ملوحة المياه تقضي على أشجار المزارع في دبا الفجيرة

355 (4)
موقع الطويين : الخليج
ما زالت المزارع الموجودة في مدينة دبا الفجيرة ومناطقها التابعة لها تعاني الإهمال الشديد، ما أدى إلى تلف وهلاك عدد كبير من أشجارها .
وأبدى المزارعون استياءهم من عدم تحرك الجهات المختصة لمواجهة المشكلات التي تعانيها المزارع ليس فقط في مدينة دبا الفجيرة إنما في إمارة الفجيرة عموماً، لاسيما في ما يتعلق بالآفات والحشرات التي ضربت المحاصيل والثمار وأصابتها بالوهن والموت .
تساءلوا عن أسباب وقف الدعم اللازم لهم من قبل وزارة البيئة والمياه، وعدم توفير الآليات الزراعية والسموم والمبيدات الحشرية وماكينات التحلية بأسعار مناسبة، لضمان الاستمرار في الزراعة وتشجيع الشباب على ممارستها باعتبارها أحد أهم الموروثات التراثية في دولتنا .
وأكدوا أن بعض المسؤولين يتجاهلون طلباتهم، ولا يتواصلون معهم على أرض الواقع، للتعرف عن قرب إلى مطالبهم وإيجاد حلول لها .
“الخليج” قامت بجولة ميدانية في مدينة دبا الفجيرة ومناطقها ورصدت ما يلي:
يقول المزارع حسن علي سليمان من سكان منطقة ضدنا: “مزارع النخيل ماتت في المنطقة، والتربة أصبحت عديمة الفائدة نظراً للملوحة الشديدة التي ضربتها، موت وهلاك ما يزيد على 350 مزرعة من المزارع الموجودة في المنطقتين الشرقية والغربية بضدنا” .
الوزارة لا تدعمنا بشيء، والحراث أو الهياث أصبح استئجاره بمقابل مادي يصل إلى 100 درهم في الساعة الواحدة، فضلاً عن عدم وصوله في الوقت المحدد للقيام بالحرث، حيث تعودنا أن يتأخر لمدة أسبوعين أو أكثر بعد طلبه رسمياً من القائمين عليه .
ولفت إلى مسألة مهمة بقوله: “إن إلغاء الدعم من قبل الوزارة أسهم بشكل واضح في عزوف كثير من الشباب عن الاستمرار في هذه المهنة، وهذا ما بدا واضحاً وجلياً للعيان .
إن سوسة النخيل أصابت ما يزيد على 1000 نخلة في المنطقة، وهو الأمر الذي يهدد بكارثة للمزارعين، لاسيما الذين لا دخل لهم سوى حرفة الزراعة .
وجذب المزارع علي محمد طرف الحديث وقال: “إن وزارة البيئة والمياه لا تولي أي اهتمام للمزارعين في الساحل الشرقي عموماً وكل همها ينصب في المقام الأول على الصيادين، حيث تمدهم بجميع مستلزماتهم واحتياجاتهم، أما نحن فلا شيء يتم تقديمه لنا .
نحن نعاني ملوحة المياه في المنطقة عموما ولحل هذه المعضلة الجسيمة يجب إنشاء محطة كبيرة للتحلية في المنطقة، أو القيام بتوصيل أنابيب من محطة قدفع لتغذية المزارع الموجودة في دبا الفجيرة .
وطالب بضرورة عودة الدعم من قبل الجهات المختصة للمزارعين، ومساواتهم بالصيادين في جميع الامتيازات التي تقدمها الوزارة للمشتغلين في البحر .
المزارع علي اليماحي من أهالي مدينة دبا الفجيرة قال: “الوزارة أصابت الجميع بالإحباط لعدم اهتمامها بالمزارعين، كلام جميع المزارعين العاملين في المنطقة، حيث لا توفر لنا أي دعم ولا آليات أو معدات، حتى أكياس السماد والمبيدات الحشرية نضطر إلى شرائها بأسعار مرتفعة من الأسواق على حسابنا الخاص، وعمليات الحرث باتت مكلفة، حيث تصل تكلفة ساعة الحرث الواحدة إلى 100 درهم .
وأعرب عن استغرابه الشديد للاهتمام الكبير الذي توليه الوزارة للصيادين في الساحل الشرقي وتعمد تجاهل المزارعين .
ويقول المزارع عبدالله الحساني، إن المزارعين باتوا يتخوفون من تعرض مزارعهم للموت أو الهلاك في ظل ارتفاع أعداد المزارع التي ماتت أشجارها إلى ما يزيد على 350 مزرعة، موضحاً أنه لا سبيل للمحافظة على المزارع المتبقية في المنطقة سوى إنشاء محطة تحلية مياه كبيرة تغذي جميع المزارع .
وتحدث عن معضلة الدعم الزراعي قائلاً: “كنا من سنوات قليلة نحصل على الدعم اللازم من الوزارة، سواء فيما يتعلق بأدوات الحرث أو المبيدات أو السموم، أما الآن فلا نحصل على أي دعم يذكر، معرباً عن استغرابه الشديد من إلغاء هذا الدعم من دون عرض المبررات الكافية” .
ويلتقط المزارع محمد الحساني الحديث قائلاً: إن معضلة موت أشجار المزارع لا تقتصر فقط على منطقة ضدنا فحسب وإنما طالت مزارع في مناطق البدية وشرم والعكامية وغيرها، والسبب في ذلك هو تساهل الجهات المعنية وعدم تحركها لمعالجة المشكلة منذ ظهورها .
وأشار إلى معضلة خطيرة بقوله :إن بعض المزارع تلجأ إلى تركيب وحدات تحلية بداخلها للقضاء على ملوحة المياة إلا أنها تتخلص من الكميات الفائضة عن عمليات التحلية من خلال وضعها داخل حفر مخصصة لهذا الغرض داخل المزارع من دون التخلص منها بواسطة الأنابيب إلى البحر، موضحا أن خطورة هذه الخطوة تكمن في تراكم كميات من الأملاح في قاع الأرض، ما يؤثر بدوره في التربة وعلى المزارع المجاورة أيضا نتيجة تسرب المياه الفائضة إليها .
وطالب الجهات المختصة بضرورة التدخل للقضاء على هذه المعضلة وإلزام أصحاب المزارع بالتخلص الآمن من مخلفات وحدات التحلية الخاصة بهم، واتباع الإجراءات اللازمة في هذا الجانب لحماية مزارع الآخرين .

