سهيلة المخمسي: لديَّ الحل للعزوف عن التخصصات العلمية وطورت نظاماً للتنبؤ بمستقبل التعليم الجامعي

استطاعت سهيلة مخمسي، طالبة ماجستير الهندسة في »جامعة خليفة« تطوير النظام الديناميكي التفاعلي الذي ابتكره عالم الهندسة الأمريكي فورستر للتنبؤ بحال الشركات الخاسرة ومعرفة أسباب فشلها، وتمكنت للمرة الأولى في المنطقة العربية من تطويع هذا النظام، ببحث أسباب عزوف طلاب الإمارات عن دراسة التخصصات العلمية في الجامعة، وتفضيلهم الأقسام النظرية أو عدم الالتحاق بالجامعة، وقد غذت نظامها البحثي بمعلومات تعود إلى 25 عاماً استسقتها من أرشيف وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي، والمركز الوطني للإحصاء . وطبقت استبيانها على عينة عشوائية قوامها ألف طالب وطالبة من جنسيات مختلفة ينتمون إلى مدارس حكومية وخاصة، إضافة إلى 400 معلم ومعلمة .

عن نتائج دراستها وأسباب العزوف ورؤيتها للحل يدور معها الحوار التالي:

ما مضمون مشروعك البحثي الذي أجريته على طلاب الإمارات؟

– قصدت من وراء ورقتي البحثية أن أتعرف إلى أسباب عزوف الطلاب عن دراسة التخصصات العلمية مثل الهندسة والرياضيات والفيزياء والكيمياء وعدم اهتمامهم بتلك التخصصات، فمكثت ثلاثة أشهر أتردد على وزارة التربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي، والمركز الوطني للإحصاء، وهيئة الاعتماد الأكاديمي، حتى أتوصل إلى نسب حقيقية لاختيارات الطلاب لتخصصاتهم الجامعية منذ 25 عاماً، ووجدت أن النسب لم تتغير منذ 15 عاماً بمعدل 3 طلاب (أدبي) مقابل طالب يدخل القسم العلمي، بإجمالي 12 ألف طالب للأدبي و4 آلاف للعلمي . وللأسف وجدت أن هذه النسبة تقل منذ العام 2008 بسبب إقبال الطلاب الحاصلين على معدلات عالية على دراسة تخصصات أشهرها التجارة وإدارة الأعمال والحقوق .

 وما المدة التي استغرقها؟

– بدأت العمل منذ إبريل /نيسان ،2011 وأمضيت ثلاثة أشهر في تجميع البيانات والإحصاءات، وشهرين في توزيع الاستبيان، وشهرين آخرين في تحليل البيانات، وأعكف الآن على مرحلة وضع النتائج على النظام الديناميكي التفاعلي الذي يستخدم لأول مرة في الإمارات والدول العربية .

 ما النظام الديناميكي التفاعلي، وما الوسائل التي استخدمتها في البحث؟

– هو تقنية جديدة أبتكرها العالم فورستر الأستاذ في جامعة »MIT« الأمريكية، لكنه أستخدمها في مجال الأعمال والصناعة، للبحث في فشل بعض الشركات عن تحقيق الأرباح المستهدفة، وبعد سنوات عدة من تجريبه الأساليب القديمة في البحث والتجريب، وانتظار النتائج لما كان يطرحه من تحسينات على أوضاع العاملين، وعدد الساعات، تمكن عبر النظام الديناميكي التفاعلي من التنبؤ بحال المستقبل، بعد تغذية النظام بمعلومات دقيقة وموثوقة وإعطائه أكثر من خيار للعمل عليه، كما مكنه هذا النظام من وضع الخطط الاستراتيجية المستقبلية لتلك الشركات . أما على الصعيد التعليمي فهذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها هذا النظام في الدول العربية، بعد محاولة أحد الطلاب المحدودة دراسة واقع التعليم في الولايات المتحدة .

