سيف النقبي يلوذ بظل «السمرة» من ضجة المدن

سيف النقبي سعيد بحياته البسيطة

يقيم الثمانيني سيف النقبي مع أسرته في بيته المتواضع على سفوح جبال منطقة المرير التابعة لرأس الخيمة، مؤثراً حياة الهدوء فهو “لا يطيق الضجيج” كما يقول؛ لذلك فضل الاستمرار بالإقامة في هذه القرية الجبلية الصغيرة الهادئة، على الرغم من إلحاح أبنائه المتزوجين للانتقال إلى الإقامة معهم في منطقة دفتا الواقعة على طريق مسافي الفجيرة.

ويشير النقبي إلى أن قرية المرير، التي جاء اسمها من مرارة مياهها، تقع في الجنوب الشرقي لمدينة رأس الخيمة بحوالي 90 كيلومترا. والوصول لها عبر الطريق الترابي الصخري الوعر تم تسويته خلال السنتين الماضيتين. يسكن النقبي في بيت متواضع على سفوح القرية، فيما أغنامه ترعى في المناطق القريبة من منزله.

استقبل النقبي “الاتحاد” مرحباً، وفضل الجلوس تحت ظل السمرة التي يتخذها مجلسا ويقضي معظم وقته تحت أفيائها، ومجلسه يتكون من أحجار وأخشاب لفهما النقبي حول السمرة التي يرى في ظلها راحة باله كما يقول وهو يقضي وقته متنقلاً بين متابعة الحلال (الغنم) وري أشجار النخيل.

 ويقول النقبي إنه يعيش هنا مع زوجته وثلاث من بناته. ويرى أن هذا المكان الذي تحيط به الوديان والجبال هو الأنسب لإقامته لأنه امتداد لتاريخ آبائه وأجداده. ويشكل له ذلك راحة نفسية قد لا تتوافر له في المدن.

 وعن الحياة في الماضي، يقول إن ارتباطاً وثيقاً كان يجمع بين الأسر فالزيارات لا تنقطع والكل يبادر بالتواصل وإذا غاب شخص ما بادروا بالسؤال عنه. أما اليوم فهناك جفوة ونادرا ما يقوم الناس بالزيارات الاجتماعية، مشيراً إلى أن الماضي يحمل معاني كثيرة على الرغم من قسوة العيش في تلك الفترة. ومن أهم هذه المعاني أن الشخص كان يقف إلى جانب صاحبه في وقت المعضلات ويتعاون الجميع في البناء وإقامة حفلات الزواج ويشعر الإنسان أن التكافل الاجتماعي كان في أزهى صوره. أما اليوم فترى أن كل شخص انعزل عن الآخر وانشغل بهمومه ووظائفه وكثرة متطلبات الحياة.

وعن وسائل التنقل في الماضي، يقول النقبي إن الإبل كانت هي الوسيلة الأهم خلال تلك الفترة، ويضيف “كنت أملك ناقة اسمها صوغان وكنت أقطع بها المسافات الطويلة التي تستغرق أياماً للوصول إلى رأس الخيمة والشارقة وهدفنا من هذه الرحلات هو بيع ما نملك من بضائع بسيطة مثل العسل والحطب والتمر. وأثناء العودة إلى القرى الجبلية نتزود بالأرز والقهوة”.

سيف النقبي سعيد بحياته البسيطة

وعن الرحلات الخارجية، يقول إن أول رحلة له كانت إلى الكويت وهو بعمر 15 سنة. ويتذكر تلك الرحلة جيداً حيث يقول “انطلقنا بسيارة “العريبي” التي كانت تستخدم لنقل الركاب في بداية الخمسينيات.

وتوجهنا إلى دبي وركبنا “اللنج” في رحلة استغرقت 10 أيام إلى الكويت واشتغلت هناك في أعمال البناء لمدة 3 سنوات براتب 5 ربيات في اليوم”. ويتابع “بعدها عدت إلى الوطن وتزوجت ورزقني الله 3 أولاد وست بنات. وهم يبرونني ويحرصون على زيارتي باستمرار”.

وتبدو زوجة النقبي، التي انضمت إلى الحوار، متشبثة بهذه القرية الجبلية؛ حيث تقول إن العيش في هذا المكان يبعث على النفس الراحة والطمأنينة والنشاط، وهي تدير شؤون بيتها بنفسها وبمعاونة بناتها الثلاث.

وحول جيل اليوم تقول إن بنات المناطق الجبلية يختلفن كلياً عن بنات المدن فهن يقمن برعي الغنم، وري النخل وجمع الحطب. وعلى الرغم من أنهن لم يتعلمن إلا أنه لديهن الخبرة الكافية في إدارة المنازل والحرص الشديد على مساعدة الأم في إدارة شؤون البيت والتعلم منها، مؤكدة رفضها الاستعانة بالخدم حيث تعتبر دخول الخدم إلى المنازل خللا في موازين الأسرة.

المصدر : الاتحاد 28 ديسمبر 2010

Related posts

One Thought to “سيف النقبي يلوذ بظل «السمرة» من ضجة المدن”

  1. روعه ربي يحفظه ويعطيه الصحه و طولة العمر

    شوابنا غير وحياتهم البسيطه وتعلقهم فيها تخلينا نحب هالحياه حتى لو ما عشناها

Comments are closed.