الإماراتيون يعدونه كنزاً ورثوه عن الآباء والأجداد … إنة العسل البري.. يعالج أمراضاً يعجز عنها الطب – صور

موقع الطويين : الخليج – بكر المحاسنة

جانب الكهوف الجبلية العالية، التي يسكنها النحل البري . ولإيمان أهالي تلك المناطق بفوائد العسل البري التي لا تعد ولا تحصى، أصبح جني العسل البري وتربيته إرثاً تناقله الأبناء عن الآباء والأجداد بشغف، حفاظاً على هذه الثروة الجبلية .

 

حميد بن قدور، صاحب أول موقع إماراتي متخصص في العسل البري في الدولة، يقول: إن جني العسل البري أصبح في وقتنا الحاضر هواية أكثر مما هو مهنة، حيث يحرص العديد من أبناء الجيل الحالي على البحث عن العسل البري بشكل كبير، نظراً لفوائده الطبيعية التي لا تعد ولا تحصى، لكون جبال إمارة الفجيرة تزخر بالمناحل الطبيعية، كما أن تربيته تعد إرثاً تناقله الأبناء عن الآباء والأجداد بهدف الحفاظ على هذه الثروة الجبلية .

 

وأضاف: إن تربية النحل مرتبطة بالأهالي الذين يقطنون في المناطق المرتفعة، حيث تتطلب خبرة كبيرة ورعاية خاصة ومكاناً ملائماً قريباً من الحقول والنباتات البرية، ومنعزلاً عن المناطق المزعجة وحظائر الحيوانات .

 

وأوضح أن مشروع موقع اليماحي للعسل البري، بسيط ويهدف إلى التعريف بالعسل الخاص بجبال منطقة الطويين بإمارة الفجيرة، وبالنسبة إلى إيصال الأصلي منه إلى كل من يبحث عنه فإن ذلك يتحقق دون أية مزايدات أو تدخلات في المحتوى أو المضمون، وقد اهتم أبناء الطويين والمناطق المجاورة لها بجني العسل البري، بسبب إدراك سكان هذه الأرض لأهميته وقيمته الغذائية والصحية، ولكن للأسف توجد مجموعات وأشخاص في الآونة الأخيرة ومن جنسيات مختلفة تقوم باستيراد عسل من الخارج وبيعه على أنه أصلي تم قطفة وإنتاجه من مناطق جبلية في الطويين والإمارات الشمالية والساحل الشرقي على وجه الخصوص .

 

 

 

ويشير إلى أن الأصلي منتج محلي له مواسم محددة ويكون شراؤه من مصادر موثوقة ومختصة في العسل، ومن أشخاص لهم باع كبير في تجميعه وإنتاجه، وتشتهر الطويين والمناطق المجاورة لها بهذه المهنة منذ القدم، وحياة الناس هنا تعتمد عليه في توفير قوت يومها، وفي مسيرة حياتها كونه مصدر رزق لهم، وهذا حق مشروع .

 

الحاج سعيد خميس اليماحي أبو راشد، من منطقة الحاير: يقول إن جني العسل البري جعلني أتحرك بحيوية كبيرة وأحترف الانتقال بين سفوح الجبال، حيث إنني ما زلت أمارس مهنة جمع العسل البري بحب وحماس، رغم العديد من الصعوبات التي تواجهني .

 

ويشير إلى أن البلدي يتميز عن المحلي بأشياء عدة أهمها أنه داكن اللون وله رائحة طيبة، قريبة من رائحة الأزهار والنباتات، كما يختلف في الطعم والذوق لأنه يتغذى فقط على الأزهار والنباتات البرية المختلفة، خصوصاً النحل الذي يسكن في الكهوف الجبلية القريبة من المزارع .

 

ويقول اليماحي إن النحل البلدي يعيش في الكهوف وعلى أشجار النخيل والسدر والسمر، أما النحل المحلي فيربى في صناديق خشبية مكونة من أربعة قوائم للحمل، ولها قاعدة سميكة وغطاء محكم، ويغطى بطبقة معدنية لحمايته . ويوجد داخل كل صندوق مكان للعسل، ومكان للتربية، ويفصل بينهما شبك معدني يسمح بمرور الشغالات فقط من دون الملكات، وتوضع هذه الصناديق في أماكن بعيدة عن الضجيج والغبار، بالقرب من المزارع وسفوح الجبال التي تكثر فيها النباتات والزهور البرية . وأضاف أن من الشروط التي يجب أن تتوافر في القائم على تربية النحل الخبرة في هذا المجال، وخصوصاً نحل العسل الذي يكون في الصناديق الصناعية والذي يفحصه النحال كل فترة .

