حبحب في إمارة الفجيرة تاريخ تحتضنه الجبال ويظلله النخيل وتضم العديد من المواقع الأثرية

355 (1)

موقع الطويين : الخليج – بكر المحاسنة

تزخر منطقة حبحب بالعديد من المواقع التاريخية الأثرية التي تعود إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية . كما أنها منطقة مملوءة بالخيرات حيث تتميز بموقعها بين الجبال العالية كما أنها تزخر بالوديان والأفلاج المائية مما أسهم في انتشار مساحاتها الزراعية بشكل كبير حيث تزرع فيها العديد من المزروعات والمحاصيل المتنوعة وتتبع الفجيرة . تقع حبحب على بعد مسافة 83 كيلومتراً شمال غرب مدينة الفجيرة وسط سلسلة من الجبال الشاهقة الارتفاع ذات الألوان المختلفة التي تسكنها قبائل عدة منهم الحمودي والزحمي واليماحي وبني سالم والربيعيين والكل متحابون ومتعاونون فيما بينهم على السراء والضراء . 
تتميز قرية حبحب بوجود العديد من الحصون والقلاع التاريخية التي تعود الى ما قبل الحرب العالمية الثانية كما تتميز بوجود مسجد قديم تم ترميمه على مراحل وهو مبني من الطين والحجارة وسعف النخيل . 
وتتميز ربوعها الجمالية الطبيعية الساحرة بالهدوء وبمياه الينابيع إضافة الى البرك المائية الموجودة في وديان المنطقة التي تتميز بزرقتها مع أشعة الشمس لترسم مع الجبال الشاهقة ذات الألوان المختلفة حولها لوحة فنية بديعة .
“الخليج” زارت قرية حبحب حيث توجهت إلى بيت الحاج سعيد بن راشد بن عبد الله الحمودي فقال: “معيشتنا في الماضي كانت بسيطة واعتمدنا فيها على جمع العسل من كهوف الجبال العالية وزارعة أشجار النخيل وغيرها من المحاصيل الزراعية حيث كنا نزرع الجت “البرسيم” وحبوب البر والذرة والشعير ونباتات الدخن وأنواعاً أخرى مثل الحشائش ونباتات الأعلاف التي تتغذى عليها الحيوانات، وتركز سكان حبحب قديماً في منطقة الحارة القديمة وفي منطقة حبحب الحالية وكانت المنازل في ذلك الوقت لا تتجاوز 20 منها المنازل الشتوية المبنية من الحجارة والطين والحصى ومنها الصيفي “العريش” المبينة من سعف وجريد النخيل والتي ما زال الأهالي يحرصون على إقامتها في مزارعهم لاستخدامها في العديد من الأغراض . 
وأضاف: “كان عدد الأهالي في الماضي لا يتعدى الثلاثين فرداً مترابطين فيما بينهم وما زال أهالي حبحب حتى وقتنا الحاضر يعيشون كأسرة واحدة تربطهم علاقات القربى والنسب والانتماء للأرض ومتعاونين فيما بينهم على السراء والضراء، كما أنهم يتميزون بالهدوء وصفاء النفوس وبالكرم والشجاعة والنخوة التي تتولد في كل جيل كما أنهم يكرمون من يزورهم . 
ويشير الحمودي إلى أن أهالي حبحب عاشوا في الماضي ظروفاً صعبة وقاسية إلى أن انتقلوا عام 1976 إلى حياة جديدة أكثر طمأنينة حيث تعرضت القرية إلى العديد من الاعتداءات وقطع الطرق وللعصابات قبل قيام الاتحاد، ونظراً لأهمية حماية المنطقة والدفاع عن أهلها وعن المحاصيل والمزروعات فقد أقاموا القلاع والحصون في أعلى جبال المنطقة وعند تقاطع الطرق والدروب حتى يمكنهم السيطرة والمحافظة على القرية من العدو، أما بعد قيام دولة الاتحاد فتغيرت الحياة بشكل كبير وانتقلوا إلى بيوت شعبية جديدة بناها لهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وغلب الطابع المعماري الحديث على هذه البيوت . 
ويشير الحاج سالم سعيد الحمودي أبو محمد إلى تميز إلى المنطقة منذ القدم عن غيرها من المناطق المجاوره بزراعة النخيل والمانجو “الهامبا” إضافة إلى محاصيل الحبوب الشعير والبر والذرة ونباتات الغليون والتي ما زالت تزرع بشكل كبير كما أنها تتميز بوجود العديد من الينابيع التي أسهمت في انتشار مزارع النخيل والعديد من النباتات كما عرفت بأرضها الخصبة المملوءة بالخيرات إضافة لكثرة الأودية التي تمر بها من مختلف الجوانب ومنها وادي قظم ووادي القلدي ووادي السقيل وهي الأكثر وفرة بالمياه في موسم هطلها .
