سكمكم أرض الأفلاج والزراعة مناخها المعتدل وطبيعتها الجبلية جذبا السياح

355

موقع الطويين : الخليج – بكر المحاسنة

الفجيرة بمكوناتها التاريخية والجغرافية والبشرية والثقافية أصبحت أكثر تميزًا وثراء ما انعكس إيجاباً على بيئتها ولكل منطقة من مناطق الفجيرة موروثها الذي ينصهر في نهاية الامر ويتفاعل مع باقي تاريخ المناطق الأخرى ليتشكل تاريخ الفجيرة . ومنطقة سكمكم هي إحدى المناطق التي منحت البلاد عبر تاريخها القديم والمعاصر إرثاً تاريخياً وسياسياً وثقافياً واجتماعياً كبيرًا وتاريخ هذه المنطقة ضارب في القدم كما تعتبر منطقة سياحية لا تخطئها العين، للتجول عبر تاريخ المنطقة وموروثها القديم .
أثناء تجوالك وخاصة منطقة القلعة التاريخية التي تسمى بقلعة الجبل والقرية القديمة التي تحتوي على بيوت تراثية ومسجد عبد الله بن عمير تتنفس رائحة الأجداد وتشعر بعبق التاريخ الخاص بالمكان وما يحتويه من عدة عناصر تكسبه أهمية خاصة .
تشكل منطقة سكمكم التي تقع على مسافة 10 كيلومترات شمال الفجيرة بين أحضان الجبال، الإطلالة الأروع على المدينة وما حولها . حيث إن موقعها المتميز والحصين جعلها مهدًا ومكانًا للكثير من القبائل القديمة، سكنتها قبائل الحفيتي واليماحي والصريدات والمزروعي والزحوم والعبادلة وهي من القبائل العربية الاصيلة .
وتتميز منطقة سكمكم بسحر طبيعتها وجبالها الشامخة ووديانها الخلابة كما تتميز بكثرة انتشار مزارع النخيل وأشجار الفواكه والحمضيات إضافة إلى انتشار الوعوب الجبلية التي كان يزرع فيها الأهالي حبوب القمح والشعير في مواسم هطول الأمطار .
الخليج زارت منطقة سكمكم وجلست مع الأجداد والآباء لتتعرف منهم إلى تاريخ المنطقة وذكريات وقصص الأهالي في الماضي والعادات والتقاليد .
البداية من عند الوالد راشد محمد الحفيتي الذي بدأ حديثه قائلاً: سكمكم منطقة ذات مناخ معتدل وطبيعة جبلية ساحرة تحيط بها الجبال من كافة الجهات وتتميز بوجود العديد من الآثار التاريخية وتراث الأجداد ومنها قلعة سكمكم التي تسمى قلعة “الجبل” التي بناها حمد بن عبدالله الشرقي للدفاع عن المنطقة وحماية مزارعها، ومسجد عبدالله بن عمير القديم الذي مايزال يستقبل المصلين ويقع في منطقة الحارة إضافة لوجود عدد من البيوت القديمة المبنية من الأحجار والطين المحروق المطعم بالحصى وأوراق أشجار السمر وسعف النخيل كما تتميز أيضاً بوجود عدد من الكهوف الجبلية القديمة التي سكنها الأهالي في مواسم الشتاء واستخدمها بعضهم للعديد من الأغراض .
وعن الحياه في سكمكم يقول: “كانت بسيطة وقاسية تقوم في الأساس على زراعة أشجار النخيل والمانغو وحبوب القمح والشعير في الوعوب الجبلية الواقعة بالقرب من المنطقة ورعي الأغنام والماعز، حيث كنا نأكل من خيراتها ونكسب الرزق منها كبقية سكان المناطق الجبلية المجاورة، وكان بعض الأهالي يقومون بتربية ورعي الماشية والأبقار وبعضهم الآخر يعملون بالتجارة والمقايضة مع التجار الذين يأتون بقواربهم إلى السواحل البحرية لمدينة الفجيرة ومنطقة مربح ومدينة كلباء التي تقبل من منطقة بندر عباس محملة بالعديد من احتياجات الأهالي من سكر وأرز ودقيق وبن وبهارات وأقمشة وبعض احتياجات النساء” .
