أولياء أمور يؤدّون الواجبات المدرسية .. تربويون: ثقافة سلبية تكرس الاعتماد على الآخرين

حذر تربويون من قيام أولياء أمور بحل الواجبات الدراسية، لافتين إلى أن هذه الممارسة السلبية تتسع بصورة جلية لاسيما عند الفئات العمرية الصغيرة والمرحلة الثانوية عندما يكلف الطلبة بعمل أبحاث أو مشاريع، ما يكرس لدى الطلبة ثقافة الاستسهال والاعتماد على الآخرين.

الدكتور سعيد مصبح الكعبي عضو المجلس التنفيذي رئيس مجلس الشارقة للتعليم طالب المعلم برفض أي عمل يشعر أنه ليس من إنجاز الطالب في محاولة لمحاصرة هذا السلوك، لافتاً إلى أن بعض أولياء الأمور هم يقومون بعمل البحوث المطلوبة من أبنائهم ويتوجهون إلى المكتبات لإنجازها ما يشكل خللاً وخطراً على شخصية الطالب نفسه.

لأن التكليفات أو الواجبات، وفقاً للدكتور الكعبي تعود الطالب على تنظيم وقته وترتيب مهامه وأولوياته، وهي إحدى الخبرات الضرورية لمستقبله، وليس من الحكمة أن يتكل المتعلم على ذويه ما يجعله غير قادر على مواجهة صعوبات مستقبلية أكبر قد يمر بها.

وأضاف الدكتور الكعبي أن بعض المكتبات الربحية تقوم ببيع أبحاث ومشاريع جاهزة، بحيث يشتريها الطالب دون أي مجهود يذكر ومقابل مبلغ مالي كبير، مطالبا برقابة أكبر على هذه المكتبات ومحاسبتها لما تقوم به، وأهاب بالمعلم عدم إرهاق الطالب بالواجبات وأن يناقشه فيها ويشجعه حتى وإن أخطأ في تدوين المطلوب منه.

قياس

من جهته، ذكر عصام الرفاعي معلم مادة الرياضيات في مدرسة الشعلة الخاصة أن الواجب هو آلية لقياس تفهم الطالب للمادة الدراسية، لافتا إلى أنه يجب أن لا تقتصر مهمة المعلم على تصحيح الواجب وإنما الوقوف على كيفية حل الطالب، وإن أخطأ يساعده على الفهم، لا أن يقوم بلومه.

وذكر أن ولي الأمر الذي يقوم بحل الواجبات عوضا عن ابنه يسعى إلى تقديم المساعدة له لكن بصورة خاطئة، لأنها ستؤدي في النهاية إلى إحداث فجوة بين مستواه الحقيقي وما يظهر في كراسة الواجب.

بدوره، حذر يعقوب الحمادي اختصاصي اجتماعي في مدرسة الشهباء من اتساع هذه الظاهرة، لافتا إلى أن بعض المدرسين يقومون بالتواصل مع ولي الأمر وإيضاح الأضرار المترتبة، والبعض الآخر يتجاهل الأمر، مشيراً إلى أن بعض الطلبة يجعلون الخادمة تقوم بالحل في بعض الأحيان أو الأخ الأكبر إذا كان ولي الأمر منشغلاً في عمله، ونكتشف ذلك بمقارنة الخطوط، وذكر أن الخطورة في عدم تنبيه أولياء الأمور لمغبة ما يقومون به، مع أنه يكرس ثقافة الاعتماد على الآخرين.

متابعة

من جانبه، اعتبر قمبر المازم مدير ثانوية تريم أن الأمر يحتاج إلى وقفة من أولياء الأمور، ومتابعة حثيثة لمستوى أبنائهم ومساعدتهم بالتوجيه، وشرح الأمور المبهمة، لا أن يتخذ ولي الأمر صفة الطالب ويقوم بإنجاز الفروض كلها ما يعني عملية غش للنفس وليس لأي أحد آخر.

ومهما اجتهدت المدرسة يبقى دور الأسرة محورياً، لافتا إلى أن بعض الأهالي ينتقدون كثرة الواجبات مع أنها وسيلة لتثبيت المعلومة واستغلال وقت الطلبة فيما هو مفيد، بحيث يمضون أغلب وقت اليوم في حل تلك الواجبات والاجتهاد فيها.

دينا حيدري اختصاصية نفسية في مدرسة النور الدولية بالشارقة تعتقد أن الطالب الذي يعتمد على ذويه في حل الفرض المنزلي يتحول إلى طالب اتكالي ضعيف الشخصية، وضعيف في مستواه التحصيلي لأن اعتماده على الأهل يجعله مهملاً غير منتبه لما يدور في الفصل وما يقدمه المعلم من شرح.

بل ويتحول إلى شخصية تزعج أقرانه من المتواجدين في ذات الفصل، مؤكدة أن على الأهل ملء فراغ أبنائهم في أنشطة إيجابية كحفظ القرآن أو التعلم على الكمبيوتر وغيرها لا أن يتركوهم نهبا للفراغ الذي قد يؤدي به إلى ممارسات سلوكية خاطئة.

فيما أكدت الطالبة نور بهاء عمر وجود فئة من الطلبة وصفتهم بالاتكاليين إذ يجعلون ذويهم يقومون بعمل الأبحاث والتجارب، لافتة إلى أن ولي الأمر يضر ابنه وليس العكس لأنه لن يكون متواجدا وقت الامتحان ليساعده في فهم دروسه.

أما الطالبة سارة كفاح في الصف العاشر فطالبت الهيئات التدريسية بتكليف الطلبة بواجبات يقدر الطالب على حلها بمفرده، دون الاعتماد على غيره، إضافة إلى متابعته، موضحة أن الواجب المنزلي هو تثبيت للمعلومة وترسيخها وغالباً لا يحتسب عليها أي درجة، لكن لو تكفل الأب أو الأم بالحل كيف يمكن للمعلومة أن تصل للمتعلم وإن لم يتمكن من فهمها سيفوت الفرصة على نفسه، ويتابع الإخفاق بإخفاق، مطالبة أن يعود الأهل أبناءهم على المسؤولية والاعتماد على النفس.

مساعدة

من جهتها، قالت ولية الأمر لميس خالد «أم لثلاثة طلاب»: إن على الأهل أن يساعدوا أبناءهم في المرحلة الأولى من حياتهم المدرسية وتحديدا عندما يدخل الطفل إلى المدرسة ويبدأ بتوسيع دائرة خبراته ونموه العقلي والاجتماعي.

مشيرة إلى أهمية تعزيز ثقافة الاعتماد على الذات وتكوين الصداقات، لافتة إلى أن بعض المدارس ترهق الطلبة في كثرة الواجبات التي تحتاج إلى مدة زمنية طويلة لحلها ما يدفع بعض الأهالي لمساعدة أبنائهم لإنهائها، خوفا من تعرضهم للمساءلة أو التوبيخ من قبل المدرسين وما يتبع ذلك من إحساسهم بالحرج. (موقع الطويين : البيان)

Related posts