رفع الدعم

قال المزارع محمد علي الحفيتي من سكان منطقة “وم”: إن المزارع حالياً بات مغلوباً على أمره، ولا حول له ولا قوة في ظل القيود والعراقيل التي تضعها أمامه الوزارة لممارسة مهنة الزراعة، مؤكداً أن مسألة رفع الدعم من قبل الوزارة كبد المزارعين خسائر وأموالاً كانوا في أمسّ الحاجة إليها .
أضاف قائلاً: “إن سوسة النخيل ضربت المزرعة عندي ولم تفلح محاولات الرش التي أقوم بها بين الفينة والأخرى، وهناك تقصير كبير من القائمين على أمور الزراعة في الوزارة، انعكس من دون شك بالسلب علينا كمزارعين .

خسائر

 

يقول المزارع عبدالله سعيد على سالم، إن المزارعين يعانون بسبب الخسائر التي يتعرضون لها بين حين وآخر من جراء موت أشجار المزارع وجفافها حيث بلغت أعداد المزارع التي تعرضت للموت والهلاك في مدينة دبا الفجيرة ومناطقها كالعكامية والبدية وشرم وضدنا والحلاة وغيرها من المناطق إلى ما يزيد على 700 مزرعة تقريباً، والسبب في ذلك ملوحة المياه وعدم وجود اهتمام كاف من قبل الجهات المعنية بأحوال الزراعة في المنطقة .
وأوضح أن المزارعين في المنطقة لا يتلقون اى نوع من أنواع الدعم من الوزارة سواء بالنسبة للمعدات والأدوات، أو فيما يخص المبيدات والسموم ويضطرون إلى شرائها بأسعار وتكلفة عالية جداً من الأسواق .
ويقول المزارع عبيد الصريدي من منطقة الحلاة: إن أوضاع المزارعين في المنطقة باتت تسوء يوماً بعد آخر، لأسباب عدة، أهمها ملوحة المياه، وعدم إيجاد حلول جذرية لها وإلغاء الدعم الذي كانوا يحصلون عليه من قبل الوزارة أكد أن عدد المزارع التي تعرضت للموت مؤخراً من السهل جدا أن يتضاعف في ظل الظروف الراهنة إذا استمرت .

