نقص الخدمات يعكر صفو جمال «الحلاة» .. بلدية دبا: المنطقة مشمولة بالخطة التطويرية للفجيرة قبل نهاية العام

2652102284

من بعيد تبدو أضواء منطقة الحلاة بين جبال الفجيرة وكأنها خيام متنزهين حملتهم المغامرة للنأي عن صخب الحياة، ورويداً حين الاقتراب منها تقف على قرية ترتمي بين أحضان الجبال مطمئنة لم تبخل عليها الطبيعة بعطايا الهدوء والجمال ولا يعكر صفوها سوى نقص بعض الخدمات الأساسية، فالطرقات بلا إنارة، والخدمات الصحية يوفرها مركز صحي يختص بالعلاجات العادية، فمستشفى دبا الأقرب إليهم للعلاج، ويزداد الأمر سوءاً عند كبار السّن وذوي الإعاقة ومن يعانون من أمراض مزمنَة تحتاج متابعة مستمرة كأمراض الكِلى والضغط وغيرها دون تكبد عناء الانتقال.

بلدية دبا الفجيرة لم تنكر حجم معاناة أهالي المنطقة، وأكدت أنها مشمولة بالخطة التطويرية العامة لإمارة الفجيرة، التي ستنجز قبل نهاية العام الجاري، مؤكدة وبحسب المهندس حسن سالم اليماحي مدير عام البلدية أنها ستعمل على زيادة عدد المساجد والمدارس القريبة من المنطقة لتوفير التعليم لجميع أبنائها وتعبيد الشوارع وفق معايير معتمدة من جهات الاختصاص ضمن خطط مستقبلية، والعمل على تلبية جميع متطلبات الأهالي فيها، مشيراً إلى أنه تم توفير مركز صحي ومسارات للوديان لتجنب مخاطرها على الأراضي السكنية، فالمنطقة كما قال اليماحي، معمورة بالسكان وتم منح عدد من الأراضي السكنية لوزارة الأشغال العامة لبناء المساكن الشعبية وتوفير الحياة الكريمة لأهلها.

جولة استطلاعية

«البيان» زارت المنطقة مروراً بقرى البصيرة ووادي سنا على بعد 15 كم جنوب دبا، واستطلعت حال أهلها والخدمات التي تقدم لهم، وكانت البداية مع الوالد سيف سعيد أحمد الزيودي من كبار أعيان «الحلاة»، الذي قال إن الخدمات هنا لا تواكب تزايد الأهالي، فالشوارع ترابية ومظلمة لانعدام الإنارة فيها، مطالباً بتعبيد الطرق الداخلية وإنارتها وتوسعة مساراتها، وتوفير حاويات وبراميل لجمع النفايات، وبناء جسر على مدخلها على اعتبار أن انخفاض المدخل يسمح بمرور السيول التي تعزل المنطقة بشكل نهائي، خصوصاً أننا مقبلون على موسم الشتاء.

وأشار إلى أن البلدية منذ اعتمادها لم يشاهد لها أي جولة أو زيارة تفقدية للمنطقة، بالإضافة إلى مبنى مدرسة «الحلاة» للتعليم الأساسي الحلقة الثانية بنين والتي تأسست في الثمانينات، حيث لا تزال المدرسة في مبنى متهالك.

هدوء وجمال ينقصهما اكتمال الخدمات في الحلاة

منوهاً بأن الحاجة أضحت ملحة لوجود مركز شرطة أو نقطة أمنية تغطي جميع المناطق التي تتسع وتتمدد رقعتها عمرانياً وسكانياً بشكل متسارع على امتداد مسافة شارع دبا – مسافي، إضافة إلى وجود كثير من الشركات والعمالة الأجنبية التي لا يخفى على الجميع خطرها، لافتاً إلى صغر حجم المساجد في المنطقة والتي يصل عددها إلى 5 فقط.

