البصيرة في إمارة الفجيرة جمال يُرى من جميع الاتجاهات ووفرة المياه العذبة تمنحها الخضرة الدائمة – صور حصرية

DSC_0053 DSC_0057 DSC_0069 DSC_0070 DSC_0077 DSC_0078 DSC_0082 DSC_0085

موقع الطويين : الخليج – بكر المحاسنة

بين أحضان الجبال الشامخة وسفوح الهضاب، تتربع قرية البصيرة التي تطل كبقعة من زمن الأجداد .

والبصيرة إحدى القرى التابعة إدارياً لمدينة دبا الفجيرة وتبعد عنها نحو 30 كيلومتراً غرباً يحدها من الشرق جبال دبا ومن الغرب مناطق وادي السدر، ومن الجهة الشمالية منطقة الغوب ومن الجنوبية تحدها قرية الحلاة وكلها مناطق جبلية .

وتتميز القرية بوجود عدد من البيوت الأثرية التي عاش فيها الأهالي قديما لمئات السنين، وعدد كبير من آبار المياه العذبة وتقع القرية وسط سلسلة من الجبال الشاهقة تزينها المزارع المزدانة بالجمال والهدوء وكأنها لوحة فنية صاغتها أنامل مبدعة .

أحمد راشد اليماحي 26 عاماً أطلعنا في بداية جولتنا بالقرية على طبيعة الحياة قديماً فيها وكيف عاش الآباء والأجداد في منازلهم البدائية المبنية من الحجارة والطين المحروق المطعم بالحصى وسعف النخيل راضين بما كانت توفره لهم زراعة الأشجار والمحاصيل وتربية الحيوانات وجمع العسل والحطب من الجبال المحيطة بالمنطقة .

ووصل بنا اليماحي إلى مزارع القرية التي تشكل واحات خضراء جذابة في أحضان الجبال بينها الأغنام والمواشي وهي ترعى . وقال اليماحي: إن السبب الرئيس في انتشار الواحات الخضراء في المنطقة وامتهان الأهالي الزراعة يعود لكثرة آبار المياه العذبة، إضافة إلى أن المنطقة تتميز بطقسها الجاف المعتدل طوال أيام العام بسبب موقعها المرتفع عن سطح الأرض .

وبعد جولتنا في القرية، توجهنا الى منزل الحاج خميس بن سعيد اليماحي (77 عاماً) وحدثنا عن الحياة في الماضي في قرية البصيرة قائلاً: كانت معيشتنا في الماضي بسيطة وقاسية اعتمدنا فيها على رعي الأغنام والأبقار وزراعة أشجار النخيل والهامبا وبعض الخضراوات والفواكه وجمع العسل البري من كهوف الجبال وجمع الحطب، وكان عدد بيوت أهالي البصيرة قديماً نحو 15 بيتاً .

ويشير اليماحي إلى ان بعض الأهالي لا يزال يلجأ في موسم الصيف “القيظ” إلى إقامة بيوت العريش في المزارع وبالقرب من الآبار .

ويقول اليماحي: حياتنا في الماضي كانت قاسية حتى قيام الاتحاد، فبعده تغيرت حياة اهالي البصيرة في كل مجالاتها وتحولت المساكن من بيوت الطين والحجارة الى أخرى حديثة وزادت بعد ذلك المساكن الشعبية الحديثة .

وحول تسمية البصيرة بهذا الاسم، يقول أحمد خميس سعيد: سميت به لأنها منطقة بصيرة حيث يبصر، أي- ينظر- إليها الناس من المناطق المجاورة . وهناك البعض من الأجداد قالوا قديماً إن اسمها يعود لكثرة زراعة البصل فيها بشكل كبير وطوال أيام السنة .

وأضاف: اعتمدنا في حياتنا الأولى على زراعة العديد من المحاصيل الزراعية كالحب والذرة والشعير ومن الخضراوات والفواكه كالهامبا والبطاطا والطماطم والبصل و”اليح” البطيخ وغيرها من المحاصيل، ولاتزال أرض البصيرة خصبة ويكثر فيها مصادر المياه وسقوط أمطار الخير عليها وطقسها الجاف والمعتدل طوال أيام السنة ساعد الكثير من الأهالي على الزراعة علاوة على جمع العسل البري من الكهوف الجبلية العالية وتربية الحيوانات بأنواعها .

