وادي الوريعة أول منطقة جبلية تتحول إلى محمية طبيعية يتوافد إليها آلاف من الزوار للاستمتاع بمياه شلالاتها وبالمناظر الخلابة

355 (2)

موقع الطويين : الخليج

تتوفر في الفجيرة العديد من مقومات الجذب السياحي التي جعلتها مشهداً من مشاهد السياحة والحضارة والشهرة، فاعتدال مناخها وتوافر الشواطئ البحرية الجميلة والجبال الشامخة والوديان ووجود الشلالات والينابيع ذات المناظر الطبيعية الخلابة تشجع السائح على زيارة مناطقها والتمتع بسحر طبيعتها، لذلك هي دائماً محط أنظار الباحثين عن الجمال . ووادي الوريعة الذي اصبح بتوجيهات صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، أول منطقة جبلية تتحول إلى محمية طبيعية من أهم الأماكن الجاذبة للسياح التي يتوافد إليها آلاف من الزوار من مختلف أرجاء الدولة وخارجها، للاستمتاع بمياه شلالاتها وبالمناظر الخلابة التي تطوقها سلسلة من الجبال الشاهقة التي تكسوها الخضرة معظم أيام السنة .
تقع محمية وادي الوريعة على بعد 45 كيلومتراً شمال مدينة الفجيرة على الطريق ما بين خورفكان ومنطقة البدية .
وتتميز المحمية التي وجه سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة مؤخراً بإغلاقها لتأهيلها، بوجود أعداد كبيرة من عيون المياه والشلالات التي تنبع من باطن الأرض، وبوجود العديد من الحيوانات البرية والطيور وأعداد كبيرة من البرمائيات والحشرات المائية والنباتات البرية المتعددة، كما تتميز بوجود طبيعة نادرة . 
يقول المهندس محمد سيف الافخم مدير عام بلدية الفجيرة: بدأت بلدية الفجيرة في ،2006 بالتعاون مع جمعية الإمارات للحياة الفطرية، وبدعم من بنك HSBC الشرق الأوسط، بحثاً مكثفاً استمر 3 سنوات، أشار إلى أهمية وادي الوريعة البيئية وأهمية المحافظة عليه من أجل الأجيال المقبلة، كما حدد مصادر التهديد التي يتعرض لها، وتشمل الاستغلال المفرط لموارد المياه، والرعي الجائر، ورمي النفايات وجمرات التخييم، وجلب أنواع مخلوقات لا تنتمي إلى البيئة الطبيعية للوادي .
وأدت نتائج هذا البحث، والتي برهنت على التنوع البيولوجي الطبيعي الفريد، إلى إعلان الوادي محمية جبلية وفقاً للقانون رقم (2) لسنة 2009 من قبل صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة لتصبح المحمية الرابعة في الامارة وأول محمية جبلية في الدولة .
وأكد الافخم أن المحمية تمتاز بأنها مكان يعيش فيه العديد من الحيوانات النادرة والبرية نتيجة توافر المياه على مدار العام وللطبيعة الجبلية، حيث العديد من عيون المياه والشلالات المائية التي لا تنقطع وتزداد في مواسم هطول الأمطار، كما يوجد بها شلال الوريعة الكبير الذي تصب مياهه في البرك الطبيعية التي تحتضنها الجبال ويصل عمقها من 4 إلى 5 أمتار وتحيط بها أشجار ونباتات برية جبلية متنوعة .
كما تتميز المنطقة بجيولوجيا فريدة ونظام هيدروجيولوجي يدعم مخزونها المائي غني بالتنوع البيولوجي، وهو ما يجعل من المحمية ذات أهمية، ليس على المستوى الإقليمي فحسب، بل الدولي، ما أسهم في ضمها إلى قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية، بعد استكمال كل الشروط والمتطلبات اللازمة .
