“وادي سهم” قرية الطبيعة الخلابة في إمارة الفجيرة ويتسم سكانها بعمق الروابط الاجتماعية

238419 (1)

موقع الطويين : الخليج – بكر المحاسنة

أينما يذهب الزائر للفجيرة يجد المكان المريح والهواء النقي والهدوء الشديد، وصفاء الجو لما تتمتع به الإمارة من مواقع ذات طبيعة خلابة، ومنها منطقة وادي سهم وتقع على مسافة 15 كيلومتراً جنوب غرب مدينة الفجيرة مروراً بشارع الشيخ خليفة من جهة الجنوب، عبر طريق جبلي معبد متعرج صعوداً وهبوطاً يرسم وادي سهم لزائريه ملامح خلابة، تأسر الناظر بصورة نصف حكايتها من الماضي، والنصف الآخر من الحاضر . وتتميز المنطقة بوقوعها وسط سلسلة من الجبال الشاهقة الارتفاع  المتصلة ببعضها بعضاً وذات الوان مختلفة  تكثر فيها الأودية والانحدارات الرأسية، التي لا تخلو من جمال الطبيعة الخلابة .

تشتهر المنطقة بوجود عدد من يقايا القلاع، والأبراج القديمة المحيطة بالقرية والتي يقدر عمرها بحوالي 200 عام بحسب رأي الأهالي وعدد من بقايا البيوت القديمة . كما تشتهر بوجود عدد كبير من مزارع التمور والفواكه والحمضيات، إضافة إلى محاصيل الخضراوات والحبوب المتنوعة، ويرجع ذلك إلى تميز المنطقة بوجود آبار المياه العذبة بشكل كبير، إضافة إلى طقسها الجاف والمعتدل طوال أيام السنة بسبب ارتفاعها عن سطح البحر، وتتميز المنطقة بانخفاض درجات الحرارة صيفاً، وبالبرودة في الشتاء، ما جعلها واحة خضراء، جذابة، فضلاً عن وقوعها على مجرى وادٍ كبير يسمى وادي سهم، وهو أحد الوديان الكثيرة التي تمر من أراضيها أهمها أودية وادي حام، ووادي الفرفار، وبعض الأودية الصغيرة الأخرى وكلها تتجمع فيها مياه الأمطار سنوياً بشكل كبير ويستخدمها الأهالي في ري المزروعات .

كما وتتميز المنطقة بتوافر العسل الجبلي البري الذي يجمعه الأهالي من الجبال والأشجار البرية يسكن هذه المنطقة قبيلة واحدة وهي اليليلي، في مساكن شعبية حديثة بنيت بعد قيام الاتحاد، ويحتفظ الأهالي بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة المتوارثة عن الأجداد  والآباء، واهتم أهالي وادي سهم  منذ القدم بتربية المواشي والأغنام والجمال، إضافة إلى الزراعة .

علي عبد الله خميس (85 عاماً) حدثنا عن الحياة في الماضي على أرض وادي سهم، فقال: حياتنا في الماضي كانت صعبة حتى قيام الاتحاد، فبعده بسنة واحدة بنيت المساكن الشعبية الحديثة، القادرة على حمايتنا من الظروف الجوية المتقلبة التي كانت تصيب الأهالي بالخوف نظراً لطبيعة المكان الواقع في أسفل سفوح الجبال العالية، ولطبيعة البيوت القديمة المبنية من الطين والحجارة وسعف وجريد النخيل .

وأضاف: كنا نعتمد في حياتنا في الماضي بشكل أساس على الزراعة، وجمع العسل البري، وتجارة المحاصيل الزراعية لتوفير احتياجاتنا اليومية، وذلك عبر بيعها أو مقايضتها مع التجار الإيرانيين، الذين كانوا يأتون بجمالهم وخيولهم إلى منطقة الفرفار المجاوره لقرية وادي سهم، كل موسم محملة باحتياجات الأسر، من دقيق وأرز وملح وزيت وقهوة وبعض الأقمشة وملابس النساء .

ويشير إلى أن حياة الماضي، برغم ظروفها القاسية، إلا أنها كانت أفضل من الحياة الآن نظراً لوجود التقارب والتراحم بين جميع الأهالي من كافة المناطق قبل الانشغال بالوظائف وتشعب الاهتمامات .

وحول طبيعة السكن يقول: البيت في الماضي كان نوعين الأول يسمى العريش، وهو مصنوع من سعف النخيل وأغصان أشجار السدر والسمر، وكان هذا البيت يحتضن كل أفراد العائلة التي تبنيه في المزرعة، أو أعلى الجبال في فصل الصيف أي ما يسمى “المقيض” أما النوع الثاني من البيوت فهو بيت الطين هو مبني من الطين والحجارة، وجريد وسعف النخيل، وبعض هذه البيوت يكون لها حفرة كبيرة في الداخل، على مساحة الغرفة، ويسكن فيها الأهالي في موسم الشتاء، أي ما يسمى “المشتى” وكانت هذه البيوت تقع في أسفل سفوح الجبال .