راشد علي ناصر (41 عاماً) يقول: تنتشر على طول سفوح الجبال السفلية لمنطقة البصيرة العشرات من المزارع المتشابكة التي تفصلها عوازل حجرية يتعرف من خلالها الأهالي مزارعهم مثل “اليامور” وهو عبارة عن أحجار توضع فوق بعضها لتشكل هرماً صخرياً فاصلاً، أو الحضار، وهو مجموعة من أشجار السمر أو السدر المقتلعة والجافة التي تكون مصفوفة على شكل حاجز فاصل بين أشجار النخيل .

وأضاف: أهالي البصيرة يحرصون منذ القدم على الالتزام بالعادات والتقاليد الموروثة عن الآباء والأجداد والعمل على غرسها في نفوس الجيل الجديد ليتمكن الكل من العيش في حياة قائمة على التعاون والمحبة بين الجميع .

سعيد علي غاصب (50 عاماً) يقول: الحياة في الماضي كانت صعبة وذلك لعدم وجود الخدمات الموجودة حاليا ولم يكن هناك سيارات أو حتى منازل تحمينا من الامطار والعواصف والشمس الحارقة .

ويشير غاصب إلى أن أشجار النخيل في منطقة البصيرة تمتاز بإنتاجها لأفضل انواع التمور والرطب خاصة “النغال” الذي يصنع منه الحييل، أي التمر المجفف الذي يخزن ويستفاد منه في وقت الشتاء، وتتباين انواع اشجار النخيل في البصيرة بين النغال والخلاص واللولو والأشهل والخنيزي، وتملك القرية نحو 5000 نخلة .

ويتابع: لم يكن في الماضي أي نوع من المبيدات أو الاسمدة لذلك تميزت جميع المحاصيل الزراعية في المنطقة بمذاق ثمارها الطبيعي الذي لم يعد موجودا هذه الأيام بسب كثرة المبيدات واختلاف الاساليب والعادات الزراعية المتعددة وعدم وجود أفراد ذوي خبرة زراعية كبيرة .

وحول طريقة حفظ التمور بعد جنيها، يقول: توضع في منطقة نظيفة على سطح الأرض أو فوق المنازل وتترك معرضة لأشعة الشمس لفترات معينة حتى تجف تماما وبعدها يتم وضعها في “الخنوت” أي المخزن، وذلك للاستفادة منها في أوقات الشتاء .

الوالد محمد علي عبدالله اليماحي يبلغ من العمر (90 عاما) ويعيش في بيت متطرف عن شعبية البصيرة بالقرب من مزارعه وسط الجبال، ويقول: عشت طوال حياتي في المنطقة بعيداً عن الناس، ولم يخطر ببالي يوماً أن أغادر لأنني بنيت علاقتي مع الأرض وجبالها ونخيلها وأشجارها، ويؤكد أنه يعرف كل صخرة في البصيرة ويعيش على ما تنتجه له الأرض من رطب ومحاصيل زراعية متعددة وحطب وما تمنحه له الجبال من عسل النحل البري والاغنام من حليب وسمن وجبن ولبن وغيرها .

أما عن وسائل العلاج التي كانت متبعة قديما بين الاهالي فيقول: كان التداوي باستخدام أعشاب البصيرة الطبيعية التي تعج بها سفوح جبالها في موسم هطول الامطار الذي يعتبره وقت خير، ففيه تحمل الجبال ثمرة الفقع الجبلية النادرة وغيرها من الأعشاب مثل الجعدة والحلول والكرمل والشريش وكلها كانت ولاتزال تستخدم للتداوي من بعض الأمراض مثل الحمى والصداع .

الوالدة فاطمة أحمد تقول: في السابق بحكم العادات والتقاليد، كانت المرأة تلزم بيتها، والقليل من النساء كُنَّ يتلقين العلم، ورغم ذلك تبوأت المرأة في الماضي مكانة كبيرة في المجتمع لكثرة الأعمال التي تقوم بها .

