خميس الحفيتي.. سفر دائم مع الكاميرا

باتت الصورة الفوتوغرافية اليوم، إما أداة فن أو تواصل أو تسلية أو جميعها مجتمعة، وعلى الرغم من أن الكاميرا توفرت لدى نسبة كبيرة من البشر عبر مئات السنين، إلا أن نسبة قليلة منهم أصبحت لديها بمثابة مطلب فني، ومن ضمن هؤلاء الشاب الإماراتي خميس الحفيتي.

بدأ الإماراتي خميس الحفيتي الذي أُطلق عليه لقب سفير الكاميرا في الإمارات، رحلته مع التصوير الفوتوغرافي كهواية وفن، بشرائه أول كاميرا ديجيتال عام 1999 لدى سفره إلى بريطانيا لمتابعة دراسته بعد الثانوية. وهناك وبحكم دراسته لتقنية المعلومات، لفت انتباهه أحد المواقع الالكترونية التي تعرض الصور الفوتوغرافية الخاصة بهواة ومحترفين، مع تعليقات المشاهدين عليها من كافة بلدان العالم.

وبهدف التعرف على تجربة خميس الفنية وتجربة التصوير الفوتوغرافي الفتية في المنطقة، التقت (مسارات) به خلال زيارته لأحد معارض التصوير الفوتوغرافي المتخصصة في المنطقة والتي يحرص على متابعتها ومتابعة أي نشاط فني مرتبط بالتصوير.

 كيف تقيّم تجربتك بين الماضي والحاضر؟

 بدأت رحلتي مع الكاميرا كأي إنسان عادي، بهدف توثيق ذكريات العائلة والرحلات والسفر، لكن التعليقات التي كانت تصلني حول صوري التي كنت أنشرها على أحد المواقع الالكترونية شجعتني على تعلم المزيد عن فن التصوير وقواعده، إلى جانب تقنيات الكاميرا وثقافة الصورة، لتتبلور انطلاقتي في (اليوم الإماراتي المفتوح) الذي نظمته طلبة الجالية الإماراتية بالجامعة في بريطانيا.

 ولاقى المعرض الذي تضمن قسمين من صوري، صور عن تراث وبيئة الإمارات، وصور توثق مراحل إعداد فريق العمل لاحتفالية العيد الوطني نجاحاً كبيراً، دفعني إلى أخذ دورات مكثفة في التصوير على هامش دراستي، من ضمنها دورة لمدة ثلاث أشهر في معهد تصوير بفرنسا، وهكذا بات فن التصوير جزءاً مهماً من حياتي.

 ولصقل تجربتي عملت بعد تخرجي وعودتي إلى الوطن في التصوير الصحفي لمدة عام كامل. وبدأت المشاركة في مسابقات التصوير المحلية والخارجية والمعارض الجماعية، والانتقال إلى تنظيم المعارض الخاصة بهواة التصوير في المنطقة، إلى جانب تقديم ورشات عمل في التصوير الفوتوغرافي.

 كيف اكتسبت لقب سفير كاميرا الإمارات؟

 أَطلق عليّ هذا اللقب المصور بهاء الدين القزويني مدير نادي بيت لوذان للتصوير في الكويت، بسبب نشاطي الدائم وسفري لتمثيل بلدي في العديد من البلدان. وبالطبع حركة فن التصوير في الكويت نشيطة جداً، وقد تأسس نادي لوذان الذي يعتبر محترف للفنون والحرف، قبل عشر سنوات وينظم معارض سنوية لأعضائها، وأنا أول عضو خليجي ينضم إليه. وغني عن الذكر أن القزويني هو من المحترفين المبدعين، وأول مصور عربي في الاتحاد الآسيوي ومصنف دولياً.

 كما ساهمت مشاركتي في الأنشطة الخارجية على توسيع شبكة الاتصال مع المصورين من مختلف البلدان، ومن ضمنها مشاركتي في برنامج الفنان المقيم حيث أوفدتني (مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي) من خلال برنامج الثقافة والفنون، إلى فرنسا لمدة شهر حيث قمت بتنفيذ مشروعي في التصوير بالأبيض والأسود حول إيقاع الحركة.

 كانت التجربة مفيدة جداً حيث التقيت بعدد كبير من المصورين الفنانين من مختلف الجنسيات والثقافات، سواء من خلال البرنامج أو من خلال زياراتنا اليومية للمعارض المتخصصة وأبرزها مهرجان الكاميرات القديمة (ديون زو). وعدت بزوادة كبيرة سواء على صعيد التجربة أو الثقافة البصرية.

من هم مصورو الساحل الشرقي؟

 بدأت مجموعة الساحل الشرقي في الفجيرة عام 2008، وهي مفتوحة العدد ولا مقر رسمي لها حتى الآن. وتعتمد على شبكة التواصل فيما بين أعضائها، وتحظى بدعم ورعاية من العديد من الجهات والهيئات والمنظمات المحلية. وتقوم المجموعة بتنظيم معارض تصوير في المنطقة الشمالية كخورفكان وكلبا ودبا. كما يُعد حالياً ثمانية أعضاء من المؤسسين لمعرض فوتوغرافي في دبا.

 كما تتميز هذه المجموعة بنشاطها في الترويج لمصوريها، من خلال المشاركة في العديد من الأنشطة ابتداء بالمعارض التقنية المتخصصة، إلى المعارض الأخرى كمعارض التوظيف بهدف تعريف الشباب بفن التصوير وإتاحة الفرص للموهوبين منهم لتطوير قدراتهم، مع فرص تنفيذ بعض المشاريع بين الحين والآخر.