أعذار متكررة

وعلى الرغم من ذلك يدفع حرص الأهالي على البقاء في المنطقة وتجنب فكرة النزوح عنها باتجاه المدن إلى مطالبة الجهات المختصة بمساعدتهم بحلول جذرية لمشكلة انقطاع المياه، حيث يقول سعيد محمد علي: لا أستطيع أن أقول شيئاً ولا أنكر الجهود التي تقوم بها الدولة عموماً لتنمية الإنسان المواطن وتطوير هذا الوطن الطيب، إلا أني على أرض الواقع الذي أعيشه لا أرى ما يعكس ولو شيئاً يسيراً من آمالنا، فهناك الكثير ممن نزح ورحل عن منطقتنا بحثاً عن الخدمات، خصوصاً أننا نتطور تعليمياً ووظيفياً، مقابل بقاء الوضع على ما هو عليه من ناحية الخدمات، فعليك أن تتصور مدى الأعوام الأربعين وأكثر دون خدمات وكأنك في عزلة تامة.

وأضاف: الوعود والأعذار كثيرة، ولا نعرف السبب لعدم التحرك، ولكن فعلياً نريد على الأقل رصف الطرق الداخلية ودعمها بإنارة بين الأحياء السكنية، حيث إن هناك مناطق لا يوجد بها إنارة نهائياً وتشكل حالة من الرعب بين الأهالي وهي تغرق في الظلام، وإيجاد طرق بديلة مجهزة للمنازل المبنية حديثاً.

أحد المساجد في المنطقة

ويشير بعض أهالي القرية إلى معاناتهم خلال فصل الشتاء، عند هطول الأمطار التي تتراكم على الطريق غير المعبد الواصل بين الشارع الرئيسي والمنطقة، بطول ثلاثة كيلومترات، إذ كثيراً ما تتعطل مصالحهم وتتضرر مركباتهم أو يتعرضون لحوادث سير. كما لا توجد تغطية جيدة للهواتف المحمولة وكذلك الثابتة الأرضية، ما يجعلها في فترات كثيرة خارج التغطية من جميع الخدمات.

جدران متصدعة

وفي زيارة للشعبية القديمة التي شيدت قبل 40 عاماً رصدت عدسة «البيان» جدران المنازل المتصدعة، والتي لا تزال تقاوم الزمن على الرغم من محاولات ساكنيها إصلاح وترميم بعض من جوانبها.

حيث تواجه السبعينية موزة عبدالله وعدد من أبنائها خطر سقوط سقف منزلهم الآيل للسقوط والذي تقطن فيه منذ 40 عاماً تقريباً، وقالت: يعد منزلنا إلى جانب منازل جيراني في الحي نفسه ضمن فئة المساكن الآيلة للسقوط منذ فترة طويلة، وعلى الرغم من مراجعتنا المستمرة للجهات المختصة، إلا أن الوضع بقي كما هو عليه مستبعداً من الدعم السكني.

وأضافت: مع مرور الوقت قمنا بتوسعة وإضافة غرف، وحاولنا تعديل وترميم أجزاء المنزل، إلا أن تأثره المستمر بأحوال الطقس ازداد الوضع سوءاً، وأصبحنا نخشى خطر التعرض لأي مكروه بعد تهاوي أجزاء من المنزل أخيراً بشكل مفاجئ.

وأشارت إلى أنها تعاني من أمراض مزمنة، حيث منّ الله عليها بـ16 ابناً وبنتاً، وهناك من تزوج من أبنائها الذكور وبقي في المنزل، إلى جانب أبنائها الصغار الذين ما زالوا على مقاعد الدراسة. آملة أن يلتفت المسؤولون لرغباتهم بمنازل جديدة ولائقة طال انتظارها طويلاً.

