أهالي الطويين: أكدوا تمسكهم بالعادات والتقاليد الأصيلة والخيم الرمضانية عنوان للتكافل الاجتماعي في الإمارات

موقع الطويين : الإتحاد – موزة خميس

قال أهالي منطقة الطويين التابعة لإمارة الفجيرة، إنهم يتمسكون بالعادات والتقاليد الأصيلة، حيث لا تزال بيوتهم مفتوحة، إلا في أوقات الراحة التي يحفظها الجميع عن ظهر قلب، مؤكدين أن الخيم الرمضانية عنوان للتكافل الاجتماعي في الإمارات، ودليل قوي على النزعة الإنسانية عند أبناء هذا الشعب، ووحدة أبنائه. وأشاروا إلى بعض العادات الجميلة المرتبطة بشهر رمضان، ومنها الفرح باستقبال الشهر وترقب هلاله، وتهيئة المساجد والمصليات والتهنئة بحلوله، وصلة الأرحام وتبادل الزيارات وكثرة المصلين والعابدين من جميع الأعمار صغاراً وكباراً.

في منزل محمد بن قدور اليماحي رتبت جلسة قام بالإشراف عليها حميد بن قدور اليماحي، وهو صاحب موقع الطويين، وقد بدأ الحديث الابن حميد بن قدور: قديماً كان يقوم كل أهل الحي، بإحضار إفطارهم عند الجامع، في دعوة مفتوحة للإفطار الجماعي، وهو الأمر الذي تطور بمرور الأيام، إلى إقامة الخيم الخاصة بالإفطار ونصبها في مختلف الأماكن، والتجمع بها عقب التراويح، حيث تكون بمثابة مائدة سمر ويتم تناول الحلوى والمأكولات التي أعدت من كل بيت في الحي، وبالنسبة لبقية الأيام فإنه في أيام الخميس والجمعة والسبت من كل أسبوع ينشغل الناس، فيكون التجمع حسب ما تسمح به الظروف.

وقال: بالنسبة للنساء، تجتمع كل خمس أو ست منهن معاً في منزل إحداهن مع الفتيات والأطفال الصغار، وليس في ذلك أي حرج، لأن أغلب العائلات يعرف بعضها بعضاً وكأنهم أسرة واحدة، ويتم قبل أذان المغرب تبادل الأطباق التي تم إعدادها للفطور، خلال أيام الأسبوع، وبعد صلاة التراويح يقوم الأهالي بزيارات جماعية لكبار السن الذين انقطعوا عن الخروج، وفي أيام أخرى ربما يتم تناول الفطور، في منزل أحد كبار السن كي يشعر بالفرح، كما تكون هناك زيارات لصلة الأرحام.

وأضاف عبدالله علي مطر اليماحي، من العادات الحسنة في الإمارات، تسابق المحسنين إلى إكرام الصائمين من مختلف دول العالم، ضمن مشاريع إفطار الصائم، خاصة للمغتربين والبعيدين عن بلادهم فيشعرون بالألفة، حيث إن جلوس الصائم الغريب، على مائدة أهل الحي للإفطار معهم، عادة قديمة، لكنها تطورت، ويتم الترتيب لها بشكل يتناسب مع التغيرات المجتمعية.

وصايا

وأشار إلى أن الإسلام يوصي بالإحسان إلى المغتربين، الذين تركوا أوطانهم في سبيل لقمة العيش، فيحصل الفرح والسرور وترتفع معنوياتهم، وهذا يخفف من الشعور بالغربة، كما أن من يفطر يستشعر نعمة الإسلام والإيمان والصيام، وهي النعم التي جمعت بينهم، وألفت بين قلوب الجميع، وفي أحيان كثيرة يتم منح الأشخاص الذين يفطرون وجبات سحورهم، وقبل العيد يحصلون على رزقهم من الكسوة أو بعض أموال الزكاة.

ويكمل عبدالله اليماحي: في زمن الأجداد، كان ينشغل الرجال خلال رمضان بتجهيز المنتجات التي سيسافرون بعد العيد لبيعها في الأسواق البعيدة أو في المنطقة، ومنها صنع الحطب الذي يستعمل كوقود للطبخ والتدفئة، لأن الناس يعتمدون على الحطب والفحم في الطهي، كما يقومون بصنع الحبال من ليف النخل والسمن وقطف العسل.

وقال، هكذا يمر رمضان في عمل وعبادة وتواصل مع الناس من الأهل والجيران، ويكون الترفيه من خلال التجمعات الليلية بعد صلاة التراويح لتناول العشاء، أو ما يسمى بالفوالة، حيث يتجمع الناس مع بعضهم بعضاً كل يوم، فيقول الرجل لبقية الرجال تفضلوا، «تقهووا عندنا»، أي تناولوا معنا القهوة، ويتم ذلك بعد التراويح مباشرة.

وشارك سعيد خميس اليماحي من الطويين في الحديث بقوله، على كل إنسان يستشعر في نفسه الورع والتقوى، أن يعمل بالإحسان إلى الناس، لأن رمضان تتضاعف فيه الأجور، وهو فرصة وربما لا يمكن لكل إنسان أن يشهد صيام العام التالي، ولذلك كان الناس يبقون موائدهم على السرود من بعد الفطور حتى ما بعد التراويح، فربما جاء بعضهم لتناول الطعام لأنه لا يملك ما يصنع به فطوراً لنفسه.