 ما الذي دفعك للقيام بهذا البحث؟

– حال الإقبال على دراسة التخصصات العلمية في الجامعات الحكومية والخاصة، وعدم اكتراث الطلاب لأهميتها في صنع مستقبل الدولة . هو المحرك الأول الذي دفعني إلى خوض غمار تلك الدراسة حتى أتعرف إلى أسباب الظاهرة، وأجيب عن تساؤلات الكثيرين وأنا أولهم، من دولة فتية مثل دولتنا تمتلك وتوفر كل الإمكانات لتخريج علماء ومهندسين وأطباء ومخترعين، لكن هذا لم يتم حتى الآن، بل على العكس يزيد العزوف عن تلك التخصصات، وهو ما تشير إليه نتائج برنامج التقييم الدولي للطلاب المعروف باسم »PISA«، حيث كان ترتيب طلابنا في العام 2003 بين آخر 13 دولة وفي العام 2009 تقدمنا بنسبة2% فقط .

 كم عدد الطلاب المستطلعة آراؤهم في تلك الدراسة؟

– استطلعت آراء 1035 طالباً وطالبة منوعين بين المدارس الخاصة والعامة، ومتعددي الجنسيات، لكني استبعدت 35 ورقة لم يجب أصحابها عن كامل أسئلة الاستبيان . كما استطلعت آراء 200 معلم ومعلمة، وأجريت معهم بعض المقابلات، لأتعرف منهم إلى رؤيتهم للمشكلة وأسلوب الحل .

 ما أبرز النتائج؟

– أشار الطلاب في سردهم إلى عدم رغبتهم في اللحاق بالتخصصات العلمية، إلى القصور في الجانب العملي، وعدم استفادتهم من تلك المواد في حياتهم اليومية . كما أشاروا إلى عدم قدرة المعلمين على ترغيبهم في دراستها، والأسلوب البدائي في الشرح . كما كان للكتاب الجديد دوره في إبعاد الطلاب عن الفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضيات، لأنه لم يتطرق لتلك المواد بالشرح الوافي المصور، مما دفع بعض الطلاب الاستعانة بكتب السنوات الفائتة لاحتوائها على معلومات وتفصيل أكثر .

 هل اختلفت النتائج من الذكور إلى الإناث؟

– بالطبع هناك اختلاف، فللبنين اهتماماتهم وعناصر جذبهم المختلفة عن الإناث . فعلى سبيل المثال يعد أغلبية الذكور دراسة التخصصات العلمية، مضيعة للوقت والجهد، ومن ثم يقبل معظمهم على دراسة التجارة وإدارة الأعمال، بينما ينخرط البقية في المؤسسات والوظائف التي تدر عليهم ربحاً عالياً منذ اللحظة الأولى من الالتحاق بها، وبرر البعض عزوفه برغبته في تأسيس حياة كريمة نظراً لصعوبة الحياة، حيث لا يساعده فيها عائد التخصصات العلمية، بينما تقبل الإناث على التخصصات النظرية مثل الاتصال والعلاقات العامة والقانون والتربية وغيرها .

 في رأيك ما أسباب هذا العزوف؟

– من خلال الاستبيان والمقابلات الشخصية التي أجريتها مع الطلاب والمعلمين، وضعت يدي على بعض الأمور المسببة للعزوف أهمها عدم تأهيل المعلمين بالشكل اللائق لتوصيل المواد العلمية، وعدم استغلال التقنيات الحديثة بالأسلوب الأمثل الذي يخدم تلك المواد، إضافة إلى غياب الجانب التطبيقي والعملي الذي يقتصر في بعض الأحيان على الكيمياء وغاب عن بقية المواد . كما أظهرت النتائج العبء الملقى على المعلمين بسبب تغيير المناهج أكثر من مرة، وعدم تأهيله أو إعطائه فرصة لدراسة الكتاب والتحضير للطلاب . إضافة إلى غياب الدورات المفيدة التي تؤهل المعلمين لتوصيل المعلومة العلمية بشكل مبسط وجذاب . وكان لعدم إتقان الطلاب اللغة الإنجليزية التي تدرس بها هذه المواد في الجامعات، تأثير كبير في نفوس معظم الطلاب الذين تطالبهم الجامعات بمعدلات عالية تأخذ من وقتهم الكثير قبل الالتحاق بالجامعة .

 هل للبيئة والمجتمع تأثير في اختيار الطلاب تخصصاتهم الجامعية؟

– بالتأكيد للبيئة تأثير مباشر في اختيار الطلاب المواد النظرية، مثل انصياع بعض الطلاب لرغبة الأهل في دراسة تخصصات معروفة، سبق لأحد الأقارب أو الأبناء في الأسرة دراستها وحقق مردوداً مضموناً بعد توظيفه، كما يتأثر بعض الطلاب في أمثلة حياتية لأصدقائهم السابقين الذين يتقاضون رواتب عالية في أحد المواقع .

