الإماراتية أم الاكتفاء الذاتي وحسن الإدارة ومنبع الابتكار

1929695216

موقع الطويين : البيان – ابتسام الشاعر

منذ القدم حرصت المرأة الإماراتية على إنتاج وابتكار كل احتياجات الأسرة من طعام أو شراب أو لباس، وتمكنت بحسن إدارتها من ممارسة الكثير من النشاطات المنزلية، وصناعة العديد من المشغولات اليدوية، التي هي اليوم تقاوم الاندثار، لاسيما مع وجود ما ينافسها من المنتجات المصنعة آلياً. وانطلاقاً من اهتمام الدولة بالتراث – وعلى نحو خاص ما يتصل منه بشؤون المرأة ــ فقد خصصت هيئة الفجيرة للسياحة والآثار احتفالها باليوم العالمي للتراث في الشهر الماضي إلى مناسبة تحتفي بتاريخ المرأة الإماراتية ودورها الاجتماعي، وما قامت به من مهن وحرف في الماضي، لتقدم بذلك للأجيال الحاضرة صورة حية وواضحة عن تاريخ الأمهات والجدات، ودور المرأة في بناء الوطن.

فمن ينظر لقرية التراث في الفجيرة يعيش لحظات من الماضي بكل ملامحه وتفصيلاته وأساليب حياة الأمس من منازل حميمة، وأدوات بسيطة مادتها الخام سعف النخيل وسيقانه.

حرف ومهن

يسترجع كثيرون أثناء تجوالهم بين أركان القرية وفعالياتها، ذكريات الطفولة التي قضوها بين البر والبحر، ويتعرف بها البعض الآخر على تراث آبائه وأجداده، وطريقة حياتهم السابقة التي كانت “عضلات” الإنسان وخبراته الحرفية أدواته الأساسية لتأمين مصادر رزق واكتفاء. فعلى الرغم من الشقاء الذي كابده آباؤنا وأجدادنا وأمهاتنا؛ إلا أن حياتهم كانت جميلة ويشتاق لها كل من يتذكرها أو يتعرف على تفاصيلها، وهذا ما تؤكده مشاركات في القرية.

فقد اقتربنا من أم سعيد وكانت تعد خبز الخمير، قالت إنها مازالت تشتاق لحياة الماضي، حيث لم تتخل حتى اليوم عن ممارسة العديد من المهن التي كانت تبدع فيها، ومنها البحث عن العسل الطبيعي في مواسمه، وإعداد الأطباق الشعبية، وممارسة الطبابة التي اشتهرت بها، وتقول: بأن الله قد مَنّ عليها بمهنة الطب الشعبي، التي لا تزال تمارسها في مجال النساء، وتؤكد بأنها ساعدت العديد من النساء في الإنجاب، حيث برعت في التعامل مع حالات تأخر الحمل، وتشير أم سعيد بأنها تمتلك مهارة جيدة في التعرف على أسباب تأخر الحمل، وتمارس “المساح” وهو تدليك بطريقة معينة مناطق محددة في جسم المرأة لكي تساعدها على الإنجاب. كما ولها خبرة عريضة في الكي، ويعرف محلياً “بالوسم” وهو أحد علاجات الطب الشعبي. وبالرغم من تقدم الطب إلا أنها مازالت تساعد النساء الراغبات في ذلك، كما تعكف على تعليم بناتها وأبنائها ما اكتسبته من الحياة.

جارتان وحرفتان

أما شيخة راشد أحمد وجارتها خصيبة سعيد اليماحي فهما يمارسان حرفهما اليدوية.. الخياطة والسفافة منذ أكثر من 25 سنة، تقول خصيبة: منذ صغري أحببت الخياطة وبرعت في خياطة ملابس الأطفال والنساء والرجال يدوياً، وكنت في السابق أعد” زهبة” العروس أو جهازها من الملابس والمستلزمات الخاصة بالمناسبة، واستمتع بقضاء وقت فراغي في الخياطة حيث أصبحت ماهرة في ذلك، وبدأت ببيع الملابس، بل كنت أخيط ملابس العرائس وكانت تعرف بالثوب، وغالباً كنت أصبغها بالحَل والورد، وهو تقليد محلي كان يستخدم في تطييب ملابس المعرس والعروس وتضيف: أيضاً تعلمت خياطة “البرقع” الإماراتي، والذي لا يخرج عن نوعين أساسيين هما برقع النيل وبرقع شمس العصر، وما زلت حتى اليوم أخيط براقع النساء اللواتي يرتدينه حتى اليوم، وأستطيع انجاز 10 براقع في اليوم.

 

الحياكة.. دقة ومهارة

قالت موزة راشد التي مارست الحياكة مذ كانت في الخامسة من عمرها، إن النساء في الماضي كن يشتغلن على حياكة التلي، استثمارا لوقت الفراغ لحين عودة الرجال من رحلات الغوص والتجارة التي تستغرق مدة زمنية مقاربة للمدة التي تقضيها النساء في عمل التلي”، مشيرة أن أدوات عمل التلي ليست كثيرة، لكن العملية شبه معقدة، تعتمد على تجهيز الكاجوجة والدحاري أو البكرات التي تلف عليها الخيوط المستخدمة في التلي، حيث يتم صفها حسب نوع (البادلة) أو التلي المراد صنعه، إضافة إلى إبر لتثبيت شريط الزري. وتدخل في حياكة التلي عمليات حسابية معقدة لا يتقنها إلا محترف الصناعة وذو خبرة متراكمة، حيث تنتج أنواعاً عديدة تدخل جميعها في زينة ملابس النساء.

Related posts