ندوة مركز المزماة: الإمارات دولة مؤسسات ولا مستقبل لجماعات الاسلام السياسي

موقع الطويين : البيان

في بادرة هي الأولى من نوعها في دولة الإمارات العربية المتحدة عقد مركز المزماة للدراسات والبحوث في مركز المؤتمرات في جامعة زايد بأبوظبي مساء الاثنين، ندوة بعنوان “الإمارات في ظل ظروف الربيع العربي وحراك الإسلام السياسي” تناولت بشكل خاص موضوع تنظيم الأخوان المسلمين في دولة الإمارات.

وشهدت قاعة الشيخة فاطمة بنت مبارك في الجامعة حضورا مكثفا من المهتمين وتجاوبا فاعلا من الشرائح الجامعية من طلاب وطالبات جامعات الإمارات إذ امتلأت مدرجات القاعة بالمئات من الشباب والشابات الذين قدموا للاستماع إلى وجهات نظر مختلفة من باحثين ومتخصصين وإعلاميين في قضية الأخوان المسلمين وتاريخ نشاطهم في دولة الإمارات.

وقدم المشاركون في الندوة تصورات مختلفة عن طبيعة تنظيم الأخوان وتفرعاته المحلية والاقليمية وعلاقاته بالخارج أمام المئات من المستمعين الذين تقدمهم الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي وعدد من المختصين والباحثين الأكاديميين في الدين والسياسة وعلمي الاجتماع والقانون، إلى جانب عدد من الجهات الإعلامية المحلية والدولية.

وقال مدير الندوة الدكتور سالم حميد رئيس مركز المزماة للدراسات والبحوث “إن هذه الدولة المنيعة اقتصادياً واجتماعيا قد لقّنت الأعداء درسا وأظهرت قوتها في وقت الشدائد،” ممهدا لعرض قضية حراك الإسلام السياسي في الإمارات.

وقال حميد وهو كاتب وباحث إماراتي “عرف الجميع من داخل وخارج الإمارات أن الأسس التي وضعها الشيخ زايد رحمه الله والتي يمشي على خطاها اليوم أبناؤه، لا تهزها الرياح”، مستذكراً سياسة الحكومة الإماراتية في العمل على تطوير المواطن الإماراتي بشكلٍ عام والمرأة الإماراتية بشكلٍ خاص.

وقال حميد: “تحاول بعض الجهات ومعظمها في الخارج استغلال حالة الربيع العربي للتأثير سلبياً على صورة الإمارات المشرقة وذلك بتكثيف تواصلهم مع جمعيات حقوقية وإنسانية وإظهار الدولة بغير صورتها الحقيقية من خلال تعميم حالات خاصة لأشخاص خالفوا القوانين السارية، وتحريف الحقائق لصالح هذه الفئة وهذا مكشوف بالنسبة لنا ونسعى لإيضاحه للرأي العام”.

وتناولت الندوة واقع وجود التنظيمات السياسية في الإمارات وكيفية انتشارها فيها والأدوات التي تستخدمها محاولةً التوغل في المجتمع ونظام الحكم من وجهة نظر باحثين سياسيين وقانونيين وإسلاميين ومتخصصين في مجال علم النفس والاجتماع.

وطرحت الإشكالية بناء على أربعة محاور تصب جميعها في بنية المجتمع الإماراتي بشرائحه المتعددة والمتنوعة.

المحور الاجتماعي

وتحدثت الدكتورة المتخصصة في مجال العلاج النفسي أمل بالهول الفلاسي في المحور الأول وهو المحور الاجتماعي وأشارت الفلاسي في حديثها إلى قول الرسول محمد عليه الصلاة والسلام: “إياكم والغلو في الدين فإن الغلو أهلك من كان قبلكم”، لكي تقدم قراءتها لحقيقة الجماعات الإسلامية المتعصبة في دولة متسامحة دينياً ومتطورة حضارياً مثل الإمارات، وأن تقيس شدة ومدى الخطورة، مقسمة درجات الخطر إلى التطرف والتعصب والعنف والسلوك العدواني.

