القوافل الثقافية.. كرنفال تراثي يزيّن منطقة الطويين

90a-na-116822

موقع الطويين : الاتحاد

عاشت منطقة الطويين الجبلية التابعة لإمارة الفجيرة والقرى المجاورة لها خلال اليومين الماضيين، كرنفالاً ثقافياً تراثياً فنياً منوعاً، وذلك ضمن فعالية القوافل الثقافية التي تنظمها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بحضور فاعل للوزارات والمؤسسات والدوائر والهيئات الحكومية والخاصة، وحشد كبير من أهالي المنطقة. والتي تهدف إلى نشر الوعي الثقافي والوطني والصحي والأمني.

وصل عدد المشاركين قافلة الطويين إلى 125 جهة تقدم 115 فعالية تركز بشكل خاص على أهمية دعم ومساندة الأسر المنتجة، وأيضا نشر ثقافة الادخار والاستثمار المالي، والترابط الأسري والوقاية من الأمراض، وتقديم الدعم والرعاية لكبار السن والمحتاجين.

تلاحم وطني ومجتمعي

وعن أهمية وأهداف هذه القوافل، أوضحت مدير إدارة التنمية المجتمعية في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع أمينة خليل، أن انطلاق القوافل الثقافية يأتي ترجمة لتوجيهات القيادة الرشيدة التي تؤكد أهمية التلاحم الوطني والمجتمعي بين كافة شرائح المجتمع. حيث انطلقت بواكير هذه القوافل في فبراير عام 2010 وتعتبر هذه المحطة 16 للقوافل الثقافية والتي تهدف في المقام الأول إلى زيارة كافة مناطق وقرى الدولة وتعريف أهالي هذه المناطق بالخدمات التي تقدمها المؤسسات والدوائر الحكومية، وتقديم جرعات ثقافية توعوية ترسخ المعاني الحقيقية لهذه المشاريع، وتوجيه الناس إلى ترك المظاهر السلبية التي تؤثر على استقرار وصحة الأسرة والمجتمع بشكل عام. لافتة إلى أن القوافل الثقافية حققت نقلة نوعية خلال السنوات الثلاث الماضية من حيث عدد المشاركين. فكانت البداية مع 9 مؤسسات أصبحت اليوم 125 مؤسسة، ما يؤكد نجاح برامج القوافل الثقافية وتجاوب الجهات الحكومية كافة مع البرامج والفعاليات والأفكار التي تطرحها القوافل الثقافية. كما أشارت إلى تجاوب أهالي هذه المناطق ومشاركتهم الجادة في تعزيز قيم الولاء الوطني والالتفاف حول توجيهات القيادة الرشيدة، وما تقدمه لهم من رعاية واهتمام.

 

الأسر المتعففة

أما المشاركون، فقد عبروا عن اعتزازهم بما تقدمه القوافل الثقافية من ومضات في خدمة هذا الوطن، حيث أكد سهيل راشد القاضي، مدير فرع هيئة الهلال الأحمر في الفجيرة، والتي خُصص لها خيمة كبيرة لتقديم الخدمات والرعاية لكبار السن والأسر المتعففة، أن الهيئة شريك استراتيجي وداعم أساسي للقوافل الثقافية منذ انطلاقها، حيث تقوم الهيئة بإجراء بحث ودراسة عن أحوال واحتياجات المواطنين في هذه المناطق الجبلية ودراسة حالتهم بشكل مفصل وبالأخص الأسر المتعففة. كما تقوم الهيئة بتقديم استشارات طبية وصحية من خلال عيادة متنقلة، حيث يوجد لدينا اليوم 5 أطباء ومساعدين وعشرات المتطوعين يقومون بإجراء الفحوص الطبية على مراجعين الخيمة، مع توزيع أجهزة ومعدات طبية للمصابين بأمراض السكر، كما ركزنا خلال هذه القافلة على فحص أمراض الثدي وكيفية معالجته والوقاية منه. لافتاً إلى أنه تم فحص أكثر من 200 شخص، كما تم تقديم هدايا رمزية لأهالي المناطق الجبلية.

تفاعل كبار السن من أهالي الطويين مع القافلة، حيث لبوا الدعوة، وجاؤوا إلى هذا الكرنفال معبرين عن حبهم واعتزازهم بالماضي، فقد حجز راشد بن سعيد بن راشد اليماحي وزميله حسن بن علي الحمدي اليماحي قسماً خاصاً في أحد أجنحة القافلة تحت مسمى “التراث”. وضم هذا القسم مقتنياتهما من الذخيرة والأسلحة القديمة التي تعود إلى سنة 1957 مثل السيف والكتارة، فضلاً عن الدلال القديمة والحلي، مشيراً اليماحي إلى أن هذه القوافل تربط الماضي بالحاضر، وتجسد مقولة المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، “بأن الذي ليس له ماض ليس له حاضر أو مستقبل”. كما ضم قسم التراث أدوات الزراعة القديمة مثل الخصيم والعنتلة والمسحاة. أما النساء فكان لهن دور فاعل وحضور مميز في القافلة الثقافية، حيث تشير حلاوة خميس سعيد وهي أحد المتخصصين بالطب الشعبي، وزميلتها فاطمة راشد سعيد اليماحي، إلى أهم أدوية الطب الشعبي، مثل المر والحلبة والعنزروت والملح العربي والحرمل والقرط والسدر والزنجبيل والزعتر والياوي. كما ضم قسمهما بعض الأزياء القديمة، مثل ملابس العروسة وأهمها وقاية التلي والمرتعشة والطاسة. وأشارت أم سعيد أنها تمارس مهنة الطب الشعبي منذ 40 سنة ولا تزال تمارس هذه المهنة، وبالأخص فيما يتعلق بتجبير الكسور.

