“السمر” شجرة الفوائد … مطالب بحمايتها حفاظاً على الموروث البيئي – صور

DSC_0053 DSC_0064 DSC_0100 DSC_0205 DSC_0329

موقع الطويين : الخليج – بكر المحاسنة : تصوير : حميد بن قدور

تلك هي أرض هذا البلد الآمن، رمل نقي كسرائر أهله، وتمر حلو المذاق كحلاوة اللقاء بهم، وسمر وبرم تفوح منه رائحة الشفاء، سدر يزيّن قامات الجبال كالنياشين، ورمث ومرخ كالشامات على وجه الرمل البهي . إنها الإمارات التي حباها الله بطبيعة خلابة، وتنوع نباتي جميل، وفضاء فسيح يذهل ويسحر السائح . من هذه الأشجار التي تلفت نظر الزائر لهذه الأرض شجر السمر أو البرم، تلك الشجرة التي تحمل في جذوعها وأوراقها وروحها التي تعاند الزمن كي تبقى شاهدة على هذه الأرض وعز أهلها، تحمل سر الشفاء والبقاء، حيث تجود بأجود أنواع العسل وأطيبها مذاقاً وأغلاها سعراً .
لأهل الإمارات مع شجرة السمر قصة عشق تبدأ من أول نبتة نبتت على جبالها ووديانها نسردها من خلال هذا التحقيق .
تقول المهندسة فاطمة الحنطوبي رئيسة قسم البيئة والمحميات الطبيعية في بلدية دبا الفجيرة: شجرة السمر من الأشجار الصحراوية المنخفضة مع مظلة رائعة ذات فروع متساوية الحجم تنبع من نقطة واحدة على سطح التربة وتنمو نحو الخارج بشكل متناظر في كل الاتجاهات، بزاوية 30 درجة، لتعطي شكل المخروط المقلوب والظل الطبيعي لهذه الشجرة، وهذا النوع من الأشجار ينمو في الأماكن التي تتوافر بها المياه على أعماق كبيرة، حيث تحمل جذوراً طويلة تصل إلى مخازن المياه الجوفية، ويعتمد طول الشجرة على كمية المياه التي تحصل عليها، ينحصر معدل ارتفاع هذه الشجرة بين 1 و5 أمتار، ولها دور بارز في النظام البيئي في البيئة، بما توفره لنا من مسطحات خضراء واحتياجات بسيطة من المياه . 
وأشارت الحنطوبي إلى أن أشجار السمر يكثر وجودها في السهول الحصوية، وفي بعض المناطق الرملية القريبة من الأودية بفضل السيول، وفي الجبال العالية .
وتضيف: “تتعرض هذه الشجرة حالياً إلى سلوكيات خاطئة بحقها بيئياً حيث يلجأ بعض الناس إلى الاحتطاب الجائر، وهذا يعد جريمة بحق البيئة لما لهذه الشجرة من دور أساسي وفاعل في حفظ البيئة، وتسعى البلدية إلى الحفاظ على هذا الموروث البيئي عن طريق منع أي إجراءات أو تصرفات بحق هذا النوع من الشجر من احتطاب أو حرق أو إزالة، كما تم توثيق بعض أشجار السمر الكبيرة التي تعد موروثاً بيئياً وطابعاً يحدد هوية المنطقة، فكان لابد من وجود الضوابط التي تعاقب كل من يسيء التصرف إلى هذه الشجرة .
يقول حميد بن قدور اليماحي الباحث في النباتات والأعشاب البرية: “شجرة السمر من الأشجار المنتشرة بكثرة في الفجيرة ورأس الخيمة وبعض مناطق الشارقة، تعتلي الجبال وتكثر في السهول والوديان، وهي متعددة السيقان أو بجذع مفردة، وغالباً ما تكون كبيرة وعلى شكل شمسية ويكون ارتفاعها ما بين 5-7 أمتار تقريباً، والشمسية يكون نصف قطرها 4-6 أمتار تقريباً .
وأضاف: تزهر هذه الشجرة بداية فصل الصيف، وزهرها يكون كروي الشكل ولونها أبيض مصفر، والثمرة قرن أصفر إلى بني أملس معوج طوله حوالي 8-16 سم تقريباً، وسمكه ما بين 6-8 مم، والزهر يسمى “البرم”، ويعتبر وقت الزهور موسماً محبباً بالنسبة لكثير من الأهالي، حيث إن النحل يرعى من هذه الشجرة وينتج النحل منها عسلاً أحمر مائلاً إلى السواد، زكي الرائحة ويسمى عسل “البرم”، أي عسل السمر، ويعتبر من أغلى أنواع العسل الطبيعي لما يحتويه من قيمه غذائية .
