«تهميش» المواطن في بعض الشركات ومطالبات بتشريعات ملزمة للقطاع الخاص والتوطين الصوري مرفوض وأهمية قصوى في تشغيل الإماراتي لاستمرار التطور الاقتصادي

3392997973

موقع الطويين : البيان

أكد العديد من الخبراء الاقتصاديين والقائمين على الجهات المختصة بالتوطين، أن هناك العديد من عمليات الـ «تطفيش» والـ «تهميش» يتعرض لها المواطن في بعض الشركات، مطالبين بتشريعات ملزمة للقطاع الخاص، محذرين في الوقت نفسه من «التوطين الصوري» الذي يقوم به البعض أو الغالبية في القطاع الخاص، فهم يعملون على تعيين المواطنين ليكونوا مجرد أرقام فقط، لا دور لهم، ولا يقومون بأي عمل حقيقي، ولا يسهمون في اتخاذ القرار، وبالمعنى الأصح «مهمشين»، وبالتالي، لا يتعلمون ولا يكتسبون أية خبرة أو مهارة، بل مجرد اسم يحسب للمؤسسة، ويتم إعطاؤه راتب، هذا بالضبط ما نرفضه بشدة، لأنه لا يعود بأية فائدة على الجانبين، سواء القطاع الخاص، أو المواطن نفسه الذي يبدو في النهاية وكأنه لا يعمل». وأشاروا إلى أن التحدي الأكبر في مسألة التوطين يكمن في إيجاد تشريعات تنظم سوق العمل، وتحتاج إلى قرار سياسي ملزم للقطاع الخاص باستقطاب الكوادر المواطنة للعمل في بيئة مستقرة.

عادل عبد الله الفهيم خبير اقتصادي ومستشار مالي حائز على جائزة المفكر المالي للشرق الأوسط 2012، يرى أن التوطين ليس له معوقات، لكن يحتاج إلى تشريعات تنظم سوق العمل، تنتهي بتمكين التوطين من عدمه، وأشار إلى خصوصية اقتصاد الإمارات وتبني الاقتصاد المفتوح أو الدولي، حيث وجدت الإمارات نفسها أمام استقطاب عالمي لأمهر الخبرات العالمية في المجالات المختلفة على مدى 41 عاماً، ما جعلنا بحاجة لتنظيم سوق العمل، بدلاً من أن نجد أن سوق العمل أصبح ينظم نفسه بنفسه، لتكون النتائج التي نتحدث عنها اليوم من معوقات وتمكين لعملية التوطين.

وحول التوطين في القطاع الخاص، قال: «الحقيقة في رأيي أن القطاع الخاص كانت له أبعاد ربحية، أكثر من كونها مجتمعية، وهذه طبيعة الحال لهذا القطاع في العالم، واليوم هناك العديد من المواطنين المؤهلين الذين دخلوا القطاع الخاص وبقوة، وأثبتوا جدارتهم، لكن ما كان ليحدث هذا إلا عندما أعطيت لهم الفرصة، الجيل الجديد من المواطنين مؤهل بشكل كبير، من تعليم يوفره عدد كبير من الجامعات لدينا، وتوجد شركات عالمية توفر الخبرة بمستوى عالمي، لكن تنقصنا الفرصة وتنظيم سوق العمل، وسيظهر الصف الثاني والثالث بشكل طبيعي في القطاع الخاص، الذي سوف يسلم الراية من جيل إلى آخر، متى ما كانت التشريعات والنسب المستهدفة بالقطاعات المختلفة موجودة ومربوطة بخطة زمنية محددة».

توطين غير مؤثر

وأضاف: «نلاحظ في القطاع الخاص خلو المناصب القيادية والعليا من المواطنين، فيكون التوطين غير مؤثر، ووجدنا بيئة العمل الطاردة في بعض الشركات، والحقيقة ما نقوم به هو توطين، وليس تأميم، يعني الرجل المناسب في المكان المناسب، وأرى أنه أصبح هناك جيل مواطن مناسب ستتاح له الفرصة للمكان المناسب أخيراً، بمنظور اقتصادي وإداري متكامل، ورعاية حكيمة من القيادة العليا للدولة، حفظها الله، وحفظ الإمارات مزدهرة متألقة، وفي تقدم وتطور من جيل إلى جيل».

