سلطان القاسمي: دحضت افتراءات البريطانيين بشهادة دكتوراه

موقع الطويين : البيان

تحدث صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في لقاء مع تلفزيون الشارقة عن آخر إصداراته الفكرية التي ترتبط بشكل مباشر بالمنطقة وتاريخها.

وشرح سموه الأبعاد السياسية والثقافية والاجتماعية والإنسانية التي دعت إلى أن ترى هذه الإصدارات الجديدة النور، حيث استقبل معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ31 ثلاثة إبداعات حديثة حملت عناوين: “القواسم والعدوان البريطاني (1797 1820)” و”مراسلات سلاطين زنجبار (الإمام سلطان بن أحمد وأبناؤه)” و”حديث الذاكرة في جزئه الثاني” وهي عبارة عن مؤلفات جديدة لسموه ليثري بها المكتبة العربية والساحة الثقافية في إمارة الشارقة خاصة ودولة الإمارات والوطن العربي بشكل عام.

وتطرق صاحب السمو حاكم الشارقة إلى رسالة سموه في الدكتوراه التي دحضت افتراءات البريطانيين لاحتلال البلاد، من خلال عرض معلومات ووثائق يُكشف عنها للمرة الأولى.

وتحدث سموه خلال اللقاء التلفزيوني بدارة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي للدراسات الخليجية عن قيمة الدارة في عملية البحث العلمي وما قدمته من بحوث تاريخية وسياسية خاصة بمنطقة الخليج، عارضاً سموه نماذج من محتوياتها القيمة النادرة التي تساعد الباحثين في توثيق بحوثهم ودعمها واستكمال مشاريعهم الفكرية، ومتطرقاً للحديث عن جزيرة العرب ومراحل تكوينها الجغرافي والمجتمعي، متحدثاً سموه عن الجزيرة من إفريقيا إلى آسيا، وكذلك انحسار مياه البحار من أطراف الجزيرة، وحوض الخليج وانغماره بالمياه، والاستيطان البشري في الجزيرة، بالإضافة إلى وصول الإسلام مررواً بمراحل البويهيين والمغول والسلاجقة والزحف البرتغالي ومختتماً بالحديث عن آخر إصداراته التي ترتبط وبشكل مباشر بالمنطقة.

قصص ووقائع

ويعكف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، كما ذكر في حواره التلفزيون الذي أجراه مع سموه الإعلامي محمد خلف من إذاعة وتلفزيون الشارقة على جمع مجموعة من القصص والوقائع والأحداث التي تعبر عن ممارسات البرتغاليين في المنطقة على أن تصدر تلك القصص في كتاب اختار له سموه عنوان: “عندما ركز الصليب على مدخل الخليج”، وسرد سموه قصة (بيبي فاطمة)، وقصة (ألفانسو يزيل هرمز).

القواسم والعدوان البريطاني

وذكر سموه في كتاب ” القواسم والعدوان البريطاني (1797 1820)” كيف أن الإنجليز والهولنديين ومن قبلهم والفرنسيين قدموا للمنطقة وما الذي دفعهم إلى ذلك وهل كان بينهم شيء من التنافس والصراع؟، مشيراً سموه إلى أن البرتغاليين كسبوا من هذه المنطقة بمختلف الطرق المشروعة وغير المشروعة واغتنت البرتغال مما دعا البقية لعقد العزم على المنافسة للحصول على حصتهم، ومما حال دون قدومهم للمنطقة مباشرة بعد البرتغاليين لوجود سبب جوهري أن البرتغاليين من مكرهم لا يرسمون الخرائط كاملة، حيث إن كل خارطة في جزء حتى ما إذا وقعت في يد غريب لم يستفد منها ولا يعلم الطريق..

لكن هولندا وصلت إلى الهند وأقامت تجارة معها وأخذت كثيراً من البضائع أهمها الحرير.. فكان الحرير ينقل من هولندا إلى بريطانيا بأثمان باهظة، فهناك اتحاد تجار لندن، أخذ يتساءل هذا الاتحاد لماذا نحن نقبع تحت هذا الاستغلال من قبل الهولنديين لماذا لا نذهب نحن ونحضر الحرير من الهند؟

.. فكونوا أول شركة باسم اتحاد تجار لندن… وصلوا إلى الهند وعملوا مراكز لهم في سورات … كالاكتا… وبدءوا بتهريب الشرانق بين ضفائر النساء.. إلى كرمان وزرعوا التوت فأصحبت منطقة الحرير أقرب وهنا بدأت تجارة الحرير من جديد.

