مدينة دبا الفجيرة

أرض تختزن التاريخ بين جبالها

مدينة دبا الفجيرة ثاني أكبر مدن إمارة الفجيرة، تنفرد عن غيرها ربما من مدن الدولة كلها بأنها جمعت بين التاريخ والجغرافيا والطبيعة في لوحة واحدة، لا تخطئ العين أبداً أهميتها أو جمالياتها .

     

فقد ترك التاريخ الإسلامي جزءاً هاماً من صفحاته على أرض دبا، وتجسد ذلك في مقابر شهداء الإسلام الأوائل إبان حروب الردة على عهد أبي بكر الصديق، أو في ذلك المسجد الأثري الذي خلفه العصر العثماني أيام حكم العثمانيون المنطقة قبل أكثر من أربعمائة عام. أما في الماضي فقد شكلت مركزاً تجارياً هاماً في عصر الفينيقيين كما كانت جزءاً من دولة اليعاربة وكذلك كانت نقطة وصل هامة بين بلاد فارس وجنوب شبه الجزيرة العربية

     

الموقع

تعد مدينة دبا الفجيرة ثاني أكبر مدن الإمارة، حيث تبلغ مساحتها حوالي 600 كيلومتر مربع، ويصل عدد سكانها إلى حوالي 25 ألف نسمة، وتبعد عن مدينة الفجيرة حوالي 70 كيلومتراً، وقد اختيرت لتاريخها وحداثتها عضواً بمنظمة المدن العربية . تطل دبا الفجيرة على خليج عمان وهي قريبة جداً من مضيق هرمز، وهو ما أضفى عليها أهمية جغرافية كبيرة في وقت من الأوقات، وتتميز جغرافياً كذلك بانتشار الجبال الملونة على طول الساحل إضافة إلى انتشار النخيل والمزارع بين الجبال وعلى قممها .

     

دبا تاريخياً

تؤكد المراجع التاريخية الدور الذي لعبته دبا قديماً وعلى امتداد العصور المختلفة، ولكن هذا الدور ربما برز بصورة أكبر في العصر الفينيقي الذي اشتهر بصفة عامة بتطور الحركة التجارية فيه، فاتخذ الفينيقيين قديماً من منطقة دبا مركزاً تجارياً فاصلاً بين غرب وشرق آسيا وحتى أوروبا، أو كما نطلق عليها اليوم محطة ترانزيت، وشهدت المنطقة في هذا الزمان ازدهاراً حضارياً في كافة مناحي الحياة، لكنه انتهى مع انتهاء العصر الفينيقي . ثم دخلت المنطقة فيما بعد كجزء هام من دولة اليعاربة التي قامت في هذه المنطقة من الجزيرة العربية، ولكن أهم أدوارها التاريخية والتي لا تزال مسجلة حتى الآن هي أن دبا والمناطق الجبلية المحيطة بها شهدت معارك أبو بكر الصديق رضي الله عنه ضد المرتدين عن الدين الإسلامي، وهي المعارك التي قادها المهلب بن أبي صفرة، وهو ابن المنطقة، ضد المرتدين حيث هزمهم وأعادهم للإسلام مرة أخرى، ثم اختاره أبي بكر الصديق ليصبح والياً على البصرة وخراسان، كما خرج من دبا جيش سمي (بالأصخر) ليشارك في معركة القادسية التاريخية، والمهلب بن أبي صفرة من منطقة لا تزال تعرف حتى اليوم باسمه وهي منطقة المهلب .

     

دبا جغرافيا

تقع مدينة دبا على بحر العرب (خليج عمان) وهو الموقع الذي يضفي عليها أهمية استراتيجية جغرافية، وتمتد شواطئها دون تعرجات لمسافة تزيد على 70 كم مما جعلها منطقة سياحية طبيعية، حيث يلجأ إليها الزائرون في الأعياد والعطلات ليتخذوها مكاناً للراحة والاستجمام، حيث تتلاحم في بعض مناطق منها وتتداخل الجبال مع البحر مما يعطي للزائر انطباعاً رائعاً بالهدوء والتأمل . وتضم مدينة دبا 11 دواراً أنشأتها بلدية دبا في إطار تطوير وتجميل المدينة، وجميعها مزروعة بالمسطحات الخضراء وشجيرات الزينة والحوليات المزهرة، وتشتهر دبا بكورنيشها الهادئ الجميل والمسمى بكورنيش صمبريد، ومؤخراً أنشأت بلدية دبا دواراً جديداً به هو دوار الشلال حيث تمت زراعته أيضاً .

