البثنة .. حسناء خضراء ذات عيون عذبة وقلعتها تعكس شموخ تاريخها

 

تقف منطقة (البثنة) في أماكن الصدارة بين أجمل مناطق الدولة، وتحمل دلالات كثيرة في الزمان والمكان، وهي تقع بين طريق الذيد والفجيرة، وتحديدا غرب مدينة الفجيرة بـحوالي 18 كيلومترا.

وتتميز بكثرة الوديان والأفلاج، ما يجعلها واحة زراعية بامتياز على مدار سنين كثيرة سابقة، وأشهر أشجارها النخيل والمانجو. وجعل منها موقعها المتميز على التلال الجبلية بين منطقة مسافي والفجيرة، مركزا تاريخيا للدفاع عن هذه المناطق خلال فترة الحروب القديمة، وهي من أقدم المناطق الجبلية في الساحل الشرقي، وإلى جانب مركزها الدفاعي، فقد اشتهرت بمياهها العذبة وأراضيها الخصبة، كما ساهمت الوديان ووفرة المياه المتدفقة في أفلاجها في تعزيز وجهها الجمالي، وأشهر هذه الأفلاج: بن عبود ومسيرع والبرحية.

 

كثيرة هي المناطق التي ينبغي المرور منها أثناء زيارة (خور فكان)، كمسافي والغمرة ودفتا والبليدة وغيرها، لكن جمالية هذه المناطق قد لا تستطيع أن تتفوق على السحر الخاص الذي تتميز به منطقة البثنة وقلعتها الشهيرة. وأنا في طريقي إليها ساورتني أفكار بأنني قد أرى فيها أشياء لم أرها من قبل، وفعلا شاهدت الوديان والمزارع الخضراء والقلعة التي تشير إلى تاريخ هذه المنطقة، والى الأفلاج التي جفت منذ عشرات السنين، بينما كانت في السابق تشكل منظرا جميلا وهي قادمة من أعالي الجبال.

وعلى الرغم من انقطاع مياه الأفلاج، إلا ان نخيلها ومزارعها ظلت مكتسية بلونها الأخضر، بعد اعتماد الأهالي على حفر الآبار العميقة لري مزارعهم والانتفاع من مياهها، ووصول مشاريع المياه التي توفرها الدولة للجميع، والزائر لها يشعر كما لو أنه يشاهد حسناء بعيون خضراء. وتمتلك القلاع في الدولة دلالاتها التاريخية، وقد بنيت للحماية والدفاع، ومن هذه القلاع التي بنيت وسط وادي حام الممتد عبر جبال إمارة الفجيرة (قلعة البثنة)، وهي قلعة شامخة تشكل بناء ضخما ومتينا، استعمل لبنائها المواد المحلية مثل (الصاورج والخشب والطين وجذوع وسعف النخيل).

وتتكون من طابق أرضي ومدخل رئيسي وبرجين مستديرين يتكونان من ثلاثة طوابق وسطح وفناء فسيح وأدراج تؤدي إلى الطابق الأول، الذي يحتوي على صحن وغرفة واحدة بها نافذة تطل على الخارج ثم ممرات وأدراج تؤدي إلى غرف الأبراج والسطح، وممرات على طول السور والأبراج تتخللها شرفات بها ثقوب لا شك أنها أعدت للمراقبة والرمي بالبنادق في المراحل السابقة، ويقال ان تاريخ بناء القلعة يعود إلى عام 1735 بحسب روايات بعض سكان المنطقة القدامى، وهي من أكبر القلاع في إمارة الفجيرة.

 

سفر

ومن المعالم التي تلفت الانتباه في منطقة البثنة السد الكبير، الذي أمر بتشييده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، الذي اهتم ببناء السدود والبحيرات في مختلف إمارات الدولة ومنها البحيرات التي شيدها في منطقة (فلي)، ويعتبر السد من المشاريع المهمة التي يعتمد عليها أهالي المنطقة، الذين يمارسون مهنة الزراعة وتناقلوها عن آبائهم وأجدادهم منذ القدم بالاضافة إلى الرعي، وكان الأهالي يقايضون محاصيلهم الزراعية بشراء الأرز والسكر والقهوة من أسواق دبي، وكان سفرهم إليها يستغرق في الماضي أكثر من خمسة أيام ركوبا على ظهور الجمال.

 

آثار

يعود تاريخ المنطقة إلى عصور ما قبل الإسلام، ووجد فيها العديد من الآثار التاريخية، التي اكتشفت على أيدي علماء الآثار، منها ما يعود إلى العصر البرونزي ومنها ما يعود إلى العصر الحديدي وإلى القرن الأول والثاني ما قبل الإسلام، كما عثر على عدد من القطع الحجرية، ويقال ان المنطقة ستشهد المزيد من الاكتشافات لتاريخها القديم، خاصة وان الدلالات التاريخية تشير إلى ان المنطقة سكنت منذ القدم.

Related posts