وذكر صاحب السمو حاكم الشارقة في كتابه أن هولندا بدأت تتاجر في الهند ولم تأت للخليج وكان الفرنسيون مازالوا في الغياهب… وأتى اللورد روبرت تشيرلي وهو من ينوب عن تجار بريطانيا في اتحادهم وأخبر الشاه عباس برغبتهم في إقامة مراكز بيد أن البرتغاليين استولوا على كل المنطقة، قال أنا أملك منطقة بيدي هي جاشك سأقوم بتأجيرها عليك وسأقدم لك مركزاً آخر أو منطقة أخرى في أصفهان .

وكان السبب نقل الحرير من كرمان إلى بريطانيا، وتم توقيع الاتفاقية عام 1606 ونفذت في 1616 عندما وصلت البواخر البريطانية إلى جاشك وهنا قامت السفن البرتغالية وأغرقتها.. وهذا اعتداء على البريطانيين من البرتغاليين..

فرجع تشيرلي إلى الشاه عباس وقال ما رأيك بأن نطردهم من المنطقة وسوف أجلب لك القوة – التي التحمت في ما بعد مع القوات الفارسية – ونزلوا في جزيرة قشم… وطردوا البرتغاليين وانتقلوا إلى مسقط 1620، وعبر شاه عباس إلى هذا الساحل وعملوا اتفاقيات مع القواسم وبدأوا باحتلال صحار وخورفكان ودبا لكنهم طردوا من قبل البرتغاليين.

البر العربي

وتطرق صاحب السمو حاكم الشارقة إلى الحديث عن البر العربي، حيث يوجد اليعاربة والنبهانيون في الداخل وقد استطاع اليعاربة محاربة البرتغاليين وطردهم من مسقط 1650، وكان القواسم في مناطق الصير ورأس الخيمة وبعد فترة انتقلت الموانىء من بندر عباس إلى بوشهر وخرج.

وأوضح صاحب السمو حاكم الشارقة أنه في المدة ما بين 1710 1720 عمل الفرنسيون لهم محطة في بندر عباس قبل الانتقال وتاجروا وحصلت المشكلة لوجود حرب بينهم وبين بريطانيا أساسا في محيطهم الجغرافي فانقلبت الحرب هنا في المنطقة واحتل البريطانيون قاعدة الفرنسيين… ثم خرج الفرنسيون 1720 والهولنديون 1756 فتفرد البريطانيون بالمنطقة واتسعت تجارتهم وتطورت المسألة إلى أمر غير التجارة.. فاحتلوا الهند …

إلا أن هناك منطقة مازالت تصارعهم تسمى ميسور سلطانها اسمه حيدر علي وهو عنيد أرادوا منه الخضوع وتولى ابنه تب بو سلطان وكان ذكياً أراد منافستهم تجارياً فأقام جمعيات تعاونية وعمل طرقاً، والملكيات الصغيرة تخلص منها، حيث كان يجمع البضائع في غلة واحدة وتوزع الدخول عليهم، وعمل تمويلاً لبناء السفن من قبل الحكومة بفائدة منخفضة، فدبر البريطانيون له أمراً عجيباً قالوا وجدنا رسالة من تب بو سلطان لنابليون بمصر 1797 ونحن يجب أن نتخلص منه..

وكانت الحروب مستمرة وكانت القوات البريطانية تحت قيادة جون مالكوم.. وهو صاحب الفكرة الاستعمارية والقاعدة البريطانية، احتلوا «ميسور» وبدأت سيطرتهم على الهند، وطردوا الهولنديين من شبه الجزيرة الهندية والفرنسيين من جزيرة مورشيوس.