هل تلعب جمعيات التصوير الفوتوغرافي دوراً بارزاً في تفعيل حركة التصوير بالإمارات؟ للأسف، لا يزال دور الجمعيات المحلية محدوداً ويعتمد على برنامج تقليدي لا يتجاوز تنظيم الورشات الأساسية في التصوير، مع تنظيم عدد محدود جداً من المعارض المتواضعة التي تعد على الأصابع.

 وذلك على الرغم من تلقيها الدعم المادي من بعض الجهات. أما الجهات التي تساهم في تفعيل حركة التصوير عندنا، فتعتمد على مسابقات التصوير، التي تطلقها بعض الجهات مثل مكتب أبوظبي للهوية الإعلامية، ومسابقة الإمارات للتصوير الفوتوغرافي، ومجلة ناشيونال جيوغرافي، وجائزة منصور بن محمد للتصوير الضوئي، ورابطة أبوظبي الدولية للتصوير.

أضف إلى ذلك، فإن خبرة القائمين على مثل تلك الجمعيات لا تتجاوز الخمس سنوات أو متواضعة نسبياً، مقارنة بخبرة الجمعيات في الكويت أو في قطر حيث تقارب خبرة أعضاء مجلسها من 20 عاماً، إلى جانب غياب أي تواصل لهم مع الهيئات أو المصورين في الخارج، وكذلك الأمر مع اتحاد المصورين العرب.

 ما الذي تلتقطه عين المصور عندك في الحياة اليومية؟

 تستوقفني الأخطاء اللغوية في لوحات المحلات واللوحات الإرشادية، والأمكنة غير الصحيحة لها، كحاوية قمامة على مدخل مبنى حكومي جديد، أو عدم التمكن من رؤية اللوحة الإرشادية بسبب وجودها إما خلف عمود إنارة أو شجرة وغير ذلك.

 من هم المصورين الخليجيين الذين تستوقفك تجربتهم؟

 يستوقفني على صعيد الإمارات، التجربة المميزة للمصور بدر اليافعي لخروجه عن الكادر التقليدي للصورة، ليأخذ لقطته بعين الفنان سواء على صعيد الطبيعة أو التراث أو ثقافة العيش. أما على صعيد الخليج فهناك المصور القطري الشيخ خالد بن حمد بن أحمد آل ثاني، حيث يبدو كل عمل من أعماله خاصة في معرضه (عشق الفلا) بالأبيض والأسود، بمثابة لوحة فنية سواء من حيث كادر اللقطة أو تدرجات الظلال وعمق الصورة وإيقاع الحركة.

  ما هو انطباعك عن تجارب المصورين من جيل الشباب؟

علينا في البداية التمييز بين مفهوم التصوير الوثائقي وفنون التصوير. مجموعة كبيرة من المصورين يتناولون كادر الصورة من خلال توثيق ما تراه العين، وهذا النوع من التصوير الواقعي لا يرتقي إلى فنون التصوير الحديثة والمعاصرة، فهناك الأسلوب التعبيري الذي يجمع بين الواقع والإحساس، والأسلوب التجريدي الذي يركز على تفاصيل الخطوط ومحاور الصور خارج تفاصيلها، والأسلوب الخيالي الذي يستلهم من واقع الحياة ليحوله عبر تقنيات التصوير إلى عالم جديد متخيل.

وعليه فإن التصوير يحتاج إلى خلفية ثقافية واسعة سواء على الصعيد البصري أو المعلوماتي، وما نراه في الغالب يندرج ضمن حالة الاستسهال فأغلب من يتعاملون مع الكاميرا لا يدركون كافة تقنياتها. أما المعارض التي تتضمن نوعية عالية من التصوير فتندرج في إطار معارض المسابقات، في حين تندرج المعارض الأخرى ضمن جهود متواضعة من الجمعيات أو في إطار المبادرات الفردية.

هل من مشاريع مستقبلية؟

أُعد حالياً لمشروع يتمحور حول (بيئة الجبال) وما تحويه من كائنات ونباتات وأشجار. ومثل هذا المشروع يحتاج إلى الكثير من الجهود، إضافة إلى التمويل حيث يتطلب إنجازه التخييم في الجبل لبضعة أيام، ورصد إيقاع الحياة فيه وجماليات الطبيعة خلال فصلي الشتاء والصيف، مع إبراز جانب البيئة وأهمية حماية الطبيعة من الدمار العمراني كشق الطرق وبناء المنشآت.

كما أقوم بتنظيم معارض متخصصة للمصورين الشباب في منطقة الإمارات الشمالية، إضافة كتاباتي النقدية في دورية (هماليل) الثقافية التي تصدر في أبوظبي مرتين بالشهر.

 ما هي أبرز التحديات التي يواجهها المصور في الإمارات؟

يواجه الفنان العديد من التحديات منها، تصوير الطبيعة في فصل الصيف حيث تشتد الحرارة إلى جانب الرطوبة التي تؤثر على الأجهزة وتصيبها أحياناً بالعطب، كذلك ندرة المعارض المتخصصة، وصعوبة تسويق نفسه أو التكلفة العالية لتطوير تجربته على أيدي خبراء في المنطقة.

Related posts