
الطويين : الخليج
على الرغم من تشديد لوائح وقوانين وزارة التربية والتعليم على “منع الضرب لطلبة المدارس” وعدم استخدامه كأداة للعقاب، إلا أن هذا المسلسل مازال مستمراً، حيث تعرض طالب بالصف الثاني الابتدائي المسائي بإحدى المدارس الخاصة بدبي لـ “ضرب مبرح” بعصا معلمة اللغة العربية، بسبب خطئه في الإملاء، وذكر التقرير الطبي الابتدائي الصادر من مستشفى راشد بتاريخ 10 مايو/أيار 2012 أن الطالب (أحمد ذاكر) تعرض لضرب مبرح أدى إلى إصابته ب “كدمة طولية مستقيمة على الظهر”، تأخذ شكلاً عرضياً من أعلى الكتف إلى أسفل الظهر .
أكد ولي الأمر أن العقاب البدني الذي تمت ممارسته على نجله أمر غير مبرر، ولا يمت للقوانين التي سنتها الوزارة بأي صلة، وبعض أنواع العقاب يؤثر نفسياً على أبنائنا، وعلى شخصيتهم في المستقبل .
ورداً على شكوى ولى الأمر، أكدت مديرة المدرسة أنها لن تتقاعس في عقاب أي معلم يستخدم العنف ضد الطلبة في المدرسة، وأن هذه الشكوى هي الأولى منذ بداية عمل المدرسة . في حين أكد الأخصائيون أن “العقاب” غير المدروس يؤثر على نفسية الطالب وارتباطه بالمدرسة .
حالة انهيار
قال ذاكر سيد أمين، والد الطالب لـ “الخليج”؛ أنه فوجئ يوم الخميس الماضي بابنه في حالة “انهيار وبكاء” عندما ذهب لأخذه من المدرسة بدبي، وعندما سأل الابن عن سبب بكائه أوضح أنه تعرض للضرب المبرح من معلمة اللغة العربية، وعند فحص جسده في البيت وجدت كدمات شديدة على ظهره، فتوجهت على الفور إلى قسم شرطة الراشدية، وفتحت بلاغاً برقم 3154/17/11 بتاريخ 11 مايو الجاري، مع قرار تحويل لمستشفى راشد لتوقيع الكشف الطبي على نجلي، ثم الطب الشرعي لإقرار ما إذا كانت الإصابة أفضت إلى عجز نجلي، أو ألحقت به عاهة مستديمة، مطالباً المسؤولين بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن بعض المدارس الخاصة التي تقوم بعقاب طلبتها بطرق عنيفة متنوعة، مضيفاً أن نفسية ابنه ساءت وتسيطر على تصرفاته مشاعر القهر والخوف .
وأما الطالب أحمد ذاكر “7 سنوات” فقال: لم أستطع تحقيق النجاح في اختبار الإملاء، وعندما أخفقت عاقبتني معلمة اللغة العربية بالضرب على ظهري عدة مرات بواسطة عصا غليظة، وأمسكت برأسي من الخلف وجذبت شعري بقوة .
لن نتقاعس
ورداً على شكوى ولي الأمر أكدت مديرة المدرسة أن الإدارة لن تتقاعس أبداً في توقيع عقاب صارم على أي معلم أو معلمة يعتدي بالضرب على الطلبة بالمدرسة، ولم نتلق أي شكوى من هذه النوعية من قبل، مؤكدة أن المدرسة تحقق في الواقعة، وستصل إلى قرار اليوم، نظراً لضيق الوقت يوم الخميس الماضي، ولم تعلم إدارة المدرسة بالواقعة إلا في الحادية عشرة مساء، ولكن بدأت ترصد خيوطها عبر فتح تحقيق رسمي يتم فيه استجواب المعلمة المعنية والطالب “أحمد”، مؤكدة أنه في حالة إدانة المعلمة سوف يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة نحوها وفقاً للقانون .