وأكدت الفلاسي على أن المسؤولية في الحد من حراك الإسلام السياسي المتمثل بالإخوان المسلمين، لا تقع على عاتق الحكومة بقدر ما تقع على عاتق الشعب “فالشعب موجود أساسا على خط الدفاع الأول باعتباره في الميدان مباشرة”، مؤكدةً للطلبة الحاضرين أنهم في صفوف الدفاع الأمامية.

وعددت المواصفات المطلوبة في المواطن الإماراتي ليحقّق ما يسمى بالمواطنة الصالحة، إلى جانب ذكرها لأسباب الولاء لولاة الأمر في الإمارات المتمثلة بعدة نقاط أهمها توافق القدوة فيهم بين القول والعمل وعملهم الدائم للوقوف عند مصلحة الشعب.

وضمن المحور الاجتماعي شارك الأكاديمي الإماراتي الدكتور علي راشد النعيمي، بفقرة أعطت فكرة عن تاريخ حركة الإسلام السياسي والإخوان المسلمين في الإمارات.

وأوضح النعيمي من خلال نشاطه في المجتمع المدني واهتمامه بالشأن الثقافي والعلاقة مع الآخر، الفرق بين التنظيمات التي تستخدم الإسلام كأداة في اللعبة السياسية وبين المسلمين الحقيقيين الذين لا يستخدمون الإسلام كوسيلة للوصول إلى السلطة “بل يمارسونه على أنه الدين الحنيف الذي يؤمنون به ويعيشون حياتهم الاجتماعية وفق تعاليمه.”

وأشار إلى أن الحديث عن الإخوان المسلمين وحركتهم السياسية “لا يتم من خلال الحكم على سلوكياتهم كأفراد إنما يقيمون على أنهم حركة سياسية أو تنظيم يريد تحقيق أهداف غير مشروعة في دولة تقوم على مبدأ العدالة الاجتماعية مثل الإمارات.”

المحور الديني

وتحدث الدكتور محمد بن غيث، وهو واعظ وادعية بأوقاف الشارقة، في المحور الديني عن الصورة الحقيقية والجميلة للإسلام عبر دعوة تعتمد على الحقائق المشرقة التي قام عليها هذا الدين الحنيف.

وأوضح بن غيث الطرق والأساليب التي يستخدمها الإخوان المسلمون للتأثير على الشارع الإماراتي العاطفي تجاه كل ما يتعلق بالدين الإسلامي، إن صح القول وقرأ بن غيث عددا الآيات القرآنية أمام الحضور، ليميز المغالاة والتعصب في الدين “من أجل أغراض تخريبية وغير قانونية، عن الاتباع السليم والصحيح للتعاليم الدينية، وهو الشيء الذي يحدث فعلاً وعلى أرض الواقع بين أبناء الشعب الإماراتي.”

ودحض بن غيث، ومن خلال الاستشهاد ببعض القصص الواقعية لبعض رموز حركة الأخوان المسلمين، ما تحاول الحركة إيصاله لأبناء الإمارات “على أن عناصر الخلية الذين تم إلقاء القبض عليهم في الإمارات إنما سجنوا بسبب توجهاتهم الدينية ليس إلا متغاضية عن النوايا والمخططات السياسية التي تكمن وراء تحركاتهم وتصرفاتهم.”

المحور السياسي

وفي المحور السياسي رأى القائمون على الندوة أنّ استضافة شخصيات سياسية من خارج الإمارات بحيث تكون حيادية في وجهة نظرها، سيكون له التأثير الكبير في الحديث عن الحراك السياسي الإسلامي داخل الدولة بكل شفافية وموضوعية.

وتطرق الكاتب والإعلامي السعودي عبد العزيز الخميس الذي تميز بكتاباته المتنوعة القادرة على الرصد والتحليل العميق لمجريات الأحداث في المنطقة إلى الحديث عن المصالح السياسية التي يسعى الإخوان المسلمون لتحقيقها في الإمارات وكل البلدان التي دخلوها ويخططون لدخولها.

