حمودي يرقد في العناية المركزة بمستشفى القاسمي منذ 9 سنوات – صورة

صرخات مكتومة وأصوات متكررة خافتة أطلقها الطفل الإماراتي محمد  المازم ( 11سنة)، واعتلت وجهه المشرق ابتسامة تنم عن بهجته وسروره . كانت عيناه شاخصتين تجاوزتا الحدود ونظراته تترقب ،وهو يشاهد حوله الطاقم الطبي والتمريضي بغرفة العناية المركزة بوحدة الأطفال  في مستشفى القاسمي بالشارقة، وهم يقطعون قالب الحلوى احتفاء بعيد ميلاده، الذي درجوا على تنظيمه سنويا طوال 9 سنوات قضاها بينهم في هذه الغرفة تحديدًا، تأكيداً لمحبتهم  الكبيرة له، وبأنهم لا ينسون تاريخ ميلاده الذي ظل راسخاً في مخيلتهم، وهو دليل واضح على اهتمامهم وعنايتهم به .

“حمودي” كما يطلق عليه دخل  إلى المستشفى بعد أن صدمته سيارة دفع رباعي في21  أغسطس ،2003 وهو يتنزه مع والده في منطقة الرماقية بالشارقة، وظل بها 15 يوما بعد عمل الإسعافات اللازمة، وقام ذووه بنقله الى المستشفى الأمريكي بدبي، وأثبت التقرير الطبي أنه مصاب بقطع في النخاع الشوكي، إضافة إلى شلل رباعي، وظل  في المستشفى هناك لمدة سنة كاملة، وعقب ذلك تم تحويله الى مستشفى الجزيرة في أبوظبي أملاً في العلاج والشفاء، وظل هناك نحو ستة  أشهر، وبسبب بعد المسافة  قررت أسرته إعادته ثانية إلى مستشفى القاسمي .

والدة حمودي  قالت ل “الخليج”: بداية أشكر طاقم التمريض للعناية بابني طوال هذه السنوات، وأجدد شكري وامتناني لهذه اللفتة الرائعة بالاحتفال بعيد ميلاده، فهو أصبح جزءاً أصيلاً منهم، كما أشكر الدكتور فيصل شاهين مدير مركز العمالة الوافدة في الصناعية بالشارقة لمساهمته في تنظيم هذا الحفل .

وأضافت: بعد رحلة علاج ابني داخل الدولة التي استمرت 24 شهراً، سافرنا إلى مركز متخصص بالمانيا مرتين  لعلاجه على حساب الدولة، وقضينا خلال الزيارة الأولى 7 أشهر، وكان العلاج جيداً والتأهيل خاصاً جداً، كما سافرنا لبانكوك في رحلتين، تم خلالهما أخذ 4 حقن علاج الخلايا الجذعية، وكانت استجابته للعلاج ضئيلة .

واستطردت أم حمودي: من خلال قراءاتي المستمرة وتواصلي مع أكثر من 100 مركز طبي متخصص في مختلف بقاع العالم كان الرد يأتيني مؤكداً بأن ابني يحتاج إلى علاج طبيعي مكثف  في مركز متخصص، وآمل أن تتحقق أمنيتي  لأن العلم في تقدم مستمر، وهذا ما ألحظه من متابعتي لتطورات الطب الحديثة وبحثي الدائم لعلاجه، أعتقد أن علاجه لابد أن يكون متوفراً في مكان ما بالعالم، وحتى إن كانت هذه  أمنية لي أو حلماً آمل أن يتحقق في أقرب وقت ممكن لأراه قد تحسن ولو قليلاً ليأتي ويعيش بيننا أنا ووالده وهو لم يعش طفولته، وحلمي الكبير أن يتعافى ويشفى ليلعب مع شقيقته هدى “7 سنوات”، التي تسألنا دائماً عن سريره الصغير الذي ظل في غرفته ومتى يعود لينام فيه، وكلنا نتوق إلى تحقيق هذا الأمل .

واختتمت: إن التسليم التام بقضاء الله وقدره والرضا بما كتب الله علينا ولنعلم أن الله عز وجل أرحم الرحماء بنا جميعاً ومهما بلغت درجة عطفنا وحبنا لأطفالنا لن تكون ذرة في رحمة الرحمن الرحيم بهم .

فريق العمل بهذه الوحدة  المكون من 27 من هيئة التمريض الذين تناوبوا على رعايته الصحية والعناية به، كتبوا  وبأحرف من نور شهادة إنجاز وتفان  تجاه هذا الطفل الذي ظل راقداً في سريره بحساب لغة الأرقام مدة تعادل 3240 يوماً، ما انعكس إيجاباً على وضعه الصحي حسب ما ذكرت فاطمة غانم مديرة التمريض في المستشفى، فهو يتلقى عناية فائقة ومركزة باعتباره مريضاً ينام على جهاز التنفس الصناعي، .

 وعن حمودي قال ابوبكر العيادي باللطيف مسؤول وحدة التمريض في العناية المركزة للأطفال، هو بمثابة ابننا وأصبح جزءاً لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا اليومية، وأشيد باهتمام فريق العمل برعايته الصحية  .

 من جانبه، قال عبيد النابودة مدير الاعلام والعلاقات العامة في مستشفى القاسمي: حمودي يعتبر من أهم الشخصيات بالمستشفى، وهو معروف  باعتباره من أقدم المرضى، والجميع يحبه، لدرجة أن كل من يمر بالقسم لا بد أن يطل ويلقي عليه السلام سواء من العاملين أو المراجعين، ومن أجل توفير وسائل الترفيه له قامت الإدارة بتركيب طبق لاقط للقنوات الفضائية ليتمكن من مشاهدة أفلام الكرتون، وأيضاً توفير الألعاب له ليتسلى بها . الخليج

Related posts