مراسلات سلاطين زنجبار

أما الكتاب الثاني الذي يحمل عنوان “مراسلات سلاطين زنجبار (الإمام سلطان بن أحمد وأبناؤه)”، قال فيه صاحب السمو حاكم الشارقة: نحن ننظر إلى الممارسات التي أتت بعد ممارسات الاحتلال في الخليج وما الذي حصل فيه… حيث حصلت مواقع كثيرة إما داخل الجزيرة العربية أو خارجها.. نلاحظ أنه بعد هذا الاحتلال بادروا إلى احتلال جزيرة على مدخل باب المندب عند البحر الأحمر وما الذي دعاهم إلى ذلك هل وجدوا قرصنة ؟؟

.. بالطبع لا.. فألفوا قصة على السلطان الفضلي وقالوا وعدنا وأخلف واحتلوا عدن وذلك مذكور في كتاب “الاحتلال البريطاني في عدن”.. فهذه صورة من صور الاستعمار، حيث إن هناك صورة أخرى نرى أن البريطانيين أرادوا أن يسيطروا على شرق إفريقيا بأكمله وهذا تابع لعمان وهي لها جناحان عربي وإفريقي.. عملوا جاهدين حتى يسلخوا الجزئين عن بعضهما بعد وفاة سعيد بن سلطان ومع وجود أبناء كثر له تولى ثويني الحكم، وأرضوه بقليل من المال وسيطروا على ماجد..

رسالة الدكتوراه

وقال صاحب السمو حاكم الشارقة: في الخامس من إبريل سنة 1983م، استقبلت وفداً من الباحثين والأساتذة بالجامعات من جمهورية ألمانيا الاتحادية، كان يقوم في تلك الفترة بزيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة بدعوة من وزارة الخارجية.

وقد استعرضت مع الوفد تاريخ الإمارات في الماضي، وكيف كان القواسم يقاومون الهجمات البريطانية، حتى تمكّن البريطانيون من هزيمتهم، وأملوا عليهم الاتفاقيات التي تثبت وجودهم على أرض القواسم؛ ولم يكتفوا بذلك، بل شوّهوا ذلك النضال، ووصفوه بالقرصنة ليبرروا لأنفسهم احتلال البلاد.

وبذلك بقوا محتلين للبلاد لمدة مئة وخمسين سنة، جعلتها بعيدةً عن العالم، مما منع تلك البلدان من الاتصال ببقية شعوب الأرض، ومنع شعوب الأرض من الاتصال بتلك البلدان.

بعد تلك المقابلة، استقبلت وفداً من جامعة “إكستر” ببريطانيا برئاسة مدير الجامعة وبينما كان الحديث يدور حول مركز دراسات الخليج العربي في جامعة “إكستر”، لاحت لي خاطرة، عرضتها على الوفد، وهي: أن يُفعّل ذلك المركز بالحقائق، وليس فقط من الجانب البريطاني، وردّدت ما كنت أقوله للوفد الألماني قبل فترة وجيزة من ذلك اللقاء. قالوا: إذا كانت لديك حقائق تدحض الافتراء البريطاني، فلتتقدم بها.

قلت: أنا على استعداد أن أقوم بذلك، وليكن في صورة أطروحة أتقدم بها إلى الجامعة.

وتقدمت بالأوراق المطلوبة إلى جامعة إكستر، وفي اليوم السابع والعشرين من إبريل سنة 1983م، أتتني الموافقة بقبول الدراسة في جامعة إكستر لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ..

ففي صباح اليوم العاشر من مايو سنة 1985م، تمت مناقشة أطروحة الدكتوراه في التاريخ في جامعة إكستر، وبعد مناقشة استمرت ثلاث ساعات متواصلة، قررت اللجنة منحي درجة الدكتوراه في التاريخ بتقدير امتياز، مع مرتبة الشرف الأولى، من جامعة إكستر البريطانية. كما قررت اللجنة تقديم الشكر لي للجهود التي بذلتها في جمع مادة الرسالة، وفي إعدادها، لما تضيفه من معلومات ووثائق يُكشف عنها لأول مرة.

للذاكرة حديث ثانٍ

 

مسك ختام الحوار، كان مع كتاب “حديث الذاكرة في جزئه الثاني” إذ أوضح صاحب السمو حاكم الشارقة أن هذا الكتاب هو مواصلة لما تم البدء به في كل من سرد الذات وحديث الذاكرة في الجزء الأول.

