ميدق في إمارة الفجيرة لوحة تاريخية تزينها الطبيعة وقلعتها الأثرية أشهر معالمها

251299 (1)

موقع الطويين : الخليج

ميدق إحدى المناطق الجميلة التي تقع على بعد 33 كيلومتراً غرب مدينة الفجيرة في أحضان أعلى جبال الإمارات . وتشتهر المنطقة بوجود بقايا قلعة ميدق التي يعود بناؤها إلى عام 1450 ميلادية، وهي مبنية من الحجارة والطين وصاروج النخيل . وفي المنطقة أيضاً عدد من القلاع الصغيرة المتناثرة على مداخل المنطقة منها قلعتا السيبة والبومة وتتميز المنطقة أيضاً بوجود مسجد أثري قديم مبني من الحصى وسعف النخيل .

كغيرهم من المناطق المجاورة، اشتهر سكان ميدق منذ القدم بممارسة أعمال الزراعة بأنواعها وجمع العسل من كهوف الجبال والحطب باعتبارهما من المصادر الأساسية لتوفير لقمة العيش الكريم .

وتتميز ميدق بزراعة أشجار النخيل بأنواعها و”الهامبا”، أي المانجو، إضافة إلى أشجار الليمون والبرتقال والياس والسفرجل والذرة وغيرها . ويرجع ذلك لكثرة ينابيع المياه والأودية والآبار التي تكثر فيها المياه الجوفية وتسقي المزارع على مدار العام .

وفي ميدق العديد من الأودية التي تمر بأراضيها وأشهرها أودية العيص وسميسيم وميدق الكبير وغيرها من الشعاب المائية الصغيرة .

ميدق يحدها من الجهة الشرقية منطقة مربض، ومن الغرب منطقة الحنية، ومن الشمال جبال قبا، ومن الجنوب وادي السيجي وسوق الجمعة . ويقول علي سالم علي الدهماني، أمير ميدق، عن ماضيها: معيشتنا في الماضي كانت بسيطة واعتمدنا فيها على جمع العسل من الكهوف الجبلية وزراعة أشجار النخيل والمانجو وحبوب البر والذرة والشعير والدخن، واعتمد بعض أهالي المنطقة على تربية الأغنام والأبقار وجمع الحطب وصنع “السخام” منه، أي الفحم، إضافة إلى التجارة البسيطة لمحاصيل التمور والأشياء الأخرى مثل الخضراوات والفواكه ومنتجات المواشي والأبقار .

ويشير الدهماني إلى أن منازل أهالي ميدق قديماً كانت لا تتعدى 10 منازل تضم أهاليها الذين لا يتجاوزون 25 فرداً .

وعن تسمية ميدق بهذا الاسم يقول الدهماني: إنها سميت بذلك نسبة إلى واد ضخم تجري فيه المياه باستمرار وكانت أصوات خريره تملأ المنطقة وتنعشها وكان يعد في السابق المصدر الرئيس لدى مزارع القرية . وأوضح أنه على طول سفوح الجبال في المنطقة العشرات من المزارع المفصولة بعوازل حجرية .

عبيد محمد الدهماني “73 عاماً” يقول: تمتاز أشجار النخيل في ميدق بإنتاجها لأفضل أنواع التمور والرطب خاصة (النغال) الذي يصنع منه الحسيل، وهو التمر المجفف الذي يخزن ويستفاد منه في قت الشتاء . وتتباين أنواع أشجار النخيل بين النغال واللولو والخنيزي والأشهل والخلاص ويصل عددها إلى 700 نخلة تتوزع في مزارع القرية .

وأضاف أن قلعة ميدق تعد من أهم القلاع ويعود بناؤها تقريباً لعام 1450 ميلادية وأنشئت للمراقبة وللدفاع عن منطقتي ميدق ومربض، وهي وقلعة مسافي من أعلى القلاع في الإمارات نظراً لارتفاع المنطقة عن سطح البحر .

وأشار الدهماني إلى أنه لأهالي ميدق معيشة خاصة تقوم على التعاون بين الجميع . وهو ما يتوارثه الأبناء .

ويقول علي محمد القايدي “35 عاماً”: إن ميدق تعد منطقة تاريخية وأثرية وذات طبيعة خلابة، إذ تتميز بوجود قلعة ميدق الأثرية ومجموعة من القلاع الصغيرة المتناثرة على مداخل القرية ومنها قلعتان إحداهما تسمى البومة والثانية السيبة، وتتميز أيضاً بوجود مسجد أثري قديم مبني من الحصى المطعم بسعف النخيل والحجارة، إضافة إلى بقايا البيوت القديمة التي عاش فيها الأهالي لمئات السنين، وهم من قبائل الدهامنة والقرينات والزحوم والقايدية ولكنهم رحلوا عنها عند قيام الاتحاد ليسكنوا مناطق عمرانية حديثة مجاورة لها .