وأشار الأفخم إلى أن وادي الوريعة أصبحت مقصداً للسياح من جميع أنحاء العالم لما تتمتع به من خصائص وتضاريس متعددة، فضلاً عن الشلالات الرائعة، لذلك وجه سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة مؤخراً بإغلاقها لتأهيلها بصورة أفضل لحماية الحياة البرية ولتأسيسها كمنطقة مثالية في المحافظة على الطبيعة على المستوى الإقليمي وتمهيداً لإعدادها بصورة صحيحة لحماية الزائرين والحياة البرية، ولصون هذه المنطقة الطبيعية الغنية من التدهور ودعمها بشتى السبل التي تجعلها منطقة رائدة نحافظ من خلالها على مواردنا الطبيعية المختلفة باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من طبيعة الإمارات . 
وأضاف الأفخم: “تقديراً لتوجيهات سمو ولي عهد الفجيرة، قامت البلدية بالتعاون مع شركائها في المحافظة على الطبيعة بإغلاق المحمية لتأسيسها كمنطقة مثالية على المستوى الإقليمي . ولهذا علينا أن نبذل قصارى جهدنا للاستعداد للترحيب بالجمهور في المحمية الوطنية بعد تأسيسها بالشكل الأمثل واللائق بالزوار في المستقبل” .
تقول ريم الذوادي مديرة الاتصال والعلاقات العامة بجمعية الإمارات للحياة الفطرية: تعد وادي الوريعة الطبيعية أول محمية وطنية جبلية في الدولة، وستصبح نموذجاً مثالياً على المستوى الإقليمي في الحفاظ على الحياة البرية والمياه، إذ يضم الوادي إحدى الموارد الدائمة المعدودة للمياه العذبة في الإمارات، كما تعد الموطن الوحيد للعديد من فصائل النباتات والحيوانات . وتعد مشروعاً مشتركاً ما بين جمعية الإمارات للحياة الفطرية وبلدية الفجيرة، حيث قمنا بالعديد من البحوث العلمية والمسوحات التفصيلية المكثفة التي أشارت إلى أهمية وادي الوريعة البيئية وضرورة حماية الخزان المائي الذي يغذيها من الاستنزاف كونه من الموارد المحدودة على مستوى الإمارات والتي تتوافر بها المياه العذبة على مدار العام، كما أشارت المسوحات إلى أهمية الوادي كملجأ أخير للعديد من النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض على مستوى الخليج العربي، وتم الاتفاق على متابعة العمل الميداني لإجراء المزيد من المسوحات التفصيلية” . 
وأضافت: “استمرت جمعية الإمارات للحياة الفطرية في مراقبة الحياة البرية في الوادي من خلال كاميرات مخفية تعمل بمجسات حركية لمراقبة تحركات الحيوانات . وبدأت عدة دراسات حول النباتات في الوادي والتحديات التي تتعرض لها” .
وفي يناير/كانون الثاني عام 2013 تم تعيين الجمعية رسمياً لرسم خطة تطويرية لإدارة المحمية، وفقاً لأفضل المعايير الدولية، وذلك بالشراكة مع بلدية الفجيرة، بسبب تعاونها المباشر مع الصندوق العالمي لصون الطبيعة ومنذ تأسيسها، حيث يعمل في الجمعية فريق دولي متعدد المهارات .
وتضيف: “بسبب توفر مصادر مياه العذبة الدائمة، يحتضن وادي الوريعة العديد من أنواع الحياة البرية، ويتميز بنظام طبيعي فريد وضعه على لائحة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية تحت اتفاقية رامسار . وتشير الأبحاث التي أجريت في الوادي إلى وجود نحو 20 نوعاً من الثدييات، 60% منها لها أهمية محلية أو دولية، ومنها أنواع نادرة ومعروفة مثل ثعلب بلانفورد وقط الوشق، كما أن محمية وادي الوريعة الوطنية هي واحدة من الأماكن القليلة التي يقطن فيها الطهر العربي (الوعل) في العالم . كذلك تحتضن المحمية 81 نوعاً من أنواع الطيور، تعد نسبة 5% منها معرضة للانقراض وفق تصنيف الاتحاد العالمي لصون الطبيعة، ويشكل نسبة 24% منها أولوية محلية” .
