“منطقة وم” في إمارة الفجيرة مخازن البر والتاريخ تبعد 10 كيلومترات عن دبا الفجيرة

355
تعد منطقة وم الجبلية إحدى القرى التابعة لمدينة دبا الفجيرة واحدة من أبرز المعالم الأثرية والتاريخية التي تميز المنطقة الجبلية في إمارة الفجيرة نظراً لوجود قرية أثرية تعود لمئات السنين تحتوي على بيوت ومخازن القمح والتمور القديمة والعديد من الآثار التاريخية للأهالي الذين سكنوا تلك المنطقة في الماضي . ونظراً للأهمية التاريخية للمنطقة ومعالمها الأثرية والطبيعية “الخليج” زارت المنطقة ورصدت التقرير التالي:
على بعد 10 كيلو مترات شمال غربي دبا الفجيرة تقع قرية وم بين أحضان الجبال العالية وذات الألوان المختلفة والمحاذية لجبال دبا البيعة التابعة لسلطنة عمان .

تشتهر المنطقة بوجود قرية تاريخية قديمة تحتوي على منازل قديمة يتجاوز عمرها 400 عام مبنية من الحجارة والطين وصاروج النخيل، كما تشتهر بوجود مخازن البر “القمح” ومخازن التمور إضافة إلى الآبار والأفلاج القديمة التي تعود لمئات السنين، واشتهر سكان وم من قبائل الحفيتي منذ القدم بالزراعة بأنواعها وخاصة النخيل وحبوب البر والشعير والذرة ونباتات الغليون، وجمع الحطب وتحويله إلى سخام “فحم” إضافة إلى تربية ورعي الأغنام والأبقار باعتبارهم من المصادر الأساسية لتوفير لقمة العيش الكريم في ذلك الوقت، ولعبت الأمطار السنوية ووجود عين مياه وم العذبة والوديان والأفلاج والآبار الجوفية العذبة الدور الكبير في خضرة قرية وم وخصوبة أرضها .
كما تتميز منطقة وم بمعالمها التاريخية والأثرية التي تبرز التاريخ العريق لابن المنطقة وببيئتها البكر ومزارعها الغناء وبعيون المياه وجبالها الشاهقة التي تحضنها من جميع الجهات .
بعد الجولة بالمنطقة واكتشاف معالمها التاريخية والطبيعية توجهنا الى بيت الوالد راشد علي خميس الحفيتي (أبو سعيد) الذي حدثنا عن المنطقة قائلاً: سكان المنطقة عددهم محدود ربما لا يتعدون 400 نسمة ينتسبون إلى قبيلة الحفيتي، من القبائل العربية الأصيلة، ما زالوا محافظين على عادات وتقاليد الآباء والأجداد ويشتهرون منذ القدم بالشجاعة والكرم والنخوة وحب الوطن” .
أضاف: “عاش أهالي المنطقة قديماً في قرية وم القديمة في المنازل التي ما زالت موجودة حتى وقتنا الحاضر ومحافظين عليها أشد المحافظة ونحرص على زيارتها والاهتمام بها بشكل مستمر لأنها تعبر عن التاريخ العريق لأهالي المنطقة الذين عاشوا على أرض وم لمئات السنين، المنازل مبنية من الطين والحجارة والصاروج بطريقة هندسية، بجانبها العديد من الآبار القديمة ومخازن الحبوب، ومعيشة الأهالي في الماضي كانت بسيطة، اعتمدوا فيها على جمع الحطب وصنع السخام منه “الفحم” والعسل والتمور وبيعها في أسواق دبا والشارقة عن طريق الرحلات التجارية التي كان يقوم بها بعض أهالي المنطقة والمناطق المجاورة، كما اعتمد الأهالي على زراعة أشجار النخيل والمانغو الهامبا وزراعة الدخن “الغليون” وزراعة اليح والحبوب مثل الشعير والبر، مشيراً إلى أن المنطقة تميزت منذ القدم ومازالت حتى وقتنا الحاضر عن غيرها من المناطق المجاورة بكثرة المياه سواء العيون أو الآبار العذبة أو مياه الأودية التي تتملى بالمياه في مواسم الأمطار، ما جعلها من أكثر المناطق المعروفة بزراعة النخيل والحبوب المختلفة لذا أصبحت منطقة خضراء بمزارعها وطبيعتها الجبلية الخلابة .
الوالد راشد علي أحمد الحفيتي (أبو محمد) 68 عاماً يقول: منازل الأهالي قديماً كانت قليلة ومنها البيوت الشتوية المبنية من المواد المحلية، الحجارة السود والطين المطعم بالحصى الصغير وجريد وسعف النخيل، ومنها الصيفية وهما نوعان الأول يسمى بالعرش من سعف وجريد النخيل والذي يسكن فيه الأهالي في مواسم الصيف وسط المزارع والثاني عبارة عن خيام من سعف النخيل والحجارة، وكان السكان يمارسون أعمال الزراعة ورعي الأغنام وتربية الأبقار، إضافة إلى جمع العسل البري من الكهوف الجبلية والحطب وصناعة الفحم وبيعه، كما كان بعض الأهالي يقوم بمهنة تكسير الحجارة وبناء منازل الأهالي بواسطة الحجارة والطين بطريقة هندسية محكمة خاصة المنازل الشتوية” .