وعن هذه الأعمال تقول: كانت المرأة تقوم بمجموعة من الاعمال اليومية والروتينية كتحضير الوجبات الغذائية وتنظيف المنزل والاهتمام بتربية الابناء وصناعة العديد من المشغولات اليدوية مثل المهفة والمغطى والحصير والخصف وغيرها من المشغولات المصنوعة من القش وسعف النخيل . وكانت المرأة تذهب أحياناً إلى الجبال والوادي لإحضار الحطب والمياه من الآبار والأودية المنتشرة بالمنطقة والمناطق المجاورة والرطب من المزارع وطعام البهائم من الحشائش المتنوعة .

وأضافت: المرأة في الماضي كانت تمارس عدة مهن مثل  صناعة المشغولات اليدوية والتداوي بالأعشاب وذلك لعلاج أمراض المعدة والمغص والتهاب اللُّوَز وارتفاع درجات الحرارة الى جانب الوسم الذي كان يكثر استخدامه وذلك لأنه يشفي من بعض الآلام كالصداع وآلام الظهر وغيرها . وتؤكد أنه ما زال هناك العديد من نساء المنطقة والمناطق المجاورة يقمن بهذه الأعمال .

وتتحدث عن طبيعة الحياة الأسرية فتقول: في الماضي كان الرجل يتزوج امرأة واحدة ويعيش معها في كل الظروف، ولم تكن المهور غالية، فقد تزوجت بمهر يبلغ خمس روبيات فقط . وكانت العروس تلبس ليلة عرسها “وقاية نيل” وتضع “صناع” وهو خليط عطري أحمر أساسه الزعفران وتضع الحناء على العديد من أجزاء جسمها وكانت هناك امرأة في القرية تهتم بتزيين العروس وهي التي تقص شعر النساء .

ناصر علي ناصر اليماحي يتحدث عن المظاهر الاجتماعية في مختلف المناسبات قائلاً: اشتهر سكان البصيرة، مثل غيرهم من سكان الجبال، بزيهم التقليدي، إذ كان الرجل يرتدي الكورة وتصنع من القماش وكانت تباع في أسواق دبي والشارقة كما كان يحمل بندقية أو خنجراً على خصره في الأعراس والأعياد أو أية مناسبة، وفي الأفراح يتبادل الجميع التهاني ويرجع ذلك لقوة الروابط التي تجمع أهالي البصيرة .

وعن الألعاب الشعبية في الماضي يقول علي عبيد اليماحي 45 عاما: كان لكل منطقة مجموعة من الألعاب التي تشتهر بها وكانت بسيطة ويتخللها بعض الأقاويل والأهازيج، والألعاب الشعبية قديما كانت كثيرة منها ماهو للذكور ومنها المخصص للإناث وكان الأولاد يلعبون الغميضة والقبة، وهي عبارة عن قطعة من الخشب يضربها الشخص بمضرب خشب . وكان هناك لعبتا “حيسوة” و”سراويل” وغيرها من الألعاب التي اشتهرت في القرية .

سلطان بن راشد أحد شباب القرية يقول: شهدت البصيرة تحولات كبيرة بعد الاتحاد، إذ عُبِّدت الطرق وبنيت المساكن الشعبية الحديثة المجهزة بكل الخدمات بدلاً من البيوت القديمة وزاد عدد المساكن الحديثة .

Related posts

One Thought to “البصيرة في إمارة الفجيرة جمال يُرى من جميع الاتجاهات ووفرة المياه العذبة تمنحها الخضرة الدائمة – صور حصرية”

  1. عبدالله

    وين باقي المناطق هذي مب كل المناطق في البصيرة في اماكن بعد المفروض اذا بغيتو اتسوون تقرير عن منطقة معينه اتطلعون كامل التغطيه الا تسوون تفرقه بس البيوت اللي على الشارع يعني اتوغلو في المنطقه في الجبال لترو الحقيقه

Comments are closed.