حاكم الفجيرة يتوقّع عدم إغلاق مضيق هرمز والشرقي لـ”إيلاف”: الحل في أنبوب يستوعب نفط الخليج المُصدّر

تحاور إيلاف بحضور ناشرها عثمان العمير حاكم الفجيرة حمد الشرقي الذي يرى في انشاء أنبوب يستوعب نفط الخليج المصدّر، حلا يقي المنطقة تهديدات إيران باغلاق مضيق هرمز. ويؤكد الشرقي أنّ البنى التحتية والتجهيزات الأساسية هي ما يؤهل الفجيرة لذلك الدور، وأن الإمارة تحولت فعلا الآن إلى مدينة ملاحية عالمية.

 برز اسم الفجيرة ـ إحدى الإمارات السبع لدولة الإمارات العربية المتحدة-  في واجهة الأخبار السياسية والاقتصادية عالميا، وتحديدا الشهر الجاري، حين لوحت إيران بإغلاق مضيق هرمز، في صيغة تهديد لدول الخليج التي تمر كميات كبيرة من نفطها المصدر عبر المضيق.

وكان لدى الإمارات ما ترد به عمليا على الفور بإعلانها عن منجز استراتيجي أصبح موجودا على الأرض، ويتمثل في خط أنابيب اكتمل إنشاؤه، منطلقا من حقول حبشان في أبوظبي إلى الفجيرة ليصب في مينائها الاستراتيجي المتطور مباشرة إلى الناقلات، ما ينفي الحاجة إلى مرور النفط الإماراتي بمضيق هرمز.

وإذا كان نبأ هذا الخط قد فاجأ العالم أمام حالة الانقباض التي سادت الدوائر النفطية العالمية تحسبا لنقص مؤكد في إمدادات النفط الخليجي للأسواق العالمية فيما لو ارتكبت إيران حماقتها وأغلقت مضيق هرمز الذي تعبره 20 ــ 30ناقلة عملاقة يوميا، بمعدل ناقلة كل ست دقائق في ساعات الذروة وعلى متنها 40 في المائة من نفط الخليج.

وعلى اعتبار أن دول الخليج تنتج 30 في المائة من النفط في العالم، فإن الرؤية لدى الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات حاكم إمارة الفجيرة بشأن خط أنابيب النفط، الذي أصبح جاهزا لنقل نحو 70 في المائة من إنتاج الإمارات النفطي البالغ1,8 مليون برميل يوميا للأسواق العالمية، تبدو ممنهجة وعملية على المديين الآني والبعيد، ما يزيح تدريجيا غول السيطرة الإيرانية على مرور النفط الخليجي بمضيق هرمز.

وعلى أساس هذه الرؤية التي بدأت باكتمال خط الأنابيب الإماراتي لتصدير النفط عبر ميناء الفجيرة ــ الإمارة الواقعة بعيدا عن مضيق هرمز، يدعو حاكم الفجيرة الدول الخليجية إلى الاستفادة من التجربة الإماراتية بمد خطوط أنابيب حتى ينفذ نفطها عبر المحيط الهندي.

أنبوب للنفط الخليجي

حاكم الفجيرة الشيخ حمد الشرقي الذي حاورته “إيلاف” بحضور ناشرها رئيس التحرير عثمان العمير، بدا واثقا من وجاهة دعوته التي يغلب فيها المنطق الاقتصادي على الآخر السياسي، استنادا إلى البنى التحتية والتجهيزات الأساسية التي يتميز بها ميناء الفجيرة “باعتباره ثاني أكبر ميناء ملاحي في العالم لتخزين النفط بعد سنغافورة. وأن إمارة الفجيرة تحولت الآن إلى مدينة ملاحية عالمية”.

وهنا يعبر حاكم الفجيرة عن أمنية لديه “بأن يستوعب خط الأنابيب الإماراتي نفط الخليج المصدر بأكمله”، هذه الأمنية إنما ينظر إليها مراقبون اقتصاديون مهتمون بالتحديات في سوق النفط العالمية بأنها تحظى بالمحفزات الواقعية من الناحيتين الاقتصادية والأمنية لملاحة النفط الخليجي المصدر.