ويضيف: “عاش الأهالي في الماضي ظروفاً صعبة وقاسية إلى أن قامت دولة الاتحاد التي قادها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وانتقل أهالي وم في عام 1976 إلى حياة رحبة بعد الانتقال إلى العيش في بيوت شعبية بناها لنا الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمهما الله، ومنذ تلك الفترة انتقل جميع الأهالي من العيش في منازل بدائية كانت تهددهم بالخطر والخوف خاصة في مواسم الشتاء نظراً لوقوعها أسفل الجبال إلى العيش في منازل مريحة وحديثة مجهزة بكافة الخدمات، وغلب عليها الطابع المعماري الحديث كما تطورت المنطقة من الجوانب كافة ليس فقط البيوت الحديثة بل تعبدت الطرق، ووصلت الكهرباء والمياه والاتصالات إلى كل بيت وأصبحت الحياة أكثر سعادة مما كانت عليه في الماضي .
الوالد محمد سعيد الحفيتي يؤكد أنه بالرغم من التطور الكبير الذي جرى بالمنطقة من كافة النواحي إلا أن أهالي منطقة وم ما زالوا محافظين على العادات والتقاليد العربية وعلى عادات الآباء والأجداد والكل يعمل على غرس تلك العادات في نفوس الأجيال الجديدة من الأبناء، ومن أهم ما توارثه أبناء المنطقة من الآباء والأجداد صلة الرحم وإكرام الضيف والتعاون مع بعضهم بعضاً والتزاور الدائم والوفاء والحب للوطن وللقيادة الحكيمة التي لم تقصر يوماً في تقديم أي خدمات واحتياجات للمنطقة .
عن وسائل العلاج التي اتبعت بين أهالي المنطقة والعديد من المناطق المجاورة يقول الوالد خميس محمد الحفيتي: “تميزت المنطقة بوفرة النباتات والأعشاب الطبية التي تكثر على سفوح جبال المنطقة في موسم هطول الأمطار، وحول عين المياه بالمنطقة ومن أبرز هذه الأعشاب عشبة الجعدة والحرمل والكرمل والشريشي ولحلول والزعتر البري والحميض ونبات الحناء البري واشجار السمر والسدر والغاف وغيرها من النباتات والأعشاب البرية التي استخدمها الأهالي للتداوي من العديد من الأمراض مثل الصرع والصداع والأمراض الخبيثة، وهناك أيضاً نباتات الصبر والخجل والخيل التي كان يستخدمها الأهالي لفرك أجزاء جسم الطفل في أول شهور عمره، وكنا أيضاً نستخدم الوسم لعلاج أمراض الورم والأمراض الخبيثة وغيرها” .
وأضاف إن الحياة في الماضي في منطقة وم كانت بسيطة والمنطقة تنعم بالكثير من الحيوانات البرية، مثل الغزلان التي كانت تقترب منا لمسافة قصيرة، والقليل من الوعل في بعض المناطق، وكان الأهالي ينصبون الفخاخ الخاطوف التي كانت تصنع من سعف النخيل لاصطياد تلك الحيوانات بالقرب من منابع الماء التي كانت تأتي لتشرب منها، وفي حال اصطياد الحيوانات الصغيرة كانوا يربونها إلى أن تكبر . كما كانت المنطقة تعرف بأرض الزراعة وأرض النخيل حيث ينتج نخيلها أفضل أنواع التمور وما زال حتى وقتنا الحاضر نظراً لخصوبة أرض وم ولكثرة المياه العذبة المتوافرة في عين المياه والأفلاج والطوي ولامتهان الأهالي الزراعة منذ القدم وتوافر الخبرة الكافية لديهم .
محمد علي يقول: “تتميز منطقة وم عن غيرها من المناطق أنها منطقة تاريخية وأثرية تضم العديد من المعالم الأثرية التي تعود لمئات السنين منها المنازل القديمة والآبار والفلاج التي استخدمها الأهالي في الماضي كما تتميز المنطقة بوقوعها بين الجبال العالية وبالهدوء الشديد، والطقس المعتدل وانعدام الرطوبة، كما أنها منطقة زراعية منذ القدم وتنتشر بين جبالها العديد من المزارع الخضراء نظراً لوجود عيون المياه والبرك والآبار العذبة التي توجد فيها المياه على مدار أيام السنة .
سعيد عبدالله حسن الحفيتي يقول: “أهم ما يميز منطقة وم عن غيرها بمناطقها الساحرة وموقعها بين الجبال العالية المحاذية لجبال منطقة دبا البيعة، كما أنها تتميز بوجود التراث والتاريخ القديم . ويضيف: “لمنطقة وم طابع خاص لأبنائها الذين ولدوا وعاشوا فيها، فنحن الآن وفي ظل الاتحاد المبارك الذي أقامه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وإخوانه حكام الإمارات، تحولت حياتنا إلى النقيض، حيث أصبحنا في بحبوحة من العيش ونمتلك كل شيء من بيوت حديثة وفخمة وسيارات فارهة ووظائف مريحة ومجزية .

سبب التسمية

عن سبب تسمية منطقة وم بهذا الاسم يقول محمد سعيد الحفيتي: “منذ القدم وهذا الاسم متداول بين الأهالي والبعض يقول إنه يرجع لكثرة الظبيان التي كانت داخل الكهوف الجبلية للمنطقة، ما يؤكده المثل الشعبي المعروف لدى أهالي المنطقة والمناطق المجاورة “وم الظبيان فيها تنضم” وهو مثل شعبي عربي عرف بين الأهالي في الماضي، وما زال حتى وقتنا الحاضر ( موقع الطويين : الخليج )

Related posts