البرقع العربي

أما الوالدة خصيبة سعيد محمد اليماحي، فأشارت إلى أنها متخصصة في صناعة البرقع العربي الأصيل، وقالت إنها تمارس هذه المهنة منذ 45 سنة. وأن هناك نوعين من البراقع أقدمها البرقع النيلي، والذي كان تستخدمه النساء قبل 60 سنة، أما البرقع الأكثر شهرة، فيطلق عليه شمس العصر ويصل سعره إلى 10 دراهم. وقالت الوالدة شيخة محمد عبدالله اليماحي التي جاءت للمشاركة ضمن مشروع الأسر المنتجة، إن المرأة في الطويين لديها القدرة على إنجاز الكثير من الأعمال اليدوية، مثل صناعة السلات والسراريد والمهفات والمكب. وإن النساء هنا يطالبن بإنشاء جمعية نسائية تهتم بتسويق وبيع ما يتم إنتاجه من هذه المستلزمات المنزلية التقليدية فنحن نعاني منذ 5 سنوات عدم الالتفات إلينا وتذهب جهودنا سدى. فهناك أكثر من 20 سيدة في منطقة الطويين والمناطق المجاورة لها يقمن بهذه الأعمال اليدوية، وبحاجة ماسة إلى دعم ومساندة وتسويق وبيع هذه المنتجات. كما عبرت ابتسام جابر مديرة مركز دبا لتعليم الكبار عن اعتزازها بهذه المشاركة، وقالت إن المركز جاء يشارك ضمن مشروع الأسر المنتجة، وبالأخص فيما يتعلق بالأزياء التقليدية القديمة والأكلات الشعبية.

وفي الختام، عبر أهالي الطويين والمناطق المجاورة لها عن عميق شكرهم لوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع وكافة المؤسسات والجهات التي شاركت في القافلة الثقافية، مطالبين بضرورة استمرار هذه القوافل، لما تشكله من أهمية في نشر الوعي الوطني والصحي والثقافي وتعزيز أواصر التلاحم المجتمعي.

راعي العسل

أما محمد علي سالم الزحمي فشارك في قسم العسل، بالإضافة إلى مقتنياته من المسكوكات النقدية، والتي يعود تاريخها إلى 70 هجري في عهد عبد الملك بن مروان ونقود أخرى تعود إلى 1780 مثل الفرنك الفرنسي والروبية الهندية التي يعود تاريخها إلى 1917. ويشير الزحمي إلى أن هناك نوعين من العسل الأول عسل السمر، وهو الأجود ويباع بــ1200 درهم للغرشة، والنوع الثاني عسل السدر، ويتراوح سعره ما بين 600 إلى 800 درهم. وتعتمد جودة العسل على نوع المرعى، فعسل السمر يتم جمعه خلال فصل الصيف، والسدر خلال فصل الشتاء.

السكر والضغط

أظهرت نتائج الفحوص التي قام بها فريق الهلال الأحمر ومستشفى دبا ارتفاع نسبة الإصابة بمرض السكر والضغط لدى الكثير من المواطنين الذين تم فحصهم في خيمة القافلة الثقافية في الطويين. وأوضح أطباء مستشفى دبا المشاركين في القافلة أن نسبة الإصابة بالضغط وبالأخص لدى كبار السن تجاوزت %70 ،حيث تم فحص أكثر من 350 حالة وقام الفريق الطبي بإعطاء النصائح والإرشادات للمصابين بهذه الأمراض والتقليل من آثارها، من خلال ممارسة الرياضة والمشي على وجه الخصوص، والابتعاد عن الأطعمة المشبعة بالدهون.

أدوات الصيد

شاركت جمعية دبا لصيادي الأسماك بأهم الأدوات التي يستخدمها أهل البحر، وعن ذلك أشار النوخذة علي أحمد خميس النون، إلى أن الجمعية تشارك باستمرار في الكرنفالات الثقافية، بهدف تعريف كافة شرائح المجتمع وفي مختلف مناطق الدولة بأدوات الصيد، مثل ليخ الخباط والقبلان البرية، ومحمل الغوص والشاحوف والبتيل والشاشة، وهي أصغر القوارب على الإطلاق، وتصنع من جريد النخيل. وتم إحضار جميع هذه الأدوات في قسم الصيد في القافلة الثقافية، ويقوم كبار الصيادين هنا بالشرح وإعطاء المعلومات للزوار.

Related posts