العقة منطقة تستأثر بالجمال

 

العقة منطقة تفترش أطراف الجبال العالية وتلتحق زرقة السماء والبحر وتتلون بألوان الطيف التي شكلتها المياه والرمال والجبال والأشجار وطيور النورس البيضاء التي تضفي على المنطقة لحناً شجياً يرق له القلب . تتوافد إليها الآلاف من الأسر والزوار من جميع أنحاء العالم لقضاء أجمل الأوقات بين ربوعها الساحرة حيث الهدوء الذي يلف المكان ومياه البحر التي تتلألأ بزرقتها مع أشعة الشمس لترسم مع الجبال من حولها لوحة فنية بديعة تسعد الأبصار وتشرح الصدور .


تقع منطقة العقة على بعد 50 كيلومتراً شمال مدينة الفجيرة بإطلالة مباشرة على خليج عمان الذي أكسب شواطئها صفات طبيعية وسياحية فريدة أهلتها لأن تكون من أجمل شواطئ الدولة ومن أفضل الأماكن لراغبي الهدوء والاستجمام وممارسة الرياضات البحرية بجميع أنواعها .


وحظيت منطقة العقة كغيرها من المناطق باهتمام الدولة منذ إعلان الاتحاد وأنشئت المساكن العصرية الحديثة وتوفرت خدمات التعليم والكهرباء والمياه وشبكات الطرق والاتصالات . وبذلك أصبحت المنطقة حديثة ومجهزة بكل الخدمات، فضلاً عن مكانتها السياحية الكبيرة التي أصبحت تتبوأها على خريطة السياحة العالمية لما تضمه من فنادق ومنتجعات سياحية مطلة على أجمل شواطئ الخليج العربي . وجعلها ذلك تستقطب سنوياً مئات الآلاف من  الزوار والسواح من كل أرجاء العالم .


ويحدثنا أهالي منطقة العقة عن الفرق بين الحياة في المنطقة قديماً وحديثاً، ويقول المواطن محمد سليمان: العقة من المناطق الساحلية التي أشتهر أهلها بإتقان مهارات الصيد وركوب البحر وجمع العسل من الكهوف الجبلية وأصول الزراعة وتربية ورعي المواشي .


وأضاف: عايشنا كما عايش الآباء والأجداد من قبلنا ظروفاً قاسية قبل قيام الاتحاد حيث كنا نعتمد بشكل أساسي لسد متطلباتنا اليومية على البحر والزراعة وتربية الأغنام وذلك من خلال صيد الأسماك بجميع أصنافها وزراعة أشجار النخيل والبصل والطماطم والبطيخ واللومي . وكنا نقايض هذه الخيرات مع التجار الإيرانيين والبحرينيين الذين كانت قواربهم ترسو على ساحل العقة قادمة من منطقة بندر عباس محملة باحتياجات الأهالي من زيوت وطحين وعيش وملح وأقمشة وغيرها .


ويشير سليمان علي الزيودي إلى أنه سكن بمنطقة العقة قديماً في منازل بسيطة مصنوعة من المجارة وسعف وخوص النخيل والطين المطعم بالحصى الذي كان يوضع على أسطح المنازل لحماية السكان من العوامل الجوية المتقلبة .


ويقول: ظل الأهالي يعيشون في هذه المنازل إلى ما بعد قيام الاتحاد بسنة، حيث قام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، ببناء بيوت شعبية حديثة للأهالي قادرة على حمايتهم من الظروف الجوية الخطرة . كما كنا في الماضي نعاني من مشقة الوصول إلى المناطق المجاورة حيث لم تكن هناك طرق معبدة ووسائل التنقل اقتصرت على البعير والحمير لذلك كانت تنقلاتنا تستغرق في كثير من الأحيان أياماً وليالي ولا سيما في رحلاتنا التجارية إلى أسواق دبي أو الشارقة .


الحاجة أم علي تقول عن الحالة الاجتماعية قديماً: هناك فرق كبير بين الحياة في الماضي والحاضر حيث إنني عندما أتذكر الماضي يجعل القلب يفيض ألماً على ما أصبحنا نشهده الآن من قطع للأرحام واتكالية وانفلات لخيوط المحبة والمودة بين الناس على عكس حياة الآباء والأجداد .


