أول محمية جبلية في الدولة “وادي الوريعة” الحياة البكر

 

تضم الفجيرة بين جبالها ومزارعها الخضراء مناطق طبيعية وأثرية تحكي تاريخها، وتروي الأحداث التاريخية التي مرت بها كل منطقة، ولا تتوقف الأهمية السياحية لإمارة الفجيرة على كثرة المعالم الأثرية، بل تعتمد كذلك على سحر طبيعتها واعتدال مناخها .

وأكثر ما يميز إمارة الفجيرة طبيعتها الخلابة ومناخها الجميل، لذلك هي دائماً محط أنظار الباحثين عن جمال الطبيعة وتنوعها وتفردها .

بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، أصبحت الوريعة محمية طبيعية لتصبح أول منطقة جبلية تتحول إلى محمية في الدولة لوجود العديد من الحيوانات البرية والطيور وأعداد كبيرة من البرمائيات والحشرات المائية والنباتات البرية المتعددة فيها .

وتقع محمية وادي الوريعة الجبلية على بعد 45 كيلومتراً شمالي مدينة الفجيرة بين مدينة خورفكان ومنطقة البدية وتطوقها سلسلة من الجبال الحجرية التي تمتد من سلطنة عمان في الجنوب وحتى مضيق هرمز في الشمال، وتتميز المحمية بوجود أعداد كبيرة من عيون المياه والشلالات ما يمنحها طبيعة نادرة سمحت بتكوين نظام قادر على تخزين المياه في منطقة جبلية، إضافة إلى أنها تتميز بوجود شلال الوريعة الذي تصب مياهه في البرك الطبيعية التي تصل عمق بعضها إلى 4 أمتار وتحيط بها أشجار ونباتات جبلية، لأن الماء لا ينقطع على مدار العام وتتضاعف كميته في موسم هطول الأمطار .

المهندس محمد سيف الأفخم، مدير بلدية الفجيرة، قال: إن إعلان وادي الوريعة محمية جبلية جاء بمرسوم من صاحب السمو حاكم الفجيرة، وفقاً للقانون المحلي رقم (2) لسنة ،2009 لتصبح المحمية الرابعة في الإمارة، وأول محمية جبلية في الدولة .

وأعتبر إنشاء محمية طبيعية وجبلية في وادي الوريعة خطوة مهمة ضمن الخطوات التي تنتهجها إمارة الفجيرة في الحفاظ على مواردها الطبيعية، والحد من المخاطر التي تهددها نتيجة التطور الاقتصادي والسياحي المتسارع والطلب الكبير على الموارد الطبيعية المختلفة . وأضاف الأفخم: محمية وادي الوريعة تقع على مساحة تصل إلى 192 كيلومتراً مربعاً شمالي الفجيرة، وتمتد إلى وادي زكت وحتى وادي مقصد والسودية، وتمتاز المنطقة منذ سنوات طوالٍ بكونها مكاناً تعيش فيه بعض الحيوانات النادرة والعديد من الحيوانات البرية التي تعيش في المنطقة نتيجة توافر المياه على مدار العام وللطبيعة الجبلية للمنطقة . وأكد أن القانون رقم (2) لسنة 1992 يعطي وادي الوريعة كمحمية جبلية الحصانة التامة في مواجهة جميع الأنشطة التي قد تهدد الحياة البرية والتنوع البيولوجي كالصيد والرعي وقطع الأشجار وغيرها من الأنشطة التي تجور على الطبيعة وتغير معالمها . وأشار إلى أن محمية وادي الوريعة أصبحت مقصداً للسياح من جميع أنحاء العالم، حيث تنساب فيها الشلالات الرائعة التي تزيد من جمال المنطقة، وتتوافر فيها الكثير من الخصائص والتضاريس المتعددة .

وأكد أن حكومة الفجيرة حرصت على تحويل منطقة وادي الوريعة إلى محمية طبيعية في خطوة إيجابية للمحافظة على المعالم الطبيعية التي تتمتع بها المنطقة، ورأى أن هذه الخطوة ستجعل وادي الوريعة من أهم المناطق التي تحافظ على طبيعتها الأصيلة، بعيداً عن الضوضاء وزحف المدينة، وستكون ملاذاً للباحثين عن الطبيعة والجمال والهدوء، لما تتمتع به من بيئة متميزة، وشلالات وعيون مياه على مدار العام .

وأوضح الأفخم أن محمية وادي الوريعة تعد نموذجاً لبيئة المياه العذبة في منطقة جبلية تقع على الحدود الشمالية لإحدى المناطق الحيوية الإقليمية ذات الأهمية العالمية بحسب لوائح الصندوق العالمي لصيانة الطبيعة . وقال: تتميز المنطقة بجيولوجيا فريدة ونظام هيدروجيولوجي يدعم مخزونها المائي الذي بدوره يدعم نظاماً حيوياً حساساً، لكنه غني بالتنوع البيولوجي وهو ما يجعل من محمية وادي الوريعة ذات أهمية، ليس على المستوى الإقليمي فحسب، بل على المستوى الدولي، ما أسهم في ضمها إلى قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية، بعد استكمال كل الشروط والمتطلبات اللازمة، لذلك لتصبح محمية وادي الوريعة ثاني منطقة أراض رطبة في الإمارات تضمها القائمة بعد محمية رأس الخور للحياة الفطرية في دبي .

