«القيظ» موسم خير النخيل وجني الرطب عادة يحييها أهل الإمارات منذ القدم

355 (1)

لعل النخلة، أم الشجر، وثمارها أطيب الثمر، وعطاؤها تماماً كعطاء الأم بلا حدود، في ظلالها نتفيأ وفي سعفتها نستظل ونأمل ونتأمل، وفي قطوفها الخير العميم، لذا لا عجب أن يكون للنخيل في الإمارات كل الرعاية فهي تجسد القول المأثور: «زرعوا فأكلنا، ونزرع فيأكلون».

لذلك يبشر قدوم موسم الصيف «القيظ» في الإمارات بموسم الرطب الذي يحييه الإماراتيون من كل الفئات العمرية من خلال جمع التمور بأنواعها، وتجفيفها على أسطح خاصة مصنوعة من سعف النخيل وتخزينها بأفضل الطرق للحفاظ عليها لأطول مدة ممكنة، خاصة الطرق القديمة المعروفة لدى الأجداد والآباء، لبيعها، ومن فيض «نعم» النخلة ظلها وسعفها وثمارها وعطاؤها وبهاؤها وزينتها.
الوالد علي سعيد الدهماني من منطقة المنيعي برأس الخيمة يقول: «موسم جني الرطب كان في الماضي يبدأ بانتقال أهل المنطقة الزراعية سواء الجبلية أو الصحراوية التي تشتهر بزراعة أشجار النخيل والوافدين إليها نحو مزارع أشجار النخيل، وكان الأهالي يقومون ببناء الخيم وبيوت العريش للسكن فيها خلال مدة جني الرطب، أي مدة الصيف أو ما كان يسمى ب«المقيظ»، كما كان الأهالي يقومون بتجهيز “المساطيح” المصنوعة من سعف وجريد النخيل التي يوضع عليها التمر للتجفيف على مستوى عال عن سطح الأرض ويتم وضعه في مكان بعيد عن التلوث.

ويؤكد الدهماني إن في الماضي لم يكن هناك العديد من أنواع وأشكال التمور المختلفة الموجودة في وقتنا الحاضر حيث يوجد حالياً العديد من الأصناف المختلفة من أشجار النخيل للحصول في بداية الموسم على الأنواع التي تثمر باكراً، وبعدها بأيام على أنواع أخرى، لاستمرار مدة جني الرطب لأطول مدة ممكنة والحصول على أفضل أنواع الرطب المشهورة على مستوى الخليج العربي، بشكل خاص والوطن العربي بشكل عام، حيث يمتاز النخيل في الإمارات بالإنتاج المبكر، إضافة إلى ثماره الجيدة، حيث تبدأ الشجرة بالإثمار ابتداء من السنة الرابعة لمعظم الأصناف، وأحياناً في السنة الثالثة، وهذا يدل على مدى الرعاية التي تحظى بها مزارع النخيل في كل مناطق الدولة. wويقول الدهماني: «ينتهي موسم الجني مع انتهاء موسم القيظ ودخول موسم «الخريف» أي مع نضوج التمر، وبعد تخزين جزء من التمور في أوعية مصنوعة من سعف النخيل أو القش تسمى «اليراب» أو تخزينه في أوان فخارية مجهزة له.
وعن طقوس الأهالي في مواسم جني التمور يقول الوالد محمد عبدالله علي الكندي من منطقة الحيل بالفجيرة: «تجمع ثمار النخيل في أربع مراحل وهي البسر وذلك في الأصناف التي يمكن أكل ثمارها بسراً مثل البارحي واللولو والخنيزي والخصاب والهلالي، وهناك مرحلة ثانية تجمع فيها الثمار عند بداية الترطيب ويكون ذلك بصفة أساسية في الأصناف المبكرة مثل النغال والمناز للحصول على أسعار عالية في أول الموسم، أما المرحلة الثالثة فتجمع فيها الثمار بعد اكتمال ترطيبها وتحول معظم المواد النشوية إلى مواد سكرية ويكون ذلك في الأغلبية العظمى من أصناف النخيل، والمرحلة الأخيرة جمع الثمار بعد جفافها على الأشجار وتتم في بعض الأصناف التي لا تتلف كثيراً نتيجة ترك ثمارها على الأشجار تجف جفافاً طبيعياً، وبعد جني التمور يقوم الأهالي بتوزع جزء منها ويخزنون الآخر، ويبيعون الفائض منه، ويعتبر ذلك الموسم رمزاً للعمل والعطاء للجميع حتى بالنسبة إلى الأطفال الذين كانوا يشغلون أوقاتهم بلمّ الرطب والتمور المتساقطة على الأرض.

وأوضح الكندي أن أرض الفجيرة، خاصة وأرض الإمارات عامة تزدهر حالياً بأشجار النخيل وأنواع الرطب والتمور المختلفة بأصنافها ومذاقها، ويعود هذا الانتشار لتوافر المياه الصالحة للري وكثرة هطول الأمطار على العديد من مناطق الفجيرة والمناطق المجاورة، وتوافر الخبرة الكافية لدى العديد من الأهالي والرعاية والأسمدة وعملية التقليم السنوية التي تجرى لها.
ويؤكد سعيد محمد بن سيف أبو راشد من منطقة الفرفار بالفجيرة أن لشجرة النخيل مع ابن الفجيرة خاصة، وابن الإمارات عامة تاريخ عريق، حيث التصق بها وأحبها، لأنها تدخل في كثير من أمور حياته، فمنها اتخذ غذاءً وعلاجاً، وناراً، واستعملها في البناء، وأغراض حياته اليومية مثل المشغولات اليدوية المصنوعة من سعف وجريد النخيل كالسلال والحقائب و«المكب» الذي يغطى به الطعام، والصرود «طبق القش» وغيرها من منتجات سعف النخيل المتواجدة في كل بيت إماراتي، كما لا بد من وجود التمر في كل بيت لقيمته الغذائية، وارتباطه بكرم الضيافة مع القهوة العربية، واستمراراً لعادات وتقاليد الأجداد والآباء.

رعاية

راشد علي راشد عبيد اليليلي من منطقة ممدوح يقول إن موسم حصاد الرطب يلقى اهتماماً من قبل الجيل الجديد من كافة مناطق الدولة، وذلك للحفاظ على العادات والتقاليد التي كان يقوم بها الأجداد، حيث ما زال هناك العديد من أبناء الجيل الجديد يقوم بالاهتمام بشجرة النخلة من كل النواحي ويحرص على رعايتها أشد الاهتمام والرعاية سواء القيام بأعمال السقي أو التقليم أو جني التمور، ثم القيام بعمليات التخزين على الطرق القديمة المعروفة لدى الأهالي.

ويقول اليليلي: «أثبتت العلوم الطبية أن ثمرة النخيل فيها الغذاء ومنها تشتق بعض الأدوية وتسهم في علاج بعض الأمراض».(موقع الطويين : الخليج)

Related posts