وطالب بآلية تشريع لتوجيه سوق العمل، تبدأ من الجامعات، بفتح أو إغلاق بعض التخصصات، ودراسة حاجات سوق العمل، وتحديد السوق المستهدف، وتكييف تشريع يواكب مناخ التوطين، علاوة على ترتيب إداري لعملية التوطين، عبر اختيار المواطن الأكثر جاهزية، وإعداده ليكون مرشحاً لمنصب معين، ولكن ليس لينتهي به المقام في الطريق.

وتساءل: لماذا نريد أن يكون المواطن فقط موظفاً؟ لماذا لا يكون هو المالك وصاحب التجارة في القطاع الخاص، وصاحب وحدات اقتصادية مؤثرة في القطاع الخاص، مشيراً إلى أنه أيضاً لأجل توطين القطاع الخاص، يجب التركيز على القطاع الصناعي، وخاصة أنه قطاع غير مستهلك، وفيه مجال كبير يساعد في إعادة تشكيل هذا القطاع، من دون الصدام مع واقع يحتاج إلى حل، ويكون هو القطاع القائد في الدولة بطبيعته المحركة لعجلة الاقتصاد. وأبدى عادل الفهيم تفاؤله بحدوث التوطين الآن لعدة أسباب، أهمها أن هناك جهة مسؤولة عن عملية التوطين، لها أهداف ومهام، ومنوط بها طلب تشريعات من أصحاب الاختصاص، لربط عملية التوطين من قطاع التعليم إلى قطاع العمل، وينتهي بالقطاعات المستهدفة، سواء قطاع التجارة أو القطاع الحكومي أو الصناعي.

وأكد أن تبني القيادة لمشروع التوطين، سيجعل القطاع الخاص يأخذ الموضوع بجدية أكبر، ووجود جهاز إداري يتابع على أرض الواقع، في شكل هيئة مختصة، سيجعل التوطين عملياً، لا مجرد توطين صوري، كما كان يحدث من بعض الشركات التي تتحايل على نسب التوطين، من خلال عقود التعهد الخارجي، فيكون الموظفون بشركته خارج قائمة الموظفين الرسميين للشركة.

تحديات القطاع الخاص

حمد الرحومي عضو المجلس الوطني الاتحادي، رئيس اللجنة المؤقتة للتوطين في القطاعين الحكومي والخاص في المجلس، أيد ضرورة وجود قرار ملزم للقطاع الخاص بالتوطين، وأكد أن التحدي الأكبر الذي يقف أمام التوطين وتمكينه، يتمثل في القطاع الخاص، لا القطاع الحكومي القادر على حل المشكلة، طبقاً لتعليمات الحكومة السامية وتوجيهاتها، والميزانية التي ترصدها لهذه العملية، موضحاً أن التحدي الأكبر في العملية يقع في التوطين في القطاع الخاص، وفي إمكانية إقناع وإلزام وترغيب هذا القطاع بالتوطين، وتعريفه أيضاً بالأهمية القصوى لعملية التوطين في استمرار التطور الاقتصادي والاجتماعي، وبناء مجتمع متماسك يحصل أهله على العمل الحقيقي لا الصوري.

وقال: «نريد إدارة بعض الأماكن في القطاع الخاص، ولا نريد هذا التوطين الصوري الذي يقوم به البعض أو الأغلبية في القطاع الخاص، فهم يعملون على تعيين المواطنين ليكونوا مجرد أرقام فقط، لا دور لهم، ولا يقومون بأي عمل حقيقي، ولا يسهمون في اتخاذ القرار، وبالمعنى الأصح «مهمشين»، وبالتالي، لا يتعلمون ولا يكتسبون أية خبرة أو مهارة، بل مجرد اسم يحسب للمؤسسة، ويتم إعطاؤه راتب، هذا بالضبط ما نرفضه بشدة، لأنه لا يعود بأية فائدة على الجانبين، سواء القطاع الخاص أو المواطن نفسه، الذي يبدو في النهاية وكأنه لا يعمل». وأوضح أن المطلوب أن يكون المواطن مؤثراً وصاحب قرار في القطاع الخاص، أو على الأقل أن يكون عنصراً فاعلاً في المؤسسة، لا رقماً إضافياً، وسيكون ذلك لصالح المواطن والمؤسسة التي يعمل بها على المدى البعيد، لأن هذا سيؤهله في المستقبل لفتح عمله الخاص، أو للارتقاء بالمؤسسة التي يعمل بها، ويحصل على منصب فيها.

