مرثية صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي

لن تُغادر

ما أصعب اللحظات ونحن نرثيك يا والدي .. نرثيك يا زايد الخير وأنت  لم تُغادر .. تعيش معنا نتنفس وجودك .. لم تُغادر .. نراك في عيوننا وعيون كل من حولنا كأحلى وأنقى صورة .. لم تُغادر .. شخصك الكريم باقٍ في قلوبنا فأنت النبض فيها .. لم تُغادر .. صوتك الحاني راسخ في مسامعنا .. لم تُغادر .. شمس حضورك لا ولن يحجبها شيء ولن تنحو للزوال فنورك الآسر حاضر في كل الزوايا والأمكنة .. فأنت يا نبض الوطن وباني نهضته وعزته .. الوالد القائد والمعلم أنت النادر الذي لن تنجب البشرية مثيل له .. أنت الهواء الذي نتنفسه وهواك الذي يحمله القابع بين أضلعي عشق لا يفهمه إلا من عاش ورافق وحظى بجوارك يا سيد البلاد .. لا يدركه إلا من أحبك وأنا من القلوب التي أخلصت في حبك وسارت على هُداك .. من العيون التي بكت على غيابك وأنت حاضر لا تغيب .. ذرفت الدمع والنفس حائرة والقلب مؤمن بقضاء الله وقدره ولكن المصاب جلل ذرفت الدمع والقلب مكلوم

 بخبر فقدانك .. خبر قيد تفكيري وشلَّ تعابيري .. فما لي غير الله من ملاذ .. ما لي غير الصبر من زاد ومالي من قولٍ إلا : إنا لله وإنا إليه راجعون .. ماذا أقول والإمارات تبكيك .. أرضها وسمائها .. نخيلها وأشجارها .. صغارها وكبارها .. رجالها ونسائها .. شبابها وشيوخها .. بكتك القلوب قبل الدروب وبفقدانك ساد الحزن والشحوب .

والدي .. سيد الوطن والقلب :

مآقينا هدَّها الدمع وأفجعها الخبر .. يا رجلاً استوقف التاريخ بمواقفه وعظيم إنجازاته .. أفعاله وطيب سجاياه ومناقبه .. يا رجلاً كتب الإمارات في سجل التاريخ بمداد من ذهب .. سطره بإرادته وإصراره وإيمانه المطلق بالوحدة والتلاحم ويقينه أن الرجال هم الذين يصنعون التاريخ . وأنت أخير الرجال .

 رجل نسي راحته لأجل راحة شعبه .. رجل حكيم .. فارس من الفرسان النبلاء وقائد أعطى وأجزل العطاء أعطى عمره لوطنه وأخلص لأمته .

فكيف لا نحزن على فراقك سيدي .. كيف لا نبكيك وحبك يسري فينا مسرى الدم في العروق ..فنحن تعلمنا حبك لأنك المعلم المحب الذي بدأ درس الحب بحب الأرض والشعب والأمة .. درس الحب الذي أبدل حروف الصحراء إلى أبجدية خضراء بساتين وجنان وبدد ظلمة الجهل بنور العلم .. درس الحب الذي أعرب اسم الجلالة الله مبتدأ أول .. الوطن مبتدأ ثانٍ و الرئيس مبتدأ ثالث  .. الرئيس الذي كان الوطن والحب و العطاء والأمان .. أنت يا بانيه ومرسي أركانه حيث الحب لك

 باقٍ ما بقى النبض فينا .. كيف لا نحزن يا قلباً غبطنا عليه الكثير وتمناه الكثير .. الكثير .. القلب الذي عشنا به وعاش لأجلنا .. القلب الذي نُفاخر أننا من نبضاته المخلصة ونتباهى أنك هنا في القلب العاشق لشخصك .. و نتباهى أنك مررت من هنا .. آه يا راحلنا العظيم مازالت بصماتك باقية في أيدينا من آخر لقاء  .. كلماتك الندية مازالت تتردد

في مسامعنا .. نظرتك الحانية لم ولن نفارقنا .. وجهك الطيب بملامحه البسيطة الأصيلة المبتسم دائماً وأبداً .. ما زالت كل هذه التفاصيل تسكننا كما يسكننا حبك الغالي طيب الله ثراك .

نبكيك يا زايد الخير والكلمات تعجز عن وصف التعبير والقلب للحزن أسير .. في القلب وجع ليس له نظير .. نبكيك والدي الغالي .. يبكيك الصغير والكبير الغني والفقير .. نبكيك وفي القلب الكثير .. نبكيك ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك لمحزونون .. أسكنك الله فسيح الجنان ومنحك أعظم الثواب بما قدمت لشعبك ولأمتك وللعالم أجمع .

أشهد أنك – رحمك الله وغفر لك – فزت بحب لم يفز به قائد سواك .. حب لم يجنه إنسان سواك .

وعزاؤنا أنك باقٍ لم تفارقنا لحظة .. باقٍ لم ولن تغادرنا ما دامت أعيننا تطرف وقلوبنا تنبض..

عزاؤنا في الشيخ خليفة خير خلف لخير سلف وإخوانه الميامين .. السائرين على نهج الوالد " زايد " رحمه الله ..

عزاؤنا في شعب يدرك الإرث العظيم الذي لا يقدر بثمن وهو " دولة الإمارات العربية المتحدة " .

 لن أنساك يا والدي وقدوتي ومعلمي وسيدي ما حييت .. يا من خط في روحي أبجديات الحياة .. يا من علمني حب الشعب والوطن .. يا من علمني أن الرجال عماد الوطن وعدته .. لن أنساك يا من علمني قيمة العمل والإخلاص فيه .. ستبقى في قلبي وعيني وروحي ولن تُغادر .

نم يا والدي قرير العين  فنحن على العهد باقون .. متحدون وعلى نهجك سائرون .

نسأل الله أن يتغمدك بكريم رحمته الواسعة ويجعل جنة الخلد مسكنك ومثواك ويلهمنا جميعاً الصبر والسلوان .

 وإنا لله وإنا إليه راجعون .

 صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي

عضو المجلس الأعلى للاتحاد – حاكم إمارة الفجيرة   

 

© جميع الحقوق محفوظة لموقع قرية الطويين