 

ويؤكد أنه يتعين على الأجيال القادمة المحافظة على مهنة وهواية جني العسل البري، لأنها تعد من تراث وتاريخ الأجداد والآباء، كما أنها تعد مصدر رزق كبير لبعض الأسر في مواسم القطاف، ولذلك أحرص أنا وإخواني على تعليم أبنائنا هذه المهنة، حتى يتمكنوا من صعود الجبال، وتحمل التعب في سبيل البحث عن خلايا عسل النحل البري في جبال منطقة الطويين كافة والمناطق المجاورة لها .

 

الحاج سعيد محمد أحمد (80 عاماً) يقول: الكل من أهالي مناطق دبا الفجيرة يهتم بالحصول على خلايا نحل العسل البري في الماضي والحاضر، وبخاصة في مواسم الأمطار نخرج على شكل جماعات من الشباب وكبار السن، في رحلات طويلة وشاقة للبحث عن هذه الخلايا في الجبال القريبة من القرية، والبعيدة عنها حتى نحصل على مكان لخلية نحل، وعندها نقوم بوضع علامة، وهي عبارة عن خيط يكون ذا لون بارز في مكان ظاهر بالقرب من الخلية، وحسب العادات المتعارف عليها بين الأهالي منذ القدم، لا يمكن لأي شخص الاقتراب من الخلية الموضوع بجانبها إشارة، وبعدها نعود بين فترة وأخرى لتفقد الخلايا، حتى نرى أن القفير قد امتلأ، فنعرف أنه قد حان وقت قطافها، ونقوم بحمل العصي الملفوف على قمتها قماش، ونغمسها بالبنزين ونشعل النار ونكون حريصين على ارتداء ملابس تغطي الجسم بكامله، وتغطية الوجه بالغترة، وبعدها نقوم بقص القفير مع الحرص على إزالة أجزاء معينة منه، وترك الباقي للنحلات، ونقوم بأخذ الجزء الذي يغطيه العسل وهو العلوي للقفير والجهة اليسرى التي تكون غير مكتملة بالعسل نعيدها مرة أخرى على الكهف، أو نعيد تعليقها على أحد أغصان أشجار السدر أو السمر لكي يعود النحل إليها ليقوم ببناء خلية جديدة خلال فترة الموسم المقبل .

 

سعيد محمد سعيد اليماحي، من منطقة المحترقة بدبا الفجيرة، يقول: إن الطبيعة الجبلية الخلابة لمناطق امارة الفجيرة والطقس المعتدل صيفاً والبارد شتاء يساعدان على نمو الأزهار والنباتات وتنوع الأشجار البرية، وانتشار العسل البري بالمنطقة بشكل كبير، وهذا ما أسهم في تشجيع الأهالي على البحث عنه على مدى أيام السنة، لذلك اصبحت تربية نحله والبحث عنه من انجح المشروعات في دبا الفجيرة، وذلك للسعر العالي للعسل البلدي، وزيادة الطلب عليه داخل الإمارات وخارجها .

 

ويضيف: هناك ثلاثة أنواع من نحل العسل التي تعيش في الطبيعة وبصورة برية أهمها النحل الجبلي الذي يسكن الكهوف في الجبال بسبب الحر الشديد ويتميز هذا النوع بالشراسة، ويعد اكبر أنواع النحل حجماً، وهناك نوع آخر يسمى القزم وهو اصغر الأنواع، ولكنه نادر جداً في المنطقة، أما النوع الثالث فهو الذي يسكن الأشجار والجحور، ويبني بيته من أقراص عدة، ولا يتحمل البرد الشديد .

 

ويؤكد أن هناك طريقتين لتربية نحل العسل، الأولى في صناديق خشبية وتعتمد على إطعامه السكر والمواد الصناعية، ويسمى النحل المحلي، أما النوع الثاني فهو البلدي البري، ويربى في الكهوف الجبلية وعلى اشجار النخيل والسدر والسمر، ويحصل عليه السكان ويحافظون عليه حتى وقت حصول العسل من دون تقديم الاطعمة الصناعية أو السكر . وأضاف: تربية النحل المحلي أو البلدي تتطلب عناية كبيرة ورعاية خاصة، وخبرة في طرائق العناية به .

 

محمد راشد المخمسي، من منطقة الريامة بطويين، يقول: يتميز النوع الذي يسكن في كهوف جبال دبا الفجيرة والطويين بلونه الذهبي، وذلك لأنه يتغذى على النباتات البرية، مثل الزعتر والقصين والحمر والزعفران، وبعض الأشجار كالسدر والسمر، ما يجعله يتميز بالجودة والنقاء، كما يستخدم لعلاج بعض الأمراض التي تصيب الإنسان، ويساعد العسل البلدي على النشاط والحيوية، ويعالج الجروح وأمراض الصدر وبعض الأمراض الخبيثة، ويرجع انتشار نحل العسل البلدي البري في كهوف الجبال بمنطقة دبا الفجيرة للظروف الملائمة خاصة أيام الحر الشديد، لوجود النباتات والأشجار البرية المتنوعة التي يعتمد النحل عليها في الغذاء .