إلزام أم ترغيب

وأضاف: «هناك تجاذب وشد في طريقة تعاملنا كحكومة مع القطاع الخاص، فهل نقوم كحكومة بإلزام القطاع الخاص بالتوطين وفرضه عليهم، أو أرغبهم به، وأستخدم معهم المصالح المتبادلة، فعندما يقوم القطاع الخاص أو المؤسسة الخاصة أو الشركة بتوفير عدد معين ومحدد من الوظائف للمواطنين، في المقابل أعمل على تقليل التكاليف المترتبة على شركته، أو تقليل الرسوم المفروضة عليها، بما يتناسب وعدد المواطنين الذين قامت بتعيينهم، لا يجوز أن أترك الأمر مفتوحاً للتجار دون أن أضع شروطاً عليهم، أو بمعنى آخر حوافز على سبيل المثال تدفعهم للتوطين».

وشدد على ضرورة وجود تعليمات واضحة للقطاع الخاص، نظراً لوجود مواطنين قادرين بالفعل على العمل في القطاع الخاص والتأثير فيه بقوة، مؤكداً أنه من الضروري أيضاً أن يكون المواطن هو المسؤول عن التوظيف في تلك المؤسسات، ويكون هو متخذ القرار في ما يتعلق بالموارد البشرية، بحيث يمكنهم تعيين المواطن في المكان المناسب، وأهمية ذلك تكمن في حماية المواطن من عمليات «التطفيش» التي يتعرضون لها من قبل الجاليات الموجودة في تلك القطاعات، والتي تدفعهم دفعاً نحو ترك العمل، دون أن يسألهم أحد عن أسباب ترك العمل، أو ينتصر لهم ويعمل على حماية وظائفهم وإشعارهم بالأمان، كما أن البعض استغل الأزمة الاقتصادية العالمية قبل عدة سنوات، وقام «بتفنيش» أي إلغاء خدمات المواطنين والتخلص منهم بحجة الأزمة، في حين لم يتخلص من غيرهم، ولم يسألهم أحد.

وتحدث عن القرار السابق المتعلق بتوطين المندوبين في الشركات، مشيراً إلى أن وزارة العمل عندما فرضت هذا الأمر على الشركات، لم تغلق الشركات أبوابها ولم ترحل، لكنها استجابت ونفذت مطالب الحكومة، وهذا من القرارات التي تشكر عليها وزارة العمل، لكن يجب العمل على مجال أكبر وأوسع، مثل البنوك، وشركات التأمين، والشركات الكبرى، متسائلاً، لماذا لم تلزمهم الوزارة بنسبة من التوطين، بالرغم من أن ذلك ممكن.

توحيد الجهود

وأيدته في ذلك نورة البدور، مدير مركز التوظيف وتنمية المهارات في هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية المواطنة «تنمية»، حيث أكدت أن التوطين بحاجة لقرار سياسي يعتمد مظلة للتوطين تندرج تحتها كافة المؤسسات والهيئات ذات العلاقة بعملية التوظيف والتوطين على مستوى الدولة، لتوحيد الجهود وإمكانية الإنجاز بشكل أفضل وأكثر دقة، مشيرة إلى أن هذه المظلة تحتاج إلى دعم سياسي، إذ من دونه لا يمكن لأي جهة من تلك الجهات التوجه للقطاع الخاص ومطالبته بشروط معينة أو مطالب، أو فرض شيء عليه، إلا إذا كانت مدعومة بقرار سياسي يفرض على أي من الجهات تقبل ما يطلب منها».

وأشارت إلى أن إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2013 عاماً للتوطين، هو أكبر دليل على بعد النظر لدى الحكومة على المدى البعيد، لتحقيق رؤية 2020 و2021، لتصبح الإمارات في مصاف الدول المتقدمة في كافة النواحي، ويرى العالم قوة وطنية لها القدرة على التنافسية والإنتاجية.

وأضافت: «الدولة منذ 41 عاماً وهي تعمل على تطوير رأس المال البشري دون توقف، وكل ما نحن فيه الآن من عالم معرفي والتكنولوجيا، والتنافسية المعرفية، ونقل المعرفة، والاقتصاد المعرفي، كله يصب في معنى تطوير الموارد البشرية وهو ما تعمل عليه الدولة، انطلاقاً من اهتمامها وإيمانها بأن المواطن يجب أن تكون له مشاركة في بناء اقتصاد الدولة، ونحن اليوم لا ينقصنا شيء في الإمارات، ولدينا القدرة على بناء رأس المال البشري كي يكون في مصاف الدول المتقدمة».