من تلك المحفزات ما ورد في حديث الشيخ حمد “على اعتبار أن امتداد دول الخليج من الكويت إلى الفجيرة مثلا يقدر بـ 1480 كيلو مترا، أي أنه ليس امتدادا كبيرا، ما يدعم إمكانية بناء خط يشمل الخليج بأكمله”، ويدلل على ذلك بأن”هناك دول مثل روسيا لديها أنابيب نفطية تمتد عبر آلاف الكيلومترات، رغم الطبيعة الصعبة والتضاريس الوعرة هناك، وذلك على عكس الطبيعة الممهدة التي تتمتع بها دول الخليج من الكويت للفجيرة، حيث الأرض الرملية المسطحة بدون عوائق أو تضاريس جبلية وعرة”، فضلا عن الشركة التي تنفذ أنبوب نفط الإمارات من أبو ظبي إلى الفجيرة ــ والحديث هنا لحاكم الفجيرة ــ هي نفسها الشركة التي أنجزت أنابيب مشابهة لمساحات كبيرة تمتد على مسافة 3000 كيلو متر أو أكثر في دول مختلفة”.يذكر في هذا الصدد، أن الكويت تخطط لمثل الخطوة الإماراتية باستخدام الأراضي السعودية لهذا الغرض.

جاهزية المعبر والأمان

يكتسب مشروع أنابيب النفط الإماراتي أهميته التي شجعت على التنفيذ، من جاهزية ميناء الفجيرة ومراحل التوسع المتلاحقة التي شهدها ويشهدها، وهو ما أكد عليه الشيخ حمد بن محمد الشرقي في حديثه عن تطور الميناء مركزا على أهمية توسع الميناء في جانب تصدير النفط، باعتباره بوابة مشرعة وآمنة على المحيط الهندي، موضحا أن فكرة خط أنابيب النفط على امتداد 360 كيلوا مترا من حقول “حبشان” في أبوظبي إلى ميناء الفجيرة بدأت في فترة السبعينات ولكنها لم تكتمل في ذلك الوقت.

وعاد الشيخ حمد في ذلك إلى “حقبة الثمانينيات التي شهدت تأسيس حركة الملاحة تلقائيا في ميناء الفجيرة، حيث بدأ وقتها الاهتمام العالمي بالميناء نتيجة نشوب حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران وامتدادها على مدى ثماني سنوات، وحينها أدت العراقيل التي كانت تواجهها السفن المختلفة في مضيق هرمز إلى ارتفاع التأمين عليها بشكل كبير”، لكنه اعتبر تجمع البواخر في إمارة الفجيرة آنذاك من قبيل الحظ الحسن، في ظل طول الانتظار الذي كانت تضطر له السفن حتى تحصل على ترخيص المرور في مضيق هرمز”، ومن ثم ــ وفقا لحاكم الفجيرة ــ ساهمت تجمعات السفن هذه على إنشاء صناعة في الإمارة حيث أنشأت شركات خدمات لتلك السفن الراسية في الميناء، كما تم تبادل تخزين النفط وأصبحت هناك حركة بيع وشراء بشكل عام”.

يشار إلى أن وزير الطاقة الإماراتي محمد بن ظاعن الهاملي أعلن مؤخرا أن خط أنابيب النفط من حقول حبشان في أبوظبي إلى ميناء الفجيرة سيبدأ تصدير النفط من الإمارات إلى الخارج ما بين مايو ويونيو المقبلين من دون المرور بمضيق هرمز.

ومع تأكيده على اكتمال بناء الخط، أوضح الهاملي بأنه “لا بد أن يخضع خط الأنابيب لعمليات تجريبية قبيل بدء استخدامه رسمياً لتصدير النفط الخام”، مشددا على التزام الإمارات بتعزيز دورها منتجاً رئيساً للنفط والغاز، وأن النفط سيواصل لعقود مقبلة دوره المهم في التوليفة العالمية لمصادر الطاقة.

