أحمد الشحي.. جبلي يعشق البحر والصداقات ويستقبل الموظفين والمراجعين في محكمة الفجيرة بابتسامة دائمة

2051360828

موقع الطويين : البيان

شخصية قلما تقابلها في الحياة لفرادتها، جمعت كثيراً من الصفات الإنسانية، أبرزها ابتسامة مرسومة دائماً على المحيا. يمتاز بقصر القامة وبوقار الشيب الأبيض الذي يكسو وجهه. دائماً هو في الظل، لكنه من الوجوه التي يقع الضوء عليها ببساطة وحب، حين يهب لتقديم المساعدة على الفور بطيب خاطر وبقلب مفتوح على العطاء للغير. وبعيون طفل فضولية وعزيمة متناهية، تجده في كل زاوية من موقع عمله في محكمة دبا الفجيرة الابتدائية الاتحادية. هو ليس نجماً إعلامياً مشهوراً، لكن لا يوجد من لا يعرفه بمنطقته.

مسار جبلي

إنه المواطن أحمد الشحي الذي بدأ حديثه لـ”البيان” قائلًا: ولدت قبل 42 عاماً في منطقة دبا البيعة، كنت سليماً، لا أعاني من أي مشاكل حركية أو ما شابه، لكن ما تسبب بشكل رئيسي في انحناء ظهري، هو قيامي بحمل غرض ثقيل جداً ولمسافة طويلة في مسار جبلي من دون علم والدي آنذاك، وبقيت أتألم أياماً كثيرة، وظللت صامداً ضد الألم، إلا أن آثار كل ذلك ظهرت علي في شكل تقوس جسدي الحالي، ما شكل توجساً لدى الآخرين، وتراكماً لأفكار استطعت أن أتخطاها بابتسامة وروح بشوشة، وذلك لإدراكي بأنني لست أقل من الآخرين كفاءة واجتهاداً، فنشأتي الصحيحة على التكيف والتعايش مع الواقع، لعبت دوراً مهماً في تجاوزي لكافة المعوقات أو الصعاب واجهت وتواجه أفراد هذه الفئة.

التحاق بالبحر

وأضاف: دور الأهل أساسي، إلا أنني قررت متابعة حياتي بشكل طبيعي، وعملت منذ غادرت مقاعد الدراسة في الصف الخامس بمهنة الصيد، حيث التحقت بالبحر في العام 1976، وكان الهدف الاستقلالية، وأن أنفق على أسرتي وعلى نفسي لكوني ولدت في منطقة جبلية تعتمد في حياتها ومأكلها على “القمح والعسل والجبن والحليب”. كانت الحياة صعبة، غير أنني اجتهدت في الصيد، وكنت أعيل أسرتي بما أحصل عليه يوميا من دخل الصيد.

بعد انتقالنا للسكن والعيش في مدينة دبا الفجيرة التحقت بوظيفتي الحالية بالمحكمة، وذلك في عام 1990 ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن وأنا هنا.

حصيلة معارف

منذ الـ 23 عاماً التي قضيتها بالمحكمة، تدرجت في المهام بدءاً من حارس أمن داخلي، إلى موظف مساند داخلها، وهي تجربة تركت لدي أثرا كبيرا، وشكلت لي ذكريات وخلقت لي معارف من مسؤولين وموظفين وحتى من المراجعين. عملت مع مجموعة متميزة، سواء كانوا مواطنين أو وافدين، وكنا أكثر من إخوة، بالتالي اكتسبت صداقات كثيرة وجميلة، فهذا كله منحني إياه عملي في مجال المحاكم، والتعامل مع محامين ومدعين لمختلف القضايا التي ترد إلينا، وبهذه الوظيفة تكونت الحصيلة الجميلة من المعارف.

خلة الأزرق

يؤكد أنه يحب البر ويعشق البحر، بالرغم من أنه ابن جبل، إلا أن البحر خليله الذي يعلم كل أسراره، وله دراية بكل كبيرة وصغيرة من فنونه، كما انه يهوى صيد السمك بأنواعه، وذلك منذ خروجه من المدرسة في الصف الخامس والتحاقه بالعمل في الصيد، فمن المستحيل أن يمر عليه يوم من دون أن يتنفس نسيم البحر، ويتلمس وجهه قطرات أمواجه.

رجل قديم

عن إكمال نصف دينه يقول: “أنا رجل قديم، وزواجي كان تقليديا، حيث تزوجت متأخرا، وذلك سنة 2002 وكان عمري حينها 33 سنة. وكان الاختيار عن طريق أسرتي، وأنا مؤمن بالزواج التقليدي، فهو أفضل من أسلوب الجيل الحالي في الزواج أو ما يسمى “زواج الحب”، حيث كان يتم من خلال ضوابط اجتماعية وعلاقات أسرية، ويكون الاختيار وفق هذه الضوابط والعلاقات ومن عوائل معروفة، وذلك أفضل من اندفاع الشباب واعتمادهم في الاختيار على المظهر الخارجي. ذلك الزواج منحني 6 أبناء أكبرهم شيخة 10 سنوات.

حادث وقرار

واستعرض حادثة تعرض لها وجعلته يترك قيادة السيارة نهائيا، حيث لا يريد أن يمنح نفسه فرصة للعدول عن رأيه، شارحا السبب: قدمت للدوام مبكرا بعد صلاة الفجر، ولم أجد أحداً في الطريق، وبشكل مفاجئ وجدت نفسي أدوس على البنزين، وأصطدم بالرصيف، مما كاد أن يتسبب لي بحادث مؤسف، وعليه قررت عدم الاعتماد على نفسي في قيادة السيارة. وأكد الشحي أنه لا يزال لديه طموحات حياتية ومشاريع مستقبلية ولو أنها غير معينة حتى الآن.

حيث يتركز هدفه في الحاضر بمواصلة المساهمة في مساعدة الناس، وحصولهم على حقوقهم، وأن يضع بصمة واضحة له في المجتمع. وعلى الجانب الشخصي ليست له طموحات محددة، وإنما في أن يستطيع الاستمرار في تربية أبنائه جيدا، وتعليمهم ليصلوا إلى أعلى المراتب العلمية والوظيفية، وأن يظل مبحراً في عشقه الأول البحر على مركبه كل ما سنحت له سانحة ويصطاد من رزق الله الوفير.

 إشارة

 

يقول أحمد الشحي:إن زملائي في العمل ورئيس المحكمة لطفاء جداً معي، وأشكرهم على معاملتهم الحسنة وانتهازهم لأي فرصة تأتيهم لتكريمي وتحفيزي، وهذا يدفعني لتقديم المزيد لوطني، وأثبت أن الظروف والتحديات لا تقف ضد إبداع الإنسان وتطوره، فقد حرصت على عملي وتجاوزت جميع صعاب مهنتي وتركتها خلف ظهري، لكي أثبت للجميع بأن قصر القامة أو ما شابه ليس إعاقة حياة أو عجزاً، بل هي صورة لاختيار طريق حياتك ووضعه في إطارها.

Related posts