مشغولات السعف والقش من المهن اليدوية الشعبية القديمة هي بعمر النخيل

250449
موقع الطويين : الخليج
تعد مشغولات “سعف النخيل والقش” من المهن اليدوية الشعبية القديمة  التي استطاعت المحافظة على وجودها في الأماكن التي تشتهر بزراعة النخيل، من خلال أشكال مستحدثة تتناسب واحتياجات الحياة العصرية حيث تمكنت أنامل ماهرة من صنع السلال والحقائب والمكب “الذي يغطى به الطعام” والصرود “طبق القش” وغيرها من منتجات سعف النخيل والقش  التي تحتاج إضافة إلى دقة الصنع ذائقة جمالية كما أصبحت تلك المشغولات الفنية التراثية تحتل مساحات واسعة بين العناصر التزيينية في الديكور الحديث لأنها تمتاز بخفتها وإضفائها البساطة والجمال على المكان . فضلا عما تحمله من ملامح أصالة الآباء والأجداد .

العديد من النساء اتجهن إلى مهنة مشغولات سعف النخيل والقش ليعبرن عن ابداعهن ومواهبهن ولكسب الرزق وليقضين فيها أوقات الفراغ ومنهن الوالدة مريم محمد علي من منطقة دبا الفجيرة التي تقول: منذ صغري وأنا أصنع من سعف النخيل ما احتاجه في حياتي اليومية مثل السلال والمكايش التي تستعمل لتنظيف المنزل، وفي البداية كان الأمر مجرد هواية وبعدها بدأت احترافها لكسب الرزق حيث يعتمد عدد كبير من الأهالي على المشغولات التي أصنعها بيدي من سعف النخيل فأقوم بصناعة المهفة  والأواني الخاصة بحفظ التمور من القش .

أسلوب تحضير السعف لهذه الصناعة تشرحه الحاجة موزة عبيد محمد من منطقة البدية بالفجيرة بالقول: في البداية نقوم بجمع السعف، ثم نجففه في الظل، حتى لا يتعرض للاحتراق من أشعة الشمس، وبعدها نقوم بوضعه داخل إناء كبير، ثم نضيف له الماء ومواد الصبغ، ونتركه يغلي على النار حتى يثبت اللون . ثم نجففه لمدة أسبوع، وبعدها نجمعه بشكل مرتب، نفرز اللون الطبيعي من الألوان المصبوغة، لنبدأ بعد ذلك بالصناعة .

وتؤكد الحاجة موزة: أن تلك المشغولات الرائعة التي كانت في الزمن الماضي صناعة الإنسان الإماراتي، وكانت تشكل حاجته اليومية لها في المنزل وفي حياته العامة، واليوم بات الاهتمام باقتناء تلك المشغولات تعبيراً عن روح الماضي الجميل للإماراتيين حيث أصبحت محط أنظار السياح ومحل اهتمامهم فالقادم إلى دولة الإمارات يبهر بتلك الصناعات المختلفة التي أبدعتها يد الإنسان الإماراتي .

بكثير من الشجون تشرح الوالدة عفراء أم راشد من منطقة الطويين بالفجيرة كيفية التحضير لعملها فتقول: “أحول السعفات إلى ضفائر، بطريقة بسيطة جداً، تشبه ضفائر شعر المرأة، وأجعل تداخلاً بين اللون الطبيعي والألوان المصبوغة، بحيث أصنع أشكالاً تلفت النظر وذات جمالية خاصة، وهكذا أستمر في صناعة الضفائر، بحيث تتشكل أمامي تدرجات في اللون، وحين أنتهي أخيط ما صنعته كي يتماسك ويأخذ الشكل الذي أريده، ثم أقص كل الزوائد ليأخذ المنتج شكلاً يوحي بالأناقة والنظافة” .

تقوم الوالدة أم راشد بصناعة العديد من مشغولات سعف النخيل والقش منها السلال والمهفة التي تستعمل لزيادة اشتعال النار، أو تحريك الهواء في فصل الصيف والسرود “البساط” الذي  يصنع من سعف النخيل المجدول والملون، على شكل دائري وبأحجام حسب الطلب، ويعد من الأدوات المنزلية المهمة كما تقوم بعمل بيوت العريش من سعف وجريد النخيل .

