أولياء أمور يطالبون بضرورة التصدي لظاهرة العنف بين الطلبة والتأكيد على أهمية التوعية بالضوابط السلوكية والعقابية

موقع الطويين : الاتحاد

انتشر في الآونة الأخيرة عدد من الظواهر السلوكية السلبية في بعض من المدارس أبرزها ظاهرة العنف بين الطلبة والطالبات والتي باتت واضحة حتى في المراحل الدراسية الأولى، وهي التي اعتدنا أن نعتبر فيها الطلبة أطفالا صغارا يتسمون بالبراءة والمرح، ولكن الوضع تغير عما كان عليه في السابق ليصبح الطلبة في هذه السن يتسمون بالشراسة وقد يلجأ البعض إلى استعمال العنف دون تردد.

وقد غلبت مشاعر الامتعاض والغضب على عدد من أولياء الأمور بسبب سوء السلوك والتربية التي أدت ببعض الطلبة للجوء إلى استخدام العنف بين أقرانهم وذويهم كوسيلة للتعبير متسائلين عن الأسباب والحلول.

تقول منى محمد ولية أمر :” انتشار ظاهرة العنف بين الطلبة في المدارس خلقت أجواء من الخوف في نفوسنا نحن كأولياء أمور على أبنائنا في المدارس، خاصة بعد أن تحولت ساحاتها إلى أماكن للعراك وتصفية الحسابات”.

وطالبت منى محمد الجهات المسؤولة بضرورة التصدي لمثل هذه الحالات ومحاسبة الطلبة الذين يقدمون على مثل هذا السلوك والذي يمس أمن كافة الطلبة في المدرسة ، خاصة أن مثل هذه الظاهرة قد تنتشر بين مختلف المدارس بهدف التقليد إذا لم تكن هناك عقوبات رادعة وشديدة.

في حين أعربت نادية أحمد عن أسفها الشديد لانتشار هذه السلوكيات في البيئة المدرسية، وغضبها من تحول أطفال في عمر الزهور إلى “ بلطجية” يدورون بالمدرسة ويمارسون العنف دون رقيب أو حسيب، مطالبة الجهات المسؤولة بالنظر إلى هذه القضية بصورة جدية، ومعاقبة الطلبة الذين يلجأون إلى العنف على مرأى من الطلبة حتى لا تسول لهم أنفسهم القيام بنفس الفعل دون اللجوء إلى الجهات المعنية في المدرسة في حالة التعرض لأي نوع من أنواع الأذى.

ومن جهته أوضح سعيد مصبح الكعبي مدير منطقة الشارقة التعليمية مدى تأثره من انتشار هذه الظاهرة مؤخراً في المدارس، مشيراً إلى أن العنف عند الأطفال قد ينقسم إلى عدة أنواع فهناك عنف غير مقصود وآخر مع سبق الإصرار والترصد، مبيناً أهمية قيام الإدارات المدرسية بعملية التوعية بالضوابط السلوكية والعقابية بين الطلبة.

وشدد مدير منطقة الشارقة التعليمية على ضرورة التكاتف من قبل إدارات المدارس وأولياء الأمور في عملية تنشئة الطلبة في بيئة صحية سليمة بعيدة كل البعد عن العنف الذي نشاهده على قنوات التلفاز ومناظر الدماء والضرب حتى أن منظر الدم بات أمراً طبيعياً لدى بعض الطلبة، مؤكداً أن تلك هي أهم الأسباب التي تولد العنف عند الطلبة وتولد لديهم الرغبة في تطبيق ما يرونه على أرض الواقع.

وأشار إلى أن أحد أبرز أسباب ظهور العنف بين الطلبة هي الأسرة والبيت الذي تربى فيه الطفل على الضرب والإهانة، بحيث يخرج الطفل إلى المجتمع المدرسي ولديه الدافع في أن يمارس ما يمارس عليه من اعتداء في المنزل على من هم حوله من الطلبة ، مضيفاً أن الحالة الاقتصادية قد تكون أحد أسباب ظهور العنف بين الطلاب، إضافة إلى البحث عن مكان وسط التجمعات والشلل الطلابية ولفت الأنظار.

