وادي أصفني واقع جديد و”أحلام” في الانتظار

عندما انطلقنا بالسيارة من قلب مدينة رأس الخيمة باتجاه منطقة وادي اصفني النائية، على بعد نحو 80 كيلومتراً جنوباً، دارت في مخيلتي تساؤلات عدة عن مدى التغير والتطور الذي شهدته بعد مرور سنوات قليلة على آخر زيارة لنا للمنطقة، وكانت الإجابة عند وصولنا ولقائنا الأهالي، الذين ظهرت على ملامحهم السعادة والبهجة بإنشاء وافتتاح طريق دبي  الفجيرة، الذي يوفر عليهم الوقت والجهد في الوصول إلى مقاصدهم، سواء في إمارة دبي أو في إمارة الفجيرة أو في مدن الساحل الشرقي للدولة، في الوقت الذي سلطوا الضوء على حزمة من المطالب والاحتياجات التي يأملون أن ترى النور قريباً . وبعد مرور يومين على زيارتنا لوادي أصفني كانت زيارة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، للمنطقة بمثابة البلسم الشافي والأمل لأبناء هذه المنطقة، الذين ثمنوا الزيارة الكريمة، وهي تعكس حرص القيادة الرشيدة للدولة على النزول للميدان، لاستطلاع أحوال المواطنين وتلمس احتياجاتهم والعمل على تنفيذها بسرعة، الأمر الذي انعكس من خلال توجيه سموه بإنشاء مشروع شارع الممدوح – أصفني، الذي كان مطلباً ملحاً، لأهمية الشارع في الربط مع المناطق المجاورة .

توجه أهالي وادي اصفني بالشكر والتقدير لمقام صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يسعى دائماً لتفقد أحوال مواطنيه وإدخال الفرحة والسرور إلى قلوبهم عبر توجيه سموه بتنفيذ المشروعات التي تلبي مطالبهم وتسد احتياجاتهم وتسهم في الارتقاء بالمستوى المعيشي لهم بما يتوافق واستراتيجية الدولة القائمة على الاهتمام بالعنصر البشري المواطن، معربين عن أملهم في أن تعيد الجهات المسؤولة في وزارة الأشغال العامة النظر في وقف مشروع توسعة جسر وادي أصفني الذي سيحول تنفيذه دون تجميع مياه الأمطار التي يستفاد منها في ري المزارع التي تعاني أصلاً من الجفاف .

بداية لقاءاتنا كانت مع عبيد المزروعي، موظف متقاعد، الذي استقبلنا بكرم عربي أصيل في منزله الذي تجمعت فيه مجموعة من أبناء وادي أصفني، حيث أشار إلى المخاطر المحدقة بالسائقين ومستخدمي الطريق الفرعي الرابط بين الشارع الرئيس وبين منطقتهم، الذي يبلغ طوله 8 كيلومترات، في التسبب بوقوع حوادث مرورية خطيرة في ظل تكون الشارع من مسربين متضادين بمعدل مسرب واحد في كل اتجاه وافتقار الشارع للإنارة ما يجعل مستخدميه يشعرون أنه يسيرون في ظلام موحش بين الجبال .

وأضاف أن ما يزيد من خطورة هذا الشارع استخدام أعداد كبيرة من الشاحنات له مع وجود عدد من الكسارات يصل عددها لنحو 8 كسارات على جانبيه، فضلاً عن كثرة المرتفعات والمنخفضات والمنحدرات والالتواءات فيه ما أدى لوقوع العديد من الحوادث المرورية الخطرة، مطالبين بتوسعة الطريق وإنارته .

وأوضح أن المنطقة تفتقر لوجود صيدلية وأسواق تجارية وحتى لمحطة بترول، حيث يجب على الأهالي في حال رغبتهم في توفير أي من هذه الاحتياجات التوجه لمدينة الذيد على بعد 40 كيلومتراً .

ودعا وزارة الأشغال العامة لإعادة النظر في مشروع توسعة جسر وادي اصفني، الذي سيؤدي تنفيذه لفقدان مياه الأمطار، التي يشكل الشارع في الوقت الحالي سداً أمامها، ما يساعد الأهالي على استخدامها في الري وفي استقطاب المنطقة للسياح من داخل الدولة وخارجها للاستمتاع بمنظر المياه المتجمعة خلف الشارع، لافتاً إلى أنه يمكن تخصيص المبلغ المخصص لهذا المشروع في تنفيذ مشروعات أخرى في المنطقة تلبي جانباً من مطالبهم واحتياجاتهم المختلفة، خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية .

ويشير حسن سعيد المزروعي إلى جانب آخر من جوانب احتياجات ومطالب أهالي بلدة وادي أصفني يتعلق بالموضوع الأهم بالنسبة لمعظم مناطق رأس الخيمة والمتمثل في البيوت الشعبية القديمة المتهالكة التي تكتظ بأعداد كبيرة من الأفراد ينتمون لأكثر من أسرة ضمن ما يعرف بالأسرة الممتدة .

وأوضح أنه اضطر لبناء منزل على حسابه الشخصي بعد تردي وسوء حالة منزله الشعبي الذي كان يسكنه والذي يعود بناؤه إلى عام 1974 ضمن البيوت الشعبية التي قامت وزارة الأشغال العامة في ذلك الوقت ببنائها في مختلف مناطق الدولة، مبينا أن لديه 9 أبناء، منهم 8 متزوجين لم يحصل سوى اثنين فقط منهم على بيوت حكومية في صورة تعكس حجم المعاناة الحقيقية التي تعاني منها الشريحة الأكبر من أهالي وسكان وادي اصفني .

ولفت إلى أهمية بقاء جسر البلدة الحالي على وضعه الطبيعي لما له من دور في حجز وتجميع كميات المياه الناجمة عن تساقط الأمطار والتي يتم استخدامها في ري المزارع .

ويرى سعيد المزروعي، موظف، أن أهم احتياجات أهالي وادي اصفني يتلخص في مشروعات البنية التحتية بشكل عام، وتتضمن رصف الطرق وتوسعة الشارع المؤدي لبلدتهم وإنارة الشوارع وإنشاء مراكز ترفيهية وملاعب رياضية لشباب وأبناء المنطقة ومراكز للفتيات وغيرها من الضروريات الأخرى .

علي المزروعي، مهندس، أكد وجوب قيام الجهات المختصة بإعادة النظر في الموقع الذي تم تخصيصه لإحلال منازل المواطنين عليه كون أنه ضيق ويقع في منطقة متراصة الجوانب والأطراف في الوقت الذي توجد فيه مواقع أخرى أفضل ومتميزة يمكن استغلالها وإقامة المنازل الجديدة عليها بدلاً من الموقع المذكور .

وأضاف أن إنشاء حضانة للأطفال في البلدة يعتبر مطلباً رئيساً للأهالي في ظل عمل نسبة كبيرة من نساء البلدة في وظائف مختلفة في المناطق المجاورة أو حتى في قلب الإمارات والمدن الأخرى ما يجعل توفير مكان آمن وجيد للأطفال معضلة حقيقية تواجه الآباء والأمهات، مشددا على أهمية إنشاء مجمع للوزارات والدوائر والجهات الحكومية الاتحادية والمحلية في المناطق الجنوبية يوفر الوقت والجهد على الأهالي لاختصار المسافات الطويلة لقضاء هذه المصالح .

ولفت إلى ضرورة إعادة إنشاء مركز للشرطة في البلدة، بديلاً للمركز الذي أغلق في وقت سابق، لا سيما أن السواد الأعظم، نحو 80% من أبناء المنطقة، يعملون في إمارات أخرى ويتركون زوجاتهم وأطفالهم طيلة أيام الأسبوع في البلدة، التي توجد فيها عمالة آسيوية، فيما يقع حالياً أقرب مركز للشرطة في منطقة كدرة، على بعد نحو 15 كيلومتراً .

وناشد المسؤولين في وزارة الأشغال العامة بوقف مشروع توسعة جسر وادي أصفني والاستعاضة عنه بمشروعات أكثر أهمية للمنطقة كون الجسر يسهم في توفير المياه المطلوبة لري المزروعات، فضلاً عن كونه يشكل مزاراً يقصده العديد من مواطني الدولة والمقيمين على أرضها والسياح للاستمتاع بالمياه المتجمعة خلف الشارع بفعل تساقط الأمطار، إلى جانب أن تنفيذ المشروع سيؤدي لإهدار المياه المتجمعة .

من جانبه، أوضح المواطن سالم المزروعي أن البنية التحتية والتخطيط الجيد للأراضي الزراعية تأتي على سلم أولويات منطقة وادي اصفني والمطالب الأساسية لأهاليها .

ولفت إلى أن العيادة الصحية في البلدة تفتح أبوابها اعتباراً من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثانية ظهراً خلال أيام العمل الرسمي الأسبوعية، فيما تغلق أبوابها أمام المراجعين في عطلات نهاية الأسبوع وفي عطلات الأعياد والمناسبات الدينية والوطنية في الوقت الذي يقع أقرب مستشفى على بعد 40 كيلومتراً في مدينة الذيد التابعة لإمارة الشارقة ما يعني أنه في حال وقوع أي طارئ أو وجود أي شخص بحاجة للعلاج السريع فإنه يجب عليه قطع كل هذه المسافة للوصول للمستشفى والحصول على الرعاية الصحية والطبية اللازمة، وهو ما يدفع للمطالبة باتخاذ منطقة رأس الخيمة الطبية قراراً تفتح العيادة بموجبه أبوابها على مدار الأربع والعشرين ساعة .