 هل قدمت مقترحات للحل؟

– بعد التعرف إلى الأسباب تمكن النظام التفاعلي بكل بساطة من وضع خطة مستقبلية لتلافي العيوب، ووضع خطة دقيقة لإصلاحها تبدأ بتدريس تلك المواد العلمية باللغة الإنجليزية من الصف الأول الابتدائي، لأن طلاب المواد الخاصة لم يجدوا في دراستها أية غضاضة، والتحقوا بالجامعة منذ اللحظة الأولى لحصولهم على معدلات عالية في الإنجليزية، وتأهيل المعلمين من خلال برامج تأهيل مهني، ودورات فعالة، يشرف عليها متخصصون في تلك المواد، ويتم التأكد من استفادة المعلم وقدرته على تطبيق ما درسه على الطلاب . ويراعي المسؤولون عن المناهج أخذ آراء المعلمين في هذا التغيير وتوقيته، ويتم الاستعداد لهذا التغيير قبله بمدة كافية .

 كيف كان شعورك عندما فزت بجائزة أفضل ورقة بحثية في المؤتمر العالمي للتعليم الهندسي الذي أقيم العام الماضي في المغرب؟

– طُرِح في هذا المؤتمر أكثر من أربعين ورقة بحثية من جميع أنحاء العالم . ولم أتوقع أن تحصل ورقتي على إجماع أعضاء لجنة التحكيم، وزادت دهشتي عندما حصل البحث على تقدير 100% . وكنت بقدر سعادتي بما حققت على المستوى الشخصي فخورة بالتمثيل المشرف الذي أحرزته للإمارات على المستوى الدولي .

 كيف جاء ترشيحك لعرض نتائج مشروعك البحثي خلال مؤتمر«الحدود في التعليم« المقام في ولاية واشنطن الأمريكية؟

– تقبل لجنة التحكيم الخاصة بمناقشة الأبحاث المشاركة في المؤتمر على الإنترنت، فأرسلت لهم البحث، وردوا بتهنئتي وقبول مناقشته في الدورة المنعقدة في مدينة »سياتل« في ولاية واشنطن الأمريكية . وأعتبر قبول الورقة في مؤتمر عالمي مثل »الحدود في التعليم« شرفاً كبيراً لي على المستوى الشخصي وإنجازاً كبيراً يضاف إلى ما تحققه الدولة كل يوم من إنجازات، لأن عمر هذا المؤتمر 41 عاماً، ويحضره المتخصصون في هذا المجال من جميع أنحاء العالم .

 هل لك دراسات أو أبحاث أخرى؟

– لا، إنها المرة الأولى التي أتعرض فيها بالبحث لقضية محلية، لكنها لن تكون الأخيرة لأن النظام الذي أعدت استخدامه، يمكن تطبيقه على أية قضية في أي قطاع من قطاعات الدولة لوضع الخطط الاستراتيجية والتنبؤ بمستقبل إحدى المؤسسات وهو ما أنوي القيام به بعد مناقشة البحث في هذا المؤتمر العالمي، ولدي الاستعداد الكامل للتعاون مع أية جهة للاستفادة من هذا البرنامج الديناميكي التفاعلي .

 كيف تنظرين إلى واقع التخصصات العلمية وأنت طالبة ماجستير في الهندسة؟

– لو نظرنا إلى الماضي لتوقعنا المستقبل، وتوضح الدراسة أن منحنى الإقبال على تلك التخصصات في نزول مستمر، ولكن هذه الحال التي لا تليق بدولتنا يمكن تغييرها بالتعرف إلى أسباب عزوف الطلاب عن التخصصات العلمية ومعالجتها وتوفير الظروف الملائمة لدراستها .

موقع الطويين : الخليج

One Reply to “سهيلة المخمسي: لديَّ الحل للعزوف عن التخصصات العلمية وطورت نظاماً للتنبؤ بمستقبل التعليم الجامعي”

  1. الله يوفقج دايما يابنت صفي يوم كنا بالمدرسة والله فرحت لج واااااااااايد وتستاهلي دوم يالغاليه

Comments are closed.