محفزات

وأكدت أن على القطاع الخاص أن يقدم محفزات للتوطين، من ناحية ساعات العمل، إذ إن ساعات العمل الطويلة في القطاع الخاص تشكل أحد التحديات الرئيسية لتوطينها، والتحدي الآخر هو اختيار التخصصات، مبينة أن التركيز على تخصصات معينة في بعض المناطق دون التخصص في غيرها يصعب عملية الحصول على وظيفة، لكن ذلك يمكن التغلب عليه بطرق عدة، إلا أن الخريجين في الدولة وللأسف ليسوا على قدر من الدراية بمسألة «توظيف الذات»، كما يحدث في الكثير من الدول الغربية، وهي تدر ربحاً وتوفر مدخولاً للعديد من الأفراد، فعلى سبيل المثال خريجات اللغة العربية والإنجليزية في مناطق كالفجيرة ورأس الخيمة، لماذا لا يقمن بالتواصل مع شركات الترجمة، أو الصحف أو المجلات أو غيرها ممن تتضمن أعمالهم هذا التخصص، أو لخريجات اللغة العربية يمكنهن العمل في التدقيق اللغوي لتلك المؤسسات، والحصول على راتب وهن في منازلهن، وهو أمر متبع في مختلف دول العالم ولا يحتاج للتنقل.

كما أشارت إلى خريجات تخصصي الجغرافيا والتاريخ على سبيل المثال وكيفية احتوائهن أو توفير الوظائف لهن، بحيث لا تكون التخصصات عبئاً على التوطين كما يظن البعض، فإذا كان القطاع الحكومي بحاجة لهن في وزارة التربية والتعليم مثلاً، فإن القطاع الخاص ليس بحاجة لمثل تلك التخصصات، بل يحتاج إلى مهارات، وهنا المقصود بها المهارة والمعرفة التي تتبع السوق «الاقتصاد المعرفي»، كمهارات استخدام الحاسب الألي ووسائل التواصل الاجتماعي أو الإنترنت، أو التواصل مع الناس، أو التسويق، أو كيفية إعداد خطط العمل وتنفيذها، فمع توفير المهارات عبر الدورات التدريبية وغيرها يصبح المواطن قادراً على العمل في القطاع الخاص حتى ولو لم يكن يتوافق مع تخصصه.

وتحدثت حول تحد آخر أكثر أهمية، والمتمثل في الخطط الاقتصادية لكل إمارة، مؤكدة أنه ما لم يتم التنسيق بين الخطط الاقتصادية في كل إمارة وتوحيد الجهود معاً، لا يمكن أن يتم التنبؤ الصحيح بحاجات سوق العمل ومتطلباته. وأضافت: «عدم التنسيق مع أصحاب العمل في القطاع الخاص تعد واحدة من التحديات الكبرى التي يتعين الوقوف عندها، فالقطاع الخاص يتطور ويتغير بشكل سريع ومن الضروري التنسيق معه كون المواطن ليس شريكاً فيه بشكل أو بآخر. وحول إمكانية توجيه الطلاب نحو التخصصات المطلوبة في سوق العمل وما لذلك من مردود إيجابي ينعكس على إيصال الطلاب للتخصصات التي يحتاجها سوق العمل وتتم تهيئتهم وهم في المدارس ليكونوا على دراية كافية بما يخططون له في مستقبلهم، ومدى ارتباطه بالواقع الاقتصادي وحاجة السوق، أشارت البدور إلى أنه بعد ثلاث سنوات من المشاورات بين «تنمية» ووزارة التربية والتعليم، وقع الطرفين أخيراً على اتفاقية خاصة بمشروع يسمى «اختيار»، من شأنه الإرشاد المهني للطلاب والطالبات في الدولة من مرحلة الصف الأول الابتدائي إلى الثالث ثانوي، بحيث يتشبع الطالب طوال مرحلة دراسته وحتى يكبر بالفكرة الصحيحة والمناسبة له من ناحية التخصص الذي سيقوده في ما بعد لسوق العمل دون صعوبات في انتظار تعيين ما أو ترقب وظيفة.

