أحفرة في إمارة الفجيرة عاشقة الزراعة والإبل و“بيت الشيخ” من أبرز معالمها

252164

موقع الطويين : الخليج – بكر المحاسنة

على بُعد 5 كيلومترات تقريباً جنوبي غرب مدينة الفجيرة، وعلى الطريق المؤدي إلى قرية الحيل باتجاه اليسار على طريق منطقة وادي مي، تقع أحفرة، تلك القرية الساحرة التي ترقد بين أحضان الجبال العالية . تشتهر هذه القرية بوجود عدد من بقايا المنازل والبيوت القديمة في أعلى الجبال، ومنها “بيت الشيخ” الذي كان مقراً للحكام من عائلة الشرقي قديماً، وتشتهر المنطقة بوجود عسل النحل البري الذي يسكن في كهوف الجبال المحيطة بالمنطقة وعلى أشجارها . ويهتم أهالي القرية بتربية الإبل، نظراً لوجود المناخ والطبيعة المناسبة لذلك، إضافة إلى ممارسة الزراعة .

بعد جولتنا في المنطقة توجهنا إلى بيت الحاج سالم سيف سالم الجابري الذي يبلغ من العمر 57 عاماً فقال: معيشتنا في الماضي كانت بسيطة واعتمدنا فيها على جمع عسل النحل البري من الكهوف الجبلية والأشجار وأيضاً على تربية البوش والهوش وزراعة أشجار النخيل والمانجو والليمون والموز وحبوب البر والشعير والدخن .

وأضاف الجابري أن منازل أحفرة قديماً كانت لا تتجاوز 20 منزلاً منها الشتوية المبنية من الأحجار السوداء والطين والحصى، والصيفية وهي ما يسمى (العريش) المبنية من سعف وجريد النخيل، وكان عدد الأهالي في تلك الفترة لا يتعدى الأربعين فرداً يعيشون متعاونين ومترابطين فيما بينهم على السراء والضراء .

ورافقنا الجابري إلى “بيت الشيخ” القديم الذي يقع بجوار القرية، وقال: إن هذا البيت مبني من الحجارة السوداء والطين المطعم بالحصى، وكان البيت في الماضي مقراً للحكام من عائلة الشرقي، وهو رمز وإرث تاريخي قديم شاهد على التاريخ المجيد الذي عاشته المنطقة منذ سنوات بعيدة .

ويشير الجابري إلى أن “بيت الشيخ” محاط من جميع الجهات بالجبال المبني على رؤوسها (السايبة) التي كانت منازل للجيوش، ويتكون “بيت الشيخ” من مجلس وعدد من الغرف ومطبخ وحمام، ويأخذ شكل البيئة المحيطة به ولون الحصى والطين المطعم بالحصى .

ويؤكد الجابري أن رائحة التاريخ تفوح من جنبات “بيت الشيخ” العتيق .

الحاج محمد بن سالم سلطان الذي يبلغ من العمر نحو 90 عاماً يقول: سميت قرية أحفرة بهذا الاسم بسبب وجود نوع من الأشجار التي تسمى (حفرة)، وكانت تكثر فيها، والمنطقة عاش فيها الآباء والأجداد الذين هم من قبائل عدة، منها الجابري والكندي والصريدي والقايدي، وهي من القبائل ذات الجذور العربية الأصيلة، وعشنا على الزراعة وتربية العديد من الحيوانات وجمع محاصيل عسل النحل البري من الجبال وعلى الأشجار، إضافة إلى جمع الحطب لصنع سخام (فحم) .

وشهرة المنطقة بالزراعة بكل أنواع المزروعات ترجع إلى وجود الأفلاج المائية .

حمد بن سالم الكندي (45 عاماً) يقول: أحفرة منطقة ذات أرض طيبة ومملوءة بالخيرات، وتحيطها الجبال من جميع الجهات . وللجمال في أحفرة مكانة كبيرة، واعتاد الأهالي منذ القدم تربيتها داخل المزارع .

الحاج حمد بن حمودي القايدي (85 عاماً) يقول: برغم أن أوضاع معيشة أهالي أحفرة قديماً كانت قاسية، فإنهم كانوا متعاونين في كل مجالات الحياة ومتكاتفين في الضراء والسراء .

وأضاف: انتقل أهالي المنطقة خلال فترة السبعينات من القرن الماضي من بيوت الطين والحجارة إلى أخرى حديثة شيدها لنا المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وهذه البيوت مجهزة بكل الخدمات .

الحاج حميد سالم الصريدي (65 عاماً) يقول: لأهالي أحفرة معيشة خاصة نعتز بعاداتها وتقاليدها الأصيلة، فهم قديماً كانوا يتزاورون كل يوم هذا من أكثر وأهم الأمور الطيبة التي ورثناها عن الآباء والأجداد، وحرصنا على الالتزام بها وغرسها في نفوس أبنائنا ليشبوا متحابين ومتعاونين .

ويقول راشد علي القايد عن وسائل العلاج التي كانت متبعة بين أهالي منطقتي أحفرة ووادي مي: تميزت منطقة أحفرة والمناطق المجاورة بوفرة الأعشاب الطبيعية الطبية التي كانت تكثر خلال الربيع وموسم هطل الأمطار، ومن هذه الأعشاب الحرمل والجعدة والشريش والحلول الكرمل، واستخدمت للتداوي من عدد من الأمراض التي كانت معروفة في ذلك الحين مثل الصداع والحمى، وبعض الأمراض الجلدية التي كانت تصيب سكان المنطقة . وكان بعض أهالي أحفرة يستعملون “الوسم” أحد الحلول السريعة في علاج الكثير من الأمراض المزمنة والمستعصية كالأورام والطحال والتهابات الكبد .

ومن شباب القرية يقول سيف سالم الجابري (25 سنة) إنه لا أحد من أهالي أحفرة يستطيع أن ينسى جهود المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، ومن بعده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في بناء المساكن الشعبية الحديثة التي جعلت أهالي المنطقة يعيشون في أفضل وأحسن حال .

حسين بن محمد القايدي يشيد بدوره بالتطور الكبير الذي طرأ على المنطقة عقب قيام الاتحاد .

راشد علي راشد الكندي يقول: تمتاز المنطقة بأنها زراعية وذات طبيعة خلابة، بينما يشير سالم محمد بن سلطان إلى تمتعها في موسم الأمطار بمنظر رائع، لأن مياهها تتجمع فيها بشكل طبيعي فوق الجبال ثم تنساب بروية نحو المنخفضات مشكّلة رافداً مائياً غنياً لري المزروعات .

Related posts