ويكمل سعيد: من العادات المرفوضة في رمضان النوم نهارا والسهر ليلاً وتضييع الأوقات، فقديماً لم تكن هناك وسائل للهو، لذلك فإن الناس يبقون حوالي ساعة بعد التراويح ثم ينامون، وبعد ساعتين أو ثلاث ساعات يقومون بالليل للصلاة وتلاوة القرآن، واليوم يقضي الكثيرون وقتهم في متابعة الأفلام والمسلسلات والمبالغة في المباحات، وكثرة ارتياد الأسواق، وغير ذلك من العادات التي انتشرت في السنوات الأخيرة وتزداد يوماً بعد يوم.

تبادل الأخبار

وقال عبدالله صالح اليماحي: لم يكن الناس في الماضي ينشغلون إلا بالأحاديث وتبادل الأخبار، لأنهم طوال النهار في أعمالهم أو بيوتهم، ولذلك عندما يلتقون عند الإفطار فإنهم يتبادلون الأخبار، لكن في كثير من البيوت اليوم، هناك تضييع للأوقات بالترفيه دون استشعار لأجر التقرب لله بكثرة العبادة في هذا الشهر، حتى يتعود الإنسان على الطاعة، فسوف يسألنا الله عن أوقاتنا فيما ضيعناها.

أما عبدالله صالح فيشير إلى أنه من العادات الجميلة أن يستعد الناس للسفر لقضاء عمرة في مكة ومن ثم الذهاب للمدينة المنورة، أو البقاء في الأراضي المقدسة طوال شهر رمضان.

وأضاف، الإفطار كان على رطب أو تمر مع ماء، ونحن نفعل ذلك منذ فترة بشكل جماعي، حيث تتكرر هذه العادة اليوم وقبل سنين منذ زمن الأجداد، حين يجتمع الأهالي سواء عند المسجد أو المنزل، فإن الأغلبية يفطرون على التمر واللبن أو التمر والماء، ثم يذهبون لأداء صلاة المغرب جماعة، وبعد الخروج من المسجد يجلسون على مائدة جماعية، عليها الخيرات والأطباق المنوعة من كل منزل.

وقال من العادات في رمضان قديماً عدم سفر الناس في رمضان، حيث كانت تقل الزيارة للأهل الذين يبعدون عنهم في القرى المجاورة، لأن السفر كان شاقا عليهم، وهم لا يرغبون في السفر كي لا يضطرون للإفطار، فكان الرجال يبقون في قراهم يعملون في المهن المختلفة من الزراعة والرعي وتربية الإبل، وصنع بعض المستخدمات الضرورية، التي يستفاد منها للتجارة وطلب الرزق، مثل قطع الأخشاب من الشجر وصنع «السخام» وهو الفحم.

كما شارك الوالد محمد بن قدور اليماحي في الحديث، بقوله، كنا نستعد لرمضان من قبل شعبان، فنحن كنا في قرى بعيدة ونحتاج لمؤنة وكسوة، فكنا نسير لأيام إلى المدن لشراء احتياجاتنا الأساسية، ونعود محملين بالقهوة والسكر والأرز، وكان الحب أو القمح يتوافر من المزارع القريبة، وتبدأ النساء في تحضير البهارات، وتحميص البن وسحق حبوب القمح من شهر شعبان، لأن الناس يحبون أن يكون شهر رمضان خاصاً للعبادة وزيارة الأرحام.

وأضاف، كان منزلنا منذ عهد جدي لا يخلو من الزوار، أو من رجال القرية طوال أيام السنة لا يغلق باب بيتهم، فما بالك بشهر الكرم والخير، وكانت معظم الأحاديث تدور حول الدين والصلاة، وما قد يقع فيه المسلم من أخطاء في صلاته، أو نتحدث عن أحكام الصيام، والبعض يتداول أحاديث حول أحوال المهن، كالزراعة وتربية المواشي والإبل، والبعض يتحدث عن التجارة أو أحوال أهلنا في المناطق الأخرى، وكانت تلك المجالس تعقد مرات عدة في اليوم، بشكل غير متفق عليه، فقد ينهي البعض أعمالهم، ويتجمعون في تلك المجالس، بعد صلاة العصر هكذا دون مواعيد، وبالتأكيد يتجمع الأهالي للإفطار معا، وهناك تجمع ما بعد صلاة التراويح.

وذكر أن من أهم العادات في رمضان، أن كل من يملك حلالاً من الأغنام يذبح منه في رمضان، فإنه يعطي لكل بيت من لحمه، حسب عدد البيوت والعائلات، فلم تكن البيوت تعتمد على الكمية، بقدر ما كانت تعتمد على ما يستفاد به من اللحم، حيث يطبخ مرقاً ليحصلوا على كمية وافرة من الطعام، تكفي كل أهل البيت، ولو تناول كل منهم، قطعة صغيرة لا يزيد حجمها على الجوزة أو أكبر قليلاً، كما كان الأهل لا يكثرون من تناول اللحوم رغم وفرة الأغنام والمواشي، حيث كانوا يقبلون على تناول الألبان والأسماك وإن كانت مجففة، وكذلك على التمور مع اللبن الحامض أو الروب.