وشرحت آلية تنفيذ هذا المشروع بحيث ينتقل مع الطالب من مرحلة دراسية إلى أخرى، وسيتم تنفيذ البرنامج حتى عام 2017، بحيث يتم في المرحلة الأولى تنفيذه في كافة مدارس التعليم الثانوي خلال 2013، من خلال توفير 132 مرشداً لتوجيه الطلاب، والمرحلة الثانية سيتم تخصيصها لمدارس الحلقة الثانية عام 2014-2015 من خلال توفير 84 مرشد مهني مختص، بالإضافة إلى المرحلة الثالثة الخاصة بمدارس الحلقة الأولى من التعليم الأساسي بين عامي 2016-2017 من خلال توفير 103 مرشدين مهنيين، مؤكدة أن الإرشاد في المرحلة التأسيسية سيتم تنفيذه من خلال أنشطة متنوعة داخل المدارس، بالإضافة إلى مركز الإرشاد والاختبارات التابع «لتنمية» الذي سيستمر في دوره لتحقيق الغاية ذاتها.

عام التوطين

وحول ما سيأتي، لا ما تم إنجازه، ليتوافق مع كون 2013 عام التوطين بحسب توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، أكدت نورة البدور أن «تنمية» لديها خطة ستعمل من خلالها على تضاعف الجهود والتنسيق مع القطاع الخاص، وتكثيف التواصل مع أصحاب الشركات والمؤسسات الخاصة والتجار، للتعرف إلى احتياجات قطاعاتهم من الموظفين، وعقد شراكات معهم لفتح أبواب للمواطنين للانخراط في هذا القطاع، وقد ينتج عن هذا التنسيق افتتاح افرع للمؤسسات في إمارات أخرى يتم توطينها كما حدث في متجر شرف.

وأشارت إلى مشروع «عمل حر» الذي ستبدأ «تنمية» بتطبيقه مطلع العام، يتمثل في توعية وإعداد المواطنين الباحثين عن عمل حول كيفية التواصل مع الشركات والمؤسسات، للحصول على وظائف تسمى «عملاً حراً» بمعنى إن كان الباحث عن عمل يملك تخصص التصميم أو تم تدريبه على الرسم والتصميم، فيمكنه أن يمد الشركات والمؤسسات بتصاميم وشعارات لكل ما تحتاجه من مناسبات أو فعاليات أو غيرها، بالإضافة إلى أعمال الترجمة كما ذكرت في السابق، بحيث يقوم المواطن بالتدرب على عملية الترجمة، وإمداد الشركات أو المؤسسات أو حتى الأفراد الذين يحتاجون لترجمة بحوث أو مواد أو أخبار، أو كتب، أو قصص، أو التدقيق على نصوص وغيرها كما يحدث في كثير من دول العالم، وليس لهذا العمل حدود، فعبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي يمكن للباحثين عن العمل الحر التواصل مع شركات ومؤسسات في مختلف بلدان العالم وإنجاز الأعمال لهم وإرسالها عبر وسائل التقنية الحديثة، وبعد تأهيل وتدريب هذه الفئة على هذا النوع من العمل سيتم خلق وظائف كثيرة.

وتحدثت عن مشروع في غاية الأهمية تعكف تنمية على العمل عليه الآن، وهو توفير نظام معلومات دقيق ومفصل على مستوى الدولة، حول الموارد البشرية، وإعداد الباحثين عن عمل، وأعمارهم، وتخصصاتهم، والمعلومات ذات الصلة بهذا الشأن، لما لهذه المعلومات من أهمية كبرى في توجيه وتوظيف وتوطين الباحثين عن عمل، مؤكدة أنه من دون هذه القاعدة ستسهل الكثير من الأمور وتوفر الجهد والوقت على مختلف الجهات وعلينا أيضاً، ومن دونها ستظل الأمور مبهمة دون أرقام وإحصائيات واضحة توجه المسؤولين عن التوطين.