ويؤكد القايدي أن آثار منطقة ميدق تحكي لزوارها عن طبيعة الحياة في الماضي، وأنه رغم التطور في المنطقة لم تنقطع صِلات الأهالي بتلك الآثار والبيوت القديمة التي ورثوها عن أجدادهم .

محمد سالم الدهماني “65 عاماً” يقول: عشنا في الماضي ظروفاً معيشية قاسية إلى أن انتقلنا عام 1976 إلى مساكن شعبية حديثة شيدتها الدولة وفي تلك الفترة تغيرت الحياة على أرض ميدق وتوفرت كل الخدمات التي جعلت الحياة أكثر راحة وسعادة . وأضاف: أوضاعنا قديماً كانت في منتهى الصعوبة، لاسيما أن اقتصادنا ارتكز على التجارة البسيطة وتربية الحيوانات بأنواعها وجمع العسل من الجبال وبيعه بأسعار زهيدة تكفي لتلبية احتياجات الأسر، لذا كان لابد من البحث عن مصدر دخل إضافي يساعد الأهالي على مواجهة الظروف القاسية، لذلك سافر معظم شباب القرية في ذلك الوقت إلى الكويت والبحرين والسعودية حتى تبدلت الأحوال بعد قيام الاتحاد .

ويوضح علي أحمد علي الدهماني “55 عاماً” أن المنطقة تميزت قديماً بوفرة الأعشاب الطبيعية التي كانت تتكاثر خلال موسمي الربيع والأمطار، ومنها الحرمل والحلول والجعدة والشريش والكرمل، وأن أهالي المنطقة وما جاورها كانوا يستخدمون هذه الأعشاب للتداوي .

عادات وتقاليد

حسب عبدالله أحمد علي “45 عاماً”، فإن أهالي ميدق متمسكون بالعادات والتقاليد التي توثق الروابط بينهم، ويقول: في رمضان يقوم كل منزل من منازل القرية بإحضار فطور ويتجمع الأهالي عند مسجد المنطقة القديمة .

ويشير إلى أن سكان ميدق ومربض يفضلون الجلوس أمام منازلهم في رمضان والأعياد والمناسبات حيث يقوم رب الأسرة بتحضير الهبش “مأكولات شعبية متعددة والقهوة والتمر” ويجلس أمام منزله ليسمح للمار والزائر بمشاركته . ويؤكد علي أنه برغم تعدد القبائل بمنطقة ميدق، فإن أبناءها مترابطون ومتعاونون في كل ظروف الحياة، مشيراً إلى أنهم، مثلاً، لايزالون يدفعون “العينية”، وهي مبلغ من المال لمساعدة الشخص المقبل على الزواج .

محمد القايدي “63 عاماً” يقول: ارتبط أهالي ميدق بعلاقات وطيدة منذ القدم رسخها الآباء والأجداد مع أهالي المناطق المجاورة مثل مربض ومسافي والحنية والسيجي، لاسيما خلال الرحلات التجارية إلى الفجيرة والشارقة ودبي .

يؤكد سالم أحمد علي الدهماني أن ميدق منطقة ذات جمال وطبيعة خلابة، فضلاً عن أنها تاريخية تضم العديد من القلاع والحصون .

حمدان بن علي القايدي أشار إلى ملامح التطور في منطقة ميدق فيقول: بعد قيام الاتحاد بسنة بنيت المساكن الحديثة وتجمع الناس بعدما كانوا متفرقين بين الجبال والأودية، وعبدت الطرق الداخلية والخارجية التي تربط ميدق بالمناطق المجاورة .

راشد علي القايدي “29 عاماً” يقول: إن مياه الأمطار في حال سقوطها على المنطقة تجعل من جبال ميدق ربيعاً فتبهر الناظر وتريح النفس . والزائر للمنطقة يشعر بالحيوية وراحة النفس وصفاء الجو، وفيها عين مياه ساخنة مالحة يقصدها الأهالي للعلاج من الرماتيزم .

خميس عبيد الدهماني يقول: شهدت ميدق والمناطق المجاورة لها تحولات كبيرة بعد الاتحاد في كل المجالات، مشيراً إلى الاهتمام المتنامي بالشباب من جميع الجوانب .

Related posts