يعلّم أفراد أسرته الـ36 عشقَ الوطن ويصرّ على العمل رغم العمر و«المعاش»..مواطن ثمانيني يجمع العسل ويبيعه في سوق الفجيرة

95a-na-116898

موقع الطويين : الاتحاد – السيد حسن

دأب المواطن علي أحمد عبد الله الحاج الحفيتي (82 عاماً) على الجلوس أمام سوق الخضراوات والفواكه بالفجيرة يومياً، مفترشاً بضاعته البسيطة.

تتكوّن بضاعة الحفيتي من السّمن وعسل الجبل وبعض من الخضراوات التي يجنيها يومياً من مزرعته التي أصابها الوهن لتحاكي عمراً سقطت منه أغصان الشّباب الذي تسرّب من بين يديه رويداً رويداً.

ورغم الهِرم، إلا أنّ روح العمل والبحث عن الرزق على الطريقة القديمة لا زال يحيا في نفسه، ويمنحه القوّة لمواصلة الحياة.

يعيش الحفيتي في منطقة سكمكم إحدى ضواحي الفجيرة ويضرب المثل في حبّ المواطن للعمل وإصراره وإخلاصه له من أجل الكسب الحلال الذي يحرص على توفيره لأفراد أسرته.

 ويقول: أستيقظ يومياً قبل أذان الفجر، لأصلّي جماعة في المسجد بمنطقتي سكمكم، ثم أحمل بعض المواد الغذائية التي أبيعها، ومنها عسل النّحل الجبلي، الذي أجمعه بنفسي تارة ويجمعه أولادي تارة أخرى من الجبال المجاورة، كما أربّي بعض الماشية من الأغنام والأبقار للحصول منها على الحليب ثم أبيع الأغنام”.

ويقرّر: “كما إنني أبيع العسل العادي الذي يتم تصنيعه في المحال، ثم أحضر بعض المحاصيل الزراعية البسيطة التي لا زالت تنتجها مزرعتي المتواضعة التي ماتت معظم أشجارها”.

ويضيف: “وهناك، تحت الشجرة الرئيسية أمام سوق الخضراوات والفواكه، أجلس من الساعة السابعة بروح هادئة ونفس مطمئنة لا تقلق على الرزق جاء أو ذهب، كثُر أم قلّ، المهم أن أشعر بأنّي أعمل وأنتج ولو بدراهم معدودات فسوف أكون سعيداً بها”.

ويتابع: “عمري فوق الثمانين، وأشعر أنني لو جلست في البيت فسأموت كمداً وهمّاً، لأنني تعوّدت منذ سنوات الصّبا والشباب على العمل والكفاح والاجتهاد في الحياة”.

ويعتبر الحفيتي أنّ المواطنين لم يقدّموا للدولة سوى الشيء البسيط، “رغم أنها لم تقصّر في حقوقنا على الإطلاق، ومنحتنا كل شيء، وكرم المولى علينا كبير، وخير شيوخنا الكرام وفير”. ويجزم بأنّه لا يريد شيئاً، فهو يحصل على معاش تقاعدي من وزارة التربية والتعليم يبلغ 10 آلاف درهم، يؤكّد أنها تكفيه والحمد لله، “فقد كنت أعمل مستخدماً لسنوات طويلة في إحدى المدارس بالفجيرة”.

وعن المجتمع، يقول: “قد يظنّ البعض عندما يراني جالساً أبيع تلك المواد، أنّ هذا ليس مناسباً للمواطنين، وأنا هنا أخالفه تماماً، لأن المواطن الحقيقي هو الذي لا ينظر إلى العمل مهما كانت درجته نظرة تدنّي وازدراء، ما دام هذا العمل شريفاً ورزقه حلال”.

ويؤكد: “كان بإمكاني أن أجلس في البيت، من دون عمل، وأنا على المعاش، لكنّي لن أكون مفيداً لمجتمعي، ولو بأبسط الأشياء، فمن ذلك وذاك تتكوّن الأشياء العظيمة، وعملي هذا رمز للشباب الجديد الذي ينظر إلى الحياة بنظرة مختلفة تماماً عن نظرتنا نحن أبناء الأجيال القديمة”.

ويدعو الحفيتي الشباب إلى العمل وعدم الاتكال، وأن يكونوا مفيدين لهذا الوطن، ويعطوه أفئدتهم كما يعطيهم الاستقرار والأمن والراحة والرفاهية والرزق الحلال والرعاية الكريمة للأسر والأبناء.

وفي هذا الإطار، يقول الحفيتي: “أنا أب لأسرة كبيرة من الأبناء يبلغ عددهم 13 ولداً وبنتاً، أكبرهم راشد، وأصغرهم سيف الذي لديه هو الآخر 3 أبناء، حيث يتجاوز العدد الإجمالي لأسرتي نحو 36 فرداً جميعهم يعشقون تراب هذا الوطن ويقدرون قيادته الحكيمة، غرست فيهم كلّهم حبّ العمل والاجتهاد”.

وعن القيمة المادّية التي يجنيها من عمله، يقول: “أقصى ما يمكن أن أكسبه في اليوم 100 درهم، وقد أعود إلى البيت ومعي 10 دراهم، أو حافظة نقودي خالية الوفاض”. ويعلّق: “ليس مهماً فهذا ليس هدفاً، يكفيني أنني أعمل، ومصرّ على أن أقدّم شيئاً مفيداً لمجتمعي”.

Related posts