الأعراس قديماً

كانت الأعراس قديماً تختلف اختلافا كلياً عن الأعراس في وقتنا الحاضر، فد كان لها طابع خاص ومناسبة خاصة، كانت الأعراس في الماضي تحفر في الأذهان ولا تفارق الخيال، أما الأعراس في وقتنا الحاضر أصبحت أعراس للمظاهر والتباهي وليست أعراس فرح واحتفال.

كانت الأعراس سابقاً تقام في ثلاثة أيام وكانت مظاهرها بارزه على الوجوه محفوظة في الأذهان، كانت تبدأ يوم الأربعاء وتنتهي يوم الجمعة ونادراً ما يكون الفرح في يوم الأحد وينتهي يوم الثلاثاء، فقد كانت الأعراس تقام من صباح يوم الأربعاء في بيت أهل المعرس، فقد كانوا يتجمعون في صباح هذا اليوم جميع أهل العريس ويقومون بطبخ الغداء وتجهيزه ومن ثم يقدمون الغداء للضيوف الذين أتوا من جميع المناطق المجاورة لكي يحتفلوا بهذا العريس و يبادروا بتلبية الدعوة ومنهم من يقدم العون والمساعدة ومنهم من يقدم (الشفيه) وفي بعض المناطق تسمى (العينية) وهي العطية التي تعطى للعريس من مال أو من ذبائح أو من أي شيء يمكن أن يفيدهم في العرس وبدون مقابل، فمثلاً العم يتكفل بالذبائح والخال يتكفل بالتمر والفواله وابن العم يتكفل بالعيش ( الرز) والجار يقوم بالطبخ ... الخ. ولنرجع إلى الفرح بعد تقديم الغداء يقوم الجميع بحمل (الزهبة) وهي المتاع الذي يشترى لأهل العروس من ملابس وذهب والاحتياجات المنزلية ...الخ ويقومون بتحميله في السيارات أو على الجمال  ويجهزون العتاد ويصلون العصر ومن ثم يقومون بالذهاب إلي بيت أهل العروس بحيث يقدرون الوصول قبيل المغرب بوقت كافي لكي ينزلوا الزهبة قبل حلول الظلام.

ولكن يكون الاستقبال في بيت أهل العروس باللقيه بحيث يكون كبار هذه القبيله أو هذه العشيرة يستقبلونهم بالترحيب وبإطلاق الرصاص في الهواء ومن بعدها تكون المصافحة والتلاقي وهذه الميزة تكون طيبه يتمناها الجميع لأنهم يلتقون في ناس أتوا من أماكن بعيده وأناس لم يلتقوا فيهم من زمن بعيد، حيث أن الأعراس هي التي تجمعهم ببعض.

بعد تنزيل الزهاب يقوموا بإعداد الفواله للضيوف ومن ثم العشاء وكل هذا يكون على والد العروس كونه في بيته فلابد ان يكرم ضيوفه، وبعد ذلك يتسامرون في الحديث والترحيب ببعضهم البعض إلى أن ينتهوا من صلاة العشاء ، بعدها يقوم الضيوف والأهالي بالرزفه وكل شاعر يقوم بإلقاء أشعاره ويستمروا على هذا الحال إلى أن يحين الفجر وأغلبهم يكونون من الشباب وأما الشواب وهم كبار السن يخلدون للنوم عند منتصف الليل إلى أن يحين الفجر فيقوم الجميع بالصلاة بعدها يخلدون الشباب للنوم وأما كبار السن فيقومون باستقبال الضيوف وإكرامهم وتقديم القهوة لهم. ويستيقظ الشباب من النوم عند الضحى ويباشروا في المساعدة فكل هذا يكون يوم الخميس وعلى نفقه أهل العريس وتبدأ فترة الغداء بعد الظهر وبعد الغداء يخلد الناس للراحة ومنهم من يتبادل الحديث في مواضيع مختلفة مع بعضهم البعض ومنهم من يقوم ببيع أغراض قام بإحضارها من ذخيرة أو بنادق أو سيوف أو خناجر أو (غليون) التبغ وما شابة ذلك.

بعد صلاة العصر يقوم البعض بتجهيز العشاء وإعداده والبعض يقوم بالرزفه والبعض يقوم باستقبال الضيوف حيث أن الزوار والمتوافدين يكونون أكثر من مساء الأربعاء ويأتون من أماكن بعيده، وقد حكي لي بأنه في سنة 74  أتى ضيوف من منطقة العين الساعة العاشرة مساء والعشاء قد انتهى، ولكن الشواب قاموا على الفور بذبح الذبائح وإعداد العشاء لهم وتعشوا الساعة الثانية بعد منتصف الليل وغادروا بعد صلاة الفجر وهكذا يستمر الفرح بالرزيف (والتحوريب) فن من الفنون الشعبية وهو أن الشاعر يقوم بإلقاء قصيدة مدح والجميع ملتفون من حوله ويرددون شطر أخر بيت يقوله إلى أن ينتهي، وعلى هذا الموال إلى فجر يوم الجمعة

بعد صلاة الفجر يقوم المعرس بالدخول على عروسه وفي يده مدخن البخور ويمسح على رأس عروسه ثم يخرج يستقبله الأهل والأقارب بالطلقات النارية في الهواء وهم يباركون له . بعدها يأخذ العريس زوجته وينتقل بها من بيت أهلها إلى بيته مصحوباً بجمعٍ غفير من الأهل والأقارب وهم يزفونه إلي بيت الزوجية وهنا يكون العرس قد وصل إلى اللحظات الأخيرة لأنهم في هذا اليوم يقومون بإعداد الغداء للعريسين وللجيران وللناس الذين توافدوا من أماكن بعيدة بحيث يغدونهم ومن بعدها ينتهي الفرح في بيت الزوجية وكل هذا يكون في بيت أهل المعرس... ودامت ديارنا عامرة بالأفراح والمسرات.

 

© جميع الحقوق محفوظة لموقع قرية الطويين