عادة خليجية

وأشار محمد راشد اليماحي إلى تعود بلاد الخليج العربي، على أن يكون الفطور على التمر والماء بجانب أطعمة شعبية، مثل الهريس والثريد وغيرها، ومن العادات الحسنة، أنه بدلاً من وضع الطعام أمام المساجد لإفطار الصائمين، أصبحت لدينا اليوم خيام نتشارك في إقامتها، لأن الطريق اليوم تسير فيه السيارات والمركبات فتثير الغبار والأتربة، بالإضافة إلى ارتفاع درجة الحرارة، ولذلك لم يعد اليوم غريباً، أن نجد أهتماما بنصب الخيام من أجل أن يفطر الصائمون أو يلتقوا بعد صلاة العصر.

وقال إن التلاقي عادة جميلة، يعتبرها الجميع، تراثاً للأجداد، يستعيده الأبناء متخلين عن حياة المدنية بتعقيداتها، حيث يتم استقبال الأقارب والأصدقاء، كما أنه يتم فيه إعداد مائدة إفطار للفقراء والمحتاجين، من العمال الذين يعملون في المنطقة، كما كنا قديما في طفولتنا نستقي من آبائنا تلك العادات المرتبطة بالخلق الحسن، حيث تعلمنا أن رمضان ليس جوعا وعطشا، بل صبر وتنقية وتصفية للروح والبدن، وأيضاً التخلي عن أي عادة سيئة تم اكتسابها خلال العام، فمن رمضان إلى رمضان قد تترسب في الذات بعض القيم الدخيلة، ولذلك يعلمنا الآباء أن رمضان قادم لنبدأ صفحة جديدة مع الله ومع النفس وبالتالي مع الآخرين.

ويرى عبدالله محمد التكلاني أن نبدأ في تعليم الأطفال على الصيام، فهم يقومون مثلنا للسحور، لأنهم يرغبون في ذلك، فلا نقول لهم ناموا مازلتم صغاراً، بل نشجعهم ونشاركهم معنا في تناول السحور، ونخبرهم بأن الله يسامح الصغار، إن صاموا لنصف يوم وأفطروا ظهرا، وذلك رحمة وشفقة منا بهم، فإن كان من بينهم من يستطيع أن يكمل صيامه كان خيراً وبركة، أما الضعاف والصغار، فإنهم يفطرون ظهراً أحياناً برشفة ماء ويكملون بقية اليوم صياماً، وهكذا سنة وراء سنة، يتعود الطفل المسلم على الصيام فيصبح عليه هينا.

ويكمل التكلاني: كان الأجداد يسافرون لأيام على ظهور المطايا كي يشتروا المير الرمضاني أو لما بعده من الأيام، لأن المسافات كانت بعيدة، وعليهم أن يتخذوا احتياطاتهم فترة أطول، ويتم شراء مؤنة البيت سواء كانت أطعمة أو أقمشة أو غير ذلك، حيث يذهب بعضهم للفجيرة، وبعضهم يسير حتى دبي والشارقة، وغيرها إلى أقرب الأسواق لشراء الأرز والبهارات الصحيحة كما هي والحبوب، في حال لم يكن موسم زراعة الحبوب جيدا عندنا، كما يشتري السكر وحبوب القهوة الخضراء والأقمشة والعطور التي يؤتى بها من الهند.

أقاويل

أما سعيد الزيوي فقد شارك متحدثا عن بعض الأقاويل، تحدث أناس كثيرون عن الفقر والحاجة والعوز في الماضي، لكن ليس كل ذلك صحيحا، ولم يسر على كل المناطق، فقد كان الخير كثيرا، لكنه بقدر يكفي أهل كل منطقة، ومن كان فقيرا أو محتاجا، فإن صلة القربى والجوار تكفيه، حيث لم نعهد منذ زمن الأجداد وجود مشرد أو تحت خط الفقر، يتركه جيرانه وأهله.

وأضاف الزيوي: لأن الجار يعرف أحوال جيرانه ومن يشتري لنفسه يشتري لجاره، وإن طبخ شيئا لا يأكل منه دون أن يطعم الجار، وما زالت هذه العادات قائمة، لكن الحمد لله كثر الخير، حتى لم يعد أحد يقدم لجيرانه كمحتاجين، لكن يقدم لهم ليتذوقوا شيئا مما تم طبخه في منزله.

إضاءة

قال أهالي منطقة الطويين في الفجيرة: كان الأجداد يسافرون لأيام على ظهور المطايا كي يشتروا المير الرمضاني أو احتياجاتهم في الأيام العادية، نظراً لبعد المسافات، ويتم شراء مؤنة البيت سواء كانت أطعمة أو أقمشة أو غير ذلك، حيث يذهب بعضهم إلى الفجيرة نفسها وبعضهم يسير حتى دبي والشارقة.


Related posts