من ضحايا الزواج العرفي.. شاب بلا نسب

3390559440

موقع الطويين : البيان

لايزال هناك من يجادل في مشروعية الزواج العرفي، فيقولون أنه مكتمل الأركان من إيجاب وقبول وشهود، حتى أن البعض لايوافق على ماذهب إليه القانون من اعتبار الزواج العرفي زنا. وهذه القصة رد من واقع الملفات القضائية تتضمن من خلال تفاصيلها حكمة المشرع وبعد نظره في تحريم الزواج غير الموثق في الملفات وفق الأصول التي حددها القانون.

بطل هذه القصة، بل هو ضحيتها شاب وجد نفسه بعد أن جاوز العشرين من عمره بلا نسب ينتمي إليه، وأن والده الذي تكنى باسمه وقضى حياته وهو يناديه بأبي، ليس والده، أو قد يكون والده ولكنه يرفض أن يلحقه بنسبه وينكره بل وينكر حتى أنه تزوج بالمرأة التي أنجبه منها، أو هو يقول الآن أنه لم ينجبه ولا يعرفه.

البداية

بدأت القصة كما روتها له والدته قبل خمسة وعشرين عاماً، عندما مات زوجها الأول وترك لها ابن وابنة، ولأنها لم تكن تنتمي بأصولها إلى هذه الدولة فقد عادت إلى موطنها الأصلي مع ولديها لتعيش هناك، وبعد فترة ذهب صديق زوجها الأول لزيارتها وأبنائها ليطمئن على أسرة أعز أصدقائه الذي فارق الحياة. وخلال هذه الزيارة تقارب الطرفان، وماهي إلا أيام حتى عادا إلى والدها ليخبراه أنهما تزوجا عرفياً عند محام، فوافق الأب رغم أن الأمر حدث دون علمه، وقضيا في منزل أسرتها عشرة أيام قبل أن يعود الجميع إلى أبو ظبي، ولأن لديه أسرة أخرى لا تعلم بهذا الزواج فقد اكتفى بالتردد عليها من فترة إلى أخرى ليرعاها وأبناءها.

وبعد مرور عام ونيف على هذا الزواج أنجبته في إحدى مستشفيات أبوظبي، وكان والده موجوداً وهو من وقع على الأوراق الخاصة بميلاده. وهو أيضاً من أشرف على تربيته فسجله في المدرسة وكان ينفق عليه، بل حتى على اشقائه من زوج أمه الأول، وذلك رغم أنه طلق أمه قبل أن يكمل هو عامه الخامس. ولكنه لم يتركهم، وظل يزور منزلهم ويطمئن عليه وعلى أشقائه، وكان يحضر حفلات تخرجه، وهو من يذهب إلى المدرسة عندما تطلب حضور ولي أمره، وكل هذا منطقي فهو والده. ولكن غير المنطقي هو ما حدث بعد أن بلغ السن القانوني وطالب والده باستخراج جواز سفر فرفض وقال أنه ليس ابنه وأنه لم يكن يوماً متزوجاً بوالدته.

اقناع

لم تجد أمه طريقة لاقناعه باستخراج جواز السفر لابنها إلا وطرقتها فلم تفلح، وعندما لجأت إلى القضاء رفضت المحكمة البت في القضية إلا بعد أن يكون هناك حكم بنسب الشاب لوالده، فقامت مع ابنها برفع قضية اثبات نسب أمام محكمة الأحوال الشخصية، وهناك عاش الشاب في دوامة من الشك كادت تقتله بل لازالت حتى الآن تقتات على أعصابه وروحه، وكان أسوأ ما مر به عندما أعلن الطبيب الشرعي أن فحص مورثاته يؤكد أن هذا الرجل لايمكن علمياً ان يكون والده.

كان من الممكن أن يأخذ برأي العلم ولكن المحامي أكد له أن هذه الفحوصات ليست دقيقة وانها خاضعة لقانون الخطأ البشري والشرع لاينظر إليها في حال ثبت قيام الحياة الزوجية، وأمه تؤكد أنها كانت قائمة، أما هو فقد كان صغيراً للغاية عند طلاقهما ولا يذكر شيئاً، ولكن أمه أحضرت الكثير من الشهود لاثبات انه كان زوجها، وهو أيضاً احضر شهوداً ليؤكدوا أنهما لم يكونا يوماً متزوجين، وهو كما القاضي يسمع لهؤلاء وهؤلاء ويزداد حيرة، حتى شقيقي والدته، أكد أحدهما أن هذا الرجل قد تزوج أخته وعاشا معاً في منزل أسرته في موطنه الأصلي، ولكنه قال إنه لم يحضر عقد قرانهما أو أي مراسم زواج أو خطوبة، بينما أكد الثاني أنه لم يسمع يوماً أن شقيقته تزوجت بذلك الرجل، بل قال أيضاً إن شقيقته كانت ترفض أن تخبره باسم والد طفلها، ولكن هل يعقل أن رجلاً يجد أخته الأرملة قد أنجبت بعد موت زوجها بعامين ويسكت عنها عندما لاتخبره بهوية والد طفلها او كيفية انجابها بلا زواج؟!.

ماذا عن؟

كان الفتى يقف وهو يسمع أقوال شهود الطرفين وتزداد حيرته كلما سمع أحدهم، معظم أقارب والدته أكدوا قيام هذاالزواج، بينما أنكره أقارب والده، ولكن جارتهم التي حضرت مولده قالت إن والده طلب منها يوم مولده أن ترافق أمه إلى المستتشفى، وقالت إن أشقاءه من والده كادوا أن يفتكوا بها عندما أخبرتهم أن والدهم أنجب من زوجة أخرى غير والدتهم، فهل يعقل أنه ينكره خشية من عائلته الآخرى وأنه يضحي به من أجل مرضاتهم، ولكن ماذا عن التحليل الوراثي، وماذا عن أشقائه الذين قالوا إنه كان يبيت عند والدته، والتوقيع على مستندات ولادته التي أثبت المخبر الجنائي أنها توقيع والده الذي يعرف، والأهم من هذا ماذا عن السنوات التي عاشها وهو يناديه أبي.

 (ضمن التعاون القائم بين صحيفة البيان، ودائرة القضاء في أبو ظبي، تنشر الصحيفة صباح كل أحد، قصصا من أروقة القضاء، بهدف نشر التوعية بين أفراد المجتمع)

Related posts