على ضو الفنر (( المقايض ))

المصدر : الامارات اليوم

موقع الطويين : الخليج -د . عبدالله علي الطابور

المقايض نسبة إلى (القيض) وهذه التسمية تطلق على فترة انتقال أهالي المدن الساحلية في الصيف إلى الواحات والمزارع والنخيل . .

 

وقد ورد في لسان العرب (قيظ) بأنه صميم الصيف وهو من طلوع النجم إلى طلوع سهيل والنجم يقصد الثريا . . . والجمع أقياظ وقيوظ وتلفظ (مقايظ) أو قاظ يومنا كما ورد في الفصحة تعني اشتد حره ويوم قائض شديد الحر . . . والمراد بالقيض في الإمارات فترة سقوط الرطب؛ فنضوج الرطب في النخلة هو بداية تباشير القيض . . . ويبدأ موسم القيض من شهر يوليو ويستمر حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني وخلال هذا الموسم ينتقل سكان المدن الساحلية إلى (المقايض) . وتعني أماكن القيض . . . ومفردها (مقيض)

 

وتقصد الكثير من الأسر مناطق معينة في الأرياف معروفة بزراعة النخيل الذي كانت تقوم عليه المقايض في الإمارات فمن هذه الشجرة تعيش الاسر سواء من (الرطب والتمر) ومشتقاته او من أطرافها مثل الجريد والخوص والجذوع مفرد (يدع) حسب ما هو دارج في لهجتنا المحلية . . . وبعض الاسر الكبيرة تمتلك مزارع النخيل ومعظم النخيل توارثته الاسر منذ قديم الزمان حيث توجد المزارع وبالقرب منها مساكن الأهالي الذين يبنون منازلهم الصيفية من سعف النخيل مثل العريش والمظلة . . . وبعض الاسر الميسورة تبني منازلها من الجص والمدر والحصى مثل الدهاليز وغيرها من منازل الصيف . وتتوزع المقايض كما ذكرنا في الاراضي الخصبة التي تتوفر فيها المياه العذبة وتنتشر مقايض أهل الإمارات في أماكن عدة منها العين وضواحيها حيث يحرص أهل أبوظبي قضاء فترة القيض في العين الغنية بمزارع النخيل والبساتين ومياه الأفلاج الباردة وحيث الجو اللطيف والحياة البسيطة . . .

 

وكانت أشهر المقايض في مناطق رأس الخيمة تمتد من خت والحيل والفحلين والفلية والقصيدات والجويس والعريبي وشمل جلفار وشمل حقيل إلى ضاية وشعم . وتوجد مزارع النخيل على طول هذه المناطق التي تقع ما بين السهول الخصبة والأراضي الساحلية ومن خلفها سلسلة جبال الحِجرّ (من حجر على الشيء أي احاط به) وإنما سميت بالحجر لأنها سلسلة ممتدة كالجدار الذي يحيط بالمنزل . . . وكان للشيخ علي بن محمد المحمود نخل في خت تسمى  (الأسيلي) ونخل في الحيل ومن حوله منازل آل محمود وبني الشيخ علي  رحمه الله  عدة (سبل) وهي مجالس الضيافة وكان من الذين يقضون القيض في الحيل الشيخ سلطان بن صقر القاسمي حاكم الشارقة ما بين 1924/1951 م والشيخ محمد بن صقر والد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة  . . (ونخل ميرة) من النخيل المعروف . . . وكان للشيخ سعيد بن مكتوم حاكم دبي وأسرته نخيل في الغب وكان منزل الشيخ سيف بن محمد المدفع في شعم بناحية البحر ونخيل المدافع في هذه المنطقة معروف، وكذلك الشيخ مبارك بن سيف الناخي وأحمد بن عبد الرحمن بن حديد . . وتفد إلى رأس الخيمة أسر من البحرين وقطر وأبو موسى في فترة القيض ولا يفوتنا أن نشير إلى نخيل الشيخ عبد السلام وعبد الوهاب الوهيبي في الحيل وآل باكر والقصيبي والعصيمي والحريز في خت والحيل والفحلين  . . ومع اشتهار مقايض رأس الخيمة إلا أن بعض الأسر من رأس الخيمة لها نخيل في دبا الحصن ودبا البيعه وتقضي فترة القيض هناك  . . وكانت منطقة (البراحة) في دبي من المقايض إلى جانب المنامة والذيد التي بها واحة زراعية ومياه عذبة ولذا كانت تذهب إليها بعض الأسر في فترة القيض . . والحياة في المقايض لها طعمها الخاص وطابعها الصيفي الجميل وقد جمعت صوراً من الحياة في القيض على شكل رواية أدبية  . . تناولت فيها عن ملامح غابت عن ذاكرتنا تماماً بعد أن توقف الأهالي عن المقايض وحل الخراب والتجريف بذلك النخيل الذي عاش عليه أجدادنا ولولاه ما كان للحياة في الإمارات طعم . . وإذا انتهى موسم القيض وحان الرحيل صاح البيدار:

 

القيض ماطول زمانه

 

شهرين والغالي مشوبة

 

ذلك زمن حيث (شمس القيض) و(المسطاح) الذي به (المدابس) وجرايب التمر والعساوة (مفرد عسو) والمشابة (مفرد مشب) و(المراوح) التي كان الأهالي يستخدمونها لتلطيف الجو  . . مضت تلك الأيام وراح بريقها مع توقف الناس عن الذهاب إلى القيض وبقائهم في المدن وتفضيل بعضهم السفر إلى الخارج هرباً من الحر والشمس