على جميع المخارج وإشارات الإنذار الخاصة بالطوارئ، قبل النزول بقطارات نقل الركاب إلى السكة، والتأكد أيضاً من عدم وجود أي عراقيل في طريق القطارات».

آلاف الركاب

حول رحلة عملها الذي يبدأ قبل شروق الشمس. توضح الصفار «عملي يبدأ مع الفجر ففي الوقت الذي يكون الجميع في سبات وراحة واستقرار تجدني أنا في قمة نشاطي وحيويتي، لأضمن سلامة ركاب المترو الذي يتوافدون صباحا والتي تصل أعدادهم إلى الآلاف ليصلوا إلى مقرات أعمالهم في الوقت المحدد ما بين نزول البعض منهم لقضاء أعمالهم إلى صعودا الآخرين للانتقال من مكان لآخر وهم في قمة النشاط ليوم جديد».

ليس هذا عملها فقط، بل هناك عدد من المهام من أهمها كما تقول الصفار «عقد الاجتماع مع زملاء العمل في غرفة الاجتماعات، ووضع خطة العمل اليومي، وتجريب المترو على طول الخط بقيادته يدويا لمعرفة وفحص المسار كاملا والتأكد من سلامة الأجهزة والمكابح. وبعد كل تلك المهام نبدأ في استقبال ركاب المترو ثم أخذ قسط من الراحة بعد ساعات طويلة من العمل تتراوح ما بين ربع ساعة وحتى الساعة، وبعد ذلك نرجع العمل حتى تأتي فترة راحة لمدة ساعة توزع على ساعات العمل حسب الدوريات».

حبها للعمل جعلها تستفيد وتكتسب الخبرة. إلى ذلك، تقول الصفار «تعلمت كيفية التعامل في الحالات الطارئة وكيف يمكن تداركها، ورغم أنني لم أواجه أي مشكلة كبيرة حتى الآن، إلا أن الأعطال البسيطة تحتاج إلى متابعة مثل تعطل مكبرات الصوت والتنسيق مع مركز التحكم ومتابعتهم من وقت لآخر تجنبا لحدوث أي عطل بصورة فورية. إلى جانب التأكد من نظافة المترو وعدم وجود أي مفقودات نسيها الركاب عند وصول المترو نهاية المسار والرجوع لأخذ الركاب مرة أخرى».

مسؤولية كبيرة

عن حقيقة شعورها وهي تقود القطار، تقول الصفار «حقيقة شعرت بمسؤولية كبرى وأنا أقود القطار للمرة الأولى وهو مليء بالركاب، حيث استشعرت أهمية وخطورة الأمر، لأن الأرواح الآدمية أصعب ما يؤتمن عليه المرء، إلا أنني أحمد المولى -عز وجل- الذي بعث في نفسي الطمأنينة والارتياح، وهو ما مكنني من القيام بعملي على أحسن وجه منذ الرحلة الأولى التي قمت بها، وإنني إلى الآن أطلب من العلي القدير أن يديم علي هذه الشجاعة وحسن التدبير حتى أكون عند حسن ظن المسؤولين والركاب والمتتبعين».

وحول تعاملها مع نظرات الاستغراب والتعجب ورفض الأهل. تشرح الصفار «في البداية رفض الأهل قيامي بهذا العمل رفضا تاما حيث كانوا يعتقدونه من الوهلة الأولى أنه شاق ومتعب وحكر على الرجال، ولكن بعد الإقناع وشرح طبيعة عملي في المناوبات تفهم الجميع الوضع. كما أن نظرات التعجب والدهشة من وجود فتاة في هذا الموقع بالذات جعلني أتخطى ذلك بجدارة دون الالتفات لمثل تلك النظرات التي جعلتني أكثر قدرة على إثبات وجودي في قيادة مترو دبي آليا ليكون تحت إشرافي الكثير من الموظفين ينتظرون تعليماتي برحابة صدر والتي تصب في مصلحة سلامة وأمن الركاب أولاً وأخيراً».

وفي السياق ذاته، تؤكد «قيادة المترو آليا ليس بالأمر الهين بل يحتاج إلى متابعة وتدقيق وإشراف وهذه الصفات لابد أن تكون متوافرة في من يعمل في هذا المجال الصعب وخاصة المرأة»، لافتة إلى أنها من أجل أن ترتقي بمستواها المهني تستعد لتلقى دورات تدريبية خارجية للارتقاء بمستواها المهني ولتحقق هدفها بصعود السلم الوظيفي بالتدريج.

Related posts