وتضيف: في الماضي اعتمد الأهالي على الزراعة والرعي وجمع العسل من الكهوف الجبلية وبعضهم احترف ركوب البحر والغوص .


وتؤكد أم علي أن العقة منطقة زراعية وذات أرض خصبة، وتقول: مازلت أزرع العديد من المحاصيل والحبوب بالإضافة إلى أشجار النخيل والمانجو، ومنطقة العقة اشتهرت منذ زمن بعيد بمزارعها وبساتينها الغناء، فضلاً عن كثرة مياه الأمطار بها ما جعلها خلال فترة زمنية واحة خضراء عامرة بشتى صنوف المزروعات والمحاصيل الزراعية .


عبدالله خميس الحمودي يقول: سكن المنطقة التي يعود سبب تسميتها لوجود بئر مياه داخل باطن الأرض توجد فيها مياه (عقة) أي مالحة، قبائل الحمودية نسبة إلى الحمودي، والزيودية، نسبة إلى الزيودي، وهما من القبائل العربية ذات الجذور الأصيلة بالمنطقة . وتمتاز العقة بامتداد شواطئهما البحرية ذات الرمال الناعمة، خاصة الواقعة خلف الجبال مباشرة على البحر وتغطيها الرمال الصفراء الناعمة التي لم يغفل عنها السائحون ما جعلها منطقة ذات مقومات سياحية متعددة . وأضاف الحمودي: العقة تعتبر منطقة ساحلية تتميز بكثافة الزراعة وتكسوها الخضرة وتحيطها الجبال من الغرب .


محمد غانم الحمودي يقول: منطقة العقة تتمتع بطبيعة ساحرة ويقصدها عشاق الرحلات الجبلية والمغامرات الصحراوية والألعاب البحرية وهواة الصيد والغوص حيث توجد في المنطقة محمية بحرية طبيعية أسهمت في جذب هواة الغوص والرياضات البحرية ومحبي الاستمتاع بجمال البيئة البحرية . ومن خلال بعض رحلاتي للغوص في محمية العقة البحرية الطبيعية شاهدت ما تحتضنه من كائنات بحرية نادرة ومجموعة كبيرة من الشعب المرجانية والنباتات البحرية . وأضاف أن منطقة العقة تعتبر مقصداً سياحياً للزوار من داخل الدولة وخارجها، لأنها منطقة تقع وسط الجبال بمحاذاة البحر ويعتبرها العديد من السياح من أفضل المناطق للاستجمام .


عمر فرحان الكعبي، أحد سكان المناطق المجاورة للعقة، يقول: تعد منطقة العقة من أجمل المناطق في الفجيرة حيث تشتهر بجمالها الذي تضفيه عليها سلسلة الجبال الشاهقة الملونة وشواطئها الرملية الذهبية، بالإضافة إلى أنها منطقة زراعية تغطيها مساحات كبيرة من مزارع النخيل والفواكه والخضراوات، وهي أيضاً منطقة يتوافر فيها العسل الجبلي .


ويرى أن محمية العقة البحرية من أهم المشروعات الحيوية التي تعمل على حماية البيئة البحرية وتنمية الموارد البحرية الطبيعية والجمالية وتنشيط الحركة السياحية في المنطقة والمناطق المجاورة لها مثل ضدنا والبدية وجزيرة الطيور ما استقطب العديد من الشركات الاستثمارية لتقيم منتجعات سياحية في المنطقة ومن أبرز تلك المنتجعات “منتجع مريديان شاطئ العقة” و”منتجع وسبا الفجيرة روتانا” و”منتجع فندق جال الفجيرة” .


ويقول باتريك أنطاكي مدير عام فندق ومنتجع مريديان شاطئ العقة: إن المنطقة أصبحت اليوم علماً في دنيا السياحة العالمية وموقعاً يستقطب آلاف السياح سنوياً وعشرات المستثمرين من رجال الأعمال الباحثين لمشروعاتهم عن أماكن مميزة ومناخ اقتصادي آمن في دولة يسودها الاستقرار والأمان مثل الإمارات ذات المكانة الدولية والسمعة الطيبة التي يتسم أهلها بكرم الضيافة وحسن استقبال الزوار .