وأشار إلى خطورة الشارع الرابط بين الشارع الرئيس وبلدتهم لافتقاره للإنارة وتكونه من مسرب واحد فقط في اتجاهين متضادين .

وفي جانب آخر من احتياجات أهالي وادي اصفني سلط المواطن أحمد المزروعي الضوء على موضوع المدرسة المشتركة للبنات التي تضم الطالبات من مرحلة الروضة وحتى الثانوية العامة ولما في ذلك من آثار سلبية، من وجهة نظره، في العملية التعليمية والمستوى التعليمي للطالبات في الوقت الذي تحتاج المنطقة بشكل فعلي لإنشاء حضانة للأطفال الصغار خاصة مع وجود شريحة كبيرة من النساء العاملات من بنات وادي أصفني .

سلطان المزروعي، مهندس، نوه بأهمية تخطيط المزارع في منطقة وادي أصفني التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم لإتاحة المجال أمامهم لتوفير الخدمات المطلوبة من الكهرباء والماء في هذه المزارع والتخفيف من العبء المالي الملقى على كواهلهم حالياً في توفير هذه الخدمات من خلال مولدات خاصة تعمل على الوقود ويحتاج تشغيلها لمبالغ مالية كبيرة شهرياً .

ولفت إلى أن تخطيط المزارع من شأنه مساعدة البلدة على زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية وإعطاء المزيد من الاهتمام بالزراعة التي تعتبر من المهنة الأبرز التي كان يعتمد عليها الآباء والأجداد في منطقتهم، وبالتالي نقل هذا الموروث للأبناء والأجيال القادمة .

ولخص خالد حسن، موظف، معاناته الشخصية التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من معاناة قطاع واسع من أبناء وادي اصفني في سكنه بمنزل إيجار في مدينة كلباء مع زوجته وأطفاله الأربعة في انتظار حصوله على قرض من برنامج زايد للإسكان الذي تقدم له بطب منذ عام ،2007 موضحاً أن توجهه للسكن في كلباء وابتعاده عن أهله وأقاربه يعود لعدم وجود منازل للإيجار في وادي اصفني التي تعاني في الأساس نقصاً واضحاً في عدد مساكنها، ما أجبر البعض من أبنائها على السكن في مناطق أخرى إلى أن يشاء الله .

أما خالد المزروعي، فهو أحد ضحايا الحوادث المرورية الواقعة على الشارع المؤدي لمنطقتهم من الشارع الرئيس، حيث أصيب بعجز بنسبة 15 % في ركبتيه والأربطة الصليبية .

يقول خالد إنه أصيب بحادث تصادم مروري وقع نتيجة تجاوز سيارة يقودها آسيوي لشاحنة على الطريق المذكور تحت جنح الظلام دون تأكد السائق من خلو المسرب المقابل من السيارات، حيث كان يقود سيارته ما أدى لوقوع تصادم متقابل بين المركبتين أسفر عن إصابته بهذا العجز .

رصف الطرق الداخلية

عبدالله يوسف، رئيس دائرة الأشغال والخدمات العامة برأس الخيمة، أشار إلى أن خطة عام 2012 تتضمن رصف جميع الطرق الداخلية في مختلف مناطق الإمارة، بما فيها المناطق النائية .

وأضاف أن إنارة الشوارع والطرق تعتمد على تجاوب الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء، عبر تزويدها بالتيار الكهربائي اللازم لذلك، لافتاً إلى وجود 3 شوارع حيوية في قلب مدينة رأس الخيمة تفتقر للإنارة، رغم تركيب أعمدة إنارة فيها، لكن عدم توفير الطاقة الكهربائية حال دون إنارتها .

إعادة نظر

أعرب عدد من أهالي وادي أصفني عن أملهم بأن تعيد الجهات المسؤولة في وزارة الأشغال العامة النظر في وقف مشروع توسعة جسر وادي أصفني الذي سيحول تنفيذه دون تجميع مياه الأمطار التي يستفاد منها في ري المزارع التي تعاني أصلاً الجفاف، والتي تعتبر عنصر جذب للعديد من السياح الذين يقدمون من مختلف إمارات ومدن الدولة ومن خارج الحدود للاستمتاع بمنظر المياه المتجمعة خلف الشارع، وتخصيص المبالغ المخصصة لهذا المشروع لتنفيذ مشروعات أخرى تحتاجها المنطقة كإنشاء جسور وممرات وشوارع داخلية . الخليج