ويؤكد المهندس علي قاسم رئيس قسم البيئة وحمايتها في بلدية الفجيرة، أن البلدية تسعى إلى تطوير المحمية بشكل يتناسب مع المعايير الدولية ذات الصلة عن طريق صيانتها والحفاظ على مواردها، والشراكات المتميزة في المجالين الإقليمي والدولي وتوظيفها في حماية التنوع الحيوي والحياة البرية .

وتقول رزان خليفة المبارك المدير العام لجمعية الإمارات للحياة الفطرية: في المحمية قرابة 11 نوعاً من الثدييات، منها 60% مهددة بالانقراض، ونحو 73 نوعاً من الطيور، و64 عائلة من الحشرات، إضافة إلى نحو 14 نوعاً من السحالي، إضافة إلى 300 نوع من النباتات، منها نباتات نادرة مثل زهرة الأوركيد ونباتات أخرى مرتبطة بوجود المياه باستمرار، مثل نبات الورع الذي سمي الوادي نسبة إليه .

ويعد مشروع المحمية ثمرة جهد مشترك بين بلدية الفجيرة (قسم حماية البيئة)، وجمعية الإمارات للحياة الفطرية . وتقول: بدأ المشروع عام 2006 بهدف حماية الخزان المائي، والذي يغذي وادي الوريعة من الاستنزاف كونه من الأماكن المحدودة على مستوى الإمارات التي تتدفق فيها المياه العذبة على مدار العام وهو ما كشفت عنه المسوحات الحقلية .

وأضافت أنه على امتداد ستة أشهر من المسوحات المكثفة، أيقن فريق العمل أهمية الوادي كملجأ أخير للنباتات والحيوانات النادرة والمهددة بالانقراض، ليس على مستوى الإمارات فقط، بل على مستوى منطقة الخليج العربي، وتم الاتفاق على متابعة العمل الحقلي لإجراء المزيد من المسوحات التفصيلية ليستمر المشروع بتمويل من البنك البريطاني الدولي، واهتمام شخصي من صاحب السمو حاكم الفجيرة .

وأوضحت أنه بعد 3 سنوات من البحث العلمي في محمية وادي الوريعة، ثبت وجود 12 نوعاً من الثدييات تعيش فيها، و73 نوعاً من الطيور، و17 نوعاً من الزواحف والبرمائيات، و74 نوعاً من اللافقريات، كما تم تسجيل 300 نوع من الأشجار في المنطقة، إضافة إلى وجود زهرة الأوركيد النادرة، ونوع واحد من الأسماك التي تعد مستوطنة في منطقة الخليج العربي، ومهددة بالانقراض حسب لوائح الأمم المتحدة .

وعن تسمية منطقة محمية وادي الوريعة بهذا الاسم، يقول الحاج أحمد محمد غريب، أحد سكان المنطقة المجاورة للمحمية، سميت المنطقة بهذا الاسم نسبة لكثرة الورع فيها، وهو نبات يشبه الخيزران . وأضاف أن هناك العديد من النباتات والأشجار التي تكثر في المنطقة، منها الحبرة والأثب والزبيدية والعرجون والحماض وغيرها .

وأكد غريب أن المناظر الخلابة في محمية وادي الوريعة تستقطب الكثير من السياح من جميع أنحاء الدولة من المقيمين والأجانب، خصوصاً أيام العطلات الرسمية .

محمد سعيد العبدولي يقول: منطقة محمية وادي الوريعة كانت صالحة للقنص قديماً، لكثرة الحيوانات البرية والطيور التي تعيش فيها، خصوصاً الغزلان والطيور البرية المتعددة والتي لا يظهر منها في الوقت الحاضر إلا القليل، كما أن الأهالي يرتادون المحمية دائماً للاستمتاع بالشلالات رغم الطرق الوعرة التي تؤدي إليها . وأضاف العبدولي: أن هناك العديد من النباتات التي تنمو في منطقة محمية وادي الوريعة، وأهمها النباتات الطبيعية مثل الزبيدية والعرجون والحماض والسيداف ونباتات السدر والسمر، ويرجع السبب في كثرة هذه النباتات إلى خصوبة التربة، ووجود المياه على مدار أيام السنة، وأوضح أن مياه وادي الوريعة أسهمت بشكل كبير في إقامة المزارع في المناطق المجاورة للمحمية التي يعتمد أهالي المناطق في ريها على مياه الشلالات والينابيع التي تنبع من المحمية .

يقول جميع محمد جميع أحد زوار المحمية: إن منطقة وادي الوريعة أصبحت مقصداً للسياح العرب والأجانب للاستمتاع بالهدوء والطبيعة الخلابة، بعيداً عن الضوضاء وزحام المدن، فالزائر لا يسمع سوى خرير المياه وزقزقة الطيور .

عبيد محمد جميع يقول: أحرص بشكل دائم على زيارة المحمية، وخاصة شلالات الوريعة، حيث استمتع بالسباحة في البرك الطبيعية وممارسة هوايات مختلفة .

ويقول عودة نهار الحموري: إن محمية وادي الوريعة أصبحت من أكثر المناطق جذباً للسياحة، لأنها تتمتع بعديد من الخصال الطبيعية الخلابة التي قلما يجدها المرء في أي مكان آخر .

عبدالله حسن يقول: إن المنطقة تشعر الزائر بروح الأصالة، فبإمكانه نصب الخيام والاستمتاع بإعداد الأكلات الشعبية والقهوة العربية في الطبيعة الخلابة .

المصدر : الخليج – بكر المحاسنه 13 مايو 2011

Related posts