وبين مدير منطقة الشارقة التعليمية أن أهم الحلول تكمن في برامج التوعية التي على الجهات المسؤولة تكثيفها سواء على أولياء الأمور أو الإدارات المدرسية وبين الطلبة ، فضلاً عن تشديد العقوبات على مثل هذه التصرفات السلوكية المرفوضة تماماً في مجتمعاتنا المسالمة على الطالبة وولي الأمر، والمحاسبة بشكل حازم وحاسم.

وأهاب الكعبي بالمدارس تشديد عملية الرقابة والإشراف، خاصة في أوقات الاستراحات وأماكن تجمع الطالبات وعلى الإدارة المدرسية محاربة التجمعات الطلابية “ الشلل” خاصة في حالة الإحساس أن تلك المجموعات تمارس أنواعاً من “ التنمر” على الطلبة مما يؤثر على أمنهم في المدرسة.

ووجه رسالة إلى كل طلبة المدارس وأولياء أمورهم قال فيها :” نحن جميعا نعيش على أرض واحدة ووطن واحد وواجب علينا أن نحترم هذه الأرض وقوانين البلد الذي نعيش فيه وأن نبتعد كل البعد عن أي سلوك أو أمر قد يؤثر على أمن واستقرار المنشآت التي نعمل فيها ، فاستخدام العنف واللجوء إليه هو آخر ما يمكن أن يفكر فيه الطالب وفي حالة شعور الطالب بنوع من أنواع التهديد التوجه حالا إلى الجهات الأمنية والإدارية في المدرسة “.

وأعربت حصة الخاجة رئيس قسم التعليم الخاص والنوعي بمنطقة الشارقة التعليمية عن أسفها لانتشار مثل هذه الظاهرة بين الطلبة في المدارس داعية كافة أولياء الأمور بضرورة غرس مبادئ الاحترام وحسن التعامل في نفوس أبنائهم وإبعادهم عن المؤثرات السلبية المنتشرة حاليا من ألعاب الفيديو العنيفة والأفلام، والتقنيات الحديثة الأخرى التي تحث على الاعتداء الجسدي على الآخرين، كما أنها تشدد على الإدارات المدرسية بأهمية التشديد في الإشراف والمراقبة خلال فترات الاستراحة أو أماكن تجمع الطلبة من ضمنها الحافلات والساحات المدرسية.

إلى ذلك أعرب أحمد صابر صالح مستشار قانوني من مكتب الدكتور حبيب الملا للمحاماة عن وجهة نظره القانونية في المسألة قائلا :” لا شك في أن السلوك العدواني عند الأطفال يرجع لأسباب عدة كالإعلام وانعدام الرقابة من الأسرة أو المدرسة، وقد صدر في الدولة قانون الأحداث رقم 9 لسنة 1976 لتطبيقه على مرتكبي الجرائم ممن لم يجاوز الثامنة عشرة من عمره كما تستبدل عقوبة الإعدام أو السجن بعقوبة الحبس التي لا تزيد على 10 سنوات “ .

وأضاف أن الحدث ما دون سن السابعة لا تقام الدعوى الجزائية ضده ويجوز إيداعه في إحدى دور التربية لمدة لا تزيد عن أسبوع أو تسليمه لأبويه مع التزامهما بتقديمه عند كل طلب.

وأشار إلى أن أي طفل قام بالاعتداء على آخرين ستوجه إليه جريمة الضرب أو الضرب المفضي إلى عاهة بحسب حالة الطرف المصاب، فضلا عن مساءلة أولياء الأمور عن تعويض المجني عليه عما يرتكبه الطفل القاصر من أفعال تؤدي إلى أي ضرر سواء جسماني أو نفسي.

وأكد المستشار أن المدرسة عليها دور رقابي في رعاية الطلاب والمحافظة عليهم من أي ضرر أو خطر، ولا ترتفع المسؤولية عن المدرسة في حالة حدوث إصابة للطالب من أحد زملائه بالمدرسة ، حيث إن المدرسة مسؤولة عن الطالب من ساعة تسلمه وركوبه حافلة المدرسة إلى ساعة وصوله ونزوله من الحافلة وتسليمه إلى أهله، فإذا ثبت تخاذل العاملين بالمدرسة عن القيام بواجباتهم نحو رعاية هؤلاء الطلبة وحمايتهم من أي خطر ينزل بهم فلا شك أن المدرسة ستكون مسؤولة قانوناً أمام أهل الطالب الذي قد يصبه ضرر من أحد زملائه.