     

وتضم دبا أربع حدائق كبرى، هي الحديقة العامة بالراشدية، وحديقة الميناء بالعكامية القديمة وهي على مساحة خمسة آلاف متر مربع وجميعها مزروعة، وحديقة البلدية وحديقة رول دبا. كما يجري العمل حالياً على إنشاء حديقة عامة بمنطقة البدية على مساحة 112584 متراً مربعاً . وتستخدم بلدية دبا في العناية بالخضرة والأشجار والمسطحات الخضراء بدبا أحدث طرق الري بالتنقيط وخاصة من المناطق كثيفة الزراعة وكورنيش صمبريد الذي يبلغ طوله 1500 متر .

     

محميات طبيعية

في السادس من يونيو عام 1995، أصدر صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، مرسوماً أميرياً رقم (1) لسنة 95، بشأن تحديد بعض المناطق الساحلية بإمارة الفجيرة باعتبارها محميات طبيعية، وهي الفقيت (رأس دبا) وضدنا والعقة والبدية، بحيث نص المرسوم على خطر الممارسات التي تؤدي إلى تلوث البيئة وانقراض الحياة البحرية والشعاب المرجانية وغيرها، وعليه فقد تم إسقاط 220 كهفاً لتكون ملاذاً للأسماك النادرة وتكوين الطحالب وتكاثر السلاحف البحرية .

     

تجديدات و إنجازات

وقد لعبت بلدية الفجيرة - فرع دبا دوراً هاماً في تجديد وتحديث المدينة، حيث تم إنشاء طرق إسفلت داخلية بطول 10 كم داخل مناطق الرفاع والعكامية والراشدية . كما تم تطوير شاطئ كورنيش صمبريد، وإضافة مساحة من رمال البحر والألعاب، وإنشاء موقف للسيارات يتسع لـ 80 سيارة أمام البنايات السكنية بمنطقة حوض الشرطة، وكذلك إنشاء جسر عبور المياه بمنطقة وادي العبادلة، وإنشاء مصلى العيد بمساحة 18700 متر مربع ليسع 23 ألف مصلي، وإنشاء مصلى آخر بمنطقة ضدنا بمساحة 7500 متر مربع ليسع حوالي 9 آلاف مصلي ، ومصلى بمنطقة البدية ومنطقة وم .

     

الطبيعة في دبا

من أجمل الشواطئ في الدولة شاطئ وكورنيش صمبريد الذي تم تحديثه وتطويره وزراعته بالأشجار والمساحات الخضراء بطول 1500 متر، وهو شاطئ صخري يتصل بالرصيف ويرتفع عن البحر . و تتميز دبا بانتشار الأشجار والأزهار بأرضها على امتداد العام، وخاصة في فترة الربيع التي لها مذاق خاص، وهو ما يجذب الكثير من أبناء الدولة للاستمتاع بطقسها في هذا الوقت من السنة . وتعتبر كذلك منطقة الفقيت من أكثر شواطئ دبا جذباً للزائرين، وذلك لطوله وتعرج تضاريسه، واختلاف شكله من منطقة لأخرى، وتظهر به بوضوح وبالقرب من شاطئه الشعب المرجانية، إضافة إلى شاطئ العقة .

   

السياحة في دبا

تعتبر منطقة دبا الفجيرة منطقة سياحية شبه متكاملة، حيث تضم الكثير من الآثار التاريخية إضافة إلى طبيعتها البحرية الجميلة ومواطن الغطس لهواة الغطس بها . فإلى جانب الآثار التي ترجع إلى عهد المهلب بن أبي صفرة، والتي تم اكتشافها في أوائل الستينيات، هناك أيضاً مسجد البدية القريب من مدينة دبا، والذي بني بطريقة هندسية فريدة، حيث يقوم بقبابه الأربعة على عامود واحد يتوسط صحن المسجد، ويرجع تاريخه إلى حوالي 400 سنة مضت أيام حكم العثمانيين للمنطقة .

© جميع الحقوق محفوظة لموقع قرية الطويين 2006