كما ذكرت أن «تنمية» ولأجل تشجيع أصحاب العمل الخاص أو الشركات والمؤسسات الخاصة والتجار، بدعوة ثلاث أو أربع موظفين من العاملين في إدارة التوظيف والموارد البشرية في تلك الشركة في اجتماعات غير تقليدية أو رسمية، كاجتماع على غداء، بحيث تكون الأمور أكثر إنسانية وبساطة نتعرف كل مرة إلى حاجة تلك المؤسسة أو الشركة من الموظفين، والمشكلات التي تواجههم في التوطين، والاطلاع بعدها على الموجودين لدينا في قاعدة البيانات من الباحثين عن عمل، ونؤهل منهم ما يناسب تلك الوظائف، وتدريجياً يمكننا توظيف الكثيرين عبر هذا الأسلوب.

نجاح التجارب الخليجية في «التوطين» محكوم بخصوصية الدول ونظرة المجتمع

 

قال الدكتور خالد بن عثمان اليحيى زميل في جامعة هارفارد رئيس برنامج الإدارة والتنمية في كلية دبي الحكومية سابقاً، أنه لا يمكن الحكم على تجربة من التجارب الخليجية أنها “الأفضل” فيما يتعلق بالتوطين، مشيراً إلى أن ذلك يعود لخصوصية المشكلة في كل دولة من تلك الدول تتعلق بالتركيبة السكانية، وعدد السكان، ونظرة المجتمع لبعض الأعمال والمهن، ونسبة العمالة، والحوافز المتوفرة في القطاع الخاص وغيرها الكثير.

وأشار إلى أن السعودية على سبيل المثال لديها تجربة في توطين القطاع الخاص إلا أنها لم تنجح ونتج عنها توطين “وهمي”، إذ قررت الحكومة إعطاء نصف الراتب للموظف في القطاع الخاص مقابل أن يأخذ النصف الآخر من القطاع الذي سيعمل على توظيفه، وذلك بالطبع بهدف ترغيب القطاع الخاص في التوطين، إلا ان العمالة الأجنبية ظلت أقل تكلفة على هذا القطاع، ومطالبها أقل، لذلك لم تنجح التجربة.

وأضاف: “فيما يتعلق بضعف أداء مؤسساتنا والاعتماد المستمر على العمالة والخبرة الوافدة، غالبًا ما يُلقى باللوم على قلة عدد المواطنين المؤهلين الذين يتميزون بالمهارة والحافز للاضطلاع بالوظائف في القطاعين العام والخاص وأدائها بشكل جيد، ومعظم الحلول السابقة لهذه المسألة ركزت على زيادة عدد برامج تطوير الإدارة ومهارات المواطنين ومنح الدراسة في الداخل والخارج، فمثلاً تم ابتعاث ما يزيد على ربع مليون طالب من دول الخليج لأفضل الجامعات في العالم فقط في السنوات الخمس الماضية، معظمهم من السعودية، وتمت زيادة عدد الجامعات في الخليج من قرابة العشرين جامعة في بداية التسعينيات إلى أكثر من 200 جامعة وكلية الآن، يعتقد مخططو التنمية الاقتصادية والمنفذون لبرامج التنمية والتطوير، أن هذه السياسات ستؤدي إلى تحسين الأداء بشكل أوتوماتيكي نتيجةً للاستثمار في التعليم والتدريب والتحديث التقني، ويبقى التغيير الآخر الذي يعد أكثر صعوبة هو توطين القوة العاملة”.

اهتمام مستمر

وأوضح انه على الرغم من الاهتمام المستمر بتطوير موارد المعرفة البشرية طوال سنوات كثيرة، يعد مردود الاستثمار في التعليم والتدريب ضعيفاً في جميع أنحاء المنطقة على مدى العقود الثلاثة الماضية، وما زالت الدراسات والتقارير عن أداء التنمية في المجتمعات الخليجية، فيما عدا نسب النمو العائد لارتفاع عائدات النفط، تظهر أن نتائج الاستثمار في التعليم والتدريب لا تزال محدودة في تحسين أداء المؤسسات الحكومية والاقتصاد بشكل عام، وهو أمر محير يبدو كاللغز: لماذا لا يؤتي كل هذا الاستثمار في تنمية رأس المال البشري ثماره؟ ولماذا لا يحقق النتائج المرجوة؟ يلقي الكثير من المحللين اللوم على نوعية التعليم وبرامج التدريب أو القيم والسلوكيات المحلية المتعلقة بالعمل، مع أن هذه أسباب وجيهة لحل اللغز وزيادة الحرص المستمر على التعامل معها، ولكن يغفل التفكير والتحليل السائد عوامل أخرى مهمة في كل من تشخيص وحل المشكلة.