ويضيف: “شجرة السمر لها قدرة على العيش في التربة الملحية والجبسية الصخرية، حيث إن للشجرة جذراً وتدياً عميقاً يتوغل بالتربة الرملية وقد يصل إلى نحو 35 متراً تقريباً، كما أنها تتحمل درجات حرارة عالية، وتتحمل درجات البرودة حتى التجمد ليلاً .
يقول سلطان علي ثابت مصبح القايدي: “تعتبر شجرة السمر مصدراً أساسياً لعلف الجمال والماعز في المناطق الصحراوية وشبة الجافة ويتوافر علفها على امتداد أيام الموسم الجاف في غياب المصادر العلفية الأخرى، كما يسهم علف شجرة السمر في زيادة نسبة إنتاج الإبل والماعز من “الحليب”، حيث تأكل قرون وأوراق الشجرة والبراعم الطرية . كما أنها توفر الظل الوافر للحيوانات . وأضاف القايدي: “أخشاب أشجار السمر مرغوب فيها، حيث تسخدم للنيران وصناعة الفحم وللشواء، وذلك لشدة حرارته وطول فترة اشتعاله .
يقول سعيد عبدالله سالم الشحي: “شجرة السمر من الأشجار الصحراوية التي تكثر في الإمارات وتتميز بالعمر الطويل وتتحمل الحرارة والجو الجاف وهي معروفة بشجرة الخير، فهي خير من جذورها إلى آخر حبة من بذورها . حيث نستخدم كل جزء من أجزائها، ومن أهمها ورقها الأخضر الذي نسميه “خباط”، ويستخدم كطعام للإبل لأن الأشواك لا تضره وأيضاً تأكل منه الأغنام، ونسخدم أغصانها الجافة للطبخ، أما بذورها الصغيرة فنسميها “حنبل”، وهي تشبة حبة العدس تصلح كطعام للحيوانات، وكان الأجداد والآباء يقومون بجمع بذور شجرة السمر في أكياس من الخيش، ويستخدمونها كطعام للماشية في فصل الشتاء ومواسم الجفاف . ويؤكد أن شجرة السمر تساعد على حفظ التربة والسمرة التي لا تكبر تسمى “عربضة”، حيث إنها تنمو من تلقاء نفسها بالاعتماد على الأمطار وتتغلب على الظروف الجوية المتقلبة .
يقول علي الضنحاني: “تتميز زهرة شجرة السمر التي تسمى “البرم” بأنها ذات رائحة زكية وطعمها لذيذ وهي بيضاء تميل للاخضرار، وتعتبر أزهار شجرة السمر مرعى وافراً للنحل البري، لذلك يعتبر عسل السمر “البرم” من أغلى وأجود الأنواع، لأنه مستخلص من براعم السمر، ويتميز هذا النوع من العسل بإحمرار لونه والمائل إلى السواد وذي رائحة قوية، يوصي به الأطباء للعلاج من الكثير من الأمراض، كما يستخدم للصغار لدعم المناعة فيه . 
ويشير الضنحاني إلى أن عسل السمر من الأنواع التي يمكن تخزينها لفترات طويلة، وكلما زادت مدة التخزين كلما كانت الرائحة قوية والطعم أقوى، ولكن اللون يتغير إلى السواد، وهذا النوع يمكن تخزينه لثلاث سنوات في مكان نظيف وجاف . 
ويؤكد الضنحاني أن عسل السمر يعد عند أهل الإمارات أفضل من عسل الأعشاب والزهور، ويأتي في مقدمة القائمة لندرته وغلاء سعره . وينصح الخبراء بهذا النوع بالذات لاعتماد النحل في المرعى على أشجار السمر الجبلية النظيفة، بعيداً عن الشجيرات والزهور المزودة بالكيماويات والبعيدة عن أي أنواع التلوث .
تقول حلاوة سعيد خميس اليماحي: “هناك الكثير من أشجار السمر المعمرة بدأت تختفي بسبب الغبار وقلة المياه وكان الناس يستخدمون أزهارها وأوراقها في العلاج من الأمراض التي كانت معروفة في الماضي، كما أن مغلي أوراق السمر يستخدم في علاج الزكام، ومطحون الأزهار يستخدم في علاجات الجلد والشعر، ويستخدم مخلوط أزهار وأوراق السمر في علاج مرض الجدري والسل والحصبة وغيرها من الأمراض .

Related posts