انحبست أنفاس جماهير بطولة «السيف» لفن المزافن التراثي التي اقيمت على مدار خمسة اسابيع كاملة، عند ختام منافساتها مساء أول أمس، ترقباً لإعلان هوية فارس أول نسخ البطولة التي استحقها عدنان راشد الحبسي. وشهدت البطولة التي أقيمت في قلعة الفجيرة نحو 2000 شخص، فضلاً عن حضور رسمي كثيف لم يخل من تمثيل دولي عبر منظمة «اليونسكو» التي أرسلت مندوبين لها من مقرها الإقليمي بقطر من أجل التعبير في كلمة رسمية عن تقدير رئيس عام المنظمة العالمية للجهد المبذول من قبل لجنة البطولة للحفاظ على أحد أهم معالم التراث الثقافي غير المادي في الإمارات.
وعلى الرغم من عدم تنسيق واضح بين فقرات الحفل الختامي للبطولة التي تشرف عليها هيئة الثقافة والتراث في الفجيرة وقناة سما دبي التي تقوم بالنقل المباشر للحدث من خلال طاقم إعلامي وتلفزيوني نتج عنه اضطرار المذيع إسماعيل الشيباني إلى التدخل لوقف الاسترسال في بعض الفقرات على الهواء، إلا أن الحدث الختامي في مجمله بدا بمثابة أحد الأحداث الثقافية المهمة التي رسخت لنفسها مكاناً بجانب أحداث أخرى ارتبطت باسم الإمارة مثل مهرجان المونودراما، ومهرجان التصوير الفوتوغرافي وغيرها.
اللوحة البديعة التي ظهرت عليها القلعة في خلفية ميدان التنافس الذي اصطلح على تسميته بـ«الحصن» سواء في ما يتعلق بالمجسم الكبير الذي تموضع في مكان بارز لعلم الدولة بألوانه الزاهية، أو العناصر الطبيعية التي بدا عليه المكان محيلاً لبيئة السيف الصحراوية انسجمت مع لوحة حداثية مضادة جعلت القلعة نقطة انطلاق ألعاب نارية خرجت مدوية ومتوالية كأنها بألوانها المختلفة موجات فرح تعلن ختام موسم أول وترقب موسم ثان في العام المقبل.
وأسفرت النتيجة النهائية للبطولة التي اشترك فيها نحو 50 متسابقاً عن فوز المتسابق عدنان راشد الحبسي بالمركز الأول ليستحق السيف الذهبي وجائزة نقدية قدرها 100 ألف درهم بالإضافة إلى سيارة، وهو الفوز الذي أكد أنه سيحفزه لأن يكون أحد أقطاب إعادة نشر فن المزافن ليس في الفجيرة فقط، بل في سائر إمارات الدولة إذا طُلب منه ذلك.
فرحة المتنافسين الثلاثة الذين وصلوا إلى هذه المرحلة كانت مرضية لكل منهم حسب تصريحهم، وهو ما جعل كلاً من سلطان عبدالله الشحي الذي حل ثانياً وحصل على السيف الفضي ومبلغ 60 ألف درهم، وياسر الشحي الذي جاء ثالثاً مكتفياً بالسيف البرونزي وجائزة مالية قدرها 40 ألف درهم أول المبادرين لحمل صاحب اللقب متوجاً على الأعناق بكل أريحية.
وبحضور سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة راعي البطولة، وسمو الشيخ راشد بن حمد الشرقي رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، والشيخ عبدالله بن حمد بن سيف الشرقي، والشيخ أحمد بن حمد بن سيف الشرقي، والشيخ عبدالله بن سيف الشرقي المشرف العام على بطولة السيف، انطلقت فعاليات الجولة الختامية التي حضرها ايضاً الدكتور محمد الكندي والمدير التنفيذي للثقافة والفنون في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بلال البدور، ورئيسة رواق عوشة بنت حسين الثقافي الخيري ورئيسة جمعية الدراسات الإنسانية الدكتورة موزة عبيد غباش، ومدير عام شرطة الفجيرة العميد محمد أحمد بن غانم، ومدير بلدية الفجيرة محمد سيف الأفخم، وعدد كبير من كبار الشخصيات.
وصول ثمانية متسابقين إلى الجولة النهائية: عدنان راشد سليمان الحبسي، سلطان عبدالله الشحي، محمد علي راشد الراشداني الشحي، ياسر زيد قدور الشحي، سليمان علي حمد الشحي، سلطان راشد سليمان الحبسي، سعيد حسن اليماحي، وحسن حمد علي الجرواني، كان أحد العوامل التي حفزت على زيادة حماسة الجولة ووجود جمهور كبير، تشجع كل مجموعة منه متسابقاً بعينه، وهو الأمر الذي قارب بين ساحة السباق، وأماكن عقد المنازلة بالسيف وسط أنصار كل مزافن.
