أم محمد .. 20 عاماً إلى جوار ابنها المصاب بالشلل

أكثر من 30 عاماً تروي قصة كفاح أم إماراتية بسيطة لم تثنها تقلبات الزمن وأعباء الحياة عن التضحية بالغالي والنفيس من أجل تنشئة أبنائها تنشئة صالحة وتوفير أرقى الفرص التعليمية لهم كي يصبحوا أعضاء فاعلين في مجتمعهم خلال ممارسة حياتهم العملية.

بدأت قصة أم محمد (مواليد 1958) حين تزوجت قبل اتمام الخامسة عشرة من عمرها ورزقها الله بأول أولادها محمد الذي سجلت معه حلقة من الحلقات البطولية للأم التي لم تتوان للحظة عن التضحية بحياتها من أجل راحة ابنها.

شاء القدر أن يتعرض محمد لحادث مروري أليم وهو في الثامنة عشرة من عمره، أسفر عن اصابته بشلل رباعي وأصبح رهيناً لكرسي متحرك بعد مرور شهور قليلة على عمله باحدى الجهات الحكومية في أبوظبي.

ولم تصب الأم باليأس من رحمة الله، وأخذت تجوب مع ابنها الأكبر مختلف المستشفيات والمؤسسات الصحية في الدولة على أمل الوصول إلى علاج لحالته الصحية، فكانت تلازمه طوال فترة إقامته في مستشفى زايد العسكري في أبوظبي، وكانت تحرص على إعداد الطعام له يومياً، وتنفذ كل مطالبه وتتضرع إلى الله ليل نهار أن يمن على ابنها بالشفاء العاجل.

استمرت أم محمد ملازمةً لابنها البكر على مدار 20 عاماً، فهو الآن في ال 39 من عمره ولازال يعاني من الشلل الرباعي على الرغم من المحاولات الحثيثة لعلاجه سواء داخل الدولة أو في الخارج. الأم الطيبة ارتضت بقضائه سبحانه وتعالى وأخذت على نفسها عهداً أن تظل محافظة على الأمل بشفاء ابنها وأن تكون دوماً ملازمة لهم دون كلل أو ملل.

فصل اخر من فصول قصة الأم الإماراتية المكافحة، تجسدت في قصة الابن الثاني وهو خالد، الذي أدت ولادته بعملية قيصرية قبل موعد الولادة بثلاثة أشهر، لإصابته بحالة من نقص الأكسجين تسببت في إعاقة جزئية، إلا أن الأم لم تستسلم للأمر، وقامت بتعليمه في أحد مدارس المعاقين حتى أنهى جميع مراحل دراسته، واستطاع بفضل الله أن يعمل بشركة الحفر الوطنية في أبوظبي.

وكان لبنات أم محمد حيزاً كبيراً من اهتماماتها فقد حرصت على توفير أرقى الفرص التعليمية لهم، حيث التحقت ابنتها فاطمة بجامعة زايد ومريم بكليات التقنية العليا.

كما أنهى ابنها أحمد دراسته في كليات التقنية، والتحق ابنها عبدالله بجامعة زايد عقب نهاية دراسته الثانوية، وفضل ابنها سلطان الاتجاه إلى الأعمال الحرة.

تحديات الحياة خلقت طموحاً لدى أم محمد كي تتحول إلى إمرأة عاملة فبعد أن تقاعد زوجها منذ عشر سنوات ومع اصابته بمرض القلب، قررت أن تبحث عن فرصة عمل كي تساهم في تربية أبنائها، حيث قامت بالتسجيل في مجلس أبوظبي للتوطين علها تجد فرص العمل المناسبة لها.

وبما أن لكل مجتهدً نصيب، نجحت أم محمد في الحصول على فرصة عمل في وظيفة مشرفة حافلات مدرسية بمواصلات الإمارات، بعد أن قدمت نموذجاً متفرداً للتحدي، حيث درست ولمدة 3 سنوات متواصلة اللغة الإنجليزية في جامعة أبوظبي لإتقان اللغة التي كان شرطاً أساسياً لالتحاقها بالوظيفة.

وكما كانت في حياتها الشخصية نموذجاً للأم المثالية، كانت في حياتها العملية نموذجاً متفرداً، حيث نجحت وبعد ثلاث سنوات من التحاقها بالعمل التي تحصل منه على راتب شهري 5000 درهم ، في الحصول على لقب المشرفة المتميزة وتم بالفعل تكريمها من العديد من الجهات.

أم محمد الأم المثالية لسبعة أبناء لم تتوقف عند سرد قصتها لـ”البيان” عن ذكر كلمة “الحمد لله”، فبعد ما أصاب ابنها البكر والمعاناة التي عايشها على مدار 20 عاماً، لم تيأس من رحمة الله، ولم تتوقف يوماً عن الدعاء له، وشكر الله على ابتلائه ، ولم تثنها أعباء الحياة عن توفير كافة مقومات الحياة الكريمة والتعليم المتميز لبقية أبنائها. تؤمن أن المرأة الإماراتية على أرض هذا الوطن الطيب وتحت مظلة قيادتنا الرشيدة، هي عنصر أساسي في تربية النشء كي يصبحوا أعضاء فاعلين في وطنهم، ويقوموا بأداء دورهم ورد الدين لهذا الوطن المعطاء وقيادته الحكيمة. البيان

Related posts