مواطنة تطلق «روح الاتحاد» عطراً

كانت تخبئ زجاجات العطر الفارغة بعد ان تنتهي جدتها من العمل على خلط العطور العربية، وتصر على خلط “الدخون” البخور، معها رغم تحذيرات جدتها بخطر ذلك على صدرها جراء استنشاقها لذرات البخور.

ظل عشق العطور العربية يسكنها طوال سنوات الطفولة ، فكانت تخلط تلك الزجاجات الفارغة ببواقي العطور التي تصنعها جدتها، وتحوله عطراً خاصاً بها، وتراقب في الوقت ذاته آلية العمل، فكبر معها الهاجس وبات عملها الخاص.

هدى الصوالحي موظفة في بلدية دبي ، لم تدرس صناعة العطور ، لكنها خبرتها عن كثب، وقرأت عنها الكثير ، وحولتها الى هواية، ومن ثم الى مصدر للعمل والنجاح، وباتت عطورها العربية محل طلب من العديد من المحلات ، والقصور، وحفلات الاعراس ، لخصوصيتها البالغة المغرقة في المحلية والاصالة معا، والتي تعيد الذاكرة برائحتها الى ايام جميلة ، كان العطر فيها من اجمل الكنوز والهدايا التي يحضرها القادمون من الهند وغيرها من الدول الاخرى اليوم .

ومع انطلاقة احتفالات الدولة باليوم الوطني الاربعين، اطلقت هدى مجموعتها الجديدة التي هيأتها خصيصا لهذه المناسبة وأطلقت عليها عطر ” روح الاتحاد” ، وهي عبارة عن ثمانية عطور الاول يحمل اسم روح الاتحاد ، والبقية يحمل كل منها اسم امارة من امارات الدولة، عملت عليها لمدة شهرين متواصلين بواقع خمس ساعات يوميا، لتتمكن من انتاج المجموعة التي ترضي طموحها ،وتستحق ان تحمل اسم هذه المناسبة الخاصة.

” لا تتشابه روائح العطور في المجموعة، فكل امارة لها خصوصيتها في عشقها للعطر، هذا ما تعلمته من خلال السنوات الطويلة التي قضيتها في ممارسة صناعة العطر وفي شراء المواد الاساسية وفي تنفيذ الطلبات الخاصة كل حسب عطره الذي يرغبه، فمثلا دبي المدينة التي لا تهدأ يأتي عطرها منعشا مرحا مثلها، وابوظبي يميل عطرها الى القوة وفيه الكثير من ” دهن العود” الذي يعشقه اهلها في عطرهم بكثرة، والفجيرة عطرها مستوحى من سنا الجبال ، وهكذا ” هذا ما تؤكده هدى في حديثها عن المجموعة التي اطلقتها قبل يومين خلال المعرض المقام في مقر بلدية دبي الرئيسي في ديرة ، والذي يشمل منتجات من عمل الموظفين انفسهم، ومنذ اطلاق العطر، وهاتفها لا يهدأ عن استقبال الطلبات

لم تكن البدايات سهلة ، فبدايتها التجارية الفعلية كانت عام 1996 ، اذ كانت قبل ذلك تصنع العطور على استحياء بينها وبين قريباتها، لكن بعد ان وجدت اعجابا بالرائحة ، وطلبا يزداد، قررت ان تتخذ الامر على محمل الجد، وتستفيد من وقتها وهوايتها معا، فخصصت غرفتين في بيتها لهذا الامر، الاولى كمعمل لخلط العطور ، والثانية مخزنا للمواد الاساسية، وتقول: ” واجهت صعوبة كبيرة في شراء الكحول الخاص بصناعة العطور، فأنا لم اكن املك مصنعا تخولني رخصته الحصول على هذه المادة، لكن بعد اجراءات طويلة ومعقدة تمكنت من الحصول عليه، كما ان تخزين الكحول امر في غاية الحساسية والتعقيد، فهو يتطلب ظروفا معينة ودرجات حرارة محددة وإلا فسد وبالتالي يتأثر العطر بذلك كثيرا ولا تظهر رائحته الجميلة كونه عنصرا أساسيا في العطر”

” لا أحد يشتري العطر وهو حزين، فالعطر مصدر فرح ، ويعبر عن الود والمحبة” هكذا تتحدث هدى عن أكثر ما تحبه في هذا العمل، كما انها تعشق التحدي المخفي بين طياته، ففي كثير من الاحيان يطلب منها الزبائن تقليد عطر فرنسي اعجبهم في السوق لكنهم يريدون منها تصنيعه لارتفاع سعره، وتؤكد ان لديها القدرة على ذلك، وان العطر منذ ان تشمه للمرة الاولى، يظل عالقا في رأسها الى ان تنفذه ، وهذا ما تعتبره ميزة في مهارة صناعتها للعطور، إذ إن طلبات كثيرة تصل اليها شهريا بهذا الخصوص، معبرة عن استعدادها لتحدي أي عطر، وتنفيذ رائحته ، شريطة ان تأخذ وقتها الكافي للعمل بهدوء وتركيز. البيان

Related posts