وناشد المواطن أحمد الصريدي المسؤولين بالنظر إلى المنطقة وإزالة المنازل القديمة والتي باتت تشكل خطراً على ساكنيها، قائلاً: إن 90% من المنازل قديمة متساقطة وبعضها غير صالح للسكن ومنها منزله الذي لم يعد يصلح لأية عمليات صيانة وترميم، لا سيما أن أبناءه المتزوجين ما زالوا يسكنون معه على اعتبار عدم حصولهم لغاية الآن على دعم من البرامج الإسكانية ليقوموا بالبناء، ولديه أبناء مقبلون على الزواج.

غياب المخطط التنظيمي

الدكتور سلطان المؤذن عضو المجلس الوطني الاتحادي السابق، أشار إلى غياب المخطط التنظيمي في منطقة الحلاة وما يجاورها من مناطق أخرى، ما يجعل عملية البناء عليها لا تعتمد على أية معايير، وبالتالي تأخر الخدمات التي تصل إلى الأهالي، في ظل غياب المخططات النظامية التي توزع على الأهالي للبناء عليها، فيما من يبني حالياً لا يمكنه توصيل الكهرباء والمياه أيضاً، كما أن هذه المنطقة في حاجة حالياً إلى مرافق خدمية تعليمية وصحية تحديداً، وإلى نقطة أمنية أو مركز للشرطة يواكب خدمة الأهالي.

وقال أحد أبناء المنطقة سالم أحمد سعيد غاصب: إنّ المنطقة تعاني من نواقص كثيرة منذ فترة طويلة من الزمن ومحرومة من الطرق المعبدة، حيث إن الطرق الداخلية تكثر فيها الحفر، إلى جانب فروقات في البناء.

10

يعود اسم “الحلاة” إلى أحد الجبال فيها، كما تقع الغالبية العظمى لمساكنها وسكانها أسفله، ويسمى جبل “الحلاة”، وتبلغ مساحة المنطقة حوالي عشرة كيلومترات مربعة، ومعظم أراضيها تعتبر أرضاً زراعية أو قابلة للزراعة، سكن أهلها الأولون الجبال المحيطة بالسهل، ثم بعد قيام الاتحاد انتقلت قبائلها الثلاث التي تشكل السكان القرية من الجبال إلى السهل المبنسط غير بعيدين عن مكان الميلاد.

حلول

صهاريج «الهيئة الاتحادية» تجوب المنطقة لسد نقص المياه

لا تزال صهاريج المياه التابعة للهيئة الاتحادية للكهرباء والمياه تجوب بين المنازل لتعبئة الخزانات الخارجية، وتؤكد عائشة اليماحي من وداي سنا والتي فضلت التحدث حول مشكلة نقص المياه، بعد رفض عدد من الأهالي بمناطق قريبة التحدث حول الأمر وتأكيد توفيرها من قبل الهيئة الاتحادية الكهرباء والماء أخيراً.

مشيرة إلى أن المنطقة محرومة من خدمة المياه للآن ويتم جلبه عن طريق الصهاريج التابعة للهيئة مرتين في الأسبوع وتعبئة الخزانات حسب الكميات المخصصة والتي في كثير من الأحيان لا تسد الحاجة لارتفاع معدل استخدامات المياه العديدة، وأكدت أن الهيئة توفر المياه الصالحة للشرب وليس للاستخدامات المنزلية، إلا أنه في عدم وجود شبكة مياه يجبرهم على استخدامها لأغراض مختلفة، مطالبة الجهات المعنية بالسعي إلى توصيل شبكة المياه في أسرع وقت ممكن.

معاناة

تراجع الأمطار يفاقم الحاجة للمياه

أكد سالم سعيد بأن نقص خدمة المياه أصبح قضية تؤرق أهل المنطقة. في ظل صمت الجهات المسؤولة في المنطقة، وعدم الاهتمام من قبل المواطنين لكارثة نقص المياه التي تزداد سوءاً مع مرور الأيام وبالذات في فصل الصيف، يدعمه نقص حاد بكميات الأمطار في المنطقة وعدم وجود ما يعوض ذلك. (موقع الطويين : البيان)

Related posts