السيناريو المرعب

وفي الوقت الذي تبدي فيه أوساط النفط والشحن تخوفا من إقدام طهران على تنفيذ ما لوحت به بإغلاق مضيق هرمز الذي تعبره ناقلات النفط العملاقة محملة بأكثر من 17 مليون برميل من النفط، أي ما يكفي لتلبية أربعة أضعاف واردات الصين النفطية، يستبعد حاكم الفجيرة إمكانية إغلاق المضيق، لكنه لفت إلى أن “حركة الملاحة في المضيق قد تتأثر بحيث تكون بطيئة على عكس المعتاد”، مركزا على ضرورة التعامل مع الموقف آنذاك بعقلانية”.

ويدعم خبراء في السياسة والنفط رؤية الشيخ حمد الشرقي في حالة إذا لم تقدم إيران على غلق مضيق هرمز، فإنها تستطيع أن تعيق حركة المرور. والسيناريو المرعب هنا هو أن تبدأ بتفتيش كل ناقلة نفط عملاقة تبحر عبر منطقة الفصل الغربي، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى اختناق الحركة ويعطل تدفق النفط. وقد لا يعتبر هذا عملاً عسكرياً، فضلا عن أن القانون غير واضح فيما يتعلق بالنتائج.

ويعتبر مضيق باب السلام (هرمز) أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن، بالنظر إلى وقوعه في منطقة الخليج فاصلاً ما بين مياه الخليج العربي من جهة، ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، وهو المنفذ البحري الوحيد للعراق والكويت والبحرين وقطر، وتطل عليه من الشمال إيران(محافظة بندر عباس) ومن الجنوب سلطنة عمان (محافظة مسندم) التي تشرف على حركة الملاحة البحرية فيه باعتبار أن ممر السفن يأتي ضمن المياه الإقليمية العمانية.

ويعتبر المضيق في نظر القانون الدولي جزءا من أعالي البحار، ولجميع السفن الحق والحرية في المرور به ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها. ويضمّ المضيق عدداً من الجزر الصغيرة غير المأهولة أكبرها جزيرة قشم الإيرانية وجزيرة لاراك وجزيرة هرمز، إضافةً إلى الجزر الثلاثة المتنازع عليها بين إيران والإمارات (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى).

رئة الإمارات

وتظل الفجيرة التي نعتها الشيخ محمد بن راشد بـ “رئة الإمارات”، البوابة النفطية الواعدة إثر الخطوة الأولى المتمثلة في احتضانها أنبوب نقل النفط الإماراتي إلى الأسواق العالمية عبر المحيط الهادي مباشرة، محط أنظار دوائر النفط والقرار السياسي والاقتصادي نحو اتخاذ مسار آمن لصادرات النفط الخليجي.

وينظر مراقبون في الشأن الخليجي إلى الفجيرة على أنها “قطر الإمارات”المقبلة، من حيث المفاجآت الاقتصادية التي تحملها، بعد أن طرحت نفسها كبديل استراتيجي لمضيق هرمز، فقفزت أمام الأعين كنمر صغير ينمو بسرعة.

وهي من المنظور التاريخي تكرر بدايات الخليج حين كان يلوذ بصمته التاريخي ، ويتقرفص على سباته العميق، حتي أغدقت عليه الأرض ، بوليدها الجديد الأخاذ ــ النفط فتغيرت الأحوال ، وتبدلت الأفعال.
يساند حاكم الفجيرة في إدارة الإمارة، نجله ولي عهده الشيخ محمد بن حمد الشرقي، الذي تسنم ولاية العهد العام 2007، ويتمتع برؤى ومبادرات في الإدارة والاقتصاد والسياحة والأنشطة الثقافية والرياضية.

على ان الفجيرة اشتهرت بنشاطاتها في تنظيم الأعمال الإبداعية من ثقافة ومسرح ودراما حيث تقام في فضاءاتها عدة نشاطات ذات فعالية كبيرة يشرف عليها رئيس ديوان الحاكم محمد الضنحاني الذي يجمع في اهتماماته بين الإدارة والثقافة، فضلا عن حيويته وحراكه الملموس في الأداء، وله أعمال إبداعية في الشعر وكتابة النصوص المسرحية والتلفزيونية. …

المصدر : إيلاف محمود العوضي وجون برايدن من الفجيرة 

Related posts