وأكد أن أحد هذه العوامل هو كيفية إدارة وتمكين المعرفة والمواهب في مؤسساتنا ومجتمعنا من خلال التغيير والتطوير المؤسسي، موضحاً أن دراسة حديثة حول أداء رأس المال البشري والمؤسسات في بلدان مجلس التعاون الخليجي، بينت أن أحد الأسباب الرئيسة وراء النتائج غير المرضية للأداء ليس بالضرورة نقص المهارات والقدرات الوطنية خصوصاً في السنوات الأخيرة، ولكن في تضخم الطاقات المعطلة وغير المستغلة، وانعدام المناخ الملائم والحوافز التي تضع تلك الطاقات في مكانها الصحيح مما يتيح تفعيلها والاستفادة منها، وقد اعتمدت هذه الدراسة على بحث ميداني أجري على أكثر من 700 شخص في السعودية وعُمان والإمارات.

أولوية

توطين الداعية والخطيب

 

أشار ضرار بالهول مدير برنامج “وطني” الى ان البرنامج بدأ بخطوة نحو توطين “الداعية والخطيب”، بالتعاون مع دائرة الشؤون الاسلامية والعمل الخيري، مؤكدا ان الداعية الاماراتي ليس اقل خبرة وكفاءة من غيره من الدعاة الخليجيين والعرب المعروفين في كل مكان. وأوضح ان الأولوية في المساجد وخطب الجمعة والمحاضرات الدينية العامة في مختلف المناسبات ستكون للداعية او الشيخ الاماراتي، مبينا ان اللوم يقع على الاعلام في عدم اظهار المشايخ الاماراتيين بالصورة المرجوة وعدم التركيز عليهم، مما جعل الغالبية يتجهون ويميلون للمشايخ المعروفين في الدول الاخرى

وقال: “لا نقلل من قدر أحد من العلماء الاجلاء او المشايخ في الدول الشقيقة، لكننا بحاجة لابن الوطن ليدخل في كافة المجالات، ومن خلال بحثنا مع الجهات المعنية وجدنا ان الاماراتي قادر وبكفاءة على ان يسد هذا المكان، فلماذا لا يتم التوطين”؟

وطالب كافة الجهات في الدولة، سواء خاصة أو حكومية، ممن يريدون تنظيم محاضرات أو تجمعات كما يحدث في شهر رمضان، أن يختاروا الداعية والشيخ الاماراتي الذي هو أدرى بمصلحة وطنه وأعلم بخباياه، والأهم انه لا ينشر الافكار الدخيلة على المجتمع.

8.000.000

 

أشار حمد الرحومي عضو المجلس الوطني الاتحادي الى ان تعداد السكان في الامارات يقارب 8 ملايين نسمة، ومع هذه النسبة يمكن القول ان هناك ما يقارب 4 الى 5 ملايين وظيفة متوفرة في الدولة، وبما ان تعداد المواطنين في الدولة يصل الى مليون تقريبا، هذا يعني ان حاجة المواطنين من الوظائف لا تتعدى 10 الاف الى 15 الف وظيفة، وهذا ليس بالرقم الضخم الذي لا يمكن حله في ظل دولة بهذا التطور والنماء في كافة النواحي، وتوفر فرص العمل فيها، مؤكدا ان المواطن لا يريد فقط ان يكون مديرا كما يظن البعض وكما يرددون، انما يرغب المواطن في العمل في كافة القطاعات، فهناك رؤساء اقسام، او موظف مبيعات او تسويق، او غيرها من الوظائف التي لا حصر لها، والدليل على ذلك ان ابناء الدولة يعملون الان في الجمعيات التعاونية على اجهزة الكاشير، ويعملون في المحلات التجارية الكبرى في مجال المبيعات والجميع يعلم ذلك ويراه واضحا، وحكاية اللعب على وتر ان المواطن دائما ما يريد المنصب او يريد ان يكون مديرا فقط، لم تعد مقنعة على الإطلاق.