وأوضح أنه من غير المقبول أن تحدث مشاجرة بين الطلاب ويتعدى فيها أحدهم أو مجموعة منهم على طالب آخر ويعلو الشجار ويحاول أي من الطلبة الدفاع عن نفسه أو مهاجمة زميله بأي آلة “ كالمسطرة أو القلم “ أو دفعه إلى الأبواب الزجاجية أو ضربه بالمقعد وخلافه وتظل المدرسة “ ساكتة “ عن طريق مدرسيها أو مشرفي المواصلات.

كما وجه المستشار رسالة إلى كل ولي أمر قال فيها :” اطلب من كل ولي أمر بأن يأخذ على أيدي أبنائه بالشدة والحزم لمنعهم من الاعتداء على زملائهم حيث أن القانون عندما منع ابني أو ابنك من أن يعتدي على غيره من التلاميذ ، فهو في الوقت نفسه قد حمى هذا الابن من أن يعتدي عليه جميع أفراد المجتمع الآخرين وهم كثر، وحتى ينعم أبناؤنا في مدارسهم بالأمن والسلامة وحتى يقوم الأب بواجبه في التربية وحتى لا تنسى المدرسة أن التربية مقدمة قبل التعليم كشعار لوزارة التربية والتعليم “.

ومن جهتها قالت هبة الله محمد موجهة خدمة اجتماعية في وزارة التربية والتعليم إن انتشار ظاهرة العنف أمر خطير ولابد أن يوضع نصب الأعين ويتم تحويل الطلبة الذين يلجأون إلى العنف إلى التحليل النفسي فالعقاب وحده لا يكفي ، إضافة إلى استجواب أهالي أولئك الطلبة عن الأسلوب المتبع في عملية تربيهم في المنزل ، مؤكدة أن البيئة المدرسية التي يستطيع فيها الطالب أن يصل إلى مرحلة الضرب والتكرار دون أن يلقي بالا بأن هناك مساءلة أو عقابا هي بيئة غير سليمة، ولا تصلح للطلبة ، وهذا أكبر دليل على أن إدارة المدرسة لا تشدد على عملية توعية الطلبة بكافة مراحلهم بلوائح السلوك والانضباط والعقوبات، خاصة أنها تضم مراحل عمرية متباينة تتأثر بالمؤثرات الخارجية المؤججة للعنف .

وأوضحت أن انعدام المتابعة والضبط والربط والحزم في البيئة المدرسية أهم أسباب انفلات الطلبة ووصولهم إلى هذا الحد من ممارسة العنف ، فليس هناك ما يردعهم عن الإتيان بمثل هذا الفعل “ فمن أمن العقوبة أساء التصرف”.

لائحة الانضباط السلوكي في المجتمع المدرسي

أشارت حصة الخاجة رئيس قسم التعليم الخاص والنوعي بمنطقة الشارقة التعليمية إلى وجود لائحة الانضباط السلوكي بالنسبة للطلاب في المجتمع المدرسي يتم على أثرها وضع الحلول والضوابط لمثل هذه الظواهر وتتدرج العقوبات بحسب نوع السلوك من إنذار إلى التعهد وقد تصل العقوبات أحيانا إلى الفصل. وأكدت ضرورة تأمين الرقابة والإشراف من قبل إدارات المدارس سواء الخاصة أو الحكومية خلال فترات الاستراحة لمنع الاحتكاك بين الطلبة، والالتزام بقوانين الوزارة بشأن الاختلاط، خاصة أن اللائحة التنفيذية للتعليم الخاص المادة رقم 57 بشأن الاختلاط في المدارس الخاصة تؤكد ضرورة التزام المدارس الخاصة بالفصل التام بين طلابها من الجنسين بدءا من الصف الخامس الابتدائي وحتى مرحلة الثانوية بحيث يكون لكل جنس مبنى مستقل بذاته.