وتم تسجيل 467 نوعاً من غير الفقريات في المحمية، 63 نوعاً منها تم تصنيفه لأول مرة في الوادي . كما يعتبر وادي الوريعة موطناً لحشرات اليعسوب، حيث أشار مسح إحصائي إلى وجود 21 نوعاً من اليعسوبيات في الوادي وذلك من أصل 30 نوعاً في الإمارات .
وخلال خلال الفترة المقبلة ستركز الجمعية على تطوير خطة إدارية مستدامة للمحمية، وذلك وفقاً لأفضل المعايير الدولية، وستنظر في جميع الفرص التي يمكن للمنطقة توفيرها للمجتمعات المحلية، وستستمر في دراسة التحديات الحالية التي تهدد أنظمتها البيئية، ودراسة احتياجات الزوار والمنطقة، ومن ثم تحديد أفضل الحلول المناسبة التي ستضمن المحافظة على هذه المنطقة الغنية والفريدة من نوعها من أجل الأجيال القادمة .
وستأخذ الخطة في الاعتبار الثقافة المحلية وحاجات المجتمع المحلي وزوار المنطقة . كما أن إيجاد حلول متوازنة للتحديات التي تواجهها جهود المحافظة البيئية للوادي في غاية الأهمية . 
يقول عبيد راشد علي الكندي، أحد سكان منطقة البدية المجاورة لمحمية وادي الوريعة: إن تحويل المنطقة إلى محمية طبيعية يعد خطوة جيدة وإيجابية في طريق المحافظة على المعالم الطبيعية التي تتمتع بها وتتوافر فيها الكثير من الخصائص والتضاريس المتعددة كما تتميز بوجود العديد من عيون المياه والشلالات التي تنبع من باطن الأرض منذ سنوات عدة . كما انها منطقة تحافظ على طبيعتها الأصلية بعيداً عن الضوضاء وزحف المدينة وبذلك تكون ملاذاً للباحثين عن الطبيعة والجمال والهدوء لما تتمتع به من بيئة متميزة ونادرة .
وعن تسمية منطقة وادي الوريعة بهذا الاسم، يقول إبراهيم محمد إبراهيم أحد سكان المناطق المجاورة للوادي: “لكثرة نباتات الورع فيها، وهو نبات يشبه الخيزان وينتشر بكثرة قرب الشلالات والعيون الموجودة بالوادي . وهناك بعض الأجداد كان يقولون إن المنطقة سميت بهذا الاسم نسبة إلى الطرق الوعرة التي تؤدي إليها” .
ويؤكد أن الينابيع بمنطقة وادي الوريعة تتدفق منها المياه من قمم الجبال وعلى مدار العام من التشققات الصخرية وهي صالحة للشرب والري . لذلك فإن وادي الوريعة كان شرياناً لأهالي المناطق المجاورة، خاصة أصحاب المزارع، حيث كان الناس يجلبون منه الحطب والحشيش، وذلك لكثرة المياه العذبة في المنطقة على مدار أيام السنة .
محمد أحمد خميس لفت إلى ميزة أخرى للمنطقة بخلاف طبيعتها الخلابة، قائلاً: “كانت منطقة وادي الوريعة في الماضي مكاناً للقنص، وذلك لكثرة الحيوانات والطيور البرية التي تعيش فيها، خصوصاً الغزلان والوعل الجبلي وبعض الطيور المهاجرة وغير المهاجرة والتي لم يبق منها إلا القليل” .
وأضاف أن الأهالي يرتادون المكان على فترات للاستمتاع بالمناظر الطبيعة الخلابة والشلالات والينابيع .
وأوضح أن العديد من الأهالي يجنون النباتات والأعشاب الطبية التي تستخدم في علاج الكثير من الأمراض، ومنها عشبة الحرمل والزبيدية والعرجون والحماض وغيرها . 

Related posts