وأضاف الحمودي: “تشتهر القرية منذ القدم بوجود فلج الآسيلي وكان الأهالي يعتمدون عليه في ري المزروعات والمحاصيل على مدار العام حيث كانت المياه لا تنقطع عنه طوال أيام السنة وكان الناس يتناوبون ري مزارعهم من مياهه الوفيرة كما اشتهرت حبحب أيضاً بوجود عين ماء تسمى عين حبحب تتميز بعذوبة المياه وقوتها” . ويفسر تسمية حبحب بهذا الاسم بسبب شهرتها بزراعة الحبوب ولكن البعض يقول بسبب الحب الذي كان يشتهر به الأهالي ويبادلونه بعضهم بعضاً” .
ويلتقط الحاج راشد بن سعيد الزحمي أطراف الحديث فيقول: “اعتمد أهالي حبحب قديماً على الزراعة وتربية الحيوانات وجمع الحطب وعمله فحماً “سخام” والذي كان يتم بيعه او مقايضته في أسواق رأس الخيمة والفجيرة أو بيعه للتجار الإيرانين والبحرينين الذين كانوا يأتون للقرية ما بين فترة وأخرى خاصة في مواسم المحاصيل الزراعية وبرغم من كل هذه الظروف الصعبة والقاسية في الماضي إلا أن الحياة كانت أجمل مما عليه اليوم لقوة العلاقات الاجتماعية التي كانت تجمع الناس على المحبة والتعاون وصلة الرحم والتواصل وتميز أهالي القرية عن غيرهم بقلوبهم الطيبة وبوجود مبدأ التسامح والتعاون مع بعضهم بعضاً ومع غيرهم . 
وأضاف الزحمي: “تكثر القلاع والحصون في منطقة الحارة القديمة للمنطقة بهدف حماية الأهالي ومزارعهم ومواشيهم من الأعداء من مختلف الجهات ومن خلال تلك القلاع والحصون استطاع اهالي حبحب المحافظة على ممتلكاتهم وأراضيهم والدفاع عنها حيث تعد قلعة حبحب من أبرز وأهم القلاع في المنطقة أنشئت لهذا الغرض وهي مبنى دائري مكون من طابقين وله باب واحد من جهة الغرب واستخدم سطح القلعة للمراقبة والدفاع، أما حصن الحارة القديمة فهو منزل المرحوم راشد بن عبدالله الحمودي واستخدم أيضاً للحراسة والدفاع عن القلعة وعن الأهالي . 
وأخيراً يؤكد الزحمي: “للماضي طعم حلو وخاص وجميل ربما لم يعشه أبناؤنا ولكن عاشه أباؤنا وأجدادنا وتحملوا مرارة الحياة فيه وتألموا مع الأجواء والظروف القاسية سواء في الصيف او الشتاء بما في ذلك بناء البيوت القديمة وغيرها من الظروف الصعبة والمشقة والقلق . 
وخلال لقاءات مع شباب القرية يقول ماجد سعيد علي: “ندين بالولاء لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والحب والوفاء لصاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي حاكم الفجيرة حيث يولي اهتماماً خاصاً للمواطن ويوفر له الحياة الكريمة ويتابع باستمرار تنمية المناطق التي كان يطلق عليها في السابق المناطق النائية ولكن اليوم أصبحت تربطها الطرق الحديثة ببقية إمارات الدولة كما توفر فيها الخدمات المختلفة ومركز للرعاية الصحية والمدارس الابتدائية . ويؤكد: “منطقة حبحب تشكل منطقة طبيعية وسياحية تتميز بوجود الآثار مثل قلعة حبحب والحصون التاريخية الموجودة فيها والتي يصل عمرها اكثر من 300 عام، كما أن جريان عيون المياه فيها وجريان الأودية عامل أساسي في قدوم السياح للتمتع بهذه المناظر التي تبقى خالدة في الذاكرة على مر العصور ولكي تذكر السياح والأجيال القادمة بماضي القبائل والأهالي الذين عاشوا على أرضها، كما أنها تتميز عن غيرها من المناطق بالهدوء الشديد وبمناطقها الساحرة المتمثلة بوجود الآثار التاريخية والأماكن الاثرية ووجودها بين الجبال والوديان وكثرة الينابيع فيها . 
ويقول عبدالله اليماحي: “شهدت حبحب تطوراً كبيراً حيث بنيت المساكن الجديدة وتوفرت خدمات الكهرباء والماء والاتصالات كما تعبدت الطرق الداخلية والخارجية للمنطقة . 
ويؤكد اليماحي: “منطقة حبحب تحتضن الكثير من الطلاب المتفوقين والمتميزين على مستوى الدولة وعلى مستوى الوطن العربي ومن بينهم محمد راشد الحمودي الفائز بالميدالية الذهبية في منافسات أولمبياد الكيمياء على مستوى الوطن العربي” . 

Related posts