«الزفة» القديمة استعراض للفرح وعنوان التشارك الاجتماعي

من المشاهد المبهجة التي يترقبها أهل العروسين في ليلة الزفاف، “زفة المعاريس” وهي الموكب الذي يحيطهما ليوصلهما إلى بيت الزوجية، وفي المنطقة الشرقية من الشارقة، كان لهذا الموكب قديما نكهة مميزة، ففي عادات بعض القبائل هناك، كانت الزفة تبدأ بأن يذهب المعرس إلى منزل العروس راجلا على قدميه في موكب مهيب ومبهج، ويعود بها في موكب آخر وهما على ظهور الإبل.

(الشارقة) – الزفاف وما يعد له بالمنطقة الشرقية في الإمارات حدث مميز وله عادات أيضا كانت مميزة، وإلى اليوم تشتهر المدن في المنطقة الشرقية مثل كلباء وخورفكان، من المدن التي يحافظ أهلها على إحياء أفراحهم حسب الطريقة الشعبية القديمة، إلا أن الجميع تخلوا عن الزفاف على ظهور النوق أو الإبل، ولكن لا يزال الأهالي يبتهجون حين يرون تقليداً له.

خلال أيام الشارقة التراثية تتم دائماً محاولة تأصيل العادات التراثية في الذاكرة ولتعريف الأجيال الجديدة، ومن مدينة كلباء تحدث لنا عبيد محمد الزعابي عن الزفاف قديما، فقال إن مدينة كلباء تخرج تقريبا كلها للمشاركة، وهو يوضح قائلاً إن غالب الشباب يلازمون صديقهم المعرس او العريس، سواء عند وضع الحناء له في باطن القدم والكفين، أو عند حلاقته الخاصة بالزفاف، وهم يوزعون العمل بينهم من أجل تنفيذ المهام التي تقع على عاتق صديقهم، وخاصة الشباب من عائلته، وتأتي بعد ذلك المعونة بعدة صور سواء عند إطعام الضيوف والمشاركين في الاحتفالات من أهل المدينة، كما يسير الجميع في موكب عند رحلته سيرا على الأقدام إلى منزل والد العروس.

 يقول إن المنزل ربما يكون قريبا جدا ولكن يتم تنفيذ تلك الخطوة التي تعد أحد أركان العرس، وهي أن يسير المعرس ليلة الزفاف، وتكون العودة بها إلى منزله على ظهر الناقة. وكان يستحب أن يتزوج الرجل وهو شابا في عمر ما بين الخامسة عشرة إلى السابعة عشرة.

الرجولة المبكرة

يتابع عبيد الزعابي:كانت الرجولة تبدأ باكرا عندما يعتاد عادات وتقاليد الرجال، فالرجولة مختلفة عن الفحولة أو الذكورة، لأنها مفهوم يعني تحمل المسؤولية الكاملة، عن الانفاق المادي والكلمات التي يقولها والأفعال التي يقوم بها، لأن الشاب يتحمل المسؤولية مبكرا، وعندما يتزوج يكون لديه مهر من كسب حلال عمل عليه بنفسه( من كد يمينه) وأيضاً لأنه كان يتعلم حفظ وقراءة القرآن.

مظاهر العرس

أيضا من مظاهر العرس قديما أن تحمل زهبة العروس، أي كل جهازها من الملابس والعطور وخلافه، ويطاف بها في المدينة في مشهد مليء بالأهازيج والفرح والسرور، وفي كثير من الأحيان يكون غالب من في الموكب سواء للزهبة أو الزفاف من أهل العروسين اللذين كانا في الغالب أبناء عمومه أو هي بنت عمه وهو ابن خالها.

يكمل الزعابي أن الأهالي في المنطقة الشرقية يحتفلون لعدة أيام، وتتضمن احتفالاتهم بالرقصات الشعبية وإطعام الضيوف وهم من الأهل والجيران والقادمين من مناطق أخرى، يطعمونهم لعدة أيام ويتشارك الجيران من الرجال في الوقوف قرب القدور الضخمة، كما تتشارك النساء في إعداد الكثير من الأطباق من باب التعاون، وكل مايدور ويتم يكون بالتعاون بين الجميع.

أيضا يعمل الرجال على إحياء الفرح بتشكيل فريق للأهازيج والرزيف، ولبعض القبائل طرقهم الخاصة في الاحتفالات حيث يكون لديهم أسلوب مختلف في الفنون، فالبعض يحب المالد والبعض الحربية أو الرزيف، وللنساء نصيب في تشكيل مجموعة حيث يتشاركن الأهازيج أو أداء بعض الحركات الإيقاعية.

المشاركة هي رد الجميل

يقول عبيد إن من أهم ما يعمل أهل العروسين على فعله ردا للجميل لمن شاركوهم تفاصيل أفراحهم، هو أن يقفوا معهم ويتعاونوا معهم عندما يأتي دور أحدهم ليقيم زفاف ابنه أو ابنته، خاصة بين النساء لأنهن يعملن في تحضير الملابس والعطور والبهارات والقهوة، ثم تأتي بعد ذلك فترة إعداد وطهي الأطعمة في العرس، وتقوم أم العروس بإكرام رفيقاتها وأمهاتهن بتقديم بعض الهدايا وتتناول معهن الطعام خلال فترة الإعداد للعرس.

المصدر : الاتحاد 10 ابريل 2011

Related posts