وأوضح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن هذا الكتاب فيه الكثير من القصص والحكايات والزيارات الرسمية والأحداث الداخلية التي يجب على أبناء هذه الدولة الاطلاع عليها ومعرفتها لما لها من أهمية، حيث يبدأ الكتاب من عام 1979..

وقال سموه: كما تعلمون أن دولة الإمارات العربية المتحدة دولة ناشئة وانتماؤها العربي معروف وانتماؤها الإسلامي معروف كذلك، ولما تكونت هذه الدولة وجدنا أن معظم من كان في خدمتها من الشباب الخريجين من القاهرة وبغداد وعمان والكويت ولذلك التفكير السائد في تلك الفترة قومي الطابع، وكان التفاعل بين الشعب والقيادة تفاعلاً تاماً..

تجدنا كمسؤولين نقف جنباً إلى جنب مع المسيرات التي تؤيد الوحدة نواجههم ونتحدث معهم وكان تواصلنا معهم شفاهي وتلاحظ في الفصل الأول ما أصاب هذه الدولة من هزة تلاقي الناس الذين كانوا يحيطون بالمكان وهم خليط من مختلف مدن ومناطق الدولة وتجمعوا عفوياً دون ترتيب مسبق أحاطوا بالمبنى والباب موصد، فأمر المغفور له الشيخ زايد بفتح الباب وبإدخالهم..

أناس متظاهرون يدخلون عليك المجلس.. هذا نوع من التلاحم بين الحاكم والمحكوم، والقرارات التي اتخذت كانت بحجم كبير لتقوية الاتحاد… خرجت تلك الناس يدفعها الحماس ومحبتها لهذا الكيان.

سموه: كنت أقرأ وأعمل كثيراً حتى أكوّن الفكر الذي سأعالج من خلاله المشاكل

 

قال صاحب السمو حاكم الشارقة: أعطيت العمل في فترة مسؤولية اللجنة المالية اكثر من حقه وكان على حساب صحتي وبيتي وعلى حساب مصلحة الشارقة، فكنت اقرأ كثير وأعمل كثيرا وأجريت الاتصالات حتى اكون الفكر الذي سأعالج من خلاله بعض المشاكل وأخذ مني وقتاً كبيراً.

وقال: انا هنا في سياسة التوافق والتراحم وبعدها اضع الخطط وبدأت الامور.. اكثرها كان يتجه الى الاقتصاد والثقافة..

لذلك أنا بدأت بإنشاء المناطق الصناعية والتخطيط لها وبناء الموانئ والمطار الى تأسيس الدائرة الثقافية كلها كانت في هذه الفترة وبدايات برنامج اكمل 30 سنة من الحصاد.. فكتابي “حصاد السنين” لم يكن عفويا.. وهناك في فرنسا من اقام دراسة للدكتوراه حول الثقافة في الخليج الشارقة نموذجا وكنت قابلت صاحب الرسالة..

وسألني في لقاء معه كيف استمر هذا البرنامج على مدى 30 عاما دون ان تمل او تكل فقلت له نحن اذا وجدنا اي قصور بدأنا بمعالجته… لدينا 1200 فعالية ثقافية طوال السنة وكنا قد بدأنا بستة او سبعة فعاليات.. والفنون ثقافة تهذب من الروح الانسانية.

واليوم معرض الكتاب ومهرجانات المسرح كلها رقي كبير.. فالمسرح جنب الكتب وورش العمل.. واعكف الان على ترجمة مجموعة من الكتب الالمانية حول المسرح او ان الخصها واقدمها للمجتمع والمسرح المحلي وكذلك المجتمع والمسرح العربي.

ونحن في دولة الامارات لا تستطيع ان تحلق دون اجنحة واجنحتنا العالم العربي.. لابد ان يحملونا ولكي يحملونا يجب ان نرتقي بهم ونشاركهم ويشاركونا هنا مشروع ثقافي غير محصور بل يمتد للجميع.. ومشروعنا يرتقي ونتمنى ممن سيأتي بعدناأن يكمل المسيرة.

Related posts