كان بعض الأهالي يعتمد في حياته على جمع العسل البري والحطب وتحويله إلى سخام “فحم” وبيعه من خلال الرحلات التجارية الى أسواق المدن المجاورة .
وهكذا عاش أهالي سكمكم في الماضي ظروفاً قاسية وصعبة كلها تعب وعناء بسبب طبيعة المنطقة الجبلية والعيش في منازل مبنية من الطين والحجارة، وقلة موارد الرزق إلى أن انتقلنا عام 1976 إلى حياة جديدة ملأى بالسعادة والراحة وعشنا في بيوت حديثة مبنية من الطوب والأسمنت بناها لنا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله وفي تلك الفترة تغيرت الحياة على أرض القرية وانتقلنا إلى منازل مريحة وكبيرة غلب عليها الطابع المعماري الحديث ومجهزة بكافة الخدمات ووصلت الكهرباء والمياه والاتصالات لكل منازل سكمكم وتعبدت الطرق الخارجية والداخلية للمنطقة ولا ننسى دور المغفور له الشيخ محمد بن محمد الشرقي حاكم الفجيرة آنذاك ومن بعده صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، اللذين لم يقصرا في تقديم أي خدمات ويقومون بتلبية احتياجات كافة المواطنين من مختلف المناطق بعد أن منّ الله علينا بالاتحاد وتغيرت أوجه الحياة في الإمارات، وكان لكل مناطق الفجيرة، الحظ الوافر من هذا التطور .
الوالد عبيد علي الزحمي يقول: “كان عدد بيوت أهالي سكمكم قديماً نحو20 بيتاً منها الشتوي المبني من الحجارة السوداء والطين المطعم بالحصى وأغصان أشجار النخيل والسدر والسمر، ومنها الصيفي الذي يسمى “العريش” المبني من سعف وجريد النخيل وأغصان السمر والسدر، وبعض الأهالي كان يعيش خلال مواسم هطول الأمطار في كهوف جبلية ما زالت موجودة حتى وقتنا الحاضر، وكان عدد أهالي القرية لا يتجاوز الثلاثين فرداً كلهم من القبائل العربية الأصيلة يعيشون على المحبة والود والتعاون والاحترام .
ويشير إلى أن حياة الماضي، برغم ظروفها القاسية والصعبة، إلا أنها كانت أفضل من الحياة الآن نظراً لوجود البركة وقوة الصلات الاجتماعية التي تحكمها العادات والتقاليد العربية والاحترام والتقارب والتراحم بين جميع الأهالي من كافة المناطق في الماضي قبل الانشغال بالوظائف وتشعب الاهتمامات التي نشهدها اليوم .
وعن التعليم في الماضي يقول راشد محمد علي اليماحي: “في الماضي لم تتوافر مدارس وإنما التعليم كان على يد أحد كبار السن من المطاوعة من داخل المنطقة أو خارجها عبارة عن حلقات دينية وتعليم القرآن في أماكن تجمع الناس لأداء الصلاة وأكثر الحلقات الدينية التعليمية كانت تقام في مسجد عبد الله بن عمير وكان المطوع يحظى بالاحترام من قبل الجميع أما في الوقت الحاضر انتشر التعليم وتطور من كافة النواحي وأصبح أبناء وبنات سكمكم يدرسون في مدارس الفجيرة نظراً لقرب المنطقة من المدينة” .