أما عبد الله علي اليليلي “53 عاماً” فيقول: اشتهرت القرية منذ القدم  بكرم وطيبة سكانها، وبقوة التقارب والتراحم مع جميع أهالي المناطق المجاورة، وذلك لقوة العادات والتقاليد العربية الأصيلة القائمة بين جميع سكانها، في الماضي والحاضر، وعرف عن أهالي منطقة وادي سهم منذ القدم قوة العلاقات والروابط الاجتماعية القائمة على مبدأ المساعدة، والتراحم، والمحبة، والتعاون، وعاشوا جميعاً حياة بسيطة في مساكن متواضعة قائمة على البركة، والقيم العربية الأصيلة، والأهالي كانوا يدركون أهمية العمل والسعي طلباً لكسب لقمة العيش الكريم، وذلك بالقيام بجميع الأعمال المتاحة في ذلك الزمن، سواء أعمال الزراعة، أو جمع الحطب من الجبال العالية للمنطقة والمناطق المجاورة أو تربية المواشي، ولايزال هناك العديد من أهالي المنطقة مستمرين في حياتهم على هذه الأعمال والمهن .

وأشار إلى أن المنطقة تشتهر بوجود عدد من يقايا القلاع والأبراج القديمة المحيطة بالقرية والمبنية من الحجارة الصخرية والطين المطعم بالحصى التي استخدمها أهل القرية في الماضي للحراسة وللدفاع عن المنطقة من الأعداء ولمراقبة مزارعها ويقدر عمرها بنحو200 عام كما أن هناك عدداً من بقايا البيوت القديمة  التي سكنها الآباء والأجداد في الماضي قبل قيام الاتحاد .

وتشتهر بوجود عدد كبير من المزارع القديمة التي يعود عمرها إلى مئات السنين، مزروعة بأشجار النخيل والتبغ وبعض الخضروات والفواكه، كما وعرفت المنطقة في القدم بوادي سهم العميق الذي يشكل حال امتلائه نهراً عميقاً نسبياً، وتتوافر المياه به ولعبت الأمطار السنوية دوراً كبيراً في ذلك وبالتالي في خضرة المنطقة وخصوبتها .

خميس بن علي خميس اليليلي: حدثنا عن سبب تسمية وادي سهم بهذا الاسم يقول سميت القرية بهذا الأسم لأنه يمر من وسطها وادي سهم الكبير، وسمي بهذا الأسم كما كان يقول الآباء والأجداد لأن الماء كان يمر بالوادي بسرعة كالسهم ولا يتعرج إلا في أماكن قليلة داخل الوادي .

وقال: إن قرية وادي سهم منطقة تشتهر بوجود بعض الينابيع وآبار المياه القديمة، والتي هي السبب في انتشار مزارع النخيل والخضروات، في المنطقة بشكل كبير، كما أن القرية  “وادي سهم”  رغم أوضاعها الصعبة إلا أنها تتميز بأرضها الطيبة وبالهدوء والسكون الذي يغطي أرجاءها وأيضاً أن سكانها من قبيلة واحدة، وهي اليليلي التي تعد من القبائل ذات الجذور العربية الأصيلة وهم يعشون في القرية متحابين ومتعاونين ويقدمون المساعدة لبعضهم بعضاً وأيضاً لغيرهم .

وأشار اليليلي إلى أن: أوضاع المعيشة تغيرت في منطقة وادي سهم بعد قيام الاتحاد بسنة واحدة، وانتقل الأهالي من بيوت الطين والحجارة، إلى بيوت شعبية حديثة مجهزة بكل الخدمات، كما تعبدت الطرق الداخلية والخارجية للمنطقة، ووصلت المياه والكهرباء إلى كل بيت في القرية، كما أن الحياة في منطقة وادي سهم صارت أسهل بعد، 1976 فحينها انتقلنا إلى حياة جديدة وسهلة، وأكثر طمأنينة وسكنا في بيوت شعبية بناها لنا المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في عهد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمهما الله .

ويؤكد اليليلي: أن الخدمات التي توفرها الدولة جعلت ما كان يسمى المناطق النائية مدناً حديثة تنعم بكل الخدمات والاحتياجات التي توفر حياة سعيدة للمواطن الإماراتي .

حسن سالم اليليلي يقول: إن الحياة قديماً في منطقة وادي سهم كانت ومازالت قائمة على المحبة والتعاون بين جميع أهالي القرية إلا أن قوة الصلات والراوبط الاجتماعية في الماضي أقوى من الوقت الحاضر وذلك لعدة أسباب وهي انشغال الأهالي بالوظائف وتتطور الحياة بشكل كبير من مختلف جوانبها .

وأضاف: أن ما يميز أهالي قرية وادي سهم برغم من قلة عددهم بأن قلوبهم طيبة على بعض وكل واحد منهم يبحث عن رزقة بطرق الحلال بعيداً عن الحرام كما يتميز أهالي القرية بصفة التسامح .

