هربت من أهلها للزواج والولي يبطل زواجها بعد إنجابها طفلا

قررت فتاة في مقتبل عمرها الزواج بشاب كفء – على حد وصفها – وعندما وجهتها مصاعب قررت أن تتزوجه بعقد زواج سواء في دول أخرى، ثم تعود لتجد مفاجأة في انتظارها، دعوى قضائية ضدها من والدها ببطلان عقد زواجها وفسخه، فكيف يكون حالها وموقفها؟.

الأمر والأدهى أن كانت هذه الفتاة أنجبت طفلا ينتظر معها مصيره من تلك القضية. ما ينسج الآن ليس خيالا وإنما قضية حقيقية لا تزال في نظر المحكمة.

كانت بطلتها شابة مواطنة قررت الزواج من شاب من دولة خليجية تقدم لخطبتها مرارا وتكرارا، ولكن طلبه دائما ما يقابل بالرفض من قبل أسرتها التي تذرعت في موقفها بعدم توافر مؤهلات الكفاءة الزوجية وفي كونه غير إماراتي، لتتخذ من الهرب معه والارتباط به شرعا في دولته طريقا للخلاص، ما اعتبر فيه الزواج باطلا والحمل سفاحا (غير شرعي). والمفاجأة الأكبر دعوى فسخ العقد وبطلانه، لعدم وجود الشرط الصحيح لإتمامه وهو موافقة الولي.

حيث ظل والدها يرفض هذا الزواج، وأصر على إبطاله أثناء تداول الجلسات في المحكمة، وكان رأي المحكمة الشرعية كما ورد بضرورة تحقق الولاية، أيا كان عمر الزوجة. القضية طويلة تفيد خلاصتها إلى فسخ عقد الزواج نتيجة عدم موافقة الولي، وبالتالي عدم إثبات العقد شرعيا لعدم توافر شرط الولاية للأب في إبرام عقد الزواج.

 

حملات توعية

وفي هذا الإطار، تستعد المحامية موزة مسعود رئيسة جمعية الحقوقيين فرع الفجيرة وعدد من المحاميات الشهر القادم للقيام بمبادرة حملات توعية في مدارس الفتيات وكذلك النوادي النسائية لهذا الغرض، بهدف توعية الفتيات التي يبلغ معدل أعمارهن ما بين ‬14 إلى ‬18 سنة بقضيتي زنى المحارم و الزواج العرفي بشكل خاص وأنماط أخرى من الزيجات غير المبنية على الصيغة القانونية لإثبات الحمل والنسب، ما يؤدي إلى فسخ عقد الزواج هذا وبطلانه بشكل قاطع.

وهذه المشكلة تحدث أصلا كما وضحتها المحامية موزة نتيجة جهل ولي البنت الذي يعاند ويصر على موقفه، فيزج ابنته بالتالي في قضايا وفضائح بعد أن تم الدخول بها أو حدوث الحمل، وبدلا من أن يستر عليها يبطل عقد زواجها وقد تصبح حاملا بالسفاح.

 

انتشار الظاهرة

لكن هل تعتبر ظاهرة، وتنتشر في المنطقة بشكل كبير. تقول مسعود: في الفترة الحالية تنتشر في المنطقة مثل هذه القضايا التي بدأت تغزو أروقة المحاكم، ربما لا تشكل ظاهرة ولكنها تنذر بكارثة أسرية يتحمل أعباءها أطراف كثر. فلديها دعويان قضائيتان حول هذه المشكلة إلى جانب ما يتوارد على أسماعهم من الترافع عن قضايا تدور في الإطار ذاته ما يستوجب التوقف والنظر في إشكاليتها وأسبابها وأيضا آثارها والمحاولة قدر المستطاع في إيجاد حلول مساعدة.

ومن هناك جاءت هذه المبادرة من قبلهم وخصوصا للفتيات في متوسط الأعمار ما بين ‬14 إلى ‬18 سنة أي في المراحل الدراسية (الإعدادية والثانوية وأيضا الجامعات). لافتة إلى أن دورهم في الحملات التوعوية ستضمن نقاط استشارة نفسية وقانونية واختصاصا اجتماعيا لتوعية البنت والأهل قبل حدوث مشكلة والوقوع في الخطأ، بمعنى أن يكون الدور وقائيا للأسرة دون أن نضطر إلى العلاج. فالأسرة اليوم تعاني من التفكك وممارسة العنف يدفعهن إلى التهور والطيش مهما كانت أنواع التربية والدلال والحرص، فالعنف قد لا يكون مباشرا فالشدة والإهمال وعدم التفهم عوامل تساعد على سرعة الانجراف والتعلق بأي شخص قد يشعرهم بالاهتمام.

ولتجنب هذه المشكلة دعت موزة إلى أنه من الأجدر للولي الأب أن يقبل بزواج ابنته إذا شعر بأن رفضه سيسبب فضائح ومشاكل، أو أنها ستتزوج رغما عنه، وخصوصا في حال عدم وجود أسباب منطقية لرفضه، وفي أشخاص قد يرتضون به دينا وخلقا بالرغم من الإشكاليات الأخرى والتي قد تكون ثانوية حفظا على أمن واستقرار الأسرة، بدلا من الزج لاحقا في قضايا خطف أو مواقعة أو الهرب والسفر خارج الدولة للزواج. حيث أن الزواج بعقد عرفي كثرت ضحاياه من الشباب نتيجة تعنت الولي في المقام الأول.

مضيفة بأن هذه المشاكل تحدث في الأغلب نتيجة الظروف الاجتماعية واختلاف الطبقات والقبائل والجنسية أيضا أو بسبب ارتفاع المهور، أو نتيجة ضغوط معينة تعتبر قاطعة. فخطأ الأهل في المقام الأول والوالدين بالذات وأيضا الفتاة نفسها بالرغم من نوعية تربيتها، قد يدفع إلى التهور والطيش، ويكمن في عدم توجيه ورعاية هذه الابنة أو الابن كذلك واحتوائهم ليكونوا تحت مظلتهم، واستخدام العند من قبل الأب، فهذا يؤثر سلبا عليها ويزيد من حجم المشكلة بدلا من حلها. إضافة إلى عدم وعي الأهل وجهلهم بقانون الأحوال الشخصية في الدولة. حيث يستطيع الزوجان في هذه الحالة اللجوء إلى المحكمة بدعوى تطلب فيها البنت أن يكون القاضي وليها بعد رفض والدها تزويجها من خلال دعوى تسمى «دعوى العضل». وفيها يقوم القاضي بالتحقق من الموضوع من ناحية الكفاءة الزوجية ونواح أخرى قانونية كلها مسألة تخضع لتقديره، فيصبح وليها ويأمر بتزويجها، ويكون زواجها في هذه الحالة شرعيا وقانونيا قبل الدخول بالزوجة أو الحمل منها.

 المصدر : البيان 21 فبراير 2011