وأكد الخميس على قضية اعتبرها محورية وهي “عدم وجود الشعور الوطني أو حتى القومي  لدى أي من المنتمين إلى حركة الإخوان وذلك لتبعيتهم العمياء لمصالح قوى مخربة من جهة، ولكونهم لا يؤمنون بالوطن بحدوده الجغرافية والتاريخية والاجتماعية  بل يؤمنون به على أنه دولة عالمية تخضع لحكمهم وقوانينهم من جهة ثانية.”

وأشار الخميس إلى الجهود المبذولة من قبل جهات سياسية خارجية، لإلحاق الضرر بالإمارات تحت ما يسمى الآن “الربيع العربي” الذي أثبت أخطاءه في البلدان العربية التي انتشر فيها حتى هذه اللحظة.

وأكد الخميس على أهمية الدور التوعوي “لتتمكّن الشعوب العربية جمعاء من المطالبة بحقوقها عبر طرق أكثر وعياً ومسؤولية، وبعد أن تدرك هذه الشعوب الخطر الحقيقي الذي يتربّص ببلادها من الداخل والخارج.”

وفي ذات المحور قدّم الباحث العراقي المتخصص في الفلسفة الإسلامية الدكتور رشيد الخيون، الكثير من الأبيات الشعرية التي تثبت أن الشاعر من قبل الإسلام وفي بداياته وبعده بسنين طويلة، قام بدور المراقب الموثق للحركات الدينية الإسلامية السياسية أولوياتها والأساليب التي تتبعها لتحقيق أهدافها ومصالحها.

ومن خلال مخاطبته الحضور بطريقة ودية وخفيفة الظل شرح الخيون أمام الجميع كيف أنه استقبل في لندن بعد أن خرج من العراق معارضا وهاربا، بفضل رسائل التهديد التي وصلته من حركة الإخوان المسلمين، في ظل واقعٍ سيء كان يعانيه العراقيون في ذلك الوقت في مختلف أنحاء العالم.

وأوضح الخيون كمراقب للإسلام السياسي ولحركة الإخوان المسلمين وبداياتها وتصرفاتها داخل الإمارات أن أكبر تناقض يواجهونه هو أن الإمارات تجربة فريدة في التنمية البشرية والاقتصادية تحلم بمحاكاتها كل شعوب الدول العربية.

المحور القانوني

وفي المحور القانوني قال القانوني زايد الشامسي مستشار ورئيس جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين، أنّ هذه الجمعية استغلّها تنظيم الإخوان المسلمين وقت كان اسمها “جمعية الحقوقيين” إلا أنه تمّ تطهيرها وتغيير اسمها ليكون أكثر التصاقاً بالمهنة حتى أنّه تم تغيير “اللوغو” الخاص بها ليكون من روح دولة الإمارات في اتحادها وقوتها وهي رسالة تؤكّد حماية الجمعية للدولة في وجه أي مخطط تخريبي.

واستعرض الشامسي في مداخلته تاريخ القانون التشريعي متطرقا إلى قانون حورابي والقانون الفرعوني متوسعا بالتشريع الإسلامي من خلال استحضاره لأشهر محاكمة عادلة حدثت في التاريخ وهي تلك التي حدثت عند فتح مدينة سمرقند.

وأشار الشامسي إلى أن الذين تحتجزهم دولة الإمارات اليوم بتهمة انتمائهم لتنظيم سياسي تخريبي ليسوا بالمعتقلين كما يقول البعض “بل هم موقوفون على ذمة التحقيق ويعاملون بأحسن معاملة، وقد أثبتت الأدلة واعترافاتهم حتى اليوم تورطهم وإدانتهم. كما أن للدولة الإماراتية السلطة في الحفاظ على النظام العام طالما أن جميع الإجراءات قانونية وعلى مرأى الجميع.”