وألقى المدير التنفيذي للثقافة والفنون في وزارة الثقافة بلال البدور كلمة باسم الوزارة، بعدها تابع الحضور لوحة الوهابية، تبعها ترحيب من الشحوح بسمو ولي عهد الفجيرة وضيوف البطولة وذلك بالندبة والجواب والرواح، وهي مصطلحات تطلق على أصوات وإيماءات معينة مرتبطة بتقاليد المزافن، كلوحة تراثية قديمة جمعت تلك الفنون الثلاثة، ثم دخلت فرقة الحربية مرددة قصيدة «بطولة السيف» مغناة من أشعار سمو الشيخ راشد بن حمد الشرقي رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام إهداء من سموه لأخيه سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة، أداها عدد كبير من الأشخاص الماهرين في فن «الرزفة» وتفاعل معها الجمهور، بعد ذلك استمع الحضور لكلمة من مكتب اليونيسكو بالدوحة ألقتها بالنيابة عن مدير مكتب اليونيسكو في الدوحة الدكتور حمد الهمامي، منى عبدالستار جبريل اختصاصية برامج الثقافة بالمكتب الإقليمي لليونسكو في الدوحة مشيدةً ببطولة السيف وأهمية حماية التراث الجماعي والحفاظ عليه ونقله للأجيال المقبلة.
أبيات القصيد بكلمات وقوافي الشاعر مصبح الكعبي كانت حاضرة ايضاً في تلك الجولة، إذ أهدى أولى قصائده للبطولة وراعيها سمو ولي عهد الفجيرة، أما الثانية فكانت للإمارات واليوم الوطني الـ،39 وبهذه المناسبة قال الكعبي «الشعر والسيف مرتبطان ارتباطا مصيريا من زمن قديم، وهذه البطولة تصب في إطار الحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا، معرباً عن سعادته لإحيائه الفقرة الشعرية في الجولة الختامية للبطولة».
وقدم المطرب هزاع الذي سجل بصوته إحدى الأغنيات الثابتة في البطولة أغنيات عدة منها «الوداع» و«فكرة محمد» التي تعد أغنية رسمية للبطولة، إذ عبر هزاع عن سعادته بالوجود في البطولة.
من جانبه، ألقى رئيس لجنة التحكيم في بطولة السيف سلطان مليح كلمة اللجنة المنظمة للبطولة تضمنت الشكر والامتنان لسمو ولي عهد الفجيرة.
وقام سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي راعي البطولة بحضور سمو الشيخ راشد بن حمد الشرقي والشيخ عبدالله بن سيف الشرقي بتتويج الفائزين الثلاثة ببطولة السيف بنسختها الأولى: عدنان راشد سليمان الحبسي المركز الأول، والمركز الثاني سلطان راشد سليمان الحبسي، وياسر زيد قدور الشحي في المركز الثالث، ولتنطلق بعدها أغنية «فكرة محمد» بصوت الفنان هزاع ثم تتواصل الاحتفالات في ميدان السيف الذي أضيء بفرحة الفوز والتجهيزات الخاصة والألعاب النارية التي كست قلعة الفجيرة بثوب براق.
وأهدى الفائز بالمركز الأول والبالغ من العمر 23 عاماً، الفوز إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإلى صاحب السمو الشيخ حمد بن حمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، وإلى سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة، والشيخ راشد بن حمد الشرقي رئيس هيئة الفجيرة للإعلام والثقافة، وأصحاب السمو والشيوخ، ومن صوت له خلال الأسابيع الماضية.
كما أهدى فوزه إلى الجمهور وإلى قبيلة الحبوس، معرباً عن سعادته بهذا اللقب الذي ناله في مشاركته الأولى، قائلاً «سعادتي لا توصف ومن الصعب أن أعبر من شعوري في هذه اللحظة، خصوصاً أن أخي سلطان راشد الحبسي ضمن الفائزين الثمانية فأصبحت الفرحة فرحتين»، مشيراً إلى أنه «يعتزم استثمار المكافأة المالية للبطولة من اجل إعانته على تكاليف الزواج».
وبالإضافة إلى جوائز المراكز الثلاثة الأولى فقد نال أصحاب المراكز من الرابع إلى الثامن 10 آلاف درهم لكل منهم.
المصدر : الامارات اليوم 12 ديسمبر 2010
مبروك للحبسي
وعقبال شباب الطويين