عواقب نفسية
من ناحية أخرى، أوضح الأخصائيون الاجتماعيون والنفسانيون أن عقاب الطلبة بشكل غير ملائم من قبل الأسرة أو المدرسة تترتب عليه عواقب نفسية سلبية في بناء شخصية الطالب في المستقبل، وقالت سناء عبد العظيم: موجه أول رعاية نفسية في وزارة التربية والتعليم، إن للعقاب إيجابيات وسلبيات في الوقت نفسه، وأبرز الإيجابيات تشير إلى أن الاستخدام المنظم للعقاب يساعد الفرد على التمييز بين ما هو مقبول وما هو غير مقبول، ويؤدي استخدام العقاب بشكل فعّال إلى إيقاف أو تقليل السلوك غير المقبول ويقلل من احتمال تقليد الآخرين له .
في حين أن سلبيات العقاب متعددة، خاصة عندما يكون شديداً، وأهمها ترسيخ العدوان والعنف والهجوم المضاد، فقد يعلّم العقاب الطالب ماذا يفعل وماذا لا يفعل، وقد يولّد حالات انفعالية غير مرغوب فيها كالبكاء والصراخ والخنوع، ما يعيق تطور السلوكيات المرغوب فيها، كما أنه يؤثر سلباً على العلاقات الاجتماعية بين المعاقِب والمعاقَب، أي يصبح المعلم الذي يستخدم العقاب بكثرة في نهاية المطاف شيئاً منفراً للطالب .
وأكدت أن وزارة التربية والتعليم أطلقت لائحة الانضباط السلوكي والتي يتم اتباعها في مختلف المدارس، وبناءً عليها يتخذ كل من الاختصاصي الاجتماعي واللجنة التربوية بالمدرسة قراراتهم في شأن العقاب، حيث تتعدد أساليب تعديل سلوك الطلبة ذوي المواقف المرفوضة في المجتمع المدرسي، فضلاً عن طرق الإثابة للطلبة ذوي السلوك الإيجابي، وأن أسلوب الإثابة والمكافأة يعزز السلوك الإيجابي عند الطالب ويشجعه على الاستمرار عليه .
اللائحة تمنع العنف
اعتمدت وزارة التربية والتعليم لائحة الانضباط السلوكي للطلبة في المجتمع المدرسي، وواجهت إدارات المدارس بالتعامل مع اللائحة بما تضمنته من بنود وضوابط، انطلقت في آلياتها من حرص الوزارة على إيجاد البيئة التربوية العصرية للطلبة والمعلمين والإداريين وأولياء الأمور .
وتضمنت اللائحة أنه ينبغي عند تعديل السلوك غير المرغوب فيه للطالب تجنب العقاب البدني بأنواعه وأشكاله وصوره كافة، والحرمان من تناول الوجبات الغذائية، والتكليف بأداء واجبات مدرسية إضافية على سبيل العقاب، إضافة إلى استفزاز الطالب أو السخرية والاستهزاء به، ومنعه من قضاء الحاجة، وتخفيض الدرجات في الموادّ الدراسية أو التهديد بذلك، والطرد من المدرسة أثناء اليوم الدراسي بقرار فردي .
فيما حددت مخالفة الانضباط السلوكي بإتيان الطالب سلوكاً غير مرغوب فيه داخل المجتمع المدرسي، بما يشكل مخالفة للانضباط السلوكي طبقاً للضوابط والمعايير الواردة في اللائحة .
وصنفت المخالفات إلى 5 درجات، الأولى التأخر عن الطابور الصباحي، أو عدم المشاركة فيه، والتأخر عن الحضور في الوقت المحدد لبدء الحصة الدراسية من دون عذر مقبول، والتغيب عن المدرسة من دون عذر مقبول، وعدم الالتزام بالزي المدرسي أو الرياضي الخاص بالمدرسة، إضافة إلى عدم إحضار الكتب والأدوات المدرسية أو المحافظة عليها، والدخول والخروج من الفصل وقت الحصة من دون استئذان، والإهمال أو عدم أداء الواجبات المدرسية، وعدم الالتزام بالإجراءات المتبعة في تنظيم استخدام المرافق الخاصة بالمدرسة، بالإضافة إلى إدخال أجهزة الهاتف النقال إلى المدرسة أو الأجهزة الإلكترونية .