وتؤكد الوالدة أم راشد: أن هذه المشغولات تمنح المكان جمالية  خاصة فضلا عن بث راحة في النفس التي تتحقق من خلال العمل بها أو النظر إليها وأعجاب الآخرين بها .

أما شيخة أم فيصل من منطقة الذيد بالشارقة، فتقول: أقوم بصناعة السلال بشتى أنواعها منها لوضع الفواكة ومنها لوضع التمور أو للخبز، وهي تعطي منظراً جذاباً حيث يمكن وضعها في المنازل والمجالس وتزيينها ببعض الشرائط والقماش بما يتناسب مع الأثاث ويتم فيها وضع العطور والكريمات كما يمكن استعمالها في وضع المجلات والكتب أو سجادة الصلاة بشكل مرتب وجميل ويمكن وضع السلال على أحد الأرفف في الحمام الى جانب سلال الغسيل وهناك أنواع أخرى كسلة الضيافة والإكسسوارات .  

بدورها تقول الوالدة مريم علي أم راشد من منطقة المنامة برأس الخيمة  تعلمت هذه الحرفة من جدتي وأصبحت أصنع سلالاً صغيرة يقدم فيها الرطب للضيوف، إلى جانب مشغولات كثيرة أقوم بصناعتها لتباع للرواد الأجانب والعرب، الذين يهتمون بصناعات من مواد طبيعية وصحية، تشكل جزءاً من التراث الإماراتي العريق .

وتشير فاطمة محمد من منطقة شرم بالفجيرة إلى أن “أمهاتنا في الماضي صنعن أدواتهن المنزلية مما توفره البيئة، من حولهن، من مواد أولية لذا أبدعن من سعف وجريد النخيل  العديد، من المنتجات والأدوات القشّية التي تتوزع في مختلف أركان البيت مثل: السرود والمبردة والمشب والمدخنة والمهفة والجفيرة وهي مشغولات ذات قيمة تراثية ولها مكانتها الخاصة في حياة الأهالي قديماً وحديثاً .

وبرأي آمنه علي سليمان من الفجيرة: فأن صناعة مشغولات سعف النخيل  متعبة وتتطلب وقتاً وجهداً لكنها ممتعة في الوقت ذاته، وتشير آمنة إلى مراحل للصناعة عدة تبدأ بجمع السعف من أشجار النخيل وتنظيفها وتنقيتها من الأتربة ومن ثم تبليلها وترطيبها وفرزها واستخراج العروق والجرائد، ثم تأتي عملية الخياطة بواسطة العروق والخواص والأوراق والجرائد وجميعها من السعف .

وأضافت آمنة: أعمل من سعف النخيل القفة الكبيرة المخصصة لحفظ الخبز والكدم “العيش” مع غطائها ونقشاتها وأحاول جعلها متفردة من نوعها،  كما أقوم بصناعة سفرات الموائد الخاصة بالطعام وغيرها من المشغولات .  وكنت قديماً أقوم بتبطين البيوت بالحصر المزخرفة المصنوعة من خوص وسعف النخل، وأقوم بالتلوين بجدل الحصر وزخرفتها . وما زلت أصنع العديد  من الأدوات المنزلية من سعف النخل، مثل المكشة التي تستخدم لكنس المنزل، واليراب أو الجراب، فهو يستخدم لحفظ التمر بعد تجفيفه وكبسه جيداً، ويتم تغطيته بسعف النخيل .

علياء الكعبي مديرة مركز التنمية الاجتماعية بدبا الفجيرة تقول: لا تزال مشغولات سعف النخيل والقش  تجد حيزاً واسعاً من قبل المواطنين، وأرى أن النساء أخذن يتوسعن في عمل مشغولات سعف النخيل في المنزل فهناك الكثير من الأسر تقوم بعمل العديد من المنتجات اليدوية الخاصة بسعف النخيل والقش في المنازل لكن مع ذلك لا تجد الكثير من الزبائن الذين يحرصون على شراء هذه المشغولات . لذلك قمنا في مركز التنمية الاجتماعية  بدبا الفجيرة  بالمشاركة في العديد من المهرجانات والمعارض المقامة في الدولة لترويج مشغولات النساء من سعف النخيل والقش، وبالفعل لاقى قبولاً من قبل الكثير من النساء اللاتي يحرصن على الاهتمام بالمشغولات اليدوية لسعف النخيل .

Related posts