ياسر راشد الحفيتي يقول: “منطقة سكمكم شهدت نقلة نوعية كبيرة في كافة الخدمات وخاصة المنازل ويعود ذلك لاهتمام رئيس الدولة وحكام الامارات بالمواطنين من كافة مناطق الدولة” . وأضاف: تعتبر منطقة سياحية وتاريخية وطبيعية خلابة فهي تتميز بوجود القلعة التاريخية “قلعة الجبل” ومسجد عبدالله بن عمير القديم إضافة إلى العديد من البيوت والمنازل القديمة التي عاش فيها الأجداد والآباء منذ زمن بعيد كما كانت تتميز بالعديد من الآثار التي اندثرت بسبب التطور العمراني الذي حصل في المنطقة، و كانت تشتهر بأرض الافلاج والزراعة حيث كانت المنطقة تزخر قديماً بالأفلاج والعيون المائية ومازال هنال العديد من الأفلاج القديمة المتوافر فيها الماء على مدار أيام السنة ويستخدم في سقي المزروعات .
وأكد أن المنطقة تتميز بالطبيعة الجبلية الخلابة حيث تحيطها الجبال من كافة النواحي، وجبالها مطلة على مدينة الفجيرة .
خالد اليماحي يقول: عرف عن أهالي سكمكم منذ القدم عامة أنهم أهل كرم و طيبة ويتميزون بحسن الضيافة والشجاعة والشهامة وما زالت هذه الصفات موجوده في أهالي سكمكم . وما زال العديد من الاهالي يتمسكون بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة.
ويؤكد اليماحي: سكمكم منطقة مريحة ولا تشهد إزعاجاً، وما زال الجيران يقومون بمساعدة بعضهم بعضاً في الأعمال الحياتية كرعي الغنم، والبحث عن العسل، وزراعة حبوب البر والشعير في الوعوب الجبلية الواقعة على الجبال الغربية لمنطقة سكمكم، ويتساعدون على لقمة العيش، وعلى جميع المناسبات الاجتماعية يقدمون ما يلزم لتلك المناسبة من احتياجات .
سعيد السماحي مدير هيئة الفجيرة للسياحة والآثار يقول: “تتميز المنطقة بوجود القلعة مبنية من الحجارة الصلبة السوداء، والطين المطعم بالحصى وسعف وجريد النخيل، وبنيت على تلة عالية يصل ارتفاعها إلى 13 متراً تشرف على المنطقة والمناطق المجاورة، وتتكون من برج دائري الشكل، غرفة ومطبخ وحمام وسجن صغير الحجم وساحة خارجية على المدخل الامامي للقلعة . وأوضح السماحي: “القلعة تمثل شموخ وعظمة الماضي وتحكي تاريخ الفجيرة بشكل عام ومنطقة سكمكم بشكل خاص، وتتميز بالطابع الهندسي الدقيق وبمكانتها وصلابتها وموقعها المناسب لذلك استخدمت لحماية المناطق الزراعية التي شكلت في تلك الفترة عصباً اقتصادياً لجميع السكان كما استخدمت لأغراض الدفاع عن المنطقة والأراضي الزراعية وللسيطرة على الممر الواقع ما بين الساحل والأراضي الداخلية عبر فترات التاريخ المتعاقبة .
ويؤكد السماحي: “قامت هيئة الفجيرة للسياحة والآثار مؤخراً بإعادة ترميم وتأهيل القلعة نظراً لقدمها، وما تبرهن عليه من حقائق للسياح والأجانب، وذلك ضمن خطة الهيئة الراميه لإعادة ترميم المواقع الأثرية في الإمارة التي تتمثل في تفعيل وتوظيف السياحة الأثرية في الإمارة لاستقطاب الكثير من السياح والزوار” .

Related posts

One Thought to “سكمكم أرض الأفلاج والزراعة مناخها المعتدل وطبيعتها الجبلية جذبا السياح”

  1. شكراً على الموضوع الجميل ،
    عيبني وايد ؛ وفعلاً المنطقة جداً جميلة
    بس لو نمحي الكسارات لي في اليبال .

Comments are closed.