“البيئة” تؤكد سعيها لوضع الحلول المناسبة

أكدت وزارة البيئة والمياه العمل لتنفيذ الأبحاث والدراسات في محطات الأبحاث التابعة لها، بهدف وضع الحلول المناسبة، للتغلب على التحديات التي يواجها القطاع الزراعي، والمتمثلة في قلة الموارد المائية الجوفية اللازمة للزراعة، ونقص الموارد الطبيعية، والظروف المناخية السائدة بالمنطقة، ومنها ندرة سقوط مياه الأمطار، والتي تعتبر المصدر الرئيسي لتغذية المياه الجوفية التي تعتمد عليها الزراعة بنسبة 96%، لتوفير احتياجاتها من المياه .
وأوضح المهندس سيف الشرع، الوكيل المساعد لقطاع الشؤون الزراعية والحيوانية في وزارة البيئة والمياه، أن يتم إجراء الدراسات والتجارب على التقنيات الحديثة المرشدة لاستخدامات المياه، ورفع كفاءة الانتاج من وحدة المساحة الزراعية في محطات الأبحاث التابعة للوزارة، ونقل التجارب الناجحة للمزارعين وإدماجها في المنظومة الزراعية .
وأضاف أن تقنية الزراعة المائية “من دون تربة”، تعد من التقنيات الزراعية الحديثة التي نجحت الوزارة في نشرها بين المزارعين، وهو أسلوب للزراعة يتم فيه استبدال التربة بأوساط صلبة مع استخدام المحاليل المغذية لتزويد النبات باحتياجاته الغذائية، وتمتاز هذه التقنية بالكفاءة العالية في خفض كميات المياه المستخدمة لري محاصيل الخضار بنسبة توفير تصل إلى 70% على حسب نوع المحصول الذي يتم زراعته، مقارنة بالمياه المستخدمة في الزراعة الحقلية، إضافة إلى الكفاءة في استخدام الأسمدة، علاوة على الزيادة الكبيرة في الإنتاج، نتيجة تحسين نمو النباتات والتي تتراوح بين 8-10 أضعاف مقارنة بالحقل المكشوف، وزيادة العروات الزراعية في السنة، حيث تم تبني تقنية الزراعة المائية ونقلها إلى المزارعين في الدولة منذ عام ،2009 كما تم إنشاء 50 بيتا، ونتيجة للنجاح الملموس لدى المزارعين بسبب استخدام هذه التقنية، فقد زاد عدد البيوت إلى أكثر من 700 في نهاية عام ،2013 وتنوعت منتجات الزراعة المائية لتلك المزارع، من بينها الخيار، والطماطم، والفلفل الأخضر والملون، والشمام، والفراولة، والخس بأنواعه، وغيرها .

ترشيد استهلاك

أشار الشرع إلى أنه وبهدف تحقيق أقصى قدر من التوازن بين قطاعي المياه والزراعة، فإن ترشيد استهلاك المياه في القطاع الزراعي، وتعزيز كفاءة الري، تعتبر من أولويات الوزارة، وقد تمثل ذلك من خلال تعميم استخدام طرق الري الحديثة وأنظمة الزراعة المحمية، كذلك تم إجراء دراسات في محطات الأبحاث تتعلق بتبني أنماط ومحاصيل ملائمة للبيئة المحلية وأقل استهلاكاً للمياه، ومنها زراعة علف الليبد، باعتباره أحد البدائل الناجحة للرودس، والذي يستهلك كميات كبيرة من المياه الجوفية، ونتيجة للنتائج الإيجابية لزراعة الليبد، فقد ارتفع المزارعين ممن تبنوا زراعته، من 9 مزارعين خلال عام 2009 إلى 93 مزارعا في عام ،2013 بمساحة زراعة تقارب 4 هكتارات،
وفيما يتعلق بزيادة المردود المادي على مزارعي النخيل، قال الشرع انه تم إجراء الدراسات حول أفضل الأساليب المستخدمة في تجفيف التمور، ونقل أفضل الممارسات للمزارعين لتطبيقها واستخدامها .

Related posts