وأشار: إلى أن مدخل القرية يتميز بوجود مئذنة مسجد قديم وأشجار النخيل التي تعانق شموخ الجبال العالية، والمساكن البسيطة المتواضعة، كما أنَّ الطبيعة الخلابة في هذه المنطقة، وما تحتويه من تضاريس متعددة جعلت أهالي وادي سهم يعيشون حياة مليئة براحة البال والاستقرار النفسي بعيداً عن مصادر التلوث والإزعاج .

سالم علي عبد الله يقول: بيوت أهالي وادي سهم  بنيت في منطقة جبلية تمتاز بمناخ معتدل صيفياً وبارد شتاءً ويعود ذلك إلى طبيعة المنطقة الجبلية العالية التي تتميز بسحر طبيعتها .

 وأضاف: يعتمد سكان القرية في تدبير معيشتهم على الزراعة والحرف اليدوية والمنتوجات التقليدية التي تعتمد على حليب الأغنام والأبقار،كالجبن والسمن، ولاتزال النساء تصنع المشغولات اليدوية مثل المهقة والحصير والمغطى والخصف وغيرها من مستخدمات سعف وجريد النخيل .

ويؤكد أن الكثير من مزارع القرية لا تزال محتفظة بتضاريسها . وخصوبة أرضها على الرغم من قلة مياة الأمطار وملوحة المياه .  ويشير إلى أن المشكلة الوحيدة التي تواجه أبناء القرية في مواسم هطول الأمطار هي أن الوادي يمتلئ بالماء في موسم الأمطار فينقطع الطريق عن القرية، ولا يستطيع أحد من أبنائها الدخول أو الخروج منها .

محمد عبد الله خميس  اليليلي أبو راشد 60 عاماً يقول: إن قرية وادي سهم تتميز بطبيعتها الجبلية القاسية والصعبة صيفاً وشتاء إلا أن هذا لا يمنع العيش فيها حيث تحيط بالقرية مجموعة من الجبال الضخمة المعروفة لدى الأهالي أهمها جبل الفرع من الجنوب و جبل شعبة المسيطيح من الغرب ومن الشرق جبل  شعبة سرور وجبل شعبة الشعاب من الشمال   وتعلوه بقايا حصن قديم كان يستخدمه الأهالي للدفاع عن القرية ولمراقبة من يدخل ويخرج منها .

وأضاف: عاش الأهالي في الماضي ظروفاً حياتية صعبة قبل دولة الاتحاد وفور قيامها تغيرت الحياة وزادت نسبة السعادة على أرضها والقرى المجاورة، لما حققه لنا ذلك من بناء مساكن شعبية على الطراز الحديثة وتوفير خدمات المياه والكهرباء الاتصالات والموصلات وخدمات الصحة والتعليم حيث كان في الماضي يقوم على المطوع ويتم تلقي القرآن الكريم وبعض الأحاديث النبوية داخل  بيت العريش، وهو في القرية عبارة عن بناء من سعف النخيل وأغصان الأشجار أما في الوقت الحاضر انتشرت المدارس في القرى المجاورة وتطورت أساليب التعليم من مختلف الجوانب وأصبح ينعم  أبناء وبنات القرية بمظلة التعليم الذي تنعم به البلاد في أعلى مستوى .

كما انتشرت المراكز الصحية والمستشفيات الصحية المتطورة والمجهزة بكافة الخدمات اللازمة بدل الاعتماد على التدواي  بالأعشاب الطبيعية الطبية التي كانت تكثر في مواسم هطول الأمطار مثل الحرمل والحلوم والزعتر البري وعشبة الشربش وورق أشجار السدر والسمر .

ويؤكد اليليلي: أن جميع أهالي منطقة وادي سهم والمناطق المجاوره  يعيشون أوضاعاً معيشية ممتازة وحياة سعيدة ويعود هذا الفضل الى الاهتمام الكبير الذي تولية القيادة الرشيدة بالدولة لجميع السكان، حيث إن الأحوال تغيرت في كافة جوانب الحياة وبشكل كبير عما كانت عليه في الماضي .

يوسف سالم خميس يقول: تتميز قرية وادي سهم بالتنوع الحيوي الكبير من حيوانات ونباتات مثل السدر والأشخر وكانت في الماضي معروفة بانتشار الكثير من الحيوانات البرية مثل الغزلان والذئاب والأرانب  والطيور البرية .

كما ان الأهالي يهتمون بالزراعة بشكل كبير في المنطقة نظراً لخصوبة أرضها وجودة مناخها وكانوا ومايزالون يزرعون العديد من النباتات والأشجار .

وتتميز المنطقة بانتشار أشجار السمر والسدر إلى جانب أعشاب الحرمل والخناصير والفقة والرمث، وهي نباتات طعمها مائل للمرارة، ولكن الناس يقبلون عليها في موسمها في الشتاء لفائدتها في الوقاية من مرض السكري والعديد من الأمراض الأخرى .

وأضاف : أن سكان منطقة وادي سهم  أبناء قبيلة واحدة ويعيشون كأسرة تربطهم علاقات القربى والنسب والانتماء للأرض كما يتميزون بالأصالة والشجاعة والهدوء وصفاء النفوس ويحبون من يزورهم حتى أنهم يفضلونه على نفوسهم أحياناً بحسب العادات والتقاليد المتوارثة .

Related posts