ويشير أنطاكي إلى اتساع شهرة منطقة العقة فيقول: اكتشفنا في كل مشاركة خارجية في المعارض الدولية في لندن وموسكو وبرلين أن لدى الكثيرين لهفة كبيرة للتعرف إلى المنطقة وزيارتها، ونلاحظ عاماً بعد آخر أن أعداد هؤلاء في تزايد مستمر بعد ما سمعوه من معارفهم الذين سبقت لهم زيارة شاطئ العقة والاستمتاع بما فيه من مقومات سياحية وهو ما يؤكد أن الازدهار السياحي لهذه المنطقة سيظل قائماً وأن التنمية تتزايد والدليل على ذلك ما تشهده منذ خمسة أعوام من زيادة في عدد المنشآت السياحية والفندقية . ويضيف: لا بد ألا ننسى أهم التحولات التي تشهدها إمارة الفجيرة في مجال التنمية السياحية خصوصاً بعد أن أصدر صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة مرسوماً أميرياً في العام الماضي بإنشاء هيئة الفجيرة للسياحة والآثار لتدخل الإماراة في مرحلة جديدة في استثمار مقومات السياحة في مناطقها وعلى امتداد شواطئها وفق منهج مدروس وخطط شاملة وبرامج متكاملة .


وخلال لقاءات مع الزوار لمنطقة العقة تقول حليمة الرئيسي إعلامية بتلفزيون رأس الخيمة: منطقة العقة أسميها لؤلؤة الساحل الشرقي لأن من يزورها أو يمر عليها يستمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة .


وأضافت الرئيسي أن أهم ما يميز العقة ملاصقتها لشاطئ خليج عمان ما أضاف إلى المنطقة سحراً وجاذبية خاصة كما أن جزيرة الطيور بالمنطقة تلعب دوراً بارزاً في جذب السياح والزوار .


حمدان بن علي الكعبي يقول: أقصد العقة باستمرار لممارسة الرياضات البحرية والاستجمام على رمال شواطئها الناعمة ومياهها الدافئة لأن المكان يتميز بالهدوء وبجمال الطبيعة الخلابة .


حسين محمد علي يقول: عند قدومي إلي منطقة العقة أكثر شيء يسعدني وأستمتع به هو القيام بهواية تسلق الجبال والسباحة بالإضافة إلى الغوص في محمية العقة البحرية الطبيعية .


محمد سعيد الخديم يقول: منطقة العقة ذات شواطئ جميلة وجبال عالية ومناظر طبيعية خلابة تسعد الزائر وتشكل منظراً طبيعياً يصعب وصفه .


بقعة فريدة


سعيد السماحي مدير هيئة السياحة والآثار بالفجيرة يقول: العقة منطقة سياحية من الطراز الأول لأنها تتميز بموقع سياحي يطل مباشرة على البحر والجبل مع وجود عدد من الأشجار مثل السمر والسدر لتوفير الظل الذي يكون مقصداً للسياح والزائرين في فترة الإجازات والمواسم . وهناك أعداد كبيرة من الزوار يتوافدون إلى المنطقة في العطلات الرسمية والإجازات خاصة في فترة الشتاء ويقيمون في الخيام أو الفنادق الفخمة الموجودة في المنطقة والتي توفر خصومات خاصة في تلك الفترة . وتتمتع المنطقة بمياه البحر الدافئة والشعاب المرجانية ووفرة الأسماك بأنواعها ما جعلها مقصداً للعديد من الزوار الراغبين في السياحة وممارسة الغوص وصيد السمك، فضلاً عن تميز المنطقة بالهدوء .


ويؤكد السماحي أن هناك مشروعات سكنية مجاورة للمنطقة وفنادق تلبي الطلب المتزايد من السياح على أماكن الإقامة والراحة في المنطقة .

المصدر : الخليج 11 فبراير 2011

Related posts