 

دراسة

مهارات في غير مكانها

 

أوضحت الدراسة أنه على الرغم من النمو المستمر في المهارات والقدرات الوطنية، فكثيرا ما يتم وضعها في المكان غير المناسب أو عدم تقديرها وتمكينها والاستفادة منها، وحسب الدراسة تصل نسبة ضعف الاستفادة من الطاقات 49٪ في السعودية، و46٪ في عُمان، و45٪ في الإمارات مقارنةً بـ16٪ في الدول الأوروبية، وتشير الدراسة ايضا الى عدة أسباب وراء هذا الضعف في تحفيز وتمكين الموارد البشرية، منها قلة فرص المشاركة في عملية صنع القرار، وسيطرة العلاقات الشخصية كمدخل لفرص، إضافة إلى عدم التناسق بين الخبرة ومضمون الوظيفة وبين المعرفة والسلطة الإدارية وضعف في سياسات تعيين وتفعيل دور الخريجين بعد إتمامهم برامج التعليم وتطوير المهارات، وإضافة لإهدار الوقت والمال الذي يتم إنفاقه على تلك البرامج، تظهر الدراسة أن تعيين الحاصلين على درجات علمية عالية في أماكن غير ملائمة لهم عادةً ما يصيبهم بالإحباط والرحيل من العمل، ويرى البعض أنه مع سيطرة العمالة الرخيصة على سوق العمل وتفضيلها من قبل الشركات وانشغال الحكومات بالاستثمارات الخارجية والأجنبية والتوسع الاقتصادي، فإنه لا توجد حوافز للمواطنين للاستثمار في بناء معارف إضافية أو بناء شركات خاصة بهم.

 

14.5 ألف مواطن عاطل مسجلون في قاعدة بيانات «تنمية»

 

أوضحت نورة البدور مديرة مركز التوظيف وتنمية المهارات في “تنمية وتوظيف الموارد البشرية المواطنة “تنمية” ان القطاع الخاص هو من “اصحاب البلد” أي ان اغلب الشركات الكبرى والمؤسسات الخاصة يملكها ابناء البلد، لكن مازالت هناك تحديات تحول دون توطين هذا القطاع، مشيرة الى ان عدد المسجلين في قاعدة البيانات الخاصة بتنمية من المتعطلين المواطنين يبلغ 14 الفاً و500 مواطن بعد ان كان العدد حتى وقت قريب 15 ألف مواطن، الا ان البعض منهم حصل على وظيفة، مؤكدة ان هؤلاء يعتبرون “باحثين عن عمل” وبحاجة لوظيفة، ومن بين هذا العدد ما يقارب 70 الى 75 % هن من الاناث، وخاصة ممن يتركز وجودهن في الامارات الشمالية كالفجيرة ورأس الخيمة، فهناك لا تتوفر الفرص الوظيفية المتوفرة في امارتي دبي وابوظبي على سبيل المثال لا في القطاع الحكومي ولا الخاص، ومن غير المعقول او المنطقي ان يتم توظيف ابناء تلك المنطقة في مناطق بعيدة كدبي وابوظبي، مما يتطلب خروجهم من منازلهم في الخامسة والنصف صباحا، والعودة من جديد اليها في السابعة مساء، وهي مسافة ليست بالقريبة ولا اليسيرة، ولا يمكن اعتبار ذلك نمط عيش مريح او معقول، خاصة وان معظم النهار قد انقضى مما لا يتيح امام الفرد عمل أي شيء اخر في الحياة، او ممارسة ابسط الامور الحياتية والتواصل الاسري.

وقالت : اليوم مجموعة عبد الله الفطيم افتتحت مركز سيتي سنتر التجاري ومتجر كارفور في الفجيرة، ووُظِّف فيه عدد من المواطنين اضافة الى مجموعة شرف المتخصصة ببيع الالكترونيات الشاملة، افتتحت فرعا لها في الفجيرة يعمل فيه المواطنين من الالف الى الياء، أي توطين بالكامل 100 %، وهذا المشروع فتح ابوابا لعدد كبير من العاملين ممن يحتاجون للوظيفة من المواطنين، على الرغم من مخاطرة التاجر ومجازفته بالربح في تلك المنطقة، الا انه تمكن من ادارة المركز بالكامل من بأيدي مواطنين هم في الاساس من خريجات تخصصي الجغرافيا واللغة العربية، وخريجي التخصصات المختلفة التي ليس لها سوق في تلك المنطقة، الا انه بعد تدريب المواطنين لمدة ثلاثة شهور على التسويق والادارة والعمل في المتجر، باتت لديهم الخبرة الكافية للعمل في هذا القطاع، وبالفعل يديرونه.

Related posts