 

ويشير إلى أن أبرز وأهم منتجات النحل بأنواعه، العسل والشمع وحبوب اللقاح، وغذاء الملكة، ويستخدم لمداواة الجروح والحروق وعلاج بعض الأمراض خصوصاً التي يعجز الطب الحديث عن علاجها لأنه يتغذى من الأزهار والنباتات البرية ذات الفائدة الكبيرة للإنسان، وبخاصة الزعتر والحلاب والبركة والينسون وغيرها من الأشجار والنباتات البرية .

 

الحاج مطر سعيد راشد يشير إلى أنه هناك عوامل عدة تؤثر في نشاط النحل وإنتاجه، أهمها درجة الحرارة العالية والأمطار، لأنه يتوقف طيران النحل لمسافات بعيدة في ظل هذه الظروف، إضافة إلى الرطوبة العالية التي لها دور في بطء إطلاق حبوب اللقاح، إلى جانب الرياح الشديدة التي تؤثر في سرعة طيران النحل .

 

وأضاف أن ما يميز العسل البلدي عن غيره أنه يميل إلى التجمد، ويكون رائعاً وليس فيه مواد غريبة ترسو في القاع ويتميز بسرعة ذوبانه في الفم، ويظهر مذاقه بعد ثلاث أو اربع دقائق .

 

ويقول: العسل البلدي البري قليل، ويصعب الحصول عليه في بعض الأوقات لأنه يعتمد على ظروف المناخ .

 

علي محمد اليماحي من منطقة الطويين يعتني بتربية النحل منذ عشرين عاماً ويقول: تربيته تتطلب الخبرة الكافية، خصوصاً النحل الذي يعيش في الصناديق الخشبية، لأنه يجب الكشف عليه في فصل الربيع أسبوعياً، وصيفاً كل عشرة أيام، وذلك قبل شروق الشمس حتى الثامنة صباحاً، وفي فصل الشتاء يكشف عليه كل شهر أو شهرين بين الساعة العاشرة صباحاً حتى الثالثة عصراً .

 

ويضيف: يكشف على النحل لأسباب عدة، أهمها مشاهدة الملكة ونشاطها، وتنسيق بيت التربية وإضافة بعض الاطارات الجديدة للخلية، خصوصاً في أيام الربيع، وتنظيف الخلية من قطع الشمع الزائدة، ومقاومة دودة الشمع، والتأكد من خلو النحل من الأمراض .

 

ويؤكد أن جمع العسل تختص به قبائل معينة من سكان المناطق الجبلية في الدولة، ولطبيعة إقامتهم بين الجبال، أصبح لدى أهالي المنطقة خبرة كبيرة في جمعه، ويتميز جامع العسل المتمكن بأنه يعرف مباشرة فور وصوله إلى أي منطقة جبلية، إمكانية وجود مناحل بها، وذلك بعد أن يتفحص الأشجار والصخور، حيث يرصد مادة يخلفها النحل وهو يجمع الرحيق، وبذلك يعرف الباحث عن العسل بوجود خلية في المنطقة، ويقوم بمراقبة الهواء مباشرة باتجاه الشمس، وإذا لاحظ أن النحل في مستوى منخفض قريب من الأرض، يدرك أن الخلية قريبة جدا فيبحث عنها، بينما إذا كان النحل يطير بمستويات مرتفعة، فيدرك أن الخلية بعيدة نوعا ما، فيبدأ بالاقتراب منها تدريجيا .

 

ويقول غاصب علي عبد الله من دبا الفجيرة: يختلف وقت قطف العسل من منطقة إلى أخرى باختلاف المناخ والطبيعة المصاحبة للمنطقة، إلا أن هناك موعدين لقطف العسل المحلي والعسل البري في منطقة دبا الفجيرة والمنطقة الشرقية، الموعد الأول منتصف شهر يونيو/ حزيران حيث يقطف عسل أزهار الأشجار المثمرة خصوصاً التمور والليمون والمانجو، والموعد الثاني في ديسمبر/ كانون الأول، حيث يقطف عسل أزهار النباتات البرية المتنوعة التي تنتشر في المنطقة والمناطق المجاورة ومعظم الأحيان يقطف عسل النحل في شهر مايو/ أيار .

 

ويشير إلى ان القبائل التي تسكن الجبال تشتهر منذ القدم بأن معظم أفرادها يجيدون فن التعامل مع النحل والمناحل، حيث إنهم ماهرون جداً في التنقل بين الجبال الوعرة، ليحصلوا على أجود أنواع العسل من الجبال . كما يجيد معظم أبناء القبائل من الجيل الجديد استقطاع المناحل الطبيعية بين الأشجار وأعالي